٤٨

16.9K 401 40
                                    

تقدم بخطواته امام الباب ويطرقه بهدوء بلهفه للبيت الي من صغره صار هو اطول منه وكيف وقف يتأمل الكتابات الي على الجدار بجنب الباب والي اكيد تضم اسمه واسم صاحبه : " لهيب ، هيثم " كرمز وثيق بقاء منقوشًا على الحجر .. التفت من شروده للباب الي انفتح وتهلهل الفرح في تقاسيم وجهها العذب وهي تفتح يدينها له تدعوه لبلادها ..بلاد الهند الاوسع من الدنيا ومافيها .. حُبه لها لامثيل له وهي الشخص الوحيد الي حبته من غير شروط ولا طلب ولا عقود .. مايعرف امه ابداً يجهلها ويجهل حنانها وعطفها .. سمع من الناس وصف لجمالها لكنه ماعاش فيه ولا شافه .. لقى في حضن هند اشياء كثير انحرم منها صحيح ماهو مثل امه بس هي كانت امه وان ماكان الدم الي بعروقه نفسه بعروقها .. مشى لها وهو يدخل بحضنها باشتياق كبير لها بسبب غيابه المستمر عنها .. وقت نطقت وهي تقبل جبينه لانه انحنى لها بسبب فرق الطول الواضح وججداً ونطقت : وينك عني يابني تركت بلادك لوحدها
همس ويدينه تحتضن يدينها وتقبلها : حشاها بلادي تعيش وحيده وهي تدري اني الف الدنيا كلها وارجع لحضنها هي ..
شرعت له ابواب بيتها القديم وابواب قلبها ورغم طلب لهيب انها تعيش معه وانه يبني لها قصور وقصور رفضت رفض صارم وهي تحتفظ ببقايا هالبيت وتعيش فيه لوحدها ..
استقرت خطواته وهو يجلس على الكراسي القديمه ويتأمل البيت القديم الي رغم قدمه الا انه مازال على نظافته وترتيبه .. المصباح المعلق عند الباب والدولاب الطويل البني والرفوف من تحته فوقه تلفاز قديم بطراز تاريخي وبجانبه الراديو الي يبث القران بسكينّه و وقار .. الشراشف الملونه النظيفه .. ورايحة البخور والطيب بالمكان .. الارضيه المفروشه والهدوء والسكون بالبيت .. التفت لصندوق حديدي والواضح انها خرجته قبل شوي وترتب اغراضه .. وقف وهو يجلس بالارض ويتأمله .. وقت رفع قميصان بالون الابيض ملطخه اطرافه ويظهر عليه انهم قديمين ومن سنين.. توضح انها لطفلان في العاشر من عمرهما .. ماراح عن انظاره الطاقيه البيضاء والقديمه وجداً والاكيد كانت خاصه فيه هو .. زي رياضي وقلم ازرق ودفتر قديم .. ثلاث صور داخل بلوزه بنيه كانت له .. بلوزه صغيره وجداً .. كانت على قد يده .. رفع البلوزه عالياً وهو يشوف ان يده اكبر منها !!
التفت لصوت الي قادم له برنين خاص وهي مبتسمه : كنت صغير يوم حملتك بيديني تخيل ان عمرك سنه و اربع شهور وحجمك كذا ! من قال ان الطفل ذاك بيكبر ويتعدى جدار البيت ؟
ابتسم بهدوء وهو متلهف لحديثها معه وقت جلست بجنبه وهي ترفع الثلاث الصور امامه .. كانت صوره له وهو طفل وصغير جداً وتقريباً التقطت اول ما جاء الميتم .. طفل اسمر الون رغم نقاء بشرته بشعر كثير وكثير جداً رغم صغر سنه .. ناعم وينسدل على جبينه بلون البُني .. كان وسيم وسيم جداً يدعوا اي حد يشوفه لرغبه بتأمله وملاعبته الا جده ، جده الوحيد الي شافه وكرهه لانه من طفولته واضح شبهه بامه الي بنظره سرقت ولده منه .. الصوره الثانيه كانت لهيثم ولهيب مع باقي اطفال الميتم .. بينما كل الاطفال جالسين مع بعص انظارهم للكاميرا مبتسمين ، كان لهيب جالس على زاويه بعيده عنهم وبجانبه هيثم الي ماسك يدينه وواضح انه يسحبه والغضب مالي وجهه ولهيب غير مبالي له .. تراكمت ضحكات لهيب الي رفع الصوره ونطق بين بسماته : اتذكر هاليوم جاء مصور للميتم وطلب يصورهم وانا رفضت وجلست لوحدي وطبعاً هيثم مارضى يتصور الا معي وراح اليوم كله يسحب فيني ..
اتسع مبسم هند الي تتذكر عناد لهيب وكيف يرفض يجلس مع اي احد باستثناء هيثم طبعاً .. التفت لصوره الثلاثه والي كانوا اكبر سناً وتقريباً بالمتوسطة وكيف كان لابسين قميص ابيض كانت ملامح لهيب كل مايكبر كل ماتزيد وسامه وكانه حالف مايصير الا مثل امه الي كانت آيه بالجمال .. بجنبه هيثم الي كان ذو بشرة بيضاء بملامح خليجية بحتّه ووسيم جداً .. كل واحد منهم محاوط الثاني بكتفه .. غترة واحد فقط ، فاتحينه وممتد من رأس لهيب الا رأس هيثم .. كانوا يروحون من المدرسه بهذي الغترة الوحيدة الي يملكونها .. ويمشون طول الطريق كذا بسبب الحر الشديد في وقت الظهيرة .. اتسع مبسم لهيب وهو يشوف الصوره ويشوف ابتسامته الي انمحت من وقت ماغاب عنه هيثم .. يشوف هيثم الي كان مبتسم باتساع .. وبينما كان لهيب يناظر للكاميرا الي صورهم بها واحد من فصلهم كان هيثم يناظر للهيب ومبتسم وكانه انجازه الوحيد ان لهيب صاحبه ..
" رفيق الدرب والعشرة
لو حتى طرف غترة  "
ابتسم بهدوء رغم وجع القلب وتنهيدته ونطق وهو يتأمل الصوره : الغترة بعدها عندي بس اختلفت كانت تقيني من حر الشمس وانا معه واليوم صارت حزينة حتى الحر ما سلمت منه ..
رفع انظاره لها وهو يدخل بصلب الموضوع وبعباره مليئة بالحزن رغم ابتسامة وجهه : تهقينه بيزعل اذا عرست وماحضر ؟
التفتت له بعدم استيعاب ووجهها تبشر بالخير والفرح والسرور انتشر في ملامحها : بتعرس ! جاء اليوم الي انتظرته عمر كامل ؟
ابتسم باتساع من فرحته وهو يكمل يتأملها : اذا رضيتي تخطبي لي طبعاً
اتسع مبسمها فوق اتساعه وهي تحتضن كفه وتنطق ببهجاء وفرح : هذي الساعه المباركة وهذا اليوم الي انتظرته على رجولي بمشي من بيتي لبيتها واخطبها لك ماهو انا بس الي فرحت حتى هيثم يالهيب حتى هيثم تلقاه من الفرح قاعد يقول ..
قطع حديثها لهيب وهو يقلد نفس الحركة الي كان يسويها هيثم وقت يصير شيء ينتظره ويفرحه و يفتح يدينه عالياً ويردد بقوله : " مابغينا يا دنيا مابغينا "
ابتسمت بهدوء وبان حزنها على فقدان هيثم الي كان مثل ابنها وفقدان اخو هيثم وامه الي كانت صديقه عمرها وترحمت عليهم وهي تشوف كيف لهيب حنى رأسه ومال شعره على جبينه وبان عليه الحزن ..
حاولت تطلعه من حزنه الي داهمه وهي تسأله ان كانت هي البنت نفسها الي حكى عنها ولا لا وتاخذ منه كل الكلام ..

جريمة على ساحة خصرها !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن