عبدالمجيد البحيري ... والده ابن عم شقيق لهاشم البحيري..
حاصل على الثانوية ، لم يكن يحوز سوى خمسة افدنة ، الا انه من النوع المتكاسل والكسول فلم يعهد الى تنميتهم كما فعل ابن عمه هاشم الذي ظل يجتهد ليلا ونهارا حتى وصل الى ان يصبح احد كبار الملاك في مديرية الغربية باسرها
ولم يكتف هاشم بالزراعة فقط، فدخل الى مجال الصناعة وتربية الماشية والخيول الاصيلة
ورغم ثراءه الذي جاء نتيجة جهد دؤوب لاكثر من اربعين عاما لم ينسى هاشم ابناء عمومته
فكانوا هما المشرفين على زراعاته واطيانه وهما المراقبين لكل ما لديه من عمال وغيرهم
بل حتى ابنائهم كان يلحقهم بالعمل لديه بمجرد تخرجهم وبمرتبات مرتفعة تحفظ لهم كرامتهم وتضعهم في الطبقة الوسطى
ورغم ان عبدالمجيد نفسه يشرف على حدائق الفاكهه باكملها ويمنحه ابن عمه راتبا يجاوز راتب وكيل وزارة انذاك ، الا ان الرجل كان عيبه الوحيد هو الطمع
يطمع الى ما في يد غيره ، يحسد الغني دون ان ينظر الى الاسباب التي جعلت منه غنيا
كانت له امنيتان ينام ويستيقظ عليهما ، اولهما موت عمه هاشم ليأخذ هو وابنائه نصيبهم في تركة هاشم المثقلة بالخيرات ، والامنية الثانية ان يتزوج ابنه عماد من حبيبة
فزواج ابنه بها يضمن ان كل املاك هاشم البحيري ستؤول بعد فترة الى حفيدته وبالتالي الى ابنه (عماد) خريج كلية التجارة والذي يعمل بدوره رئيس الحسابات لدى هاشم ويحصل على راتب شهري يفوق احلام اي شاب في سنه
كان عبدالمجيد يحث ابنه على ان يظهر دوما بملابس انيقة وجديدة ليلفت انتباه حبيبة
غير ان هناك شيء واحد نسيه عبدالمجيد في تخطيطه البعيد المدى هذا..... خالد
الوريث الثاني وشريك حبيبة في املاك هاشم البحيري ، لم يكن يعلم بامر هذا الحفيد قبل ذلك
فقصة ابنة هاشم التي تزوجت بالصعيد كانت قد اغلقت صفحاتها على مدار سنوات ولم يكن يعلم احدا بتفاصيلها واكتفى الجميع بالاعتقاد انها ماتت بعد زواجها مباشرة وغيره من الامور
كان ظهور خالد بمثابة السيف الذي شق احلام عبد المجيد الى نصفين ، بل هو هكذا حرفيا
فالتركة الان ستنقسم على الحفيدين ولن ينال احد من العائلة شيئا ، فهاشم ليس بالرجل الغبي ليترك ثروته دون ان يقسمها رسميا قبل وفاته بين حفيديه
كانت بداية ظهور خالد في حفل نجاح حبيبة اصاب عبدالمجيد باحباط ويأس شديدين
اما الان فان ما اصابه اشبه ما يكون بصاعقة احرقت كل امنياته ، وقضت على كل ما حلم به من تركة عمه العجوز
لقد راى خالد اول مرة وتصور مثله مثل الكثيرين انه قادم من الصعيد فلاحا بسيطا لن يرقى الى المواجهة امام عائلتهم الراقية
حتى فوجيء بما حدث في عيد ميلاد حبيبة ، وظهور خالد بشخصية لم يكن احد يتوقعها
فالشاب اصبح بين عشية وضحاها حديث المدينة
ومن لم يحضر الحفل وصل اليهم حكايات بناتهن وابنائهن عن وسامة واناقة ذلك الحفيد ذو البشرة القمحية والعينان العسليتان والشعر الناعم ، وثقافته ومستوى تعليمه الذي يفوق مستوى تعليم ابنائهم
وفقد عبدالمجيد الفرصة والحلم في ان تكون حبيبة هي عروس ابنه
فابنه عماد .. وبجوار خالد لا وجه للمقارنة بينهما مطلقا ، فابنه لا يحمل من الوسامة ما يجعله يتفوق على خالد امام عيني انثى جميلة مثل حبيبة
ليس هذا فقط ، فان حديث ابنته ثريا يوم كان خالد يقوم بترويض الفرس الجامح اثبتت له ان هذا الشاب يملك شجاعة كبيرة وقلبا لا يهاب الخطر ، وليس من ذلك النوع الخانع من المدللين من ابناء الاسر الغنية ، وصفة الشجاعة تحديدا علاقتها بعماد كعلاقة راعي اغنام بفن البالية ..لاتوجد علاقة مطلقا
فابنه شديد الخوف من اشياء كثيرة ، بل ربما لا يوجد شيء لا يخاف منه
اما خالد ولانه تربى وعاش حياته بالصعيد فهو يحمل شخصية قوية وحضورا، وهيبة ورثها عن اسرته بالصعيد، والتي لا تقل شانا وثراءا ومكانة عن اي اسرة ارستقراطية هنا سوى اختلاف الثقافة والعادات، وما قام به في فترة قصيرة في مجال اعمال جده لم يدع له مجالا للشك انه امام رجلا حاد الذكاء ، قوي الشكيمة ، يعرف كيف يدير المال ويحافظ عليه
لم يمضى على وجوده بضعة اشهر فإذا به يؤسس مصنعا للحرير ، فكرة لم تخطر على بال هاشم نفسه طوال سنوات كفاحه ، فكيف بعد سنة او خمس او عشر سنوات ؟
قضى عبد المجيد ايامه في حسرة على فقدان حلمه الذي كان سينقله الى مصاف الاثرياء بسهولة ، دون جهد او عناء
فالصورة بدت واضحة له وللجميع ، لن يفوز بحبيبة سوى خالد
ليس فقط لقرابتهما لبعضهما ، ولكن لان احاديث الصالونات والغرف المغلقة اظهرت انه لا يناسب فاتنة شقراء مدللة مثل حبيبة سوى ذلك الشاب الوسيم القمحي البشرة
ظهر خالد بشخصية جعلت الكل يدرك انه هو .. هو فقط من سيفوز بحبيبة..وقلبها
YOU ARE READING
انت لي ..أنتِ لي
Romanceخطط الله عز وجل لحياتنا عظيمة لاندركها بداءة لكن فيما بعد نتيقن انه ما من خطة كانت ستصبح بمثل هذا الجمال سواها
