الفصل السادس والثلاثون

8.5K 553 49
                                    

#الفصل_السادس_والعشرون
#معشوقة_النَّجم
#سلسلة_للحُبَّ_شعائر_خاصة

علمت دائمًا أنها كلما أحبت شيئًا؛ فقدته ..
فالحياة لم تكن لينة يومًا معها، ولم تترأف بها ظننًا منها أنها خلقت من حجر أولورو غير قابلة للكسر، لكن مد وجزر المشاكل التي تدافعت عليها كموجات الطوفان، استطاعت هدمها بالبطيء، تفتيت القوة الواهية التي لطالما ادعت أنها تملكها، حتى أتى هو !
كان نقطة الفصل في حياتها، ذلك الشخص الذي استطاع إخراج ما لم تكن تعلمه عن  نفسها هي، رآها بقلب يبصر وترك أحكام العيون العمياء، فمنذ متى للحبيب وهو يصدق الإدعاءات؟!
ولكن لأنها فقط أحبته يسرق منها؟ ألم تتوسل للحياة بالهدنة؟
ولكن الحياة كانت خائنة العهود كاليهود، لا تبقى على ذمة الوعود الشفاهية أو الكتابية .

لم تكن تعرف كيف وصلت إليه، وبات كفه مستقر بين كفيها، تلتمس البرودة الشديدة في أوصاله بفضل تلك الغرفة المقبضة للروح، لا تصدق عيناها وهي تراه بتلك الحالة، وجهه الضاحك أصبح ساكنًا وهو يتنفس عبر أنبوبة الأكسجين، موصل بجهاز ضربات القلب بعد تجريده من ثيابه بهدوءٍ لم يكن عليه يومًا، وهو يداعب هذا ويشاكس ذاك، فلم تجد إلا الهمس المتألم:

-نَّجم الدين

ضغطت على كفه برفقٍ تتوسله:

-عشان خاطري رد عليا، متبقاش ساكت كده مش متعودة عليك بالشكل ده، قوم أضحك وهزر متقلقنيش عليك.

وصدى الكلمات كان فراغًا، فلم تجد نفسها إلا ومالت على كتفه تبكي بضعفٍ شعرت به حينما وجدت نفسها بدونه:

-كفاية اللي حساه من الصبح، أنا كنت حاسة والله إنك فيك حاجة، قلبي كان بيقولي إنك بتتوجع.

أبصرت وجهه بمقلتين حمراوتين كالدم، وشفتين مرتجفتين بتلقائيةٍ:

-مش أنتَ كنت دايمًا بتقولي إنك مستحيل توجعني بقصد، بس أنتَ بتعملها دلوقتي.

لم تنه الوصال بترك يده، ولكنها بالآخرى تسللت إلى قلبها الخافق بعسر في غيابه:

-أنا مش قادرة أخد نفسي من غيرك، فعشان كده قوم عشان خاطري، أنا عارفة إنك مش ممكن ترفضلي طلب.

دخلت الممرضة، ترمق حالتها بعطف دفعها للقول بنوع من الرفق:

-لو سمحتِ العشر دقايق اللي الدكتور سمح بيهم خلصوا، ولازم تطلعي.

رمقتها بنظرة سريعة كأنها لا تستوعب سرعة مرور الدقائق، تلك الدقائق التي لم تملأ ظمأ روحها، ترجوه على التحرك لعله يطمئنها لكنه كان ضائعًا في أزقة تفكيره المتفرع بتشتت:
***

تبددت فجأة ألوان الحياة التي لطالما أبدع في سكبها في حياة من حوله، بدلًا عنه لون أبيض لطالما لم يحبه، يمقته فـ حينما يراه لا يتذكر إلا الكفن الذي يلف في خاتمة القصة، ونظر إلى ملابسه بمقتٍ ود لو مزعها من عليه بلونها هذا إلا أنها كانت سراب، طيف نور يخرُّ كالمياه من بين فروج الأصابع، تنهد في ضيق وهو يشعر باختناق يطبق على أنفاسه يزيد من ضرباتها حتى لمحها، كانت كالغزال الشارد ترتدي فستانًا أبيض مطعم بزهور حمراء، وكان ذلك أول لون يلمحه بفضلها، فرغب في التأكد وهو يندفع صوبها يديرها لكن المفاجأة بل والصدمة أن يده اخترقت جسدها بدون تأثير فيها كأنه طيف !

معشوقة النجم - الجُزء الرابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن