Part 02 : خريطة برشلونة

16.2K 786 354
                                    


"أحب فكرة الشعور بعينيك نحوي كلما نظرت بعيدًا"

________________________

Flashback

"قبل أربع سنوات"

"متحف ديل برادو"

"أخبرني سيد ميندوزا ...هل رأيت شخصًا في أحلامك وأردت مقابلته يوما ؟ ..شخص غريب بملامح غريبة لم يسبق لك أن صادفته في الواقع؟ ..

أنا فعلت ..كان عبارة عن ظل رجل ما .. لم أميز ملامحه ولم أعرف إسمه ..فقط ظله..

إستيقظت بعدها وأنا أحدق بسقف غرفتي لدقائق ربما لساعة كاملة... كل ما أتذكره من ذلك الحلم هو ظله ..وصوت أنفاسه عند عنقي وهو يقول لي كلمات ترسخت في عقلي إلى يومنا هذا لم انساها قط..فقط إكتفيت بتكرارها عن إستيقاظي وكتابتها على مذكرتي كي لا أفقد الأثر الوحيد الخاص به ..أليس طفوليا ؟ "

هدوءه غريب كان ينظر إليها ويصغي لما تتفوه به دون أن يرمش فقط إكتفى بتدخين سيجارته بيد واليد الأخرى ممدودة نحوها ترسم على ذراعه شيئا ما بتركيز كانت قد طلبت منه أن تريه مهاراتها في الرسم بالقلم الجاف لكن حماسها قد جعلها تغفل عن وضعيتهم الآن ..

كانت قد أعدمت المسافة بينهما تجلس بجانبه وتمسك ذراعه بيد تقربها لصدرها لترسم بأريحية أكثر...يشعر بدفء أنفاسها يداعب ذراعه وهي بكامل تركيزها تدير يده تارة وتحركها تارةً أخرى لتعاين لوحتها الفنية .

لم يبدو عليه الضجر بل كان يبتسم باِستمتاع لحركاتها وتقضيبة جبينها وكيف أنها من العدم تتحدث في مواضيع غريبة وعشوائية كل هذا كان عندما طلب منها محادثته في أي شيء تريده..

رفعت رأسها عن يده عندما طال صمته ..فقابلتها أعينه السوداء وخصل شعره التي وقعت على جبينه كلما إنحنى ليرى تفاصيل الرسمة.. وهنا فقط إستوعبت أنها كانت قريبة منه ..قريبة لدرجة إحساسها بأنفاسه الثابتة تضرب وجهها
كان ينظر لها بهدوء إلى أن سقط بصره على شفتيها ثم بثبات أعاده مرة أخرى لعينيها ..
ثباته هذا جعلها للمرة الأولى تتسائل كيف لها أن تعجز عن فهم مشاعره الآن؟ كيف لها أن تكون قريبة منه لهذه الدرجة لكنها عاجزة عن ترجمة ملامحه؟ ..والأهم كيف لها أن تكون قريبة منه أساسًا وهي التي إلتقته الليلة فقط؟ .. شعورها بالإطمئنان ناحيته كان غريبًا ..ذلك الإطمئنان المفاجئ قد جعلها تشعر بعدمه فجأة..

حمحمت تكمل ما كانت تتحدث به وهي تبعد يده قليلا عنها و تعتدل في جلستها بوقار كأنها تغطي فكرة شرودها في ملامحه..

" كانت أمي تقول أن الشيطان يتجسد في أشكال عدة يتسلل داخل أحلامنا فلو رأيتِ رجلاً وسيما يحاول التقرب منكِ لا تنظري إلى عينيه إن فعلتِ فسيستحوذ على تفكيرك إلى الأبد ...إن الشيطان في الأحلام كان يأتي بالأشكال التي نحبها ..يأتي ليجذبنا نحو اللامكان فنستيقظ بعدها عالقين هناك عند تلك الذكرى .. غير قادرين على التخطي ولا الرجوع لنفس اللحظة وإكمال ما تبقى منها ..لكنني .. "

Protagonist | بطل الروايةWhere stories live. Discover now