الفصل الرابع والاربعون

12.1K 242 4
                                    



و فجأة اقترب منها بسرعة و ضمها الي احضانه .. اندهشت سيلين من فعلته وسمعت صوت طلقه ناريه .. ابعدته عنها بسرعه ولكنه يمسكها بقوة ..

سيلين بقوه وصدمه : احمد .. احـمـد
احمد وهو يغمض عينيه بتعب وارهاق وصوت هامس : سـامـحـيـنـى .. سـامـ ....

وسقط قتيلا بين يديها .. وقعت هى على ركبتيها بجواره .. الدموع تسقط على خديها كأنها اختنقت من التحكم فيها , تبكى بصمت لا تسمع صوت الرصاص الذى يملئ المكان من حولها ولا نداءات كلا من يوسف ومحمد , يطلبان منها الوقوف والابتعاد ولكنها فى عالم اخر لا ترى سيل الرصاص الذى يطلقه كل شخص , انها فقط ترى جثمان هذا الرجل الذى دافع عنها وحماها من الرصاصه غدارة كانت هى المطلوبه باقاعها وخرق اضلعها ..

سيلين ببكاء صامت : احـمـد , ليه؟!.. ليه هتفضل طول عمرك جبان ؟! .. موت ليه؟! .. ليه يا احمد .. بعد ما كنت هتدفع كل واحد تمن اللى عمله !! , جاى تموت دلوقتى , عشت حياتك كلها ظالم .. خاين .. قاتل .. وبعد ما توبت وعايز تعمل حاجه لكل الغلابه اللى محتاجينك تموت , انت ايه ؟! , انت ايه ؟! ,حـرام عـلـيـك
وتابعت ببكاء وصراخ هيستيرى : حـرام عليك ..حـرام , كلكم بتموتوا , كلكم بتبعدوا عنى , كلكم سيبتونى , كلكم عايزينى اعيش لوحدى , هعيش طول عمرى لوحدى .. لا لا مش هقدر .. كدا كتير .. حرام
واغش عليها على الفور ولم تشعر بأى شئ , ولا تريد ان تشعر بشئ , كل ما تريده ان تذهب لحبيبها و والديها , ان تظل بعيده عن كل هذا .. كل هذا القتل .. كل هذا الفساد والخائنين .. تريد البعد .. ياليتها تستطيع , او تكون خفيه عن الجميع .. هل ستجد الراحه فى البعد والوحده لا تعلم ولكن الوحده افضل من كل هذا , ولكن لا يحالفها القدر ابدا .. فكلما ارادت الموت .. نفر هو منها , فالاحباب والاقارب يموتون يوما بعد يوم وهى واقفه فى مكانها لا حول لها ولا قوة .. انها لا تعترض على قضاء الله ولكنها تعلم ان الله عادل ولا يظلم احد وليس هذا عادل ان يموتوا هكذا تعلم ان الله يخفى لها شئ عظيم ويجب ان تصبر وتحتسب , فهى لن تغضب ربها ابدا .. حسنا سأظل صامدة يا ربى ما دام تعطى لى القوة وانت بجوارى , ما دام فى صدرى نفس فسأظل اصبر واتحمل واعلم انك تبتلينى لتعلم مدى صبرى ولكن اوعدك بأن اكون افضل من هذا الاختبار وسأجتازه بحب وطاعه يااارب ..
استيقظت من هذا النوم المؤقت فحتى عند اغماءها لا تجد الراحه وعقلها يسارع فى التفكير وعدم توقفه وسرعه ضخ الدم فيه حتى تظل واعيه لما حولها , سمعت صوت ميرنا وحور .. كيف وصلوا الى هنا ؟! , اين انا اولا ؟! , ماذا يحدث ؟! , كلها اسأله تدور فى ذهنها , فتحت عينيها رويدا رويدا .. حتى تعودت على الاضاءة الموجوده فى الغرفه , نظرت للسقف قليلا ثم حاولت الجلوس .. ساعدتها كلا من حور وميرنا على رغم اصابه حور الطفيفه الا انها جاءت لترى صديقتها واختها فيبدو ان ذهنها لم يعد صافى ابدا ولا زالت الاحزان تتابعها اينما ذهبت دعت لها بالهدايه وصلاح الامور .. نظرت لهم سيلين باستغراب .. ولكنها لم تنطق ببنت شفه ..

ميرنا ببكاء : حمدلله على السلامه يا سولى
حور والدموع تتجمع فى عينيها : الف سلامه عليكى ياقلبى
سيلين بهدوء : الله يسلمكم .. فين محمد ويوسف ؟!
محمد بمرح حتى يغير هذه الاجواء الكئيبه قليلا : احنا اهو يا برنسيس .. ايه يا ست البنات قلبى وقف ..
سيلين مقاطعه : ايه اللى حصل ؟! .. وفين احمد ؟!

نظر الجميع لبعضهم البعض بتوتر ولكن سيلين لم تهدئ ولم تسترح لنظراتهم المتوترة هذه .. وعندما لم تجد احد نطق ببنت شفه ولم يصدر احد اى صوت سوى نظرات ..

سيلين بجديه وصلابه : فين احمد ؟! .. ما تردوا ..
يوسف ببعض التوتر : احم .. احمد توفى يا سيلين وادفن النهارده
سيلين وهى تشعر بغصه فى قلبها وتحاول الصمود وعدم البكاء : الله .. الله يرحمه , هو .. هو ادفن دلوقتى
يوسف : ايوة .. ولسه جايين حالا من المدافن ..
سيلين وهى تبتلع غصه فى حلقها : طب .. هو ايه اللى حصل ؟!
نظر محمد ليوسف وتنهد بقوة وتابع : لما احمد الله يرحمه اضرب بالنار .. اغمى عليكى , جرينا انا ويوسف عليكى وكان ساعتها البوليس وصل .. قبضوا على كل الرجاله اللى تبع .. تابع بتوتر : احم اللى تبع احمد واللى تبع الناس اللى موتته , شلتك بعدها وروحنا المستشفى نفس اللى احمد راحها وفضلتى كدا فى السريرة لحد ما روحنا المدافن ودفنا احمد وكلمنا سامى ويوسف كلم الانسه حور والانسه ميرنا علشان يفضلوا معاكى ..
سيلين بانتباه : وسامى .. ايه اخباره دلوقتى ؟
اجابها هذه المرة يوسف : اول ما عرف الخبر انهار واحنا سبناها اعد فى التربه قصد تربة احمد
سيلين بحده : وانتوا ازاى تسيبوه لوحده كدا .. انتوا بتفكروا ازاى ؟!
محمد بهدوء حاول امتصاص غصبها : اهدى يا سيلين .. احنا قولنا له يجى معانا لما لقناه منهار كدا وهو رفض وفضل انه يقعد مع اخوه شويه وقالنا نقولك .. انه ندم على كل لحظه عاشها .. ومش ناوى يخسر حياته زى اخوه ..

انحنت سيلين برأسها ونظرت للارض بعيون باكيه .. فحال كلا من اولاد خالتها تدمر .. فكلاهما كانوا فى مراكز عاليه ومرموقه فى مجتمعهم .. واموال ليست قليله , لماذا اذا انتقلوا الى هذا المسار .. الذى نهايته الكل يعلمها ولكن يعتقدوا انها هى الاختيار الوحيد الذى امامهم .. فاللعنه على دنيا فرقتنا وجعلتنا هكذا .. تسخر مننا وتعاملنا كأننا عبيد تسحق كل شئ امامها , فاللعنه على كل ما يعطيها الحق فى اختيار مساره او اعطائها اهميه ..

رفعت رأسها وتحدثت بجديه وقوه اكتسبتها من مصائبها : الورق دا لازم يروح للبوليس ومش اى حد .. حد موثوق فيه .. لان الكل دلوقتى بقى بيشتغل فى القرف دا .. ومحدش بقى خايف على بلده او موثوق فيه من اساسه
حور باستغراب : فيه ايه الورق دا يا سيلين ؟!

مدت سيلين يدها بالاوراق فى اتجاه حور لتقرأ محتويات هذه الاوراق من مصائب .. لتفتحها حور وتجحظ عينيها من الصدمه وتبدأ وجهها بالاحمرار من الغضب .. وعندما رأها يوسف استغرب شكلها فاقترب منها واخذ الاوراق وافرزها هو ومحمد ليروا بلاوى لا تعد ولا تحصى ... بداية من الدعارة حول العالم .. وصفقات مشبوهه .. ومخدرات وهيروين وسلاح واعضاء لوصولها بالتجارة فى الناس فيبيعون الناس كأنهم عبيد ونحن الذين كنا نعتقد ان ايام العبيد انتهت بل ما زالت قائمه حتى لحظتنا هذا !! , واشياء اخرى وكل هذا باسماء الناس المشتركه فى هذا واولهم احمد الذى توفى اليوم .. وعلى رأسهم .. رأس الافعى .. ديفيد .. الكل توعد لهم .. الكل اختنق من السكوت .. الكل انتهت طاقته من التحمل .. فكل هذه الاشياء تحصل ولا يعلم احد , فماذا يوجد ايضا ؟! ... بالتأكيد يوجد الكثير والكثير ..

*******************
اختصارا للاحداث :
ذهبت سيلين مع حور ويوسف ومحمد لمركز الشرطه لفرد كبير فيها يعرفه محمد معرفه شخصيه ويقوموا بكل ما هو مطلوب حتى يتم القبض على كل هؤلاء الخائنين لبلدهم واهلهم واحبابهم .. فهم ليسوا باناس سهله فكلهم من ذات السلطات والجاه والمراكز الكبيرة .. مر الامر بسلام وبالفعل استطاع هذا الرجل بوقف والقبض عليهم جميعا حتى ديفيد فقاموا بابلاغ بلاده وقاموا بارحاله وهناك سيتم عقابه بنوع اخر , اما بقيت الاعضاء المسئولين عن هذه الصفقات منهم من تم احالت اوراقه الى فضيلة المفتى ومنهم من حكم عليه بالسجن المؤبد .. وارتاحت الانفس قليلا ولكن ما زال الفساد قائم رغم انهم دمروا رأس الهرم ولكن مازال الهرم موجود ولا يستطيع هؤلاء الاشخاص فقط بالقضاء على هرم كامل من الفساد .. والظلم .. والقهر .. والعذاب .. وعدم الضمير
رجعت سيلين لعملها مع قلب مجروح وبه من القهر ما يكفى ليدمرها ولكنها وعدت ربها بالصمود .. فالمرض رساله لتذل له .. , والفقر برقيه لتسجد له .. , والضعف مكالمه تقول لك استجلب القوة من القوى .. , الحياة كلها تصرخ فى وجهك : لديك رب , اصمد اليه !! .. , فهذا ما تفعله الان وعلمها بحديث ابن عباس سالف الذكر يقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم) :
"احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك " اخرجه الترمزى

والان هذا اختبارها ... وعمر ينتظر بفارغ الصبر ان يذهب اليها ويضمها لاحضانه فهو اشتاق اليها بطريقه تجعله مدمنها ولقد تعدى مرحله العشق بمراحل .. فهو لن يخسرها مرة اخرى ابدا .. وسيحارب العالم كله اذا وقف امامهم .. فلقد اقترب من ربه ويحمد انه افاق من نومه هذا وبعده عنه للحظه .. ويلعن حياته القديمه ويريد بدأ صفحه ناصعه البياض بدأيتها تقوى الله ورضاه وجواره فى اول السطر حبيبته ومعشوقته سيلين ....

اصبحت الامور بين حور ويوسف هادئه وتقرب يوسف بشده من ربه وتساعده حور من اول الطريق ويستفاد كلاهما من الاخر وحددا موعد لفرحهم بدون وقت للخطوبه فلقد تعرفاه على بعض بصورة كامله وسيبدأ معا من اول الطريق على طاعه ربهم .. وحبهم لبعض الذى يزداد يوما بعد يوم

واياد اصبح يعش ميرنا بصورة الخجوله امامه دايما على الرغم انه زوجها ولكن حياءها يجعلها حور عين تسير على الارض .. نمى حبه بداخلها فهو زوج صالح انعم الله عليها بعدها اخاها الذى توفاه الله .. (هكذا ظنت ) .., وحددا موعد زواجهم فى نهايه العام الدراسى ...

اما حسن وفريده فقاما باداء العمرة بسعاده وساعدتهم بالرخاء ورجوع الطمئنينه وراحه البال لانفسهم بعد وفاة ابنهم ( وهكذا ظنوا ) .. , ورجع لحياتهم الطبيعيه واقتربا من سيلين وميرنا اكثر حتى لا يجعلا الحزن يدخل باب تفكيرهم ..

واصبحت حياتهم على رغم السعاده الواضحه بينهم الا ان الحزن يسكن ابوابهم وفى اى لحظه يدق عليهم ليرحبوا به ويستحوذ على قدر كبير من ذهنهم ...

********************
فى يوم المحدد للصفقه :

ذهبت سيلين باكرة كعادتها التى لم تقطعها حتى الان , قامت ببعض الامور مع يوسف قبل وصول مندوبى شركه زين , وبالتأكيد لم يفت على يوسف التلميح لسيلين وبعض المكر فى كلامه ...

دق باب مكتب سيلين لتدخل سارة بابتسامه بشوشه :

سارة بابتسامه : السلام عليكم
سيلين بابتسامه متبادله : وعليكم السلام , خير يا سارة ؟!
سارة : مندوبى شركه زين ابو الخير وصلو يا فندم .
سيلين بجديه : دخليهم ياسارة ..
سارة : مااشى .. عن اذنك ؟!
سيلين : اتفضلى
سيلين ليوسف بعد مغادرة سارة : تعمل اللى اتفقنا عليه .. يوسف مش عايزة غلطه .. مفهوم ؟!
يوسف بابتسامه ماكرة وغمزه : مااشى يا عم
سيلين باستهزاء وهى تنظر لمندوبى الشركه الواقفين امامها : مش هتتغير .....محمد؟!
نطقت اسمه بصدمه لتقف مردده كلمتها : محمد ؟!
محمد بابتسامه وهو يقوم بالاشارة بيده للرجال الذين معه لمغادرة الغرفه وجعلهم بفردهم : ايه يا سولى مش تقوليلى اتفضل ؟!
سيلين بذهول : انت اهبل يا محمد ؟!.. انت بتعمل ايه هنا ؟!
محمد بابتسامه عريضه : مقبوله منك المرادى بس مش هعديها بعدين .. انا ياستى رئيس مجلس الاداره بتاعت شركه زين ابو الخير !!
سيلين بصدمه وهى فاغره فمها : نعم ؟!
محمد بغمزه ليوسف وابتسامه شيطانيه : مش عايزة تشوفى زين ابو الخير ؟!
سيلين باستهزاء : ليطلع عمو ابراهيم الحاج الوالد فى الاخر !!
محمد بضحك : لا متقلقيش ... خش يا برنس !!!

ليفتح الباب ببطئ شديد ويظهر رجل فارع الطول لتنظر سيلين الى وجهه فتصدم بشده وتقع بكامل جسدها على كرسيها المصنوع من الجلد ( مش وقت ام الكرسى انا عارفه والله ههههه) لينظر كلا من يوسف ومحمد لبعضهم بمكر وضحك شديدان ويحاولان كتم ضحكهم ,
يبتسم عمر ابتسامه خلابه لا تظهر لاحد الا لها ...
اقترب بضع خطوات منها ودار حول المكتب ليكون فى مواجهتها ويمسك ذراعيها بيديه بحنان ويقوم برفعها قليلا حتى تقف امامه
عمر بابتسامه خلابه وهو ينظر لعينيها الذى ظل يحلم بها ايام وايام لرؤيتها ثانية : سيلين .. وحشتينى !!

بالتاكيد لا استطيع وصف شعور سيلين الان فلا كلمات توصف حالها الان ولكن رد فعلها غير متوقع بالمرة

سيلين بصوت هامس جدا بالفعل سمعه بصعوبه : عمر .. انت .. انت بـجـد ؟!
عمر بابتسامه عريضه : طبعا يا حبيبتى .. انا اهو ما موتش ولا حاجه ؟!

عندما علمت سيلين انها لا تتوهم وانها الحقيقه وانه امامها بشحمه ولحمه .. قررت الوقوف فهذا غير قابل بالنسبه لها ..فهو مازال يلعب بمشاعرها يموت ويصحو فجأه وهى لا تعرف شئ هذا المغفل .. اللعنه والف لعنه عليك ايها المتحاذق .. لتقطع تفكيرها برفع يديها ونزولها على خده بقوة لم تعهدها ابدا وارجعته بقوة لتخرج من هذا المكان اللعين بالنسبه لها ...
لينصدم الجميع واولهم عمر الذى كان يتوقع ان ترتمى فى احضانه ويرتوى منها ما يجعله ينسى ايامه التى مضت .. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن .. ليقع كلا من يوسف ومحمد على الارض من كثرت الضحك ...

يوسف من بين ضحكاته : معلشى .. اصل .. سيلين .. الواحد .. معدتشى .. عارف .. رد فعلها .. ايه ؟؟, مش بقولك .. اتغيرت

ووقع مره اخرى من الضحك على منظر عمر فهو مازال يضع يده على خده مان الصفعه ...
عمر فى نفسه بوعيد : حسنا ياسيلين .. فلقد وعدت انك ستكونين بين احضانى ولن افرط فيكى ابدا .. وسأجعلك تخضعين لى عزيزتى !!
ليبتسم وهو فى صميم قلبهه يتوعد بالكثير والكثير لها ...


هواجس رجل و عنفوان انثى - الكاتبة ريم السيدWhere stories live. Discover now