الفصل الثالث

8.8K 162 5
                                    

الفصل الثالث
لقاء الماضي
تراجعت من امامه ولم ترد وهي تشعر بارتباك ابتسم ابتسامه صغيرة وقال " نعود للعمل انا اريدك هنا من اجل مندوبي الشركات التي تأتي هنا واحيانا انا شخصيا عندما التقي ببعض المندوبين او حتي بعض الافواج التي ربما تحتاج لمقابلتي الشخصية .."
نظرت اليه وقالت " حضرتك تعني ان العمل داخل وخارج الشركة " هز رأسه وابعد عيونه عن عيونها وقال وهو يشعل سيجاره
" نعم هل توافقين "
فكرت ثم قالت" لا اعلم انا لم اعتد علي ذلك "
ابتعد وقال " هل تخشين من شيء ؟" تضايقت وقالت " انا لا اخشي من اي شيء ولكن الامر غريب علي "
اتجه الي مكتبه وجلس وهو يقول " ستعتادين واعتقد ان المرتب الذي سأمنحك اياه لن يجعلك تتراجعين ...غير العلاوات التي ستحصلين عليها من تلك المقابلات الخارجية ها ما رأيك "
تسمرت قدماها وحاولت ان تفكر. ما المانع في ان توافق طالما ان الامر في اطار العمل فلا داع لان ترفض. لذا استدارت اليه وقالت " حسنا وانا اوافق متي تريدني ان ابدء ؟ "
اطفأ السيجارة وقال " حسنا يمكنكى استلام العمل الان سيدلك الاستاذ فتحي علي مكتبك هيا تفضلي " ...
مرت عدة ايام كانت لا تري اختها كثيرا خاصه بعد عملها الجديد الذي لم تشعر فيه باي تعب او ارهاق وانما كانت سعيدة واقتصر عملها علي ترجمة بعض الرسائل او مراجعة البعض الاخر ..الي ان استدعاها مديرها الجديد الذي لم تراه منذ اول يوم  ...
اتجهت الي مكتبه في نفس ثقتها المعتادة دقت الباب فأذن لها دخلت كان يبدو وسيما وهو ينكب علي مكتبه وقد خلع جاكتته وشمر اكمام القميص وانتشر عطرة بالمكان ولكنه لم يكن يهتم او يشعر الا عندما وقفت امامه وقالت
" تحت امرك يا فندم " نظر اليها لحظه ثم قذف اليها ملف وقال " اجلسي وترجمي هذا الملف الان "
امسكت الملف وجلست امامه وقالت " ولم هنا وليس بمكتبي " لم ينظر اليها وهو يقول " لأنني لا اريد ان يعرف بما فيه احد ...هيا "
لم تتحدث كثيرا وانما ادت عملها دون ان تهتم بالمضمون  فهي تحب عملها كمترجمة وتمنت ان تعمل في ذلك المجال ولكن لم تساعدها الظروف لأكثر مما هي عليه الان ..
" تفضل يا فندم " اخذ منها الاوراق وقال " بهذه السرعة ؟ "
القي نظرة سريعة علي الاوراق وقال " لا احتاج ان اخبرك عن سرية الامر "
هزت رأسها وقالت " لا ..انا افهم  " قامت واكملت " هل تامر بشيء آخر "
نظر اليها وقال بهدوء " اه غدا اريدك معي في لقاء خارجي بفندق ... بعض المندوبين الفرنسيين استعدي ..اه وهناك فرح بنفس القاعة ربما احضره ويمكنك الحضور معي .."
قالت بنفس الهدوء " سأحضر الجلسة مع حضرتك ثم ارحل فاعتقد ان اهتماماتي تتوقف عند العمل "
قام بعد ان اشعل سيجارته واتجه اليها ووقف امامها وتأمل عيونها وقال " نعم. على العموم لا يهم انا ايضا لا يهمني الا العمل ستاتين هنا وسنذهب سويا هيا يمكنكى الذهاب "
كانت طريقته غريبه في التعامل معها ولكن الامر لا يعنيها فهو مجرد مديرها بالعمل ...
كان الفندق الذي دخلته معه جميلا ويدل علي ان من يقيمون به علي درجه عالية من الثراء ولكن ادهم ايضا بدا من اولئك الاثرياء رغم بساطته في التعامل الا ان طريقته دلت علي انه ابن اسرة عريقة في الثراء وهو ما عرفته ممن يعملون معها من ان اسرته من اغني الاسر بالإسكندرية وانه بعد وفاة والده اصبح كبير العائلة ووالدته امرأة معروفه بجمالها وشياكتها ولكن بعد وفاة زوجها انطفأ بريقها واصبحت تحيا من اجل ذكرياتها..
جلست امامه في فستانها الرمادي وشعرها الذي اعتاد علي ان يشد الي الخلف في اصرار من صاحبته نظر اليها وقال بطريقته الأرستقراطية
" تبدين مثل مديرة مدرستي التي كانت ترفض الابتسام لأي احد ولا يبدو علي ملامحها الا الغضب من اي شيء وكل شيء ... فلماذا هذا الوجه المتجهم دائما والعيون التي لا تحمل الا نظرة الحزن ؟ "
اندهشت من انه يتحدث معها هكذا وفي امور شخصيه انه بالكاد يعرفها قالت " لا ابدا ولكني اعتدت علي ذلك من كثرة وجودي في مجتمع رجال الاعمال وتعلمت ان كل كلمه ونظرة بحساب "
تراجع وقال " منذ متي تعملين ؟ " تأملت اصابعها الرفيعة الطويلة وقالت " تصدقني لو اخبرتك اني نسيت عدد السنوات فهي كثيرة ..."
كاد يرد لولا ان اقترب منه مدير اعماله فتحي واخبره ان الوفد وصل فتراجع وقال وهو ينظر الي باب المطعم " لقد وصلوا "...
دام الاجتماع لفترة غير قصيرة تناولوا خلالها العشاء وادت عملها علي اكمل وجه ولاحظت انه ليس برجل اعمال عادي وانما ذكي وسريع البديهة وواثق جدا في نفسه مما دفع المندوبين الي ان ينساقوا لما اراد هو وتحقيق طلباته بحنكه منه وذكاء ...
انتهي الاجتماع وتحرك المندوبين بعد ان ودعهم بأدب قامت لتتحرك فقال " مازال الوقت مبكرا لم لا تحضرين معي الفرح ثم اوصلك ..ام لا تفضلين ذلك "
نظرت اليه لم تفهم نظراته ولا تصرفاته فقالت " لماذا حضرتك تعاملني هكذا وكأنك تعرفني من قبل "
اشعل سيجارته ونظر اليها من بين دخانها وقال " لأنني احترم الاشخاص ممن هم مثلك مجتهدون في الحياه ولا يهتمون الا بعملهم بصراحه تذكريني بشخص عزيز علي لذا اتعاطف معكي "
نظرت اليه وقالت " لست بحاجه للشفقة انا اعمل واكسب من عملي ولست بحاجه لاحد عن إذنك "
كادت تقوم لولا ان قال وهو يمسك يدها " لا داع لان تفهميني خطأ اجلسي انا لم اتحدث عن الشفقة اجلسي "
لا تعلم لماذا تراجعت وجلست امامه وهي تجذب يدها فقال " انا اتحدث عن الاحترام لا الشفقة .. لماذا تشوهين الصورة ؟"
قالت " لم افعل ولكني لا افهم حضرتك انت بالكاد تعرفني واول مرة نعمل سويا بشكل مباشر فكيف تعرفني "
ابتسم وقال " انتى تعملين عندي ..اذن لابد ان اعرف عنكي كل شيء ربما لم نتقابل كما قلتي ولكني عرفت عنكي كل شيء مثل باقي العاملين عندي .."
نظر لساعته وقال " هلا نذهب للفرح انها مجامله لصديق قديم واعدك الا نتأخر هيا خذي قسط من الراحة من ذلك الجو الذي تعيشين فيه لابد من بعض المرح في حياتنا "
لم تجد نفسها الا وهي تسير بجانبه الي تلك القاعة التي بدا عليها الفخامة ابطأت قدماها فقال " ماذا بكي ؟"
نظرت اليه وقالت " الا تظن حضرتك انني لا يمكن ان ادخل مثل ذلك المكان انا لا ارتدي ما يليق به "
ابتسم وقال " المظاهر ليست كل شيء يا آنسه .. هيا لا تقلقي لن يهتم الموجودين بذلك "
لم تفهم كلماته الا عندما دخلت ورأت ان الموجودين بالفعل مشغولين بأشياء اخري ربما اهمها متابعة ذلك المطرب المشهور الذي يتوسط الموجودين وهم يتمايلون حوله بلا احتشام او خجل في تلك الملابس التي تظهر من اجسامهم اكثر مما تخفي وحولهم الرجال يتلاصقون فيهم دون اي خجل
فجأة شعرت بيده تجذب ذراعها فنظرت اليه ولكنه كان يقودها وسط الزحام ورأت خيري مديرها اشار لها من بعيد ثم عاد الي الكاس الذي بيده اتجه بها الي المنصة التي يجلس بها العروسان الذين كانا يتحدثان الي ان التفتا اليهما وتبينت ملامحهما لتتفاجأ بما رأت .....
يتبع...

رواية الوحش والنمرة.         بقلمى داليا السيدHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin