مغارة الأربعين حرامي

الفصل الثاني

- عليّ... عليّ! علي بابا!!

جاهد علي بابا لرفع جفنيه عن عينيه، أحس وكأن هناك قوة خفية تجبره على إبقائهما مغلقتين، غالبًا قوة الإنهاك المتراكم لثلاثة أيام، ولولاه لما كان نام أصلًا. عندما تمكن أخيرًا من مقاومة التعب وفتح عينيه وجد امرأة غريبة تحدق به ووجهها مخفي خلف خمارها الأزرق، حدق بها لثوان وهو يحاول تذكر أي شيء قد يفيده.

انتظرت المرأة أي ردة فعل منه لكنه تابع التحديق بها ببلاهة، تنهدت بملل ثم أبعدت الخمار عن وجهها.

- مرحبًا، أدعى مرجانة و- صدقني- لم أتشرف بلقائك.

- آه...

استوعب عليّ أخيرًا ما يجري، هذه المرأة أمامه هي مرجانة ويبدو أنها توقظه لسبب ما. بما أن السماء فوقه وبما أن الأرض صلبة تحت ظهره... إذًا هو في الخلاء؟ الـ... قافلة! هذا صحيح!

ضوء الفجر بدأ ينير الأرجاء... لا بد أنهم سيعاودون التحرك الآن، ياللبؤس!

نهض عليّ ومط يديه عاليًا إلى أن أطلقت مفاصله فرقعة عالية، أطلق زفيرًا طويلًا براحة كبيرة.

توقفت مرجانة عن جمع الفراش الذي نام عليه علي بابا وحدقت فيه بخوف.

- ياللهول! لقد صرتَ عجوزًا!

تابعت طيّ الفراش حتى تعيده مع متاعهم على ظهر أحد الجمال العديدة في القافلة وصوت تحطّم العظام الذي سمعته للتو سبب لها ألمًا في مفاصلها. التفت عليّ نحوها وهو يلف عمامته على رأسه، رد عليها متظاهرًا بالجزع:

- ياللهول! يالها من مصيبة! ما الحل يا ترى؟

- مغفل.

همست بها قبل أن تتأكد من إحكام تثبيت كل شيء على ظهر الجمل، التفتت عائدة لتأخذ حقيبتها من على الأرض.

- عليك أن تتوقف عن هذه التصرفات يا عليّ، من يراك لن يصدق أنك في منتصف الثلاثينات من العمر.

رفع عليّ حاجبًا مستنكرًا وهو يراقبها في طريقها نحو ناقتها.

- يمكنني قول نفس الشيء عنك، أما آن لك أن تتصرفي كامرأة ناضجة في بداية عقدها الرابع؟

- أنا عادة ناضجة وعاقلة، إلا في وجودك.

قهقه علي بابا وانحنى ليأخذ حقيبته من على الأرض، قال:

- ياللصدفة! وأنا أيضًا.

- ربّ ارزقني بعض الصبر...

نادى قائد القافلة منبهًا الكل أنهم سيعاودون التحرك، ساعد علي بابا مرجانة على امتطاء الناقة ثم صعد هو على الجمل الذي كان خلفها. عاودت القافلة رحلتها جنوبًا بينما أشرقت الشمس عن يسارهم بسرعة لتلقي عليهم بحرارتها بعد سويعات، لحسن حظهم لم يتبق لهم الكثير ووصلوا في آخر النهار لوجهتهم.