الفصل الخامس والاربعون 'الخاتمة' ( الجزء الاول)

13.1K 251 0
                                    

غضب .. وحزن .. وسعادة .. وشوق .. وحنين .. كل هذا بداخلها لهذا الجالس امامها بصحه كامله غير مصاب بأى خدش .. "كذاب .. احمق " ظلت تردد فى نفسها حقيقه ما تراه امامها .. ز
وما جعلها تنفجر من الغضب .. عندما علمت بان عمها يعرف انه على قيد الحياه .. لذلك كان يقضى الساعات والساعات فى غرفة مكتبه ويخطط مع هذا الغبى الذى يبتسم لها برقه الآن ... كم اريد ان اقتلع قلبك هذا ... واضعه فى قفص قلبى عزيزى .. اللعنه !! .. اللعنه على الحب والذى يعشقون !! .. فها انا لا أخذ من هذا الحب سوى العذاب والمشقه وعلى رأسهم المذله .. حسناً ياعمر سأرى .. انا ام انت ؟! .. فالانثى عندما ترفض وتتمرد فيجب ان تخاف منها وانا سأريك ؟! .. على الرغم من انى اريد ان اضمك الى احضانى .. وتكون بجوارى .. كنت اشعر بأنك حى ترزق وابعد عنى فكرة موتك ولكن عندما اصبحت امامى اشعر بالنقيض .. اريد معاقبتك .. اريد انتقامى منك .. اريد ان اعبر لك عن مدى آلمى ومعاناتى انا ووالدتك واختك .. كيف تنظر فى عينى والدتك التى فقدت دموع لا تعد ولا تحصى .. كيف تنظر الى شكلها الذى اذابه الحزن وعدم الراحه وانت لست بجوارها .. كيف وهى التى لم تذق النوم فى ايام بسبب حزنها عليك وصلاتها المستمرة حتى تدعو الله ان يغفر ذنوبك .. كيف يا بغيض ؟! .. حسناً ياعمر .. لقد طفح بى الكيل ولم اعد اتحمل ..
ليقاطع تفكيرها ابتسامة هذا الواثق والمغرور كما هو وصوته المعشوق بالنسبه لها ...

عمر بابتسامه وهو ينهض : طب يالا بينا ياشباب نروح نصلى ؟!

لتفرغ سيلين فمها غير مصدقه لما نطق به ... هل هو عمر الحقيقى ؟! .. ام ان الحادثه اثرت عليه ؟!

سيلين بتلقائيه وصوت هامس : تصلوا ؟!

نهض يوسف هو الآخر واكمل : يالا يا عمو وسيب البنات تصلى هنا !

نهض حسن واستعد للمغادر مع الشباب وتابع : يالا يابنى .. ربنا يهدينا ويهديكم

ليردد الجميع خلفه : اللهم آمين

اتجه الرجال لخارج القصر حتى يصلوا المغرب حاضر فى المسجد القريب منهم وقبل ان يبتعد عمر .. ارسل لسيلين قبله فى الهواء مع غمزة بطرف عينيه .. لم ينتبه احد سوى سيلين التى كانت تتابعه .. وبعد رؤيته لغمزته وقبلته الهوائيه اغتاظت وادارت وجهه واحمر غضباً وخجلاً منه .. فما زال حبها وعشقها له يرفرف بين حجرات قلبها ..

الرجال ادوا صلاتهم والنساء نفس الامر وعند وصول الرجال اخذ يوسف حور ليوصلها لمنزلها .. بالتاكسى اللعين الذى فى كل مرة تأمره بأن تركب سيارة أجرى ولا يوصلها بعربيته ... اخذها وذهب وجلس اياد مع ميرنا قليلا ً بعدما اطمئن على عمر .. فهو اخذه كأخ له .. فالفترة التى تعرف به عليه شعر بشعور الاخ تجاه والحب .. وعدم تفرقه فى المستويات الماديه او الاجتماعيه .. فهذا آخر هم لهذه العائله الكريمه .. ذهب ليجلس معها فى الحديقه بمفردهم قليلاً .. أمرته والدته بالصعود ليستريح قليلاً من تعبه فيبدو انه فقد القليل من وزنه .. ووجهه اصبح شاحباً قليلاً من التفكير فى مسار الامور ..
اومأ برأسه وقام من مجلسه واستأذن منهم وصعد .. لم تتبعه سيلين بل بقت فى مكانها .. لاحظت فريدة بقاء سيلين وعدم اتباعها لزوجها .. فقامت فريدة بضرب سيلين برفق على مذ
ؤخرة رأسها .. فتآوت سيلين بصمت ونظرت لها باستغراب

تابعت فريده برفع حاجب لاعلى : يالا يابت ورا جوزك ..
سيلين بعدم اهتمام مصطنع : الله وانا هعمله ايه يا طنط ؟!
فريدة بتنهيده : انا مش قولتلك قبل كدا معدتيش تقولى طنط دى انا زى ماما ولا ايه ؟!
سيلين بسرعه وبحرج : طبعاً يا طن.. آسفه .. يا ماما ..
فريده بابتسامه وتأخذ سيلين فى احضانها بحنان ودفء : طب يالا ياقلبى اطلعى ورا جوزك شوفيه .. الله دا يبقى حالك بعد ما عرفتى انه الحمد لله عايش .. امال الحاله اللى انتى كنتى فيها من ايه ؟! ..
سيلين بتنهيده وهى على وشك البكاء : ياماما .. يرضيكى يخبى علينا حاجه زى دى .. دى مش مجرد حاجه والسلام دا حياته .. ويوهمنا انه مات .. واحنا اللى كنا بنموت من غيره .. وانتى اكتر واحده حسه بيا اكيد .. يرضيكى اللى عمله دا .. دا انتى اللى شوفتى حالتى وكأن روحى هى اللى راحت مش هو .. على الرغم ان قلبى كان حاسس انه عايش .. بس احنا مش بنى آدمين يعنى علشان يسبنا كدا ..
فريده بتنهيده حاره تحاول ان تترك بعض حزنها وهمها يغادر صدرها حتى تستريح : عندك حق يابنتى .. بس مش وقتوا عتاب .. استهدى بالله وشوفى جوزك .. هو محتاجلك دلوقتى .. يالا ..

قالت كلمتها الاخيره وهى تدفع سيلين لتقف .. فوقفت الاخيرة وغادرت ببطئ لا تريد مواجهته الآن .. تشعر بأنها ليست فى قوتها العاديه .. صعدت السلالم الداخليه للقصر وصعدت الدور الثانى ..

عندما شعر بأنها اقتربت من الصعود ذهب سريعاً ليدخل الحمام ويحاول تهدأت مشاعره المتألمه .. بالفعل هو يعلم انه ضغطهم وجعلهم فى موقف لا يحسد عليه ولكن ماذا يفعل عندما يجد رئيس مافيا يريدخا ويحبها وأمر بموته ليتيح له الفرصه فى التقرب من زوجته .. ماذا يفعل ؟! .. وعندما علم بحزنها الشديد من اجل هذا الاحمد .. كان يريد ان يذهب لها ويصفعها على وجهها لتستفيق .. فهو نفس الشخص الذى هدده واوصى بقناص ليقتله واصيب ميرنا .. تحزن عليه .. كيف ؟! .. بالتأكيد من حقها اليس هو من ضحى بنفسه من اجلها .. وماذا فعلت انا ايضاً ضحيت وبالكثير .. ماهو اكثر من حياتك ايها الاحمق .. اخرس واجعلك الطابق مستوراً .. فأنت جعلتها تحزن وتموت فى الليله مليون مرة .. اسكت ولا تتحدث بالمعاتبه فأنت من يجب ان يعاتب ..
وضع جسده تحت المياه البارده ليستطيع اراحه عقله قليلاً والعيش فى هدوء من هذه الافكار .. ولن تصل هذه الافكار ابداً لهواجس ..ابداً

**********************

فى سيارة الاجرة :

اصرت حور كالمعتاد منها ان يجلس هو بجوار السائق .. فما زالوا غير مرتبطين رسمياً ويجب ان يضعوا حدود وهو يحترم هذا ما دام هذا ما امره ربه فهو تغير للاحسن وسيفعل كل ماامره ربه به .. نظر لها ثم تنهد بقوة سمعتها .. وشعرت ان به شيئا فصبرت حتى يصلوا الى المنزل ..

وصلوا امام الحارة فترجل منها يوسف وحور ودفع يوسف الاجرة للسائق وسار عدة خطوات وبجواره حور .. ترددت حور ولكن حسمت امرها فى نهايه النطاق ..

حور بتردد واضح ونبرة ناعمه : مالك يا يوسف ؟!
نظر لها يوسف طويلاً وتنهد وهو يقول : مش قادر ياحور كدا كتير .. احنا مستنين ايه ؟!
حور باحراج وتنظر ليديها التى تمسك طرف فستانها : يوسف .. احنا اتفقنا .. خلاص احنا قربنا
يوسف بابتسامه ماكره : طب ما نكتب الكتاب النهارده وبعدين نعمل الفرح ..
حور بضحك جعلت اوصاله تتصلب فى مكانها من شدة جمال هذه الضحكه الملائكيه : ماخلاص يايوسف .. يالا تصبح على خير
يوسف بهيام وابتسامه تزين وجه : وانتى من اهله يا حوريتى .. ياخربيت جمال حماتى .. اللى جابت القشطه دى ..

سارت حور حتى وصلت لبنايتها وعندما وضعت رجلها على اول سلمه .. وجدت من تنادى عليها .. التفتت وجدتها وردة ( اللى مش فاكرها ورده كانت دايما بتسيئ الظن بحور وبتغير منها وعلى طول بتكرهها .. ايه افتكرتوها )

حور باستغراب وهى ترجع بخطوة هذه وتبقى على ارضيه الشارع : وردة ؟!
وردة باحراج وتوتر شديدان : احم .. حور .. انا آسفه بجد ..
حور باستغراب وعدم فهم : ليه ياوردة ؟!
حور بابتسامه والدموع تظهر بين اهدابها : على الرغم من انى دايما بسم بدنك بكلامى اللى زى الدبش ومشاعرى اللى ناحيتك كلها كره .. وكل دا واول ما جتلك جرى علشان تلحقى امى متأخرتيش .. مع ان لو حد مكانك كان قال وانا مالى ...
قاطعتها حور بابتسامه وهى تحتضنها : مفيش الكلام دا بينا .. احنا كلنا فى حارة واحده يبقى احنا اخوات ولا ايه ؟!
وردة بسرعه وهى تومأ برأسها : طبعاً ..طبعاً .. هو انا اطول ابقى اخت الدكتورة
حور وهى تضع يديها على خدى وردة وتمسح دموعها برقه : مفيش الكلام دا بين الاخوات يا وردة .. احنا عايشين طول عمرنا فى الحارة دى وكل اللى فيها يااما جدنا او جدتنا او اخواتنا او اولادنا او ابونا او امنا .. الحارة دى فيها كل حياتنا يا وردة وهنفضل طول عمرنا اخوات لو ايه اللى حصل ؟! ...
وتابعت بابتسامه رقيقه : واسكتى بقى علشان انتى صدعتينى دماغى .. تعالى اعدى معايا شويه اصل انا نفسى ارغى .. ومش لايقه حد ارغى معاه ..
وردة بضحك : مش كان من شويه مصدعه ..
حور بضحك هى الاخرى : الله ودا يضر .. تعرفى ان العلم اثبت ان الرغى افيد صحياً وبدنياً للصداع وكمان بيحرك عضله البؤ ... هو احنا بنرغى من شويه ..

وظلوا يضحكوا سوياً وصعدا معاً لمنزل حور يقضوا بعض الوقت سوياً واكتسبت كلاً من حور و وردة صديقه عزيزة .. فبالرغم من كره وردة لحور فى بادئ الامر الا انها لم تضرها ابداً وساعدتها حور فى علاج والدتها .. فأصبحا صديقتين واختين معاً فى هذه الحارة الدافئه .. التى تمتلئ بالاناس الطيبون والرائعون .. الذين لا يريدوا شيئاً من هذه الحياة سوى رضا الله والعيش مستورى الحال ....

***********************

فى حديقه قصر توفيق البدرانى :

ظل اياد ينظر لميرنا التى تتحدث بتلقائيه عن اخاها وكم تحبه ودائماً ما يكون لها السند والعزوة .. على الرغم من وجود والديها ولكن اخاها شيئاً آخر .. فهو الاخ والصديق والاب والزوج والحبيب ... عند هذه النقطه لم يستطع اياد السكوت ..

اياد بغيرة شديده وغضب : الله ماخلاص يا ميرنا هو انا جاى علشان تكلمينى عن اخوكى ..
ميرنا بصدمه واندهاش : ا.. انا .. مالك يا اياد .. هو انا قولت حاجه تضايقك ؟!
اياد وهو يمسح بيديه على وجهه ويحاول تهدئه غضبه الذى لم يكن له سبب : مفيش يا حبيبتى .. اصلك بتقولى حبيبى وجوزى .. امال انا ايه بقى عندك يا ست ميرنا ؟!
ميرنا بخجل عندما نطق ب "حبيبتى " ولكن انصدمت من غيرته وحاولت كتم ضحكتها وافتعلت غضبها : ايوة طبعاً حبيبى وجوزى مش اخوى ..
اياد بحده : لا والله .. امال انا طرطور هنا ولا ايه ؟!
ميرنا ولم تعد تتحمل كتم ضحكتها .. فانطلقت منها ضحكه مجلجله ..لم يتحكم هو فى نفسه واقترب منها يأخذ قبله منها .. انصدمت هى ووجنتيها اصبحت باللون الاحمر .. وحاولت ابعاده الا انه اكتفى من بعده ويجب ان يرتوى قليلاً من عشقها ..
ابتعدا بسرعه عن بعضهما عندما سمعوا صوت فريده وهى تنادى على ميرنا لتأخذ العصير لزوجها .. فأخذتها حجه واسرعت من امامه ووجهها لا يوجد فيه اللون الابيض من احمراره الكامل ..

ضحك هو يمرر يده فى شعره :العيله دى هتجننى وبالذات انتى يا ميرو

هواجس رجل و عنفوان انثى - الكاتبة ريم السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن