«في كلِ امرأةٍ ثمة أربع نساء غامضات، تفكرن بالتناوب كيف تُكذب الواحدة منهن الأخرى.»
- كاميلو كاتشيلو برانكو --
يحتاج الجنين إلى ستةٍ و ثلاثين أسبوعًا حتى تكتمل رئتيه نموًا، مائتان و اثنان و خمسون يومًا بالكامل. لذلك لم تحظَ رئتاي ذات التسعة و العشرين أسبوعًا بالوقتِ الكافي حتى تُصبح جاهزة لاستقبال الهواء. أمّا عن هرولتي السريعة الآن إلى أسفل التلة كانت بالفعل من أسوأ القرارات التي اتخذتُها.
في الحقيقةِ لم أكن أهرول تمامًا فأنا لم أرد أن أبدو بتلك البلاهةِ أمامَه، فقط كنتُ أقطع خطواتٍ واسعة إلى مكانٍ لا يمكن أن يدركني فيه. فما أن تعانقت أبصارنا فوق التلة، لم يكد أن يرفع يده مُرحبًا لِي في منطقته، حتى تبخرتُ من أمامَه.
لقد كنتُ غاضبة للغاية من نفسي، لماذا اقتربت؟ و لماذا هربت؟ما أن وصلتُ إلى بداية التلة التي لم ألبث أن أصعدها حتى أهبطَ منها، و ما أن أدركت قدمايّ أرضًا مُسطحة، استسلمتُ و جلستُ على الأرض، أحاول التقاط الهواء، أنفاسٌ قصيرة و متلاحقة بين سعالٍ قد تواصل للحظةٍ، و كان ذلك هو كل ما كان في استطاعتي حتى أُنقذ نفسي. واضعةً يدي فوق صدري أُحاول أن أُهدِّئ من نبضاتي التي كانت تضربُ ضلوعي في جنون، و لدقيقةٍ أو اثنتين لم تكن رؤيتي واضحة، فغيمةٌ سوداء كانت تطفو أمام بصري، و الأرض لم تكن أبدًا ثابتة من أسفلي.
أغمضتُ عينيّ عن كل شيءٍ، أُحاول تثبيت قدميّ، و استنشاق ما يساعد عقلي للاستيقاظ مُجددًا، بذلتُ كل ما أملك حتى لا أفقد وعيي، فهذا لم يكن قط الوقت المناسب حتى أثير شفقة من حولي. و لسوء حظي أيضًا لم أكن حينها في وضعٍ يسمح لِي أن أدرك ذلك الشخص الذي كان يقترب من أمامي، أو الآخر الذي تبعني نزولاً إلى حيثما جلست.
"يا آنسة، هل أنتِ على ما يُرام؟" كان ذلك صوتُ السيد مونتجومري الذي اقتربَ مهرولاً حيثما جلست، فرفعتُ رأسي له و حاولت النهوض سريعًا متمتة ما أن سمعتُ صوتَه "أنا في أفضل حال، لا داعٍ للقلق." إلا أن تلفيق تلك الكذبة كان صعبًا عندما خرجت كلماتي متهدجة إثر أنفاسي المتقطعة.
أنت تقرأ
الجميلة و هاديس
Historical Fictionلو كان باستطاعتي أن أنقذ نفسي بتغيير شيءٍ واحد فحسب، فسأختار أن أعود مُجددًا و مُجددًا إلى ذلك اليوم الذي التقيتُ فيه بـ چون بلاك - ذلك الرسام الذي استطاع أن يصورني في لوحاتِه كالربيع بينما كُنا في أيام ديسمبر الشتوية، و الذي راقصني أنا دون جميع الف...