33 (1)

426 16 5
                                    

الجزء الثالث والثلاثون
الجزء الأول

كانت جالسة في صالة المنزل تنتظر الغائب.. فهو الذي يُكاد لا يُرى منذ فارقته تلك المشؤومة.. وعديمة المذهب.. كما تسميها هي
كانت تنتظره هي، وقلبها القلق، وهواجيسها.. وأفكار الشيطان السامة التي توسوس لها بأنه قد أًصيب بمكروه

ولله الحمد دخل محمد، بوجه شاحب.. يضع عصامة رأسه التقليدية على كتفه

أم خالد بهم: محمد حبيبي.. وينك.. الحمدلله على السلامة.. وينك ياولدي خوفتني عليك

محمد بتعب اقترب منها وقبل رأسها: السلام عليكم أمي حبيبتي شحالج؟ شو ميلسنج لهالوقت؟

أم خالد: اترياك.. النوم مايهنى لي وأنا مب شايفتنك من يومين

محمد: موجود بس أشغال اطلع من وقت واخلص متأخر

أم خالد بعيون دامعة: ادريبك ترد.. أروَح ريحتك في الحجرة واشوف اغراضك

محمد تأثر: فديت قلبج يا امي

أم خالد: شوفيك حبيبي؟ انته مب ولدي الاولي.. شو استوا بك؟ شو سووبك اللي ما يخافون ربهم؟

محمد: مافيني شي يالغالية.. محد كفو يسوي بي شي وأنا ولد راشد وفاطمة.. والا شو رايج

أم خالد: خبرني يا ولدي اذا في خاطرك شي قوللي.. انا امك ان ما سمعت لك منو بيسمع لك

محمد ابتسم وحضنها: اخبرج عن شو؟؟ اماية تبين تاخذين مني علوم وهذا أسلوبج اليديد صح؟ اعترفي

أم خالد ما كانت تقدر تصدقه.. هزت راسها وقالت: الله يجبر بقلبك يا ولدي


***


كنّ جالسات في الصالة، يرتبن المكان ويتشاركن بعض الاخبار

عليا: مابتسيرين المعرض اليوم؟

شما تتمدد: لا الصراحة مافيني مول.. والبطاقة عادي اقدر استلمها باجر قبل لا يبدون

عليا: عيل شو بنسوي اليوم؟

شما: بتطمش عليكم.. عندي شي احلى عن المعرض

عليا: تراج مصختيها خلاص

شما: هههههههههه خلاص اسفة.. انزين استوت ٧ بتواعينه والا اسير انا؟

عليا بعد تفكير: انا بسير

شما: تعجبييني ايواا قردنيه

تجاهلتها عليا.. ومشت بتردد.. ولو لا طلبه الأخير لما بادرت، ولما عرّضت نفسها لهذا الكم الهائل من الاحراج

طرقت الباب فلم يجب، دخلت الغرفة ووجدته نائمًا بنفس الطريقة التي تذكرها

مستقيمًا على ظهره، وكأنه في طابور عسكري

اقتربت منه بخفة وهزته بأطراف أصابعها: خالد... خالد قوم استوت ٧

خالد مغمض: تعالي

عليا ارتبكت: هممم بغيت شي

خالد: ياية تواعيني؟ موافقة على الهدنة؟

هزت راسها بالايجاب وعقب قالت: بس شو هي الهدنة

خالد: يعني ما نطري الماضي أبدًا.. هاليومين.. نعيش اليوم بيومه.. وعقب خير

عليا: ان شاءالله


***


كانت تنتظر الوقت المقبول عرفيًا للاتصال، انتظرت حتى الساعة العاشرة ضحىً

بعد عدة ثوانٍ ردت أم مايد: السلام عليكم هلا أم خالد فديتج

أم خالد: وعليكم السلام أم مايد شحالج شحال العيال

أم مايد: الحمدلله ربي يسلمج، من صوبكم شحالكن وشحال ابوكم

أم خالد: الحمدلله رب العالمين.. والله يا أم مايد انا بدخل في الموضوع على طول مابطولها وهي قصيرة

أم مايد: آمريني فديتج

أم خالد: ما بامر عليج عدو.. نحن يا أم مايد اهل واخوان.. ومن سنين اهلنا يتعارفون ومتناسبين

أم مايد: صحيح

أم خالد: لكن اللي يستوي بصراحة غلط وحارق لي فوادي.. قلت ما لي الا اختي ام مايد اشكيلها يمكن تقدر تساعدني

أم مايد بتوتر: وشو اللي سمعتيه يا ام خالد

أم خالد: أم مايد ولدي مب هو الاولي.. مب هو والله.. اشوفه ما عرفه.. من يوم طلعت عنه بنتكم وهو غريب علي
لو لها حق عندنا والله ناخذه من رقبة ولدنا ونعطيها.. بس اللي تسويه ما يرضى به مسلم.. مرة تقول طلقني ومرة عيش في بيت اهلي وكل يوم طالعة بسالفة يديدة.. بالله عليج هذا سنع

أم مايد بتوتر: لا والله حشى لا هو سنعنا ولا هو مذهبنا.. بنتي انا بشوفها وبردها لو اني اكسر راسها ولا يهمج وبترد غصبًا عليها

أم خالد: ترد ويين يختي شكله ما بينهم الا الطلاق

أم مايد: الله يهديج يا أم خالد هذي مب رمسة.. هذيل يهال وتستوي بينهم مشاكل مايعرفون انها عادية وطبيعية.. اليوم يقول ماباها بس باجر بيغير رايه.. ولا تنسين انها حامل يمكن متوحمة في ولدج بعد ماتدرين.. والا حد عايننهم شافوهم ماشاءالله سمن على عسل

أم خالد: هيه والله انج صادقة مافكرت.. بس قلبي مقطعني على ولدي ومارمست الا من قهري عليه

أم مايد: ولا يهمج فطامي بنتي انا بشوف موضوعها.. محمد عزيز وغالي علينا كلنا وما نرضى عليه.. وان شاءالله انه وحام ويخلص

أم خالد: باذن الله.. يالله عيل سامحينا ان طولنا عليج والا غثيناج

أم مايد: مسموحة فديتج ولا يهمج


***


في المعرض

كانت شما في أشد حالاتها توترًا.. فهذه مشاركتها الأولى عالميًا.. وتعلم بأنها لم تكن لتحصل عليها لو لا فضل الله وتسخيره لعلياء وابنة العجوز

كانت ترتدي عباءة سوداء كالتي ترتديها في بلادها، على الرغم من اقتراح خالد وعلياء ارتداء ألوانًا أخرى أكثر قبولًا في المجتمع الغربي.. الا أنها أبت
أرادت أن يكون ظهورها الإعلامي الأول بشكل عربي وطني أصيل.. بلا تزييف ولا مجاملة
فما الفرق لو ارتدت فستانًا أسودًا كما تفعل الاجنبيات.. أو عباءة سوداء؟

كانت في غرفة استراحة الفنانين.. تجلس بتوتر وهي تقرأ سورة البقرة من هاتفها.. إلى أن أبلغوهم بأن ضيوف الحفل الرسمي قد وصلوا وأن الافتتاح سيكون بعد دقائق

نهضت وهي تدعو الله بقلب خاشع أن ييسر أمرها ويهديها لما يحب ويرضى

كانت آخر الخارجين، اتجهت إلى المكان المخصص لهم بعينين تبحثان عن خالد وزوجته.. وحزنت لأنها لم ترَهم

بدأ الحفل، وتحدث مدير المعرض وضيف الشرف الرئيسي ومن ثم تفرق الجميع إلى لوحاتهم وبدأ كل فنان بالحديث مع الزوار

انفرجت أساريرها عندما رأت خالد يرافق مجموعة من الرجال.. بأشكال تشابه مواطني بلادها

أحد الرجال: السلام عليج بنتنا

شما بخجل: وعليكم السلام

خالد: وهذي أختي الصغيرة شما بنت راشد ال***** .. وهاي لوحتها.. شو رايكم بها؟ "صد على شما" شما معاج سعادة السفير *******

شما بخجل: مرحبا

السفير: ماشاءالله بدون مجاملة يا بنتي لوحتج فارقة بين باقي اللوحات.. أصيلة وحية ولها معنى أصيل عكس الباقين.. يا ريت تشرحيلنا أكثر عنها

شما: بالحياة.. مثل ما تفضلت
جمال سائبة تشرب من مياه البركة.. وتحيط بها الجبال من كل الجهات
أغلبهم كان يرتوي من طرف البركة.. وقلة قليلة تجرأت تدخل وتتنعم بكل خيراتها
نحن مثل هالجِمال دخلنا بركة في منتصف الصحراء.. وسبحنا فيها.. واجهنا الانتقاد والسخرية في البداية لين نجحنا
تميزنا وتفردنا رغم الظروف الصعبة المحيطة.. ولا خسرنا أصالتنا ولله الحمد

السفير بإعجاب: ماشاءالله عليج ربي يحفظج يا بنتي.. كلامج ما عليه غبار.. ربي يوفقج.. عاد اسمحيلنا بناخذ صورة مع اللوحة ومعاج اذا ما فيها مانع

شما على طول لفت على خالد اللي ابتسم وهز رأسه بالايجاب.. واشر لها توقف عند لوحتها وهم وقفوا في الاتجاه الآخر

السفير: من وين استلهمتي هالفكرة المميزة

شما بعفوية: هذا منظر حقيقي شفته في آخر رحلة لي للصحراء

السفير باهتمام: صدق؟ وين شفتيه بالضبط؟ أي صحرا

شما: في بلادنا.. الربع الخالي

السفير: معقولة؟ بتكون بقعة مميزة إذا كانت فعلًا حقيقية

شما ابتسمت

السفير: الله يوفقج يا بنتي ويعطيج العافية ولوحتج ترانا بناخذها مابتطلع عنا

شما: مشكورين وماتقصرون.. بس بغيت اطلب طلب.. اللوحة اذا ماكانت عايبه سعادتكم لا تاخذونها مجاملة لي

السفير: بالعكس يا بنتي من يوم دخلت وانا عيني عليها.. هاذوه مدير المعرض وياي بعد

مدير المعرض بعد أن ترجموا له: نعم لقد كان سعادته يتحدث عن لوحتك منذ دخل المعرض.. ابدعتي ونتمنى لك التوفيق

شما: مشكور ومن ذوقك


***


توجهت أم مايد لغرفة بناتها بغضب

أم مايد: فطاااامي مسودة الويه تعالي

فطامي: هلا اميه آمري

أم مايد: مسودة الويه فاضحتني ومفشلتني من يوم يومج.. هاي سوالف تسويها الحرمة السنعة ويا ريلها؟

فطامي تأففت: اماية انا مب سنعة ولا اعرف السنع بس خلوني في حالي

أم مايد بغضب: الشور مب شورج وبيت ريلج بتردينه تراني عطيتج ويه

فطامي: لا والله اني ما برده.. والتجبر والغصيبة اللي ذقتها ايام ابوي الله يرحمه مابذوقها مرة ثانية لو شو تسوون

أم مايد بصدمة: انتي ترمسين امج يالخايسة؟

فطامي باست راسها: اسمحيلي امي ماقصد اطول لساني.. بس انا مابرد له قلتلكم لو شو تسوون ما بردله انا مرتاحة جي

أم مايد: وولدج؟؟ تخبلتي انتي

فطامي: ولدي شو بلاه؟ عادي يوم عند امه ويوم عند ابوه بيتدلع من الصوبين.. واذا بيشلونه عني بعد ماعندي مانع احسن بفتك

ام مايد: لا والله انج مب صاحية.. لبد محسودة.. هي والله.. هذا مب كلام بنت عاقل.. يبالج ماي مقراي فيه

فطامي: استغفر الله العظيم.. ليش محسودة بعد.. ومنو هاللي ماعنده سالفة يحسدني.. لو قايلة حاسديني على الفلوس والحياة بقولج يمكن.. بس عاد حاسديني على محمد قوية الصراحة

أم مايد ضربتها على ايدها: مابتتكلمين عدل يالخايسة

فطامي: آآآي اماية خلاص عاد شو هالمعاملة الهمجية ترانا متحضرين مب مثل اول

أم مايد: والله محد بييبلي الضغط والسكر غيرج.. فارجي يعلني ماشوف هالويه


***


سيف اتصل ببو عبيد وهو تحت وقع الصدمة: بو عبيد شفت الخبر اللي انتشر!!!

بو عبيد: أي خبر؟

سيف: أهل خالد ربيعي.. شايفين المكان اللي انته رمست عنه ورامسين عنه في الاخبار

بو عبيد انفجع: شووو

سيف: والله جدامي الخبر منتشر في السوشل ميديا

بو عبيد: طرشلي اياه اشوف

سيف طرشله: شوفه على الواتساب

بو عبيد بعد دقايق: هي والله.. هذي الغبية شو سوت

سيف: لازم نستعيل.. قبل لا حد يسبقنا.. اكيد بيلعوزون البنت الحين يسالون عن المكان

بو عبيد: غبية والله.. هالحريم مايتأمنن على شي

سيف يزجره: منقود يا بو عبيد ترمس عن أهل الريال

بو عبيد بغضب: تشوف الموقف اللي حطتنا فيه!!!

سيف: ماعليك منها.. الحين شو بنسوي

بو عبيد: لازم ترمس الريال بأسرع ما يكون.. هالتجار والمستثمرين اذا دخلوا بيخربون شغلنا كله ولا بنقدر نوقفهم


***

كانت الساعة الواحدة صباحًا.. لم تنم أي واحدة منهن

عليا: واعية؟

شما: هيه

عليا بتردد: اممم مادري اقولج والا اتريا باجر

شما خافت: شو مستوي؟

عليا: خبر عن القرية

شما استنكرت: القرية؟ وين حصلتي أخبارها؟

عليا: واحد مصورنها وكاتب "منظر بديع في صحراء الربع الخالي" والحين الناس محتشرة تبا اللوكيشن اللي يقول صدق واللي يقول جذب!

شما: تمزحين؟

عليا: انا مستغربة هم كيف عرفوا! يعني الرسامين كلهم رسموا لوحات عجيبة وغريبة شمعنى لوحتج اللي سوت هالضجة

شما والذنب ياكلها: انا بالغلط قلت انها صدق

عليا : من صدقج؟؟؟

شما غطت ويهها بايدينها بندم: عليا انا شو سويت!!

عليا: الله يستر.. الله يستر يارب.. ماعليه.. لعله خير.. لا تخافين

***

نامت بعد يوم مليء بالتعب.. فقد كانت تعمل مع أخواتها على تحريك الأثاث لاستعادة غرفتها السابقة

نهضت على شعور بلل دافئ وغير مريح.. وضعت يدها تتحسس الفراش تحتها ورفعتها كانت حمراء داكنة.. وماتحتها سوى الدم
شعرت بتجمد في خلايا عقلها.. دم.. وهي حامل؟
تشعر بأن كل ما حولها توقف للحظة.. لحظة.. ماذا عن جنيني؟

همست بعين جاحظة من الصدمة: حمدوووووه.. نزيف

فزت أختها: بسم الله الرحمن الرحيم أي نزيف!

فطامي بدموع في عيونها: مادري.. حمدوه ولدي عن يكون استوابه شي.. المستشفى.. دخيلج بسرعة

حمدة قامت: يلا بسرعة بزقر أمي

بعد ما يزيد عن النصف ساعة، وبعد أن أضاعت حمدة الطريق الصحيح أكثر عن مرة، وصلوا إلى المستشفى

كانت فطامي في الطوارئ تراجع كل كلمة قالتها عن هالطفل.. هي تمنت يموت.. عشان تنفصل عن محمد تمامًا.. بس ما تمنت يموت فعلًا.. في أم تتمنى موت طفلها؟

كانوا اللي حولها مرتبشين.. الممرضات يبدلون ثيابها والدكاترة متيمعين عندها.. تشوفهم يتناقشون في حالتها أصواتهم تعلى وتنخفض وأمها تصبرها
أما فطامي كانت كأنها مغيّبة.. وما في شي في بالها الا جنينها الميت

كانت حاطة يدها على بطنها وكأنها بتحميه.. هم يخططون ينظفون مكانه وينتزعونه منها.. صح تمنت يموت.. لكن إنهم ينتزعونه انتزاع؟

كانت تحس بفتور غريب.. لا يليق بالأم الثكلى

رفعت عينها شافت محمد.. ما تدري متى وصل.. وما تدري اذا كلمها أو لا
ركزت في شكله.. كان واقف قرب اليدار متكتف.. بكندورة بيضا وعصامة بيضاء ولحية مب مرتبة
كان واقف وكأنه هو الآخر يشوف مشهد سينمائي ما يخصه

مشى معاها إلى غرفة العمليات.. أدّى واجبه كرجل بالضبط مثل ما تعلّم من أهله
وقف مع أهلها.. ومعاها.. إلى أن طلعت من غرفة العمليات

قال بهدوء: الحمدلله على السلامة

فطامي كانت تبكي بنصف تخدير: محمد.. ولدنا مات

محمد: الله يعوضني

سار عند أم مايد.. باس راسها.. واستأذن.. بكل بساطة

***

كان هادئًا طوال الوقت.. يسمعهم يخططون لطريقة استئصال ابنه من رحم أمه بكل برود.. وكأنهم يستأصلون شعرةً من العجين

كان ينظر إليها.. لا تبدو متألمة.. لعله تأثير المخدر.. أو أن قلبها ميت بالفعل؟
المهم أنه غاضب.. ولا يستطيع تهدئة غضبه
منذ استلم الاتصال من والدتها وأبلغته بما حدث.. وهو غاضب
كلما نظر إليها تراءت إليه كلماتها.. ووقاحتها.. والاشد وطأة على قلبه.. تمنيها موت ابنه
ولعلّها كانت ساعة استجابة.. وتوفي ابنه في أكثر الأماكن أمانًا له.. وهو رحم أمه

كان يشعر بحقده عليها يتضخم مع الأيام.. والآن قد بلغ مبلغه.. وقطعت آخر أوصال الرحمة ما بينهما

أخذت حاجتها منه وهربت.. هذا ما فعلته بالضبط.. ولن يسامحها على فعلتها أبدًا

***

كان جالسًا مع عدد من وجهاء القبيلة، على يمينه أحمد وقبيصة، وعلى يساره أحد كبار القبيلة.. بدؤوا اجتماعهم بمناقشة آخر مستجدات القبيلة ومؤونة الشتاء إلى آخره

بصوت جهوري وواثق قال: نحن اليوم هنا.. لنعلن لكم خبرًا مهمهًا.. لا يخصني أنا وحسب.. بل عدد من الرجال، وفي مقدمتنا شيخنا العم القعقاع المجهجه

أحدثكم بمثابة أخٍ لكم.. لا شيخًا لقبيلتكم
أنا وأخوتي قد اعتنقنا دينًا جديدًا عليكم.. دين الإسلام
من يريد تعلّم ديننا فأهلًا به وسهلًا
وسيتكفل أخي أحمد بتنظيم محاضرات تعريفية بديننا وتدريس كل من يهتم بالإسلام.. ومن يريد البقاء على دينه فهو حر.. ولن يتغير عليه شيء.. نبقى أخوة بدم واحد

بدأ أحمد بالتعريف بالدين بشكل سطحي ومن جوانبَ مناسبة لبني جلمود.. كان يتكلم ويذكر النبي محمد.. وأصحابه.. وأهل الكفر.. ويذكر ما تعلمه من شما والقرآن باندماج تام

كان الجميع ينظر إليه بصدمة.. نعم كل القرية تعلم بأن حرب لم يكن متديّنًا.. ولم يمارس طقوسهم قط.. ولكن.. أن يتخلى عن دينهم الذي وجدوا عليه آبائهم.. بل ويدعو الآخرين لتقليده.. فإنها لكبيرة!

اشهر ثمّال سيفه بعين دامعة: الا ديننا يا حرب.. الاه يا حرب.. فحدّه السيف

حرب: على مهلك يا عم.. لست هنا لإثارة المشاكل.. لا والله.. ولكنني أود لكم الخير.. وأن نلتقي في الجنة.. الدار الآخرة

تبع ثمّال العديد من الرجال.. وخصوصًا المتديّنين والإمعات.. ومحبي المشاكل

تعالت أصوات الرجال مابين صدمة وغضب وسكت الجميع عندما نهض العم القعقاع.. فهو يعتبر من أكبر كبار القبيلة.. وأكثرهم احترامًا وهيبة

القعقاع بابتسامة: قد يتغير الدين.. واللباس.. والكلِم.. ولكن دمكم لا يتغير.. سلالة من لهب.. لا شيء أسرع من اشعالكم.. وسيفكم يسبق لسانكم.. هذا عهدي بكم يا بني جلمود.. ولا اظنه أمرًا قابلًا للتغيير

أما عن ديننا الجديد.. فكما قال شيخنا.. والله لم نرد بكم إلا خيرًا.. ومن آثر على نفسه.. فله الحرية بالبقاء على دينه.. ولكنني اتحدى منكم رجلًا أن لا يقتنع بهذا الدين.. وأن يمنعه منه شيء الا الكبر

ولو كان خطرًا على قبيلتنا كما تدّعون.. فلوقفت بوجهه قبلكم كلكم.. وأنا الذي قد قاتلت مع أخوتي الشيوخ كليب وضرغام من قبلكم.. سقينا هذه الأرض بدمنا نحن ومن تُوفي منا
وهذه القبيلة اعز علي من أهلي ونفسي.. ولكن الزمان يتغير.. ولو وجد الرجل الحق أمامه فلا بد له من اتباعه

الشيخ ثمال: أبعد كل هذه السنين تقول بأن دين آبائنا واجدادنا خاطئ

تدخل أحمد: يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٣ التوبة﴾

ثمال برعب: مالذي تقول؟

أحمد: هذا كلم الله الطيب.. يقول الله تعالى: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)

هتف الشيخ بتأثر: والله إنه لدين الحق وأنا أول المسلمين



نهاية الجزء الأول
من الجزء الثالث والثلاثون

سلالة من لهبWhere stories live. Discover now