الفصل الثاني والثلاثون

133 34 61
                                    


- هـ... هـ هـ هل...

نسيت مرجانة كيف تتكلم عندما استوعب عقلها أخيرًا ما يجري أمامها، رفع علي بابا قبضته اليسرى أمام وجهه ليصد السيف بساعده، تسبّب هذا في ضرب السيف ساعده وعضده معًا، مخلّفًا جرحين عميقين ينزفان بشدة.

- هل أنت مغفل؟!

كانت أقرب جملة دفعها عقلها للسانها، جملة غبية -لا شك في ذلك- لكن بفضلها عاد لسانها وفمها ورئتاها للعمل. صاح بها علي بابا بنفاذ صبر واضح- غالبًا بسبب الألم:

- توقفي عن التذمر وخذي الرمح!

رمح؟ أي رمح؟

تلفّتت مرجانة حولها إلى أن وجدت السلاح الغريب الذي صنعته لعلي ورماه هو سابقًا قرب قدمي ضياء، أمسك علي بياقة جلباب زعيمه السابق ليمنعه من الحركة بينما زحفت مرجانة بسرعة لتأخذ الرمح وتدفعه في حركة واحدة في مكان ما في جذع الرجل، لكنها لم تملك الشجاعة الكافية لترى أين أصابته.

انفلتت صرخة عالية من ضياء وترك السيف رغمًا عنه، تحركت يداه فورًا للرمح المغروس أعلى معدته لكنه لم يستطع إخراجه، رفع عينيه المشتعلتين غضبًا نحو مرجانة وعلي.

- أيها الـ... أوغاد... ستندمون!

خرجت كلماته خافتة في زفير ضعيف وانهارت ركبتاه، سقط أرضًا وهو يتنفس بصعوبة. بتردّد نظرت إليه مرجانة ووجدت أنها أصابته في مكان أعلى مما توقعت، ربما تكون ثقبت رئته، وقد يكون هذا سبب فقدانه السريع للوعي.

بقي علي بابا ومرجانة مكانهما يبحلقان في ضياء، شعرا كأنه سيستعيد وعيه ويقفز هاجمًا عليهما في أيّة لحظة، ساد صمت مشوب بأصوات قتال الحراس البعيدة للحظات قبل أن يخرّ علي جالسًا على الأرض محتضنًا ذراعه.

- تبًا! ما هذا الحظ؟! لم يتعافَ ساعدي الأيمن بعد!

جثت مرجانة بجانبه بسرعة.

- رباه! بم تشعر؟ ماذا أفعل؟! هل-

اختنق صوتها بدموعها فاضطرت لأخذ نفس سريع قبل أن تقول:

- أنا آسفة...

- ظننتكِ تخليتِ عن هذه العادة...

مسحت مرجانة دموعها على عجل قبل تتجرّأ على مغادرة عينيها، تابع علي:

- ليس الخطأ خطأكِ، لا تعتذري.

- معك حق! علي أن أتصرف، لا أن أعتذر.

عقد علي حاجبيه في ارتباك لكن مرجانة نهضت ولمست عنقها بحثًا عمّا تبقى من خمارها، جفلت عندما لامست أصابعها أطراف شعرها المبتور لكنها تجاهلتها وتابعت البحث، لم تجده؛ فجالت بعينيها في جزع حولها لتجده أرضًا وممرغًا بالتراب، طرقت بلسانها بحنق وركضت مبتعدة قبل أن يتمكن علي من إخبارها أنه لم يقصد ما فهمته.

مغارة الأربعين حراميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن