Part 24 : حرشفة ذيلِ حورية

6.9K 381 308
                                    

«لنغرق معًا قرب جزيرة نائية..
ونقفز لعالم موازٍ حيث باِستطاعتنا التحليق لكننا غير قادرين على التنفس..

فتُشفى فريدا من الشلل وتمنح بعضًا من أنفاسها لفينسينت..

ويختفي الكيان الأسود خلف أعناقنا فتكون أنت القرش وسأكون أنا الريمورا»

__________________________

"...ولكنني أكتب لأخبرك بأنني سأطلق سراحكَ وأنني سأبترك أيضًا مثل ساقي ..."

كتبت فريدا كاهلو آخر كلماتها لزوجها وكان هذا قبل دخولها إلى غرفة العمليات بدقائق، رسالة متضادة بكلمات متضاربة ما بين الحب والكراهية، الغضب والهوس، دونت فيها مشاعرها ناحية الخائن دييغو تعلمه بأنها على وشك الدخول ليقطعوا لها ساقها بعد أن أخبروها بضرورة البتر بسبب تفاقم المرض وتدهور حالتها.

فريدا تلك الرسامة المكسيكية التي ولدت في رحم المعاناة لم يكن المرض، الشلل والحوادث التي مرت بها في حياتها هي ما جعلتها تترسخ في عقول البشر فقط، بل كان تعلقها الشديد بزوجها رغم خيانته المتكررة لها التي لم تتوقف مع العديد من النساء فحسب فقد خانها حتى مع أختها، رغم كل هذا تمسكت فريدا به وأحبته متجاهلة قبح شكله وعدم إحترامه لها.

وبطريقة غير متوقعة لم تؤثر فيها أخبار استعدادهم لبتر ساقها بل قالت له في رسالتها أنها أصبحت بالفعل تلك المرأة المشوهة بعد فقده.

ذلك التناقض جعل رسالتها من أكثر الرسائل المؤثرة وأكثرها عمقا وترجمة للنفس البشرية التي تأبى إفلات ما يؤذيها في كثير من الأحيان، ورغبة البشر بالتعلق بشيء حتى وإن كان لا يستحق كل تلك المعارك القائمة من أجله.

وختمتها فريدا بأنها إذا كان هناك أي شيء ستستمتع به قبل موتها هو عدم رؤية وجهه وهو يتجول أمامها، مودعة إياه بكونها شخصا مجنونا يحبه بشدة، وكأنها تعرف جيدا تناقضها لكنها لا تأبه بإظهاره لآخر لحظة..

بترت ساقها وكل شيء متعلق بدييغو ذلك القبيح الخائن وعاشت بعدها وهي متأكدة من أن الشيء الجيد الوحيد الذي تعلمته من هذه الحياة هو أنها بدأت تعتاد على المعاناة، ذلك الإعتياد جعلها تتأقلم مع كل تلك المأساة بداية من مرضها إلى قصة حبها وهوسها بزوجها.

تركت لنا أيقونة الكفاح أقوالا وكلمات أصبحت تنعكس على البعض منا وتعبر عما نمر به من تجارب نفسية مؤلمة..

بعضها يمر دون أن يترك داخلنا أثرا، والبعض الآخر نضطر لاِستئصاله عبر بتر شيء ما فينا وخسارتنا لأعز ما نملك..

إما هجر مكان و التخلص من ذكرى، أو حتى فقدان العقل كله...فننسى وننتصر لكننا نُجن.

داخل براثن قلعة أغلقت أضوائها لأن شمس نابولي تسللت عبر نوافذها العالية تنشر نورها لتُظهر الصور المعلقة على طول جدرانها، أشعة صفراء باهتة سطعت على صور أسلافهم و الزعماء السابقين لعائلة عريقة بسطت أجنحة سُلطتها في العالم السفلي..

Protagonist | بطل الروايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن