2

967 21 4
                                    

الجزء الثاني

على بعد أمتار قليلة أرهف سمعه لتهب عليه أصواتٍ غريبة.. عقد حواجبه باستغراب.. وابتسم لا إراديًا عندما ازداد الضحك من حوله رغم أنه لم يفهم أي شيء مما قيل
شدّه فضوله وفكر بالتحرك والاقتراب منهن لاستكشاف هذا الكائنات الغريبة.. نظر إليهن باستغراب تام.. الشكل، الهيئة، الصوت، اللغة.. كلها خصائص لم يرى مثلها من قبل
شعر بالخوف لوهلة.. ولكن مشاعره تشتت ما أن تعالت أصوات الضحك مرة أخرى

شلّت خلاياه صرخة عالية أطلقتها علياء وتبعتها صرخة شما وحركة يديها أمام وجهها وكأنها تدفع الأذى.. فهرب حتى اختفى عن ناظريهن

شما: بسم الله بسم الله الرحمن الرحيم.. أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.. أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق (وجهت ناظريها لعلياء المستمرة بالصراخ وكأنها لقطة من فيلم كوميدي) بسم الله الرحمن الرحيم عليج عليا اذكري الله.. لا حول ولا قوة الا بالله.. أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

علياء تصاارخ بفم مفتوح: بمووووت شما بموت بموت مستحيل اللي شفته يا ماماااااااا جني جني اعوووذ بالله

شما بصوت مرتجف تحاول تهدئتها وإبعادها عن المكان: استغفر الله العظيم.. الله يحفظنا بحفظه يارب.. استغفر الله كل هذا لأننا التهينا بالضحك والسوالف ونسينا الأذكار

علياء: شما متفيجة أنتي تحللين والله بموت (مسكت ايدها وحطتها على قلبها) حسي.. والله قلبي بيطييح من مكانه

شما: لا حول ولا قوة الا بالله.. خلينا نتحرك نرد ونقرا على عمارنا خلاص لا تصيحين قطعتي قلبي

علياء بدموع تهطل من عيونها كأنها غيمة وأمطرت: شما شفتيه؟؟؟ شفتيييه جنييييي بسم الله الرحمن الرحيم.. والله في حياتي ما خفت مثل هالخوف بسم الله

شما تحاول تهديها: لا حول ولا قوة الا بالله.. اذكري الله بسم الله علينا.. والله طول عمري اسمع عن تلبس الجن على شكل الانسان بس أول مرة اشوف

علياء تحط ايدها على حلج شما: اسكتي اسكتتتتتييي لا تقولين اسمه عن ايينا مرة ثانية

شما: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم

مشين بعجلة خوفًا من لحاق الجني بهن إلى المخيم الذي يقع على بعد بضعة كيلومترات
كان المخيم وكأنه نجم وسط الصحراء الخالية من كل شيء عدا الاشجار اليابسة والرمال التي تمتد على طول العين

كان المخيم عبارة عن قسمين: قسم المسكن، وقسم المرافق العامة والترفيه
قسم المسكن كان عبارة عن مقطورات ممتدة بشكل طولي.. كل مقطورة خاصة بأحد أفراد الفريق.. والمقطورة الواحدة مزودة بسرير ودورة مياه ومطبخ تحضيري

أما بالنسبة للقسم الآخر فكان يضم عيادة متنقلة، مخزن، مختبر، مجلس ضخم، قاعة مخصصة للطعام، وقسم أخير مخصص للألعاب والرياضات المختلفة

شما: الحمدلله على السلامة مابغينا نوصل


علياء: الحمدلله

شما بمزحة ثقيلة: عن يكون لحقنا ونحن ما نشوفه

علياء انخطف لونها: لا بسم الله

شما تضحك: هههههههههههه أسولف وياج.. الصراحة ما توقعتج بتخافين لهالدرجة.. هذا وأنتي كبيرة!

علياء المحرجة من شلالات الدموع اللي غزت ويهها: ومنو قال ان العمر يخصه بالمشاعر؟؟

شما بطفولية: أنا جي اتخيل إني يوم بكبر خلاص بتغير وما بخاف من شي يعني بتعود على الحياة

علياء: لا يا حبيبتي.. يوم بتكبرين مابتتغيرين وايد.. يمكن تتجرئين أكثر وتكتسبين خبرة لكن الشخصية مب شرط تتغير.. أصلا بتكبرين بدون لا تحسين "بطريقة درامية ضربت قبضتها بكفها" جك بوم انتي كبيرة!

(رفعت راسها بابتسامة للشخص اللي واقف عند المخيم) وتكلمت الانجليزية بطلاقة: مرحبًا جاك

جاك: أهلًا عليا.. أهلًا شقيقة الدكتور التي لا تسلم على الرجال

شما بابتسامة: مرحبًا

علياء تكلم جاك: يبدو بأنك قد انجزت واجبك عن الدوك (الدكتور)
"جملة تقال عندما يستعد الشخص لمقابلة أحدهم"

جاك يضحك: ههههههه آه نعم.. فقد مررت بالكثير مع صديقي خالد وبالطبع أن شقيقته ستشبهه بالتصرفات

علياء بهمس: الا أنها ليست وغدة مثله

جاك يشاركها الهمس: ههههههههههه بالعكس هو شخص رائع إن تعرفتي عليه عن قرب

عليا: لست مهتمة.. سأوصل الصغيرة وألحق بك بعد قليل

شما لفت بطرف عينها: زين تذكرتي إن وياج حد.. لا يتناجى اثنان دون الثالث

عليا: أنتي جنج ابلة الدين اللي درستني في الاعدادي

شما: هههههههههههههههه.. يلا سيري برايج اعرف دربي

عليا بمزحة مترددة: أكيد؟؟ عن تضيعين ويردون علي بعد

شما فهمتها: ههههههه لاتحاتين بس شكلي أنا اللي بوصلج عن يطلعلج شي

علياء: خلاص النكتة ماتضحك اذا انعادت

شما: هههههه آسفة.. ولا تنسين اذكارج

***

ردت شما الغرفة تريح ورقدت بدون لا تحس.. قامت على طرقات على الباب
قامت تتثاوب بكسل وتحركت تسأل: منو؟

بصوته المحبب لقلبها: أنا


فتحت الباب ووقفت وراه احتياط عشان ما تبين للي برع الكرفانة

خالد: أعوذ بالله من هالرقاد خوفتيني عليج.. قلت يمكن شي استوابج!

شما تتثاوب للمرة الثالثة: لا ماستوابي شي مادري كيف مر الوقت ولا حسيت

خالد: وعاد فاتتج كل الصلوات "بعتاب" من أولها جي تسوين يا شما

شما حست بنغزة في قلبها يوم طرى الصلاة: الساعة كم جي؟

خالد يطالع ساعته: 9 الا ربع.. أذن المغرب والعشا ومايندرى مصلية العصر بعد والا لا!

شما فتحت عيونها: استغفر الله.. لا صليت العصر الحمدلله يلا باي بلحق على الباقي

خالد هز راسه وتحرك مبتعد: بترياج في قاعة الاكل

بعد ربع ساعة وصلت شما ولوّحت لها عليا بمعنى (أنا هني شاركيني) بس اعتذرت منها لأنها بتتعشى ويا أخوها

حطت صينيها على الطاولة: سامحني خالد ادريبك تتعشى من وقت وأنا اخرتك اليوم

خالد: ولا يهمج.. بس شو هالرقاد؟ ماحيدج ترقدين هالكثر! مسرع مليتي من المخيم

شما: لا بس اليوم طلعنا أنا و"بتررد" عليا.. تمشينا شوي حول المخيم

خالد بنظرة حاول إنها ما تكون مؤنبة: وأنا شو قلت؟

شما بتبرير: البنت عزمتني على الطلعة استحيت أردها.. وبعدين هي وايد طيبة ونسولف سوالف عادية ما تطرقنا لأي موضوع من اللي حذرتني منهم

خالد: الشيطان ما يقول للمسلم اكفر

شما بطولة بال: أدري بس بعد أنا ماحسها ممكن تضرني.. وبعدين أنا تربيتك وتحت عينك.. يعني لو تغيرت أكيد بتلاحظ علي! ولا تنسى إني بدخل الجامعة يعني بشوف أشكال وأنواع من البنات ويمكن يطلعولي ناس أخس عنها بمليون مرة.. خلني أخالط ناس غير عني وتحت نظرك.. بتعلم

خالد: عنبوه مطولة هاللسان.. محد يقدر يرمسج انتي؟

شما: ههههههههه حصوني قوية

خالد: انزين وين سرتوا؟ شو استوابج؟ معقولة المشي تعبج لهالدرجة؟

شما: هاي روحها سالفة.. اتخييييل شو شفنا

خالد بتركيز: شو؟

شما: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. شفنا قوم بو حرفين "كناية عن الجن" متلبس هيئة ياهل

خالد انصدم: ههههههههههه لا والله

شما: والله العظيم اسأل عليا بعد! مسكينة كسرت خاطري كيف يلست تصيييييح جنها ياهل.. توهقت ماعرفت كيف اسكتها

خالد بامتعاض: مابغي اسألها.. وبعدين تراج في أرض خالية طبيعي بيكون فيها جن.. اقري اذكارج وسمي بالله يوم تخطين

شما: ان شاءالله

***

تقلّبت على فراشها مرة أخرى ولم تعلم أهي المرة العاشرة؟ العشرين؟ أضاعت العد.. صورة ذلك المخلوق لا تفارق مخيّلتها

هل يبدو الجن هكذا حقًّا؟ لا تعلم لمَ شعرت بالشفقة عليه.. حتى وإن كان جنيًّا، فهو وحيد.. فالجن كما تعلم، يعيشون كعيشة البشر.. على دياناتٍ مختلفة، ولهم أطفال وأهل.. إذًا لم هو وحيد؟ هل يعقل أن يكون منبوذًا؟
رقّت مشاعرها عند هذه الفكرة

نفضت رأسها فجأة وكأنها تنفض ما بعقلها.. فهي تشعر بأن أفكارها بدأت تأخذ منحنى خطير.. وسألت نفسها: هل أشفق على جني؟

نظرت إلى الساعة المعلقة على الجدار، ثم رمت بغطائها على السرير.. كعادتها مؤخرًا لا تقطع صلاة القيام مهما حدث معها.. تشعر بأنها الوصل مابينها وبين الله
توجهت إلى دورة المياه المتواضعة، والتي لا تتعدى قياس المتر بالمتر ونصف وصُعقت من حرارة الماء المائلة للبرودة رغم أنهم في منتصف شهر أغسطس!

صلت وسلمت عن اليمين والشمال.. ثم رفعت يديها للرحمن وكأنها تحاول الوصول إلى السماء، وبكل خشوع صلّت على النبي وأثنت على الله، واستغفرت عمّا بدر منها بقصد أو بغير قصد.. دعت الله أن لا يبتليها الله في دينها وخواتيم أعمالها.. ودعت كثيرًا أن يهدي علياء ويصلح بالها.. فهي ترى فيها بذرة خير بغض النظر عن مظهرها.. ودعت أن يحفظ الله بلادها وأهلها ونفسها
وأن لا تختطف من قبل الجن!

وفي أول ساعات الصباح نهضت بكل حماس وجمعت عدتها في حقيبة ظهر قررت حملها.. سكين، وجبة خفيفة، ماء، عدة الإسعافات الأولية، قفازات، عدة الرسم.. ربطت حذائها الرياضي وانطلقت وسط نظرات ناعسة ومستغربة من علياء!

***

خلفَ أرطة كثيفة بأغصان رفيعة وطويلة، اختبأ مخلوق صغير.. ببشرة سمراء وعيون واسعة، ورموش كثيفة.. بشعر طويل غامق.. أشعث وأغبر كأنه تمرّغ بالتراب سبعًا

كان ينظر إلى نفس المخلوقة التي شاهدها بالأمس وأفزعته هي ورفيقتها.. رآها تخرج عصاةً خشبية فتحتها بطريقةٍ عجيبة وثبتتها على الرمل، وأتبعتها بلوح متوسط الحجم.. وضعته على العصاة الغريبة.. وبدأت تجول بناظريها حول المكان وتستنشق الهواء بقوة

فكّر بالاقتراب منها ولكنه تذكر صوتها العالي الذي أفزعه، وفضّل مراقبتها من بعيد.. إلى أن رآها تمسك بعصا صغيرة وتخط بها اللوحة بلون يشبه ثمار الدوم قبل أن تنضج.. كان مترددًا ما بين حماسه الطفولي ورعبه منها.. وغلبته طفولته كالعادة!

***

رأت انعكاس ظل يقترب منها وتجمدت حركتها.. لم تجرؤ على التحرك أو النظر خلفها.. ظل لسانها يلهج بذكر الله ويتعوذ من همزات الشياطين ولمزاتهم.. كررت الفاتحة عدة مرات ولم ترى أي أثرٍ لدعواتها.. فالظل بمكانه لم يتحرك

التفتت ببطء وهي تستعيذ من الشيطان والجن مئات المرات.. أنبت نفسها المتهورة التي لم تتعلم من درس الأمس وعادت إلى نفس المكان

بادلته النظرات بصمت خارجي تام.. وفوضى ورعب داخلي

اقترب منها قليلًا حتى بان جسده العاري، باستثناء قطعة صغيرة بنية، تغطي عورته
اقترب منها: أعطني هذا

شما بصدمة نظرت إلى إصبعه الذي يشير إلى قلم التلوين الخاص بها.. وبصوت متقطع قالت: هـ هذا؟

بابتسامة واسعة اقترب وسحبه: نعم هذا

شما بنفس الرجفة تفكر.. هل الجن يمرحون ويحبون التلوين أيضًا؟

بكل جلافة دفعها وبدأ يحاكي فعلها عندما كانت ترسم خطوطًا منحنية على اللوحة البيضاء

شما تحادث نفسها في نفس المكان.. هل شعرت به يدفعني؟ هل تحركت بفعل دفعته؟ ألم يكن من المفترض أن لا يمتلك جسدًا؟ وأن تكون حرارته عالية كما سمعت من أمها ونساء العائلة اللواتي يهوين الحديث عن الجن!!!

***

على بعد ما يفوق ال300 كيلومتر

في كلية الشباب

استجمعت كل مشاعر الثبات والجمود لتهدئ خفقات قلبها وارتجاف يديها
فتحت الباب وبكل هدوء قالت: السلام عليكم

الكل التفت فجأة: وعليكم السلام

الاستاذ من جنسية عربية باستظراف: شو يا بنتي مغلطة بالكلية

خولة: لا "وقفت بخجل تحرك ناظريها على الغرفة تدور بقعة تخلو من وجود أي رجل"

الاستاذ بلهجة شاميو: لَكَن؟ "إذًا"

خولة: أنا مسجلة في هالمساق

الاستاذ يصفق: اوووه.. اييه سمعنا انو في بنات هالصيفية بس ماتوقعت انهن بفصلي.. يلا يلا يا شباب هوب اعملولها مكان هالصبية الحلوة

من بين أزواج العيون اللي كانت تتطالعها مابين فضول وإعجاب واستنكار واستهزاء.. قاموا اثنين من الشباب في الصف الأمامي ورجعوا لورا

بنفس الهدوء يلست على الكرسي في صف مافيه أي حد غيرها
ولا علقت الا بـ "شكرًا".. وما تتوقع إن حد سمعها أساسًا

طلب الأستاذ من كل طالب يعرّف بنفسه.. يقول اسمه واسم العائلة، تخصصه، وليش اختار هالتخصص؟

مر الدور برتابة تامّة، كل الشباب جاوبوا بملل، أغلبهم كانوا من تخصص الهندسة الميكانيكية، والأسباب كانت تتباين ما بين "أحب المحركات، أحب السيارات، هوايتي من الصغر، الخ"

وصلها الدور وبثقة أعادت شحنها خلال جلوسها، قالت بالانجليزية: أهلا.. اسمي خولة ال.....، تخصصي هندسة صيانة طيارات، اخترته لولعي بالاختيارات النادرة والمميزة، خصوصًا وأن التخصص يخلو من النساء.. أحببت أن أكون أول من تخطو في هذا المجال

اعتلت همسات وضحكات ساخرة مرددة: بدينا فلسفة البنات/ عشان جي أكره البنات/ هذي شو يابها بيننا/ أهلها كيف خلوها تيلس فنص الشباب!

الاستاذ يقاطع الهمهمات: برافو والله يا بنتي.. بتعجبني البنت القوية متلك.. بتمنى لك كل التوفيق


***

في عرض الصحراء

علياء تحاول أن تكون نبرتها هادئة (بالانجليزية): يستحيل أن تطلع النبتة هنا كما قلت مسبقًا.. بناء على دراستي لحركة الشمس طوال السنة.. فهذا احتمال بسيط لا يتجاوز ال10٪

خالد بنفس النبرة: ال10٪ نسبة كافية بالنسبة لي لتمشيط المنطقة.. في كل الأحوال نحن هنا، ولا ضرر من بذل مجهود إضافي.. "نظر إلى الفريق" وعددنا يكفي لذلك ولن يكلفنا أكثر من يوم أو اثنين بالكثير!

جاك وقف وبسط يديه للأمام: اوووه يا رفاق لنهدأ.. ما رأيكم أن نعمل تصويتًا؟ "وعندما لقي استحسان الاغلب" الذي يؤيد علياء يرفع يده

في خلال ثواني رفع أغلب الفريق يده، صوّتوا لرأي علياء الذي أغاظ خالد.. وكبح نفسه من استخدام سلطته لكونه رئيس الفريق، وفضل الوثوق برأي فريقه رغم صدوره من شخص يبغضه

***

خارج المخيم

كانت تتأمله بصمت.. مبدئيًا هدأت
ولكن الحرارة في معدتها لا زالت متواجدة.. تبرد وتسخن مع كل حركة تبدر منه

كان يرسم خطوطًا عشوائية على اللوحة بأريحية تامة، وتمرّد لدرجة أنه بدأ يخرج بقية أقلام التلوين واختيار ما يشاء منها ليرميه عليها وبصيغة أمر يقول: افتحيه

وهي تنفذ الأمر بخوف وهيبة من أسلوبه الذي يبث القوة رغم منظره الطفولي الذي يعاكس طول قامته

فجأة رمى أقلامها بجلافة، بدون أن يغلق الاغطية بحركة "ترفع ضغطها"
وهرب بعيدًا.. وهي تتأمله بصمت واستغراب شديدين

***

عادت للمخيم بذهن شارد من النهار الغريب الذي قضته

قبل النوم بدأت عليا بروتين العناية اليومي الخاص بها.. وسط تأملات شما

فرّت (رمت) عليها علبة شفافة وقطن: امسحي ويهج بهذا التونر بدال لا تتطالعيني جي

شما: شو هذا؟

عليا تتطالعها: من صدقج ماتعرفين شو هو التونر؟

شما: امبلى اعرف اسمه مب غريب علي.. بس ما اعرف شو فايدته بالضبط

عليا: بيرطب ويهج ويهيئه لأي منتج تحطينه عقب

شما: هممممم وشو بحط عقب؟

عليا: بعطيج هالقطرات حطيهن على ويهج بتغذيه وتوحد لون البشرة

شما: ايوااا.. مب المفروض اغسل ويهي قبل؟

عليا: المفروض تنظفينه من الاتربة والوصخ بس اعرف انج بتتعايزين تقومين عشان جي عطيتج التونر.. بيساعدج بالتنظيف

شما باستغراب: ما تخافين يخلص عنج اذا استخدمته؟؟

عليا تحرك كتفيها بعدم اهتمام: عندي شنطة كاملة فيها اشكال والوان من المنتجات لاتحاتين.. اروم اشاركج واشارك 3 غيرج

شما: حشى شكله راتبج كله يروح على هالسوالف

عليا تضحك بغرور: هههههههه مسكينة شكلج ماتعرفين كم راتبي!

شما بتسرع: كم

عليا: مابخبرج عن تحسديني "بتهور قالت" اسألي اخوج راتبه أعلى عن راتبي وحتى لو حسدتيه ما بيفلس

شما تسويلها مالت "تكش" بايدها: بسم الله على اخوي الله يزيده ويبارك له



بعد فترة من الصمت

شما بارتباك: ااممم علياء؟

علياء بصوت هادي مركزة على شغلها: قولي

شما: اليوم طلعت برع المخيم مرة ثانية.. على أساس إني برسم العرقوب "ند/ كثبان" في زاوية حلوة

عليا تحثها على الكلام: هيه؟؟؟

شما بتردد: ...... شفت الجني مرة ثانية

علياء فتحت عيونها: جذااااااابة!!!! صدق والا بعد تنكتين نكتج البايخة

شما: لا والله صدق

علياء بهلع: انتي مب صاحية!!! عن يكون متلبسنج الحين بسم الله الرحمن الرحيم

شما: شسوي والله داهمني!!! كنت يالسة ارسم تووووني الا بديت اخط أول خط جان احصله وراي واقف.. أعوذ بالله.. ما تمت سورة ماقريتها ولا ذكر ما قلته في خاطري وبعده ما تحرك من مكانه

عليا: يعني تتوقعين يوم بتقرين القرآن بيختفي؟ ليش هو مسلسل

شما: استغفر الله العظيم شو دراني انا!!!! بس اتوقع عشان جي ما استوابي شي الحمدلله

عليا بزفرة: الحمدلله.. بس تحملي خلاص لا تطلعين فهالصحرا.. أعوذ بالله منه شو يبا فينا!

شما: عيل شو اسوي بروحي في المخيم!!!

عليا: والله عاد محد قالج اتيين.. تحملي.. كله ولا يدخل فيج جني.. عاد انا وحدة عندي شغل لين راسي مابغي اشارك الجن حجرتي

شما تخوفها: ترا يوم تذكرينها ايونج

عليا برعب: بسم الله الرحمن الرحيم علي شو هالكلام!

شما: شدراني عنج

عليا: شما اكتبيلي اذكار طرد الجن في ورقة والله أحس لازم اقراها صبح ومسا

شما: اقري اذكار الصباح والمساء تسدج

عليا: انسى ياخي! أحاول التزم فترة بس عقب اتعايز وانسى

شما: اذا تبين بذكرج كل مرة وبنقراهن ويا بعض

عليا: والله يبالي.. استغفر الله احس ويهه يتراوالي "يتهيء لي" في كل مكان.. يلا ارقدي خلاص ازعجتينا

شما فزت فجأة: ماراويتج رسمته!

عليا تتأفف: أي رسمة بعد؟

شما: رسمة الجني "قامت من مكانها تطلعها وهي تقول" اقولج كان واقف وراي وخذا الواني ويلس يشخبط على لوحتي

عليا: بسم الله انتي شو يايبة شخابيطه عن تكون تعاويذ وطلاسم!

شما: هههههههه والله ماستبعد.. بس لا تخافين قارية سورة البقرة بتحمينا باذن الله منهم "ترفعها" تاراااا شوفيها ما تذكرج باللوحات اللي تنباع في المزاد بمليار ومليارين؟

عليا باستخفاف: هذي ما ادفع فيها حتى ربع

شما بخبث: بس اتخيلي اقوللهم اللي راسمنها جني؟ هزرج بكم بتنباع؟

عليا: بيفرونج في مستشفى الامل ولوحتج هاي بيعقونها في الزبالة.. ويلا حبيبتي سكري الليت نبا نرقد ورانا شغل

***

عليا غمضت عيونها وغاصت في عالم الأحلام.. بينما كانت شريكتها في الغرفة تفكر وتفكر بلا توقف

أفكارًا سيراها معظم البشر جنونية.. ما بين منظر ذاك الجني.. وما بين اطمئنانها له
أفكار لم يأب عقلها الباطني إلا وأن يصنع لها حلمًا يحويها جميعًا
فتارةً ترى أنها تركض خلفه، وتارةً ترى أنها تتحول إلى جنية

حتى نهضت على اشعة الشمس القوية المتسللة من خلف الستائر
رأت خلو الغرفة من علياء.. تذكرت بأنها فوتت الفجر، استعاذت من الشيطان واستغفرت لتتوجه للوضوء والصلاة

صلت سنة الضحى وقررت الخروج إلى خارج المخيم للمرة الثالثة
وخرجت بكل نشاط إلى قاعة الطعام لتأخذ شطيرة خفيفة تمدها بالطاقة

خرجت إلى نفس المكان متظاهرةً برغبتها بالرسم واستلهام الأفكار من منظر الصحراء الساحر.. ولكنها تعلم يقينًا بأنها ترغب برؤيته، وما الرسم الا ذريعة

ولم يخيّب ظنها حيث جاء بعد فترة من الزمن.. وكأنه استأنس بها وسُعد برفقتها

كانت هي من لحقت به هذه المرة، وما أثار حماسها أنه ببدأ بالهرب منها والقهقهة بصوتٍ عالٍ

حركته ذكرتها بابناء أخوتها الذين يتناوبون على منزلهم باستمرار.. ولا يكاد يخلو منهم
فبالطبع هي كثيرة الشكوى منهم ومن إزعاجهم الممتد من أول الصباح إلى آخر ساعات الليل.. ولكنهم يملؤون حياتها.. فهم من تربت معهم وكبرت برفقتهم
لأن فارق العمر ما بينها وبين أخواتها النساء خصوصًا.. فارق كبير، وليس لها سواهم

نسيت كل الأفكار المخيفة عن الجن والشياطين وهي تراه يركض ويحاول الاختباء خلف الشجيرات الصغيرة.. جرت خلفه وبدؤوا يدورون في حلقات عشوائية حول الشجر
مشبعة بالضحكات الجريئة والعالية.. حتى ارتطمت بجسد يفوقها طولًا ببضعة سنتيمترات.. رفعت رأسها لترى وجهًا جامدًا كقطعة ثلج.. بملامح مصعوقة وعينان تكاد تقع من الصدمة

سلالة من لهبWhere stories live. Discover now