٢٤- همسات شياطيني

368 41 5
                                    

«منذُ متى و القدرة على التنفس تطلبُ مني شعور كهذا؟»- زارا يانج -

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

«منذُ متى و القدرة على التنفس تطلبُ مني شعور كهذا؟»
- زارا يانج -

-

- سبتمبر، ١٨٤٠. برمنجهام

بالتأكيد، ستبدو تلك الكلمات فوضوية، فلا شيءٌ الآن يسير وفق المنطق، و لا شيء أيضًا يبدو صائبًا.
حتى و إن قصصتُ لكَ الآن كيف أنني أجلسُ في حانةٍ تقع في برمنجهام أحتسي الشاي الدافئ، لن يكون ذلك منطقيًا أيضًا.

لقد فكرتُ بكَ كل نهار، و لم يخلُ رأسي منك و لو لليلةٍ واحدة. و كلي شكوكٍ عظيمة إن كنت قد نسيت أمري بالفعل. و كُلما تذكرتُك، تردد في مسامعي صوتُك و أنتَ تخبرني بلسانِك أنك ستحرص على ألّا تراني مُجددًا، فكيف لكبريائي أن يسألك المساعدة قط في حين اخترتُ أنا أن أُقصيكَ بعيدًا عني؟

بل و يثير شفقتي تجاه نفسي حينما أجدني أحادثك بصيغة المخاطبة، و أنا أعلم أنكَ لن تسمع قط لأفكاري. لقد فكرتُ بكَ حتى كدتُ أن أراسلَك، إذ كنتُ وحيدة للغاية طوال الأشهر السابقة - أو في الحقيقةِ أثناء الشهور الأولى قبل أن يأتي الصيف - و قد كنتُ أعرف جيدًا أنك ستنصت إلى شكواي، و ما كان أكثرها!

و كيف لِي أن أبدأ؟ فقد حظيتُ بالعديد من خيبات الأمل بِدايةً من قراري بافتراقي عنك، ثم وصولي خبر رحيلك إلى رحلةٍ في أوروبا.

و أخيرًا.. الخبر الذي لا أعرف كيف أن أصيغه، و هو أبي الذي قررَ إرسالي بعيدًا إلى يورك.

لقد قلتُ ذلك.. لقد كان صيفًا حافلاً!

     "لوسي.. اُنظري، لقد انتهيتُ للتو!" جذبت انتباهي بيلي الصغير الأصهب الذي لم يتخطَ التاسعة بعد.     
    
و حتى لا تكون الأمور فوضاوية أكثر، سأحكي ما حدث في لندن أولاً، و كيف انتهى بِي الحال في حانة متواضعة في الطريق إلى برمنجهام، أُدرِّس الأبجدية لـ بيلي الأصهب.

لقد مضت خمسة أشهر منذُ لقائنا الأخير.

     بعد أن انقضت الأسابيع الأولى، انتظرتُ منكَ أن ترسل لِي خطابًا تطلبُ فيه رؤيتي، أو حتى أن تفعل ليدي إيڤانز ذلك نيابةً عنك، و بعد أن انقضى أسبوعين عرفت فيهما أنكما قد رحلتما إلى الريف مجددًا، أدركتُ أن تواصلك معي أصبح مستحيلاً. و لا زلتُ خجلة من تفكيري في ذلك الأمر بعد ما حدث بيننا هُناك في قصر ليدي كاثرين.    
    
     كانت هُناك أحاديث تتردد بعد ذلك الحين على المسامع، مثل الفتاة التي شوهدت مع رجل مجهول الهوية بمفردهما متواريان عن الأنظار في حفلِ ليدي كاثرين الأخير. لا أعلم كيف انتشر الخبر بتلك السرعة، و لا أدرك كيف وصلني، أو حتى كيف أنني لم أنكر أنه قد يكون أنا.
    
     قِيل أن تلك الفتاة قد تبادلت القبل برفقة ذلك الرجل، و أن ذلك الرجل ليس من لندن، أمّا الفتاة فنعم، والدها رجلٌ معروف. قِيل أيضًا أن سمعتها ليست جيدة، و ذلك لن يُشكِّل فارقًا على أيةِ حال.    
    
     و في الحقيقةِ، كل ذلك كان صحيحًا بشأني، عدا أمرٌ واحد فحسب، و هو أننا لم نتبادل القبلات.
    
    أخبرتني هارييت بتلك الأحاديث، فأبلغت ماكسين بكل ما سمعت، فأخبرتني حينها بأن أنكر أي تهم قد توجه نحوي، فالشكوك الناتجة عن النكران أفضل من اليقين.
   
    كانت لا تزال الأمور بخير، قبل أن يسمع والدي بالخبر. فبعد أيامٍ قلائل فقط زرتُ السيدة بيرنارد في يومٍ كاد أن يقتلني فيه الملل. و قبل أن أسألها عنك، سبقتني و قالت في نبرةٍ آسفة و كأنها كانت على درايةٍ بما يدور داخلي نحوك "هل عرفتِ أن چون بلاك رحل إلى باريس؟ لقد عرفتُ أنه سيبدأ جولتَه الصيفية عبر أوروبا."
   
و حينها علمتُ أن اللقاء بمحض الصدفة قد أصبح مستحيلاً تمامًا.

الجميلة و هاديسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن