فصعد الخادم ليطلب منه الحضور ، وهنا اسقط في يد حبيبة فالتفتت الى نادية وثريا ويكاد وجهها ينفجر من الغيظ ، طاطات حبيبة راسها وهي تتخيل نظرة المدعوين لدى رؤيتهم لابن عمتها الفلاح بعمامته وجلبابه ، وساد الصمت فجاة والعيون تتجه الى الخادم في انتظار ظهور خالد معه

اغمضت عينيها .. تسمع خطواته وهو ينزل اليهم ، تقرأ في هذا الانتظار الصامت فضيحة ظهوره امام الحضور ، فتحت عينيها ببطء تجاه ثريا ونادية لتجدهما تنظران مشدوهتين الى اتجاه السلم ، كانت تعطي ظهرها له ، وشعرت بأن ثمة أمر غير مفهوم يحدث، فنظرات الموجودين تبدو متعلقة بشيء مثير ، استدارت وهي تدعو الا يلحظ احد ملامحها المستاءة من وجود ذلك الفلا.......

وتلقت الصفعة هذه المرة ، خفية تزلزل كيانها

لم تصدق عينيها ، بل مسحت عينيها بمنديلها الحريري حتى تتاكد ان بصرها لا يخدعها

فامامها يقف خالد .. لا .. غير معقول ان يكون هو

كان خالد في تلك اللحظة يشبه اميرا خرج من رواية رومانسية خيالية

يرتدي بدلة بيضاء وشعره الاسود اللامع مسترسلا حول وجهه وجانبي راسه .. يتطاير مع كل درجة ينزلها من السلم ، نقلت حبيبة بصرها على المدعوين وهي ترى الانبهار واضحا على العيون ، ما بين حسد الشباب واعجاب الفتيات

كيف يمكن ان يكون من بهذه الوسامة والاناقة هو خالد ..الفلاح ؟

احست بالارتباك والحيرة ، وكأن موجة غباء تضرب عقلها بقوة

كيف هذا ؟ كيف يمكن لهذا الفلاح ذو الجلباب والعمامة ان يتحول لشخصية اخرى على النقيض منها تماما ؟؟

الامر ليس مجرد ارتداءه البدلة فقط ،لقد ظهر لها واضحا من الثقة التي يمشي بها خالد انه معتادا ارتداء هذه الملابس ، ويتعدى ان يكون تغيير مؤقت بمناسبة الحفلة

تقدم خالد نحو جده الذي لم يخفى انبهاره بحفيده الذي فاق في وسامته واناقته كل الموجودين بالحفل ليتلقفه بين ذراعيه ويعانقه بسعادة وهو يهمس له مازحا:

لقد ورثت جاذبية جدك ايها الشاب ..ان لك ان تختار عروسك

ابتسم خالد لجده وهو يهمس له في اذنه : امامنا الكثير ايها العجوز.. الطريق اليها لا زال صعبا

اقترب خالد من حبيبة وهو يرى الدهشة التي لم تزل تعتريها وعجزت عن اخفاءها وسالها ووجهه يبتسم :

ما بك يا ابنة خالي ؟ كانك ترينني لاول مرة ؟

همست له باندهاش واضح

اين خالد الفلاح البسيط ؟

نظر في عينيها نظرة خفق لها قلبها مجيبا : خالد هو خالد .. ام أن الملبس هو من يعطينا شخصيتنا ؟

خفضت راسها في خجل واشار خالد الى احد الخدم الذي احضر هديه كبيرة قدمها خالد الى حبيبة مهنئا وسالته عن هديته ، فتكفل جده في هذه اللحظة بالرد على سؤالها بصوت مسموع للجميع : هذه الهدية بفضل مجهود خالد ...

وفتح الهدية واخرج هاشم منها لفافة كبيرة من قماشا حريريا لم ترى عيون الحاضرين اجمل منه واستطرد هاشم باشا قائلا بزهو: هذا القماش هو باكورة انتاج معاملنا لانتاج الحرير الطبيعي

وهذا المعمل باكمله هو فكرة وتخطيط وتصميم وادارة حفيدي خالد .. المهندس خالد

اصيبت حبيبة بالذهول وهي تسمع جدها يعرف خالد بلقب مهندس ، فنظرت اليه بتساؤل ودهشة لتاتيها الاجابة من جدها مرة اخرى :

اظن ان البعض راى حفيدي بجلبابه وعمامته ، وهذا يعود الى ان حفيدي ولد ونشأ في صعيد مصر ، ولانه سليل عائلتين كبيرتين وعريقتين فما كان له ليشعر بالخجل من اصله وتقاليد اهله ،وهو سيسافر بعد شهر لاستكمال رسالة الدكتوراه بلندن .. على ان يعدني بتقدير عالي يرضيني

احتضنه جده بفخر وسعاده مرددا : هيا لنطفيء الشموع

اطفاوا الشموع وقدموا التهاني والهدايا الى حبيبة ، والتف حول خالد مجموعة من الشباب والفتيات وخاصة ثريا ونادية ، اللتين لم يجدا غضاضة في ان يتعلقا بذراعي خالد ، وهما يقدمانه بصفته ابن عمتهما ايضا 

انت لي ..أنتِ ليWhere stories live. Discover now