الفصل السادس عشر

167 35 52
                                    


- وكأننا نهرب من الشمس!

علق حسام ضاحكًا وهو يقفز للأعلى والأسفل على ظهر حصانه، كان سعيدًا، متحمسًا، كأنه طفل في رحلة مع والديه بعد طول انتظار، المشكلة أنه لم يكن طفلًا، ومن رافقه لم يكونا والديه.

اقتربت مرجانة منه على ظهر جوادها قائلة بقلق:

- تمسك جيدًا يا حسام! ستؤذي ظهرك بهذه الطريقة!

ألقى علي بابا نظرة خلفه، لاح القصر صغيرًا من على البعد وقد بدأت الشمس بالشروق من خلفه، فعلًا بدا وكأنهم يهربون من الشمس. ضحك على التعليق السخيف والصحيح في آن واحد.

نظر أمامه ليرى مرجانة تصف لحسام كيفية الجلوس جيدًا على ظهر الحصان، لم يكن مستغربًا ألا يعرف صبي في الخامسة عشرة كيف يركب حصانًا؛ فلا يحتك جميع الصبية بالجياد في عمره، لكنهم التقوا بهذا الصبي في وسط الصحراء، كيف وصل إلى هناك إن لم يركب حصانًا؟

عندها تذكر أنهم لم يروا أي دابة قرب حسام والرجلين الآخرين، لم يروا خيولًا ولا جمالًا ولا حتى بغالًا... شد قبضته على اللجام بقلق عندما فكر في كيفية وصولهم هناك.

ركز علي بابا بصره على ظهر حسام، قال الصبي شيئًا ثم قهقه وشاركته مرجانة الضحك. كان واضحًا أن مرجانة استمتعت برفقته واستلطفته بما يكفي لتتصرف على طبيعتها أمامه، وهي مرحلة لم تصلها مع علي بابا إلا بعد ما يقارب الشهر، كانت تتحدث مع حسام بأريحية وتضحك على مزاحه بلا تردد لكن علي لا زال لا يستطيع الثقة به. تعاطف معه عندما رأى هلعه قبل يومين في سجن القصر إثر اكتشاف فقدانه ذاكرته، لكن الآن بدأ شكه فيه يزيد.

ماذا لو كان خالد محقًّا؟ ماذا لو كان مُرسلًا من قبل سارق العصا ليقودهم إلى المغارة حيث سيغدر بهما؟ ماذا لو كانت ماردته وحدها قادرة على قتل علي ومرجانة؟ عندما تحدث معه خالد بانفراد بعد الاجتماع أبدى شكه الواضح في الصبي، لكنه سمح له بمرافقتهما ليستغلا معرفته ويستغلاه ضد من أرسله، وإن حدث الأسوأ قد يستطيعون استخدامه كرهينة. كما أمر خالد ساحرًا بكتابة تعويذة بحبر ثابت حول رسغي حسام وكاحليه، حتى يتمكن علي بابا ومرجانة من تقييده إن قرر الانقلاب عليهما.

لماذا إذًا لا زال لا يشعر بالاطمئنان لرحلتهم هذه؟

- علي بابا.

التفتت مرجانة منادية بابتسامة واسعة وقد هزت ضحكة مكتومة صوتها، لكن تعابيرها الباسمة تلاشت فور وقوع عينيها على وجه علي العابس. أبطأت من سرعة حصانها لتكون بمحاذاته وسألت:

- ما الأمر؟

- مجرد أفكار عشوائية، لا تشغلي بالك.

ضيقت مرجانة عينيها وهي ترمقه بنظرة ممتعضة، سأل بنبرة دفاعية:

- ما بك؟!

مغارة الأربعين حراميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن