13

11.8K 343 3
                                    

الفصل الثالث عشر

توقف الزمن بينهما وهما ينظران لبعضهما..امتلأت عيناه بالدموع لكنها لم تسقط..اما هو فظل ينظر لها بجمود..هو الان لا يحبها..لا يشعر بشئ اتجاهها..لا يتذكر لها شئ..فمنذ ان احب منه محى من ذاكرته اي شئ من قبلها..لا يوجد بداخله ذكريات سوا لزوجته فقط..اقترب منها حتى اصبح امامه وقال:ازيك يارضوى
ابتلعت ريقها وهمست:كويسة ازيك انت
عماد بإيجاز:كويس
صمت ولم يقل شيئا اخر..كانت تنظره ان يتحدث لكنه صمت فاخفضت رأسها وهمست بصوت مختنق:مبروك
عماد:الله يبارك فيكي عقبالك
ابتسمت بحزن وتحدثت بداخله لن يكون لي حياة مع شخصا غيرك..لكنها اومأت برأشها وبابتسامة زائفه استطاع هو كشفها..كيف لا يعرف انها حزينه فهو كان اقرب اليها من نفسها..عندما وجد طارق قد عاد قال:ادخلي شوفي ايمي..بعد اذنك
تركها وذهب باتجاه طارق الذي عقد حاجبيه وسأله:مش دي صاحبة ايمي
اومأ عماد فاكمل قائلا:كنت واقف معاها ليه انت تعرفها؟!
جلس عماد قائلا:بعدين ياطارق
اما هي فلم تستطيع حبس دموعها..انسابت دعه على وجنتها لكنها محتها بسرعة وطرقت الباب ثم دلفت للغرفة..كانت ايمي ممده على الفراش لكنها مستيقظة..ابتسمت رضوى واقتربت منها..قبلت جبهتها قائلة:حمدلله على سلامتك ياحبيبتي
ايمي بابتسامة:الله يسلمك عقبالك يارب
سلمت رضوى على منال وحملت زياد الصغير الذي كان مستيقظا..ابتسمت رضوى قائلة بسعادة:ماشاء الله قمر زي مامته
همست ايمي رغما عنها:زي باباه
رضوى:سمتيه ايه؟!
ايمي:زياد
عقدت رضوى حاجبيها قائلة:اشمعنا زياد
كادت ايمي ان تتحدث ولكن قاطعتها والدتها قائلة:انا هنزل اجيب حاجة عايزة حاجة
ايمي:لا ربنا يخليكي يا ماما
خرجت منال فقالت ايمي بشرود:اتفقنا هنسمي اول ولد زياد..طارق بيحب الاسم ده اوي
ابتسمت رضوى قائلة:ربنا يخليهولك ياحبيبتي
ايمي: يارب
بعد نصف ساعة استأذنت رضوى لتذهب..خرجت رضوى من الغرفة لتجد طارق وعماد يجلسان في مكانهما..عندما رأها طارق نهض وسلم عليها فقالت:مبروك يا باشمهندس
طارق بابتسامة:الله يبارك فيكي
ابتسمت رضوى وكادت ان تذهب لكنها تفاجأت بوجود غسان..ابتسامة تسللت الى شفتيها ولمعت عيناها عندما قال بتلك الابتسامة الساحرة:ازيك يا رضوى
رضوى بابتسامة خجولة:الحمدلله انت عامل ايه
غسان:كويس
انتبه غسان للرجلان الذي كانوا يراقبونه..عماد رافعا احدى حاجبيه بطريقة مضحكة وهمس بصوت غير مسموع:ايه العروسة دي
سمعه طارق الذي لمعت عيناه ببريق الغضب والغيرة من ذاك الوسيم البشع كما لقبه..فلتت منه ضحكه خافته وهو ينظر لغسان ببرود الذي ابتسم باستفزاز قائلا:مبروك يا باشمهندس
قالها واكمل طريقه لغرفة ايمي..قبض طارق على معصمه قائلا بغضب:جاي ليه
نقل غسان بصره بين طارق ويده القابضه على معصمه ثم نظر اليه رافعا احدى حاجبيه وهمس:ابعد ايدك
طارق بحده:بقولك جاي ليه
زفر غساس بضيق قائلا:هكون جاي عشانك يعني
دفعه غسان واكمل طريقه الى غرفة ايمي فلحق به طارق ودفعه في كتفه ودخل قبله..نظرا عماد ورضوى لبعضهما بدهشه وضحكوا..نظر عماد لرضوى قائلا:لو مرواحه تعالي اوصلك
رضوى بارتباك:هه لا شكرا
عماد بنفاذ صبر:يالا يارضوى مش هسيبك تمشي لوحدك
استسلمت ذهبت معه..كان الصمت يحيط بيهما طوال الطريق..لم تجرؤ هي على ان تتحدث فقررت الصمت..لكنها لم تستطيع منع نفسها من سؤاله قائلة:بتحبها
عقد عماد حاجبيه..تفاجأ من سؤالها لم يكن يتوقعه اطلاقا..نظر لها بطرف عينه وهمس بجمود:جدا
حبست الدموع في عيناها وهمست رغما عنها:وانا
اوقف السيارة بحده وقد اصدرت صوتا عاليا والتفت اليها قائلا بدهشه ممزوجة بغضب:انتي!! انتي ايه!! تحبي اقولك انتي ايه..انتي سبتيني..هربتي وسبتيني في اكتر وقت كنت محتاجك فيه جانبي..محفظتيش على العهد اللي خدنا سوا
صرخت بحده والدموع تغرق وجهها:ولا انت حفظت عليه..نسيتني واتجوزت وعيشت حياتك..قولي سبب يخليك تحبها وتنساني
عماد:عشان هي ملاك..حبيتها عشان براءتها..حبيت ضحكتها ونظرة عينها..حبيت كسوفها حتى خوفها حبيته..بحبها ومش هحب في حياتي غيرها
هزت رضوى رأسها ببكاء وهتفت:لا لا انت بتكدب انت بتحبني انا وبتعمل كدة عشان تعاقبني عشان سيبتك
ضحك عماد بسخرية وقال:لا يارضوى انتي فاهمه غلط..من يوم ما عيني شافت منه وانا نسيتك..عشان لاقيت فيها اللي ملقتهوش فيكي..منه مفيش ست زيها..هي حبيبتي وبنتي ومراتي اما انتي..انتي انانيه..كنتي عايزة تسيبيني وتيجي تلاقيني مستنيكي..
همست بصوت مختنق:بس انا بح..
قاطعه عماد قائلا:متقوليهاش..لاني معنديش استعداد ابقى خاين..معنديش استعداد اسمعها غير منها هي وبس
كانت تنظر له بتعجب..لهذه الدرحة يحبها..لدرجة انه لا يريد ان يسمع كلمة احبك غير منها..همست بآلم:للدرجة دي بتحبها
عماد:واكتر كمان
لم تستطيع تحمل اكثر من هذا..فتح باب السيارة وترجلت منها بسرعة واستقل سيارة اجرة ودموعها تسقط بندم وآلم على حب اضاعته من يدها في يوم من الايام..كل هذا وهو يراقبها حتى اختفت همس لنفسه:انتي بدأتي يارضوى والبادي اظلم..
ادار محرك سيارته وانطلق بسرعة عائدا لتلك الصغيرة التي انسته الماضي بكل مافيه
****
تفاجأت من دخول طارق بهذا الشكل ويتبعه غسان..حمدت ربها انها لم تكن خلعت حجابها بعد ،وجدت طاىق يقترب منها وامسك الكرسي وجلس بجانب الفراش وامسك يدها بتملك واضح وهو ينظر لغسان بتحدي الذي تجاهله تماما وهو يسلم على منال التي نقلت بصرها بينهما بتوجس..سحبت ايمي يدها منه بحده واشاحت بوجهها بعيدا ليشتعل غضبه وهو يرمقها بغيظ..نظر لها غسان وقال بابتسامة:حمدلله على سلامتك يا ايمي
ابتسمت ايمي وهمست بخجل:الله يسلمك يا غسان شكرا
منال:اقعد يابني واقف ليه
ابتسم غسان قائلا:معلش مش هقدر انا بس جيت اطمن على ايمي
طارق بسخرية:لا فيك الخير
رمقه غسان ببرود وهتف وهو ينظر اليه:ياريت المولود يكون شبهك لانه لو شبه حد تاني هيبقى دمه تقيل
كتمت ايمي ضحكتها بينما نظرت له منال قائلة:هيطلع وحش لمين ابوه قمر وامه قمرين
طارق باستفزاز:ربنا يخليكي يا طنط بس ياريت ناس تفهم
تنهد غسان قائلا:طيب استأن انا بقى..خلي بالك من نفسك
اومأت ايمي بابتسامة قائلة:ان شاء الله
خرج غسان بعدما رمق طارق بسخرية الذي بادله بنظر غاضبه..التفت طارق اليها قائلا:ايه اللي جاب الزفت ده هنا
ايمي ببرود:وانت مالك
طارق بحده:ايماااان
طلما قال لها ايمان علمت انه غاضب وبشده فهتفت بنفاذ صبر:قلتلك الف مرة احنا صحاب ايه مش مفهومه دي
طارق:وانا مش موافق على علاقتك بيه
كتفت ذراعيها امام صدرها قائلة ببرود:بصفتك ايه؟!
طارق بسرعة:جوزك
ايمي:لا معلش عايزة اصححلك المعلومه دي..انت طليقي مش جوزي
ضغط طارق على اسنانه بغضب وهمس:هترجعيلي
ايمي ببرود:مش بمزاجك..واتفضل بقى عشان عايزة انام
تنهد طارق قائلا وهو ينهض:ماشي يا ايمي لو احتاجتي حاجة انا برا
خرج من الغرفة واغلق الباب خلفه بقوه..اقتربت منها منال قائلة بلوم:مش حرام عليكي اللي بتعمليه في الراجل ده
اغمضت ايمي عيناها وتنهدت بتعب وهمست:ماما انا عايزة انام
تنهدت منال ولم تعقب اما ايمي فاغلقت عيناها متظاهرة بالنوم..
****
دخل الى منزل..جلس على الاريكة واستند بظهره على المسند واغمض عيناه متنهدا بتعب..لا ينكر ان ظهورها الان اربك شيئا ما بداخله..لكنه يحب زوجته ولن يجرحها باي شكل من الاشكال..فتح عيناه عندما شعر بيد زوجته على كتفه..وجدها جالسه بجانبه..كيف لم يشعر بها..ابتسم وقبل وجنتها وهمس بحب:وحشتيني
منه:وانت كمان
جذبها لتستقر على صدره..طبع قبله على شعرها وظل صامتا..يفكر هل حرحها بشده ام ما فعله صحيح..كان في حيرة من امره الى ان توصل لاجابه..هي تستحق هي من فعلت ذلك بنفسها وهو لن يجرح حبيبته لاجلها..انتبه على صوت منه التي قالت:سرحان في ايه؟
عماد:ابدا ياحبيبتي
شردت ثانية ولم ينتبه لمنه التي ظلت تحدثه لكنه لم يسمع كلمة مما قالت فهتفت منه:عماد عمااااد
عماد بشرود:هه
ابتعدت منه عنه قائلة:في ايه يا عماد مالك
هز عماد رأسه وهمس:مفيش..انا عايز انام
نهض ودخل لغرفتهم وهي تنظر اليه بتعجب..وتفكر ماذا اصابه تنهدت بحزن ودخلت خلفه لتجده تمدد على الفراش بملابسه..اطفأت الضوء وتمددت بجانبه واحاطت خصره بذراعيها وهي تدفن وجهها بصدره..ضمها لصدره بقوه وبداخله يتمنى ان تمر الايام القادمة على خير..
****

في بعض الاحيان تحبرنا على فعل اشياء ثم تجعلنا نندم في النهاية ولكن في احيان اخرى يكون الندم ليس له معنى..
.....
هذا ماحدث مع رضوى..كانت تحلس في غرفتها تضم ركبتيها الى صدرها وتبكي وتتذكر..عندما توفيت والدتها لم تستطيع ان تسيطر على حزنها..عندما قرر والدها السفر لم يكن لديها فرصه للاعتراض فهي كانت محطمة..ندمت الان انها لم تستمع لعماد منذ البداية..ولكن ماذا يفيد الندم الان..هي كانت تطمئن عليه من حديث والدته التي كانت تتحدث عنه بدون ان تسألها..كانت تخشى ان تعرف في يوم ما انه تزوج غيرها وها هو حدث ..حتى توفيت والدته ومن هنا انقطعت اخباره..ازداد نحيبها وهي تتذكر حديثه اليوم..هي تركته في البداية وهو حطمها..قررت وانتهى الامر ،ستبتعد ولن تدمر حياته مثلما دمرتها من قبل..ستثبت له انها ليست انانيه مثلما قال عنها..ستسلم امرها لله وهو كفيل بان يداوي جرحها..همست بداخله"هبعد عنك"

انا سيبتك وانت مني
ندمانه للنهاردة..لو حتى غصب عني
مكنش لازم ارضى
انا بطمن عليك..وانا وبعيد لبعيد
اخاف لو روحت ليك
الاقيك حبيت جديد
مش من حقي العتاب..مانا سيبتك للعذاب
لكن ربي اللي عالم
اخلاصي وحبي ليك..اخلاصي وحبي ليك
انا هبعد عنك وانا وياك قلبي ليك
هتحمل تعبي..بعدك الله يعيني
لو صدفه قبلتك..صبرني ياربي
ليبانلك حبي..وانت قريب مني

حاولت انا اداري حبك
واضحك على روحي وانسى
صورتك مغبتش عني
شايلاك في قلبي لسه
الليل عليا طال
وانا بسأل نفسي ليه
بخبي حنيني ليك..ولا بقدر يوم عليه
اه يمكن جنيت عليك..بس انت الله يجزيك
خلتني عايشة عمري
علشان بعيشه ليك..علشان بعيشه ليك
****
مر اسبوعان وخرجت ايمي من المشفى وعادت لمنزلها..كان الجميع سعدون للغاية بزياد الصغير..اما طارق فكان كل يوم ينهي عمله مبكرا ويذهب ليقضي معظم وقته مع الصغير..في يوم كانت ايمي تراقبه وهو يلاعب صغير..جلست قريبه منه وهي تراه يمسك يد الصغير باصبعه ليغلق الصغير يده عليه..ضحك طارق بشده عندما وجد زياد يجذب اصبعه نحو فمه..اقترب بوجهه منه وداعب انف الصغير بانفه ثم قبله برقه وهمس:حبيب بابا
تذكرت ايمي ذاك اليوم قبل ان تلد عندما قال لها طارق"هتكوني احلى ماما"..ابتسمت لتلك الذكرى وهمست بصوت منخفض ظنت انه لن يسمعها:وانت احلى بابا
سمعها طارق وابتسم بحب لكنه فضل الصمت حتى لا تعود لبرودها من جديد..التفت اليها فطصنعت الانشغال بالهاتف فهمس باسمها فنظرت اليه قائلة:نعم
اعطها الصغير بعدما قبل جبهته برفق وهمس لها بحنو:خلي بالك منه..ومن نفسك
اخفضت بصرها للصغير الذي تشبث في ملابسها باصابعه الصغيرة وقالت:حاضر
طارق:انا همشي عايزة حاجة!
ايمي:لا شكرا
اومأ طارق وابتسم لها ثم داعب وجنت الصغير بانامله وذهب تسللت ابتسامة الى شفتيها ثم قبلت صغيرها وعادت الى غرفتها..تمددت على الفراش وضمت الصغير لصدرها وهي تستنشق رائحته التي علقت به وظلت تضمه كانها تضم ابيه..فهو قطعة منه واجمل ماحدث لها في الحياة..
****

جهزت حقيبتها بعدما هاتفت شركة الطيران لتحجز الرحلة المتجهه الى نيويورك..وهاتفت يوسف لتبلغه بموعد سفرها..اغلقت حقيبتها وحملتها وخرجت من منزلها..وضعت الحقيبة في المقعد الخلفي واتجهت لتفتح باب السيارة لتتفاجأ بيد رجل تغلق الباب وهو يقول بابتسامة ماكرة:على فين!!!
رفعت عيناها لتصطدم بتلك العيون الرمادية التي رأتها مرة واحدة..عينين مثل عينا الذئب تلمع ببريق مرعب يعطي عن صاحبها اسواء انطباع..لم يكن هذا سوا... "خالد"
.....

يتبع.....

حكايه عشق 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن