الفصل الثالث

248 36 91
                                    


- تمامًا كما حدث في السابق...

التفت علي بابا نحو مرجانة التي تحدثت للتو، بدا صوتها منخفضًا بين أصوات حوافر الجياد وهبوب الريح القوي- كأنها تحدث نفسها، لكنها التفتت نحو علي وتابعت بصوت أعلى قليلًا:

- ... صارت الأدوات السحرية مرادفًا للفوضى.

- أنت مخطئة.

قالها علي ثم ثبت نظره على الطريق أمامه، أكمل مفسرًا:

- ليست الأدوات هي السبب، بل من تقع في يده.

أعادت مرجانة تركيزها إلي الطريق أمامها، رغم أنهما كانا وسط الصحراء الخالية من أي شيء سوى الرمال تحتهم والسماء فوقهم- إلا أن الحذر واجب. ضرب علي على اللجام ليحث جواده على الإسراع؛ فهما أخيرًا يقتربان من طرف خيط قد يدلهما على مكان عصا المهوقني.

تابع علي حديثه:

- لن أخفي أنني شككت قليلًا في قرار السلطان حينما أعلنه؛ علمت أن ضعاف النفوس قد يستغلون السحر للسرقة والأذية وغيرها، لكنني لا زلت أؤمن أن السحر جزء لا ينفصل من حياتنا، والقوانين التي سنها السلطان خالد كفيلة بتقييد استخدامه في مصلحة الناس.

- أنت تعلم جيدًا أن القوانين ليست كافية لتنظيم الأمور.

- بالطبع، القوانين وحدها لا تكفي.

نظرت مرجانة إلى رفيقها في فضول، أضاف مفسرًا:

- الفوضى لن تقل دون عقاب قاسٍ.

عقدت مرجانة حاجبيها قبل أن تلتفت نحو الأمام من جديد، ساد صمت قصير قبل أن تسأل:

- وهل تنوي متابعة ما كنت تفعله في الماضي؟

سكت علي بابا.

الماضي... لطالما عامل هذه الفترة من حياته بمشاعر متضاربة؛ فقد كان ماضيه مليئًا بالتجارب الجميلة والمخجلة جنبًا إلى جنب، كرجل بالغ كان يعلم تمامًا أن ماضي أي شخص يحمل نفس النوعية من التجارب- السيئة والجيدة، لكن ماضيه هو كان متطرفًا في كليهما، لذلك لن يعلم أبدًا إن كان ماضيه مصدر فخر أم لا.

لم تعد مرجانة سؤالها، لذلك تابع الاثنان شق الصحراء بصمت، لم يتوقف جواداهما عن العدو شمالًا إلى أن اقتربت الشمس من المغيب يسارهما، لكن فجأة لمح كلاهما منظرًا غريبًا في كبد السماء المحمرة، ظهر قرص مضيء في السماء، بدا مثل شمس صغيرة، لكن الضوء الصادر منه لم يكن مشتتًأ مثل ضوء الشمس، بل كان كشعاع مستقيم نافذ من فتحة بين الغيوم- رغم عدم وجود أي غيوم.

- ما هذ-

قبل أن يكمل علي بابا سؤاله تحرك الضوء، انطلق نحوهما بسرعة خاطفة لم تسمح لهما باستيعاب ما يجري، في آخر لحظة فهم عقل علي بابا أن شيئًا كهذا لن يكون مسالمًا.

مغارة الأربعين حراميWhere stories live. Discover now