الفصل الثالث والعشرين

8K 156 1
                                    

الفصل الثالث والعشرين
براءة
وقف فتحي بجانبه فى المشفى وقال " علي الذى يتولى مراقبة المدام اخبرنى بما حدث بالحفل "
نظر اليه ولم يرد فقال فتحي وهو يمنحه هاتفه " هذا الفيديو لك "
اخذ الفيديو ورأى ما دار بينها وبين ياسين فادرك انها كانت صادقه.. فى كل مرة تهزمه ويكون هو الظالم الى متى سيظل يفعل بها ما يفعل ... كان يعلم ان غيرته هى التى اغضبته لم يتحمل قرب ذلك الرجل او غيره منها هى ملكه هو فقط نعم لابد ان تعلم ذلك. ولكن هى لا تستحق تلك المعاملة لقد عاهد نفسه الا يؤلمها فلماذا الان..
اعاد لفتحي الهاتف وقال " احترس من ياسين لن يتركنا " هز فتحي رأسه ولم يرد
خرج الطبيب فاتجه اليه وقال " هل هى بخير ؟ "
" ساقها اصيبت بشدة جرح عميق خمس غرز داخل وخارج والتواء في القدم " مرر يده بشعره وقال " العلاج ؟ "
" الراحة علي الاقل اسبوع لا تقف عليها..."
" حسنا هل يمكن ان نذهب " هز الطبيب رأسه بالنفي وقال " لا لا يمكن انها مصابه بانهيار عصبي انهارت بشكل صعب وانا اعطيتها مهدئ لن تفيق قبل الصباح ربما اذا تحسنت يمكنها ان تخرج واذا لم تتحسن ربما تحتاج لطبيب نفسي او على الاقل لا تتعرض لضغوط نفسيه اخرى " لم يعرف بماذا يرد فانصرف الطبيب فى صمت...اغمض عيونه ولم يعرف ماذا يمكنه ان يفعل
الحنان ليس كلمه تقال ولا سلعه تشترى...الحنان داخل الانسان ينمو ويزداد ليصبح كالجوهرة...ولكن من اين تأتى الجواهر فهى من باطن الارض تستخرج قبل ان تباع او تشترى...فيا من تفتقد الحنان...نقب عنه تحت هموم الدنيا قبل ان تجده بعد ان يواريك الثرى...
شعر بان قلبه يؤلمه ليس الم المرض وانما الم من نوع اخر ربما الم الذنب عما فعله ويفعله معها.. كلما حاول ان يوقف الحرب معها تعود وتشتعل هل يكرهها الى هذا الحد لا هو يعلم انه لم يعد يكرهها بل انه لم يكرهها بأى يوم ولكن هو يعلم انها تكرهه وكل يوم يزداد كرهها له...ولكن هو لا ان الكره الذى وهم نفسه به مجرد ستار يخفى وراءه مشاعر اخرى لا يعترف بها هى المشاعر التى جعلته يتزوجها ويأخذها غصبا مشاعر جعلته يضعف امام انوثتها ولكن يأبى ان يعترف بضعفه فيلقي باللوم عليها ترى ايهما اصدق الرغبة ام الكره ... واذا كان يكرهها لماذا الان يتقطع عليها ويتألم الانه هو السبب ام ان هناك اسباب اخرى وربما ليست حتى الرغبة ...
رآها تنام فى سلام وعيونها الجميلة التى ابهرته مغلقه ترى ماذا ترى الان فى احلامها مرر يده على وجنتها ومرت ذكرياته القريبة والقليلة لها معه امام عيونه حاول ان يمحيها ويتذكر سمر ولكن لم يستطع جلس امامها علي المقعد وهو يحاول ان يفكر في هذه الزيجة التى ورط نفسه فيها. ثم عندما تعود بالتأكيد ستتمسك بالطلاق فهل سيقبل....
شعر بيد توقظه وتعيده الى الحياه عندما فتح عيونه رأى الممرضة اعتدل علي الكرسي ونظر اليها كانت مازالت نائمه قال وهو يعدل شعره جاكتته " لم تستيقظ "
تحركت الممرضة تجاهها وقالت " ليس بعد يا فندم " كاد يخرج لولا ان رآها تفتح عيونها فعاد واقترب ودقات قلبه تجعله يلعن نفسه على انها تدق بهذا الشكل..
فتحت عيونها بصعوبة. الصداع يدق رأسها والم ساقها بدأت تستعيد ما حدث فتحت عيونها فرأته يقف امامها فأشاحت بوجهها كانت تريد ان تصرخ به وتطرده ولكنها رأت الممرضة التي دفعت بالحقنة فى المحلول المعلق بيدها وهى تقول " حمد الله علي السلامة مدام "
قالت بضعف " شكرا "
خرجت الفتاه فجلس مرة اخرى امامها وقال " هل انتى بخير ؟ "
لم ترد فعاد يقول " ريم.. اريد ان.." تمنى لو يستطيع ان يجعل لسانه يعتذر ولكنه لم يعتاد على ذلك لذا تراجع فى كرسيه وقال " اريد ان اعلم ما اذا كنت افضل الان فنعود للبيت "
قالت دون ان تنظر اليه " لن اعود معك "
قام وتحرك بالغرفة وقال " لا يمكن ان تفعلي هل نسيتى ماما واختك و.."
قاطعته وهى تواجهه بقوة واهنه " لم يعد يهمنى احد لن اعود الى هنا وانتهى كل شىء ثم اننى لن اقبل على كرامتي ان اتهم بالخيانة لن اقبل "
جلس علي طرف الفراش امامها فأشاحت بوجهها بعيدا وقال " لقد عرفت كل شيء وعرفت انكى بريئة هلا تهدأي الان "
نظرت اليه وقالت بدموع المته " تأخرت "
قال بنبرة مختلفة " لا لم أتأخر سنعود للمنزل انتى لا يمكنكى تغيير الواقع انتى زوجتى "
قالت ببكاء منعته كثيرا ولكن لم تعد تستطيع " تقصد سجينتك او عبدتك لا انا لا اريد تلك الحياه لا اريدها ليتنى مت اليوم بدلا من ان تجرح قدمى "
رفع يده ليمسح دموعها ويربت عليها ولكن لم يجرؤ قام مبتعدا وقال " ستعودين انتى تعلمين ان حياة زوج اختك ومصير اختك بيدى لابد ان تعودى من اجلهم "
نظرت اليه وقالت " انت ايه ؟ اليس لديك قلب او احساس انا لا اعرف كيف وافقت وتزوجتك انت كل يوم تثبت انك وحش بدون قلب انا لم اعد اريد كهفك الذى تحبسني به اخرجنى من حياتك ..."
وابعدت عيونها عنه اتجه اليها لم يعد يتحمل ما يراه انحنى عليها وقال " اعلم انكى تكرهيني ولكن انا الان لا اهددك من اجل ان ترضخي لطلباتي وانما افعل ذلك لتعودي لبيتك بيتك وليس كهفي... ريم انتى لا مكان لكى الان سواه من اجل امى واختك بل من اجلك انتى. سأبتعد عنكى ربما انتى بحاجه لذلك ولكن لن اتركك ولن اطلقك قبل ان تعودى الى صحتك.."
نظرت لعيونه وظنت انها رأت نظرة رجاء.. اغمضت عيونها هى تعلم ان احلام اختها بيد ذلك الرجل وان ليس لها مورد رزق وديونها و...
سمعته يكمل " لا مجال للعند الان انتى متعبه وقدمك مصابه فالي اين تذهبين فكرى بعقلك وانا واثق انكى ستوافقين وترجعين "
كانت تعلم انه علي حق ليس لها مكان سوى ذلك الكهف...السجن...القصر الذى تتمناه اى فتاه الا هى اذا تركته الان من اين ستعيش لم يعد لها مورد رزق وهو لن يتركها واختها وزواجها.
سمعته يقول " عندما تشعرين بالرغبة فى الذهاب اخبريني ..." وشعرت به يخرج فتحت عيونها والدموع اخيرا لا تتوقف....
فكرت كثيرا لماذا تتحمل كل ذلك. فى البداية كانت مشاكلها المادية وبجانبها انبهارها بشخصيته وربما اعجابها به. ولكن بعد ذلك اصبح الامر حرب كلا منهما يحاول استخدام اقوى الاسلحة ولكن فى كل مرة تنهزم امام قوته وسطوته...ولكن الان لماذا ستستمر هل لأنها بالفعل ليس لها مكان اخر ؟؟
ام لديونها التى اصبحت بيده.. ام رغبتها فى زواج اختها.. ام ان هناك سبب اقوى من كل ذلك وهو انها رغم كل شيء ما زالت تنبهر به او..لا بالطبع لا لن تنبهر بوحش ليس لديه اى مشاعر اذن لماذا. لماذا تضعف فى كل مرة وتظل معه ما السر وراء ذلك ما الذى يخفيه قلبها ويتستر عليه عقلها وهل ستعود.؟؟
الغريب انها لا تعرف ما القرار الذى يجب عليها اتخاذه. تنهدت واغلقت عيونها وفوضت أمرها الى الله عله يلهمها الصواب...
واخيرا قررت ان تعود علي منتصف النهار حيث قرر الطبيب انها يمكنها الذهاب ركبت بجانبه وقاد فتحي السيارة تولاهم الصمت الي ان وصلا القصر وما ان توقفت السيارة حتي نزل وانحني عليها نظرت اليه كما فعل هو مد لها يده ولكنها لم تعطيها له وتحركت ولكن تألمت من ساقها وكادت تقع
وفجاه وجدت نفسها بين ذراعيه وهو يحملها كادت تصرخ به لولا ان رأت فتحي واقفا وبداخل القصر كانت اختها وامه يجلسون فزعا عندما وجدوه يحملها صعد بها الى اعلي وتبعه الجميع وضعها في الفراش
اسرعت اختها اليها وهى فزعه وقالت " ريم ماذا حدث ما الذى اصابك ؟ "
حاولت ان تبتسم ولكن بدا عليها التعب بينما ابتعد هو خارجا وتقدمت امه منها بنفس الفزع وجلست بجانبها علي الفراش اعتدلت وقالت " انا بخير لا تقلقوا مجرد اصابه فى ساقي والتواء "
احتضنتها حنان وقالت بخوف " لا.. تبدين متعبه جدا كيف حدث كل ذلك ومتى هلا تخبرينا "
نظرت لجيلان وكأنها تستنجد بها من أسئلة اختها فلا نفسيتها ولا صحتها تسمح لها بالكلام. نظرت لها جيلان والتي قالت " حنان هلا تتركيها حتى ترتاح يبدو عليها التعب ثم بعدما ترتاح نأتي لنعرف ماذا حدث. هيا دعينا نذهب وسأرسل الممرضة اليكى لترعاك "
قالت حنان بتردد " ولكن..انا اريد ان ابقي معها "
حاولت ان تبتسم كى تطمن اختها وقالت " لا تقلقي انا بخير ولكنى بحاجه للراحة والنوم "
هزت حنان رأسها فهى تعلم اختها ذلك الحزن المختلط بالألم فى عيونها يخبرها ان الامر ليس مجرد اصابه بالقدم ولكنها تعلم ايضا انها مهما انتظرت فلن تتحدث اختها...
فقامت علي مضض وكادت جيلان تقوم ولكنها قالت " هلا اسالك ماذا حدث ام كعادتك لن تتحدثي " ترقرقت الدموع فى عيونها فربتت المرأة علي يدها وقامت الى الخارج تبعتها حنان فى هدوء
نزلت والدته الي اسفل تبحث عنه رأته في المكتب يدخن سيجارته ويتمدد على الكنبة اغلقت الباب خلفها فشعر بها اعتدل وهو ينظر اليها كان الارهاق باديا عليه تقدمت اليه وجلست امامه لم ينظر اليها وانما سمعها تقول " الى متي ستظل تلك الحياه بينكما ؟ "
تفاجأ من سؤالها ونظر اليها اطفأ السيجارة وقال " اى حياه انا لا افهم "
قالت " اسمع يا ادهم انا عندما اردتك ان تتزوج وضغط عليك لتفعل لم اكن افكر في تعاستك وانما كنت اريد ان اراك سعيد مع امرأة تختارها وتحبها وتحبك "
قام من امامها وقال بعصبيه " ماما أيا كان ما قالته لكى لابد ان تعرفي انني.."
قاطعته المرأة وقالت " ليتها تتحدث ليتها تحكي عما تقوله عيونها ولا ينطق به لسانها لو كنت اعلم انك ستاتي بها لتعذبها من اجل إرضاءي لما وافقت علي زواجكما انا لن اسمح لك ان تفعل بها كل ذلك انت تدمرها الا ترى ما وصلت اليه ماذا تريد ان تفعل بها اكثر من ذلك انا التى سأوقفك نعم كفي يا ادهم وافق لنفسك "
اشاح بذراعه وقال " امى انتى تبالغين انا لم افعل شيء وما حدث.."
قامت بعصبيه ووقفت امامه وقالت " انت لم تعد صغير لتبحث عن مبررات لا خطاءك اين ادهم الذى تتحدث عنه نساء إسكندرية من معاملته لهن ودلاله لهن اليست هى احق اليست زوجتك ماذا فعلت لتستحق منك ذلك "
نظر اليها ثم ابعد عيونه وقال بغضب " تحدتني وانتى تعلمين انه لم يخلق من يتحداني بعد خاصه اذا كانت امرأة "
ربتت علي كتفه وقالت "وهل قوتها تعنى تحدى. هل رفضها للإهانة تعنى تحدى انت فقط اعتدت على الصنف الرخيص ولم تجرب الغالي ثم هل جربت الحنان الحب ؟"
ابتعد من امامها فقالت " سمر ماتت يا حبيبي والحى ابقي من الميت انت لا تخونها اذا احببت سواها لابد ان تعيش هذا حقك ولو كانت هي هنا لقالت ما اقول لا يمكنك ان تعيش باقى حياتك وحيدا دون حب فالحب هو نبض الحياه كالدم يسرى بعروقنا لا يمكن ان نحيا بدونه ولا اعتقد انك ستجد افضل من ريم لتحظى بقلبك "
لم يرد اتجهت اليه ووقفت امامه وقالت " حبها يا بني اطلق لقلبك العنان ولا تحرمه من لذة الحب ومتعته فهذا حق قلبك وحقك والفتاه تستحق "
لاحت نظرة حزن بعيونه وقال " لقد تأخرت انها تكرهنى لم تعد تريد البقاء ... تريد الطلاق "
لم تتفاجأ المرأة ولكنها ابتسمت وقالت " ليس كره بقدر ما هو الم ولو لم تكن تكن لك بعض المشاعر لما آلمها جرحك لها ابحث عن قلبها وداويه. المرأة تحتاج فقط للحب والحنان للكلمة الجميلة والحضن الحنون امنحها اياهم يا حبيبي وانا واثقه انك ستربح "
ابتعد من امامها وقال " ومن قال اننى اريد انها لا تهمني ما ان ينتهى زواج اختها وسوف .."
ولم يكمل ابتسمت والدته وقالت " وانا لا اطلب اكثر من تلك المهلة.. انت عنيد وكبرياءك يطغي علي مشاعرك ربما خلال ذلك الوقت تتعلم ان لا كرامة في الحب افق يا بني قبل ان تخسرها وقتها انا متأكدة من انك ستندم "
نظر لها وقال " ربما هي لا تريد ان تكمل امي ارجوكى لقد انتهي الامر.." ربتت علي كتفه وقالت " كما تشاء يا حبيبي فقط تذكر كلماتى "
وتركته وخرجت تابعها بنظراته وهو يحاول ان يستوعب كلماتها عن الحب هل يمكن ان يحبها لقد حاول ان يوقف حربه معها ولكن ما حدث افسد كل شيء ولكن في النهاية هى التي فازت وخسر هو هو يريدها ان تبقي بل يريدها هى هل هذا يسمى حب هل يحبها هل...
اغمض عيونه وزفر بضيق وشعر بالإرهاق اخذ سجائره وهاتفه وصعد تردد قبل ان يدق الباب ويدخل اتجهت اليه الممرضة وقالت " لقد نامت يا فندم " هز رأسه وقال " يمكنكى الذهاب لو احتجت شيء سأطلبك " " حاضر "
تأملها كانت كالأطفال وهى نائمه اخرج ملابس للنوم واخذ حمام كاد يتجه لغرفه اخرى لولا ان تذكر كلمات امه عن الحنان ربما لو جرب لاستطاع ان يمنحها بعض الحنان علي الاقل ليعتذر عما فعله خاصه طعنه لها فى شرفها...فاتجه الي الفراش وتمدد بجانبها .. لحظات وراح في النوم
يتبع...

رواية الوحش والنمرة.         بقلمى داليا السيدWhere stories live. Discover now