الفصل الرابع والثلاثون

134 33 52
                                    


- عم تتحدث يا هذا؟!

نهر علي بابا الرجل أمامه، لم يكن غاضبًا، بل حيرته هي من امتلكت زمام عقله. أمسك هيثم ذقنه المبيضّ بإبهامه بينما حكه بسبابته متظاهرًا بالتفكير، تساءل محدثًا نفسه:

- من أين أبدأ يا ترى؟

- اسمح لي أن اقترح عليك استخدام ألفاظ بسيطة يا سيدي.

تدخل "إينا" بابتسامته اللطيفة المعتادة، أضاف:

- لا أظن أنه بكامل قواه العقلية... أم أنه دائمًا هكذا يا ترى؟

رمقه ريان بغيظ صامت، بينما لم يبدُ التأثر على علي بابا؛ غالبًا لأنه لم يسمع "إينا" لانشغال عقله بكلام هيثم الغريب. بعد ثانية من التفكير وجد هيثم مكانًا جيدًا للبدء.

- علي بابا، عندما كنت في السادسة عشرة من عمرك انضممت لعصابة معينة- عصابة الأربعين حرامي ذوي الرباط الأحمر، أليس هذا صحيحًا؟

ألقت مرجانة نظرة سريعة نحو علي الذي التزم الصمت، اختار هيثم أكثر موضوع يكرهه علي، وهذا أقلقها قليلًا. تابع هيثم دون انتظار إجابة:

- قضيت مع العصابة عامين شاركت وقدت فيهما بعض عمليات النهب المسلح وغير المسلح وتقاسمت غنائمها مع أفراد العصابة، هل تقر بهذا؟

صك علي بابا على أضراسه بغيظ، لم يكن هذا ماضيًا يفتخر به، وظن أنه بقبوله العمل مع السلطان سيختفي كل ما يربطه بالجنايات التي ارتكبها في مراهقته، كان يعلّل لنفسه أنه كان جائعًا وكان عليه الاعتناء بقاسم كما طلب منه والداه، لكن الجريمة جريمة، مهما كان الدافع. حتى وإن اقتنع أن بعض الأخطاء التي لام نفسه عليها ليست على عاتقه- هذه بالذات من فعل يديه ولا مهرب له منها.

- كنت تحت إمرة رجل يدعى...

نظر هيثم مطولًا لوجه زعيم العصابة الشاحب لوهلة قبل أن يتذكر:

- ضياء. لكن ما لم يخبرك به ضياء-

قاطع نفسه مصححًا:

- ما لم يخبركم به ضياء أنه لم يكن زعيم العصابة، بل كان مجرد تمويه؛ بديل؛ حلقة وصل بين أفراد العصابة... والزعيم الحقيقي؛ أنا.

- أنت تهذي!

- صدقني لست كذلك.

رفع هيثم كفّه في إشارة لوجود بقية للحديث، كاد علي بابا ينسى ألم جرحه الغائر لولا الألم الذي انتشر فور تصلّب عضلاته عند سماع كلمات هيثم، وضع كفه الأيمن على الضمادة بلا وعي بينما أسرع ريان لإيقاف النزيف.

- اصدقني القول يا علي، هل تظن أن مثل تلك الخطط والمعلومات قد تأتي من عقل كهذا؟

مغارة الأربعين حراميWhere stories live. Discover now