٨- القصر الزجاجي

546 55 12
                                    

(قاعة هاردويك)

«لقد وقفتُ في معزل، و لكن الشعور بالعزلة كان أمرًا تعودتُه و ألفته، فلم يوقع في نفسي كثيرًا من الأسى

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

«لقد وقفتُ في معزل، و لكن الشعور بالعزلة كان أمرًا تعودتُه و ألفته، فلم يوقع في نفسي كثيرًا من الأسى.»
- شارلوت برونتي -

-

- قاعة هاردويك بمقاطعة ديربشاير،
الخامس و العشرون من ديسمبر، ١٨٣٩

     في غرفةِ واسعة، قد شكلت النوافذ نحو الخمسين في المائة من حوائطها الأربعة، جلسَ على مقربةٍ من أحد النوافذ، مُثبتًا اهتمامِه على قطعةٍ من الخشب في يدِه اليُسرى، و إزميل صغير الحجم في اليد الأُخرى. كان الإزميل يغوص بسهولة بين طبقات الخشب مُشكلاً حُفرًا تارة، و وديانًا تارةً أُخرى، ناثرًا نشارة الخشب في غير اهتمام في الأرجاء - على الأرض المُغطاة بسجادٍ عتيق، و معطفَه من صوف الڤكونة، و بنطاله الذي ارتداه للمرة الأولى للتو.

     "ماذا تفعل؟" ارتفع صوتٌ أُنثويّ هادئ من خلفِه، فهمهم في اقتضاب بسبب اهتمامِه بما بين كفيه "أُفكر.." اقتربت صاحبة الصوت منه حتى يُصبح بإمكانِها أن ترى ما يفعله جيدًا، ثم جلست بعد ذلك إلى جوارِه مُتسائلة "ما الذي يشغل عقلك؟"

     إلا أنها لم تجد منه إجابة، و في الحقيقة لم تتوقع منه الكثير حتى رفعَ منحوتته الصغيرة لتصبح في مستوى نظرها مُتسائلاً "ما رأيك؟" كانت منحوتة أُخرى مجسمة من أزهار الأُقحوان، فأجابت الأخرى دون تردد "اعتيادية.." لم تكذب في ذلك، فهو لم يفعل شيئًا في الآونة الأخيرة عدى صنع أزهار الأقحوان الخشبية.

     "لم يعد يروقك ما أفعله." تجهّم على الفور تاركًا ما كان يصنعه، و قد عقد ذراعيه أمام صدرِه مُحتجًا. فضحكت السيدة منه مُستمرة في إغاظتِه "بلا، لم تعد مُبدعًا كما كنت." فتهكم مُدافعًا "ماذا عن اللوحة؟ لقد أغرقتيني حينها بكلمات المديح، ألا تذكرين ذلك ليدي إيڤانز؟" مما ازدادت ضحكاتِها أكثر "لقد كنتُ أُنافقك حينها."

     لقد كانت تكذب تلك المرة، فلوحته السابقة قد استطاعت أن تأسرها من أول وهلةٍ، و حتى الآن لا تستطيع معرفة كيف أنه صوَّر كل شيءٍ بطريقةٍ رومانسية بِدءًا من الأزهار، إلى الفراشات، مُنهيًا اللوحة بلمسةٍ خاصة منه لا تدل إلا على موهبتِه الرائعة.

الجميلة و هاديسWhere stories live. Discover now