Part 11 : عبر عدسةِ إكستَاسي

10.3K 490 478
                                    

« توجد فلسفة و حِكمة داخل زجاجة نبيذ أكثر مما توجد في جميع الكُتب »

________________________________

خطى مترنحة ، ملابس سوداء بسروال ذو جيوب جانبية بلون رمادي داكن و قميص بنفس اللون بلا أكمام يلتف حول إنحناءات جسدها مبرزا فِتنتها..

تنقلت بين درجات السلم من واحدة إلى أخرى تُحرك جسدها على إيقاع الأغنية الصاخبة الصادرة من السماعات داخل أذنيها ، تمايلت بسلاسة و ليونة تشاهد إنعكاس ظِلها على الجدار أمامها ، كانت ترفع يديها عاليًا لتُداعب الفراغ بهما تارةً و تنزل بجذعها تارةً أخرى.

وصلت إلى الطابق الأخير لتقابلها تلك النافذة الضخمة التي كانت المصدر الوحيد للضوء هنا ، نافذة دائرية توسطت حائط الكنيسة في الأعلى لتُظهر من خلالها الجرس النحاسي الضخم ..

أجل فالموسيقى الصاخبة هذه قد خرجت من سماعات داخل جدران الكنيسة ، أغنية كانت كلماتها عن الثِقة المُطلقة و عدم شعور صاحبتها بالعار من أي أمر قد تُقدم على فعله..

مررت يدها على المِطرقة داخل الناقوس المُعلق بالحبال الغليظة من فوق متخطيةً بأقدامها الحبل الموصول به و بالأرضية الخشبية أسفلها والذي يساعد أثناء جره لاحقًا في قرعِ الجرس ، لطالما كانت النَواقيس تُقرع لأسباب عِدة كإيذانًا بحلول الصلاة و نداء الناس بقداس جماعي أو الزواج والجنائز لتُسمع خارج المبنى ..

حتى كان يُعتقد في التقاليد المسيحية قديمًا أن صوت نواقيس الكنيسة قد يَطرد العفاريت.

لكن الآن و لأن الليل قد لاح غياهبه و الوقت قد تعدى السادسة مساءً فقد رُبط حبله بالأرض إلى حين طلوع فجرٍ جديد ، تاركين العفاريت أمثال توفانا تتجول بحرية داخل الأماكن المُقدسة..

تغيرت الأغنية لأخرى كانت بدايتها شتيمة خرجت حروفها تتردد في فراغ العِليّة ، لعنت في سرها و حملت هاتفها لتغييرها لأخرى أخلاقية أكثر ..بينما لازلت تُحرك أطرافها بعشوائية رغم الهدوء الذي كان يغزو الجو ، لكنها شعرت بالملل كونها إعتادت على حياة الصخب و الليالي الماجنة داخل الملاهي..

رفعت بصرها نحو الجرس ذو اللون النحاسيّ بجانبها و تأملت الصليب الذي توسطه ، ثم و بهدوء شديد أغمضت أعينها و بيدها اليمنى وضعت أطراف أصابعها على جبينها إلى منتصف صدرها ثم كتفيها كإشارة الصليب .. هامسةً داخلها هاليلويا توازيا مع إنتشار صوت الأغنية بنفس الإسم تمجيدًا للرب.

إبتسمت و كأنها بهذا قد طهرت نفسها من الخطايا و إغتسلت بالماء المقدس داخل طقس المعمودية ، يكاد المرء يُجزم أنها لم تُعمّد كأي مولودٍ مسيحي قد غُرِق جسده تحت المياه ليُخلص من الآثام الأبدية... آثام آدم و حواء ، تحت مُسمى أن الخطيئة توَرث .

Protagonist | بطل الروايةWhere stories live. Discover now