الفصل الحادي عشر

Start bij het begin
                                    

أومأت برأسها بإيجاب , فقطب هادي جبينه بغرابة ونظر إليها رافعا أحد حاجبيه :
- مشكورة ما أحتاج خدماتك , بجهزها بنفسي .
التفتت إليه بقوة وحدة :
- كويس , أساسا ما أتشرف بمساعدة واحد مثلك , الله يأخذك .
لم يرد عليها , بل بقيَ ينظر إليها بنظرات كادت تحرقها .. وهو يتذكر إنهيار رؤى قبل قليل , وعدم تمكنه من التخفيف عليها بسبب إغماءه وتعبه المفاجيء .
حين صرخت حياة موبخة لجين بغضب :
- لجين احترمي أخوك .
لترد هي بصوت أعلى :
- خليه هو يحترمني قبل ويحترم أهل البيت اللي قاعد فيه .
تلك الوقحة .
عديمة الأخلاق والضمير .
كيف ترد على أمها بهذه الطريقة ؟
رد بنبرة منخفضة أقرب للهمس :
- إنتِ من يوم صرتي بذمة فهد ما عدتِ من أهل البيت يا وقحة , روحي شوفي أختك كيف حالها بعد ما طعنتوها كلكم ورحتوا لبيت القاتل المصون زوجك .
ابتعدت حياة بهدوء , متجهة إلى الحجرة التي ستعدها لهادي .
محاولة إخفاء حزنها وألمها على رؤى .
فما قالته ليس بهين .
حتى أنها ذكرت إسمها وجعلتها من ضمن من تسببوا لها بالألم .
وهذا ما لم تتمناه حياة مطلقا , وودت لو أنها ماتت قبل أن تسمع من رؤى ذلك الكلام .
ثم تلك النظرة التي رمتها عليها قبل أن تدخل إلى حجرتها , شطرت قلبها إلى نصفين .
وجعلتها تندم بشدة على ذهابها إلى منزل طلال .

أما لجين , فقد ألجمها ما قاله هادي تماما .
رغم هدوءها وقسوتها الظاهرين على ملامح وجهها , إلا أنها تألمت بشدة .
وخفق قلبها بقوة .
خاصة حين رأت حياة تبتعد بملامح متجهمة .
كأنها للتو استوعبت عدم وجود رؤى في الصالة .
وأنها لم تكن معهم في حفلة نجود البائسة .
حتى أنها شعرت بالغضب على نفسها , من أجل بقائها مع فهد .
وعودتها برفقته إلى المنزل هي وحياة .
ثم بقيت تتحدث إليه لبعض الوقت دون أن تلحق بحياة على الفور .
ما الذي حصل قبل أن تدخل هي وتجد هادي على الأرض ؟
لا بد من أنه شيء عظيم .
حتى ملامح سامي لا تبشر بالخير إطلاقا .
أين رؤى ؟
هل هي في حجرتها تواجه نوعا من الآلام بمفردها ؟
كما فعلت دائما بعد وفاة ماهر ؟
تحدثت أخيرا , بعكس ما بقلبها تماما :
- إنت أبد مالك حق تتدخل بيننا أنا وأختي تفهم ؟

قالتها وابتعدت , لتدخل إلى حجرتها وتضرب الباب خلفها بقوة ثم تغلقه بالمفتاح .
لم يشعر هادي بالسوء .
اعتاد على الأمر منذ زمن طويل .
حتى حياة التي خرجت من الحجرة بعد أن أعدتها , ودخلت إلى حجرتها بعد أن أخبرت هادي بذلك .
لم تشعر بالسوء على إبنتها لجين بسبب إهانة هادي لها وصراخه عليها .
فهما دائما كذلك , منذ صغرهما .
هادي المعتاد على تدليل أبيه له , حتى بعد فراق والدته عنها .
كان يغار بشدة من لجين .
بعد أن أصبحت هي الملكة في قلب أبيها .
وقلّ إهتمامه بهادي .
لم يسبق وأن رأت طفلا بمثل أخلاقه .
هادئا في كل الأوقات , ولكنه يخفي وراء هدوئه ذلك .. عواصف من المشاعر العنيفة .
غيرة , حقد , غضب .. وأشياء أخيرة لا تعرف كيف تحملتها منال منه .
لجين لم تكن أقل منه .
حادة الطباع , منفعلة دائما .
كلما رأت هادي إما شتمته أو أغضبته أو استفزته بأي شيء .
لم تحب يوما أن تراهما مجتمعين في مكان واحد .

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu