3

14.3K 398 2
                                    

الفصل الثالث

في بعض الاحيان تأخذنا افكارنا الى الاندفاع دون تفكير حتى ان كنا غير واثقين في نهاية ما تأخذنا اليه افكارنا ,نشعر برغبة عارمة في معرفة اشياء نحن نعلم اننا ان علمناها لتآلمنا بشدة ولكن ما باليد حيلة ففي كل الاحيان نحن نتآلم ولكن في تلك المرة قد تكون الآلم اقوى مما نحتمل حتى انها يمكن ان تغير حياتنا لتكن اسواء مما هي عليه..
.....
وقفت ايمي امام خالد اللذي ظل جالسا خلف مكتبه ينظر اليها بطريقة لم تعتادها ابدا ,ابتلعت ريقها بتوتر وهي تحاول السيطرة على ارتجافة جسدها وخفقان قلبها مثل حيوان مذعور وخالد ينظر اليها كحيوان ينتظر الانقضاض على فريسته..حاولت ان تتكلم ولكن كأن الكلمات قد توقفت بحلقها ولم تستطيع ,كان خالد ينظر اليها وينتظرها ان تتحدث ولكن عندما وجدها صامتة وقد لاحظ ارتجافها وهي تحاول ان تحلي نفسها بالشجاعة ولكنها فشلت فخوفها يظهر جاليا في عينيها ,تنهد واشار لها ان تجلس قائلا:اقعدي يا ايمي مش هتفضلي واقفة
ظلت مكانها ولم تتحرك وهي تفكر كيف له ان يفعل ذلك وهي ابنة عمه..كانت تعتبره اخا لها امتلأت عيناها بالدموع وهي تتذكر كم الآلم الذي عاشته بعد ماحدث لها..وكل ذلك بسببه هو..ابتلعت ريقها وهي تراه ينهض من خلف مكتبه ويقترب منها..ظل يقترب حتى اصبح قريبا منها بطريقه افزعتها فتراجعت للوراء وقد ظهر في عيناها الخوف..ابتسم خالد وهو يمد يده اليها قائلا:انتي خايفة مني يا ايمي؟
تراجعت قائلا بفزع:متلمسنيش
عقد خالد حاجبيه وهو ينظر لها كأنه يحاول قراءة افكارها وبداخله ايقن انها علمت انه وراء ماحدث لها..وجد نفسه يضحك بشده..وهي تنظر له بذهول وضحكاته تزداد وهو يجلس على الاريكة..صمت قليلا ثم قال:كنت مستني المواجهه دي بس مكنتش اعرف انها هتيجي بسرعة
اتسعت عيناها بدهشه ودموعها تسقط قائلة:يعني انت..
قاطعها ببرود:ايوا
نهض من على الاريكة وظل يقترب منها وهي تتراجع للوراء حتى التصق ظهرها بالحائط همست بدموع:ليه؟
استند بيديه على الحائط وحاصرها وهو يقترب بوجهه من وجهها حتى شعرت بانفاسه الساخنة تلفح وجهها..همس بخفوت وقد ظهرت القسوة في عينيه:عايزة تعرفي ليه؟
نظرت له بآلم فاكمل قائلا:عشان رفضتيني..رفضتيني وخالد ميترفضش ,صمت قليلا وهو ينظر في عيناها ودموعها تسقط بغزارة وجسدها يرتجف..امسك ذراعها وضغط عليه بشدة جعلتها تتآلم قائلا بحقد:عملت كدة عشان متبقيش لغيري..عشان اشوفك مذلوله قدامي زي دلوقتي..عشان يترجوني اتجوزك وانا اللي ارفض..بس للاسف محصلش..كنت فاكر لما هتجوز اختك هقدر اذلك وانتي شايفه اختك الصغيرة عايشة حياتها وانتي لا ,ضغط على ذراعها اكثر جعلها تصرخ بخفوت وقال:بس برضه لاقيتي اللي يحبك..عيشتي حياتك ولا كأن في حاجة حصلت
هزت رأسها قائلة بخفوت:انت ازاي فكرت كدة!!آنآ..آنا مكنتش شايفة فيك غير اخويا ازاي!! ازاي قدرت تعمل فيا كدة
خالد بغضب مكتوم:متقوليش اخوكي..انا مش اخوكي ولا عمري هكون..لو رجع بيا الزمن هعمل كدة تاني وتالت عشان اشوفك مكسورة
همست ايمي بعدم تصديق:انت مريض..مش ممكن تكون طبيعي انت مجنون
ضحك خالد واقترب منها حتى اختلطت انفاسهم..اما هي فصدرها ظل يعلو ويهبط وقلبها يخفق بعنف من شدة الخوف..ارتجف جسدها عندما قال بمكر:تحبي اوريكي الجنان اللي بجد
استجمعت قواها وعندما وجدته يقترب من شفتيها ودفعته بقوه قائلة:ابعد عنييي ,همست بصوت حاولت ان يكون قويا ولكن خرج رغما عنها مهتز:اوعى تفكر تقرب مني..
جلس خالد على المقعد ووضع ساق فوق اخرى قائلا بسخرية:على اساس اني لو عايز هتقدري تمنعيني ولا..
ترك كلامه معلقا فنظرت له بعدم فهم وهو مازال يبتسم بسخرية ثم قال:ولا الباشمهندس اللي هيمنعني..يابنتي انا لو عايزك هخدك ومفيش حد هيقدر يمنعني..بس انا اللي مليش مزاج
نظرت اليه بأشمئزاز قائلة:حقير
ابتسم ببرود قائلا:ابقي خلي بالك من نفسك بقى محدش ضامن ايه اللي ممكن يحصل
ابتلعت ريقها وهي تنظر اليه بخوف وهمست بتوجس:قصدك ايه؟
غمز لها قائلا:افهمي انتي بقى يا..بنت عمي
****
في الوقت نفسه كانوا يجلسون ثلاثتهم داخل غرفة الاجتماعات وامامهم ملفات كثيرة..نقل طارق بصره بين الملفات واخيه قائلا بدهشه:ايه يابني الملفات دي كلها
قال احمد ضاحكا:من يوم ماسافرت ياكبير
طارق بعد فهم:والمطلوب مني دلوقتي
احمد بجدية:هتراجعها كلها معايا انا وحسام
بعد ان انهى جملته فتح الباب وظهر من خلفه حسام قائلا:بمرح:شبيك لبيك في حد بينده
ضحك احمد قائلا:ادخل يا موكوس
قال طارق ضاحكا:سافرت 5 سنين ورجعت وانت اهبل زي مانت
حسام بمرح:لا عيب عليك انا وقت الضحك ضحك ووقت الجد..ضحك برضه
احمد بجدية مصطنعه:نشوف شغلنا بقى
حسام:طب متزوقش
ابتسم احمد ثم نظر لطارق بجدية قائلا:بص ياطارق انت دلوقتي هتراجع الملفات دي واحد واحد
طارق:انا مش فاهم ليه كل ده
احمد:عشان ترجع مكانك في المجموعة في مجلس الادارة
طارق بدهشه:انا!!! لا طبعا
احمد:لا ليه مش انت اللي كنت ماسك مجلس الادارة قبل ما تسافر
طارق بجدية:اهو انت قلت قبل ما اسافر..يعني 5 سنين انت وحسام اللي شيلتوا المجموعة على دماغكم مش معقول هرجع اخد كل ده على الجاهز
احمد:ايه يا طارق مفيش بينا الكلام ده انت..
قاطعه طارق قائلا بحزم:اسمع الكلام..مفيش اي تغير في الشغل انت وهو هتفضلوا في مكانكم عادي
تدخل عماد قائلا:طارق عنده حق يا احمد..انتوا تعبتوا اوي عشان تقدروا تمشوا المجموعة وده مجهودكم
نظر طارق لاحمد قائلا:بص يا احمد انا واخد قرر اني هاخد الشغل هنا خطوة خطوة زي ما عملت في لندن
زفر احمد قائلا بضيق:براحتك يا طارق
تدخل حسام قائلا:خلاص يبقى نبدأ شغل عبى المناقصة ,نظر لاحمد قائلا:فين الملف
ضرب احمد جبهته قائلا:اوبااا كنت براجعه بالليل ونسيت اجيبه..هبعت حد يجيبه
نهض طارق قائلا:لا انا هروح اجيبه
احمد بتعجب:ليه
طارق:انت ناسي ان ملف المناقصة مينفعش حد يشوفه..وبالمرة اطمن على ماما ولينا
احمد:طيب متتأخرش
اومأ طارق برأسه وخرج من الشلركة واستقل سيارته متجها الى المنزل
.....
بعد قليل اوقف سيارته امام المنزل وترجل منها ودخل الى المنزل..وجد والدته وشقيقته يجلسان سويا..اقترب من لينا وقبل جبينها قائلا:حمدلله على سلامتك ياحبيبتي
ابتسمت لينا قائلة:الله يسلمك يا ابيه
نظرت له حنان قائلة:امال فين ايمي
نظر لها قائلا بدهشه:فين اية؟ هي مش هنا!!
حنان بتعجب:لا يابني سميحة قالت انها خرجت بعد ما جينا بشوية
جز طارق على اسنانه ولمعت عيناه بغضب قائلا:ازاي تخرج من غير ماتقولي
اخرج الهاتف من جيب سترته وحاول مهاتفتها لكن كان الهاتف مغلق ,زفر قائلا بغضب:ماشي يا ايمان
ربتت حنان على كتفه قائلة:اهدى يا طارق اكيد في حاجة مهم هي اللي خلتها تخرج من غير ماتقولك
صاح قائلا بحده:وتقفل موبايلها ليه
تدخلت لينا قائلة بهدوء:اكيد فصل يا ابيه لما تيجي افهم منها بهدوء
في تلك اللحظة سمعوا رنين جرس الباب ففتحت الخادمة وظهرت ايمي ,توقف مكانها ولم تتحرك وهي تنظر ارضاً اقترب منها طارق وصاح بغضب:كنتي فين
ارتجف جسدها بفزع..فهي لاول مرة ترى طارق وهو غاضب ,دائما هو هادئ ويتحلى ببرود مستفز ,ابتلعت ريقها بخوف عندما قبض على معصمها وجذبها بقوة قائلا:ماتردي
تدخلت حنان وهي تجذب ايمي اليها قائلة:طارق سيبها ماينفعش كدة
افلتت ايمي ذراعها منه وركضت وصعدت بسرعة الى غرفتها بينما ظل طارق ينظر لها بتعجب كاد ان يلحقها ولكن امسكته حنان من معصمه قائلة:سيبها ياطارق
طارق بتعجب:اسيبها ايه يا ماما
حنان:شكلها مش هتقدر تتكلم وانت متعصب بلاش تتكلموا دلوقتي لما تهدى ابقى اتكلم معاها
اغمض عينيه بحيره فهمست والدته قائلة:ارجع يا حبيبي لشغلك دلوقتي ولما ترجع يحلها ربنا
اومأ طارق برأسه موافقا ودخل لغرفة المكتب واخذ ملف المناقصة ثم خرج من المنزل واستقل سيارته وانطلق عائدا للشركة.
****
مرت ساعات وهم يعملون..وهو معاهم ولكن بنصف عقل..تفكيره كله منصبا على تلك التي خرجت بدون اذنه ثم عادت متغيرة بشكل اقلقه..امسك هاتفه عدة مرات يحاول ان يتصل بها ولكنها لم تفتح هاتفها بعد ,زفر بضيق مما لفت انتباه عماد فالتفت اليه قائلا بتعجب:مالك يا طارق
طارق بضيق:مفيش
احمد:امال في ايه قالب وشك كدة ليه
زفر طارق مرة اخرى قائلا بنفاذ صبر:ما قلت مفيش الله! هو تحقيق
رفع احمد احدى حاجبيه قائلا:خلاص خلاص اهدى على نفسك وخليني اقولكم خبر حلو
حسام:خير ياطير
احمد بحنق:اخرس انت ياظريف
طارق باهتمام:خبر ايه؟
احمد مبتسماً:انا قررت اتجوز
هتف طارق بسعادة:انت بتتكلم بجد
احمد:ان شاء الله
عماد بمرح:ومين دي اللي امها دعيت عليها عشان تقع تحت ايدك
قبل ان يتحدث احمد سبقه حسام قائلا:اكيد لارين
اتسعت عيناهم بتعجب وهتفوا قائلين:لارين!!!
احمد بتعجب:اه هي..ليه
طارق:مفيش انا بس استغربت ميبنش عليك اصلا
غمز له احمد قائلا:اخوك مش اي حد
ثم اردف قائلا:عايز افاتحها في الموضوع ونعمل كتب الكتاب مع حسام ولينا
هتف حسام بسعادة:طب والله انت اجدع من ابويا
ضحكوا بينما نظر طارق لعماد قائلا:مبقاش ناقص الا انت ياعمدة
ابتسم عماد قائلا بغموض:ناوي ان شاء الله بس مش دلوقتي
طارق بتعجب:يعني في حد وانا معرفش
عماد:انت عارف مقدرش اخبي عليك بس مستني الوقت المناسب
.......
مر الوقت وهم مستمرين في عملهم كان يجلس معهم وتفكيره كله معها..زوجته!!..تلك التي لم تكلف نفسها عناء مهاتفته او الاعتذر..حتى عند اتصل بوالدته قالت انها منذ ان عادت ظلت في غرفتها وتحججت بالنوم..كان يعد الدقائق والثوانٍ حتى يعود اليها..لاول مرة يشعر لكل هذا الغضب ومنها هي بذات ,دقت الساععة التاسعة نهض قائلا:انا همشي بقى مش هترواح يا احمد ولا ايه
احمد:لا لسه قدامي شوية اسبقني انت
اومأ طارق برأسه وخرج من الشركة واستقل سيارته..انطلق باقصى سرعة كأنه في سباق..حقا كان في سباق مع الزمن حتى يصل الى من سرقت منه كل شئ..قلبه قبل عقله.
****
جلست على الفراش تضم ركبتيها لصدرها وجسدها يرتجف بعنف..تحدق في الفراغ الذي امامها وعيناها متسعة..تسقط الدموع على وجنتيها وهي تتذكر كل ماحدث..تتذكر مقابلتها مع ابن عمها ,ذلك الذي انتهاكها بدون شفقة او رحمة ,ذاك الذي اصبحت تكرهه بشدة..كانت تشعر بخوف شديد رغم انه مر ساعات على تلك المقابلة..ارتجفت اوصالها وهي تتذكر تهديده الصريح لها..تتمنى ان يعود ويضمها لصدره ويشعرها بالامان الذي لم تشعر به الا بجانبه..يضمها وينفض عنها ذلك الرعب الذي عاد للنمو بداخلها بعد ان كانت فقدته ,ظلت شاردة لفترة طويلة حتى انها لم تلاحظ دخول طارق الى الغرفة..اقترب منها ناظرا اليها بحيرة عندما وجد الدموع تغرق وجهها ,هتف بقلق واضح وهو يضع يده على كتفها:ايمي!!

يتبع...

حكايه عشق 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن