٢٢

0 0 0
                                    

تعبت سما فجأة فقط لتذكرها شخصها، تذكرت كم كان يحب هذهِ الألعاب ولا ينفك يستغل أيّ فرصة كي يُعبّر عن مشاعره لها.

مُشتاقةٌ هي له.. كثيراً.

قامت بغسل وجهها بخفة ثم تنهدت وخرجت لتُكمل هذهِ الليلة، وما أن فتحت الباب حتى واجهها صديقُ مجتبى الذي كان سيطرق الباب عليها.

سألته متفاجأة " ماذا تفعل هنا؟"  ليُجيب بتوتر " كنتُ أريد أن أعتذر لكِ".

قالت سما بهدوء " لستَ بمخطئ، فلِـما تعتذر؟"  سأل هو بمُراوغه " أيعني هذا أنكِ لا تُمانعين تصرفي؟".

حدّقت سما قليلاً فيه وهو يبتسم بوجهها وكأنهُ قال شيئاً عظيماً.

أجابت " لم تُخطأ بشيء بحقي فلا داعي للإعتذار، لكنّي لا أحبذ هذا التصرف منك أو من غيرك، أأجعلُ نفسي واضحة أم يحتاج للشرح أكثر؟ ".

شعرَ وكأنهُ قد أُستهزء به للتو لهذا هو تقبّل ردها فقط وأبتسم لتغادر من أمامه هي بهدوء لتعود للطاولة ويلحقها هو.

كانت نظرات مجتبى لا تنفك تلاحقها.

ساعتان بعد وتفرقت هذهِ الجمعة اللطيفة ليذهب كلٌ منهم لمنزله، لينتهي هذا اليوم بأحداث مشوقة.

.
.

في اليوم التالي توجهت سما فوراً لمقهى جون لتُكمِل عملهم، من ثم تغوص في بعض الأعمال الأخرى.

هي تريد أن تُشغِل نفسها كثيراً، بينما هي مطمئنة على هاسكي عند العم جو.

جلست على إحدى الطاولات وبدأت تكمل الفيلم الأول وتضع بعض اللمسات الأخيرة عليه.

جائها جون ليلعب دور النادل قائلاً " أيمكنني أخذ طلبكِ آنستي؟"  لتُجيب هي بينما تلعب دور الزبونة " حسناً، لنرى".

تفتح القائمة وتنظر خلالها سريعاً لتغلقها بعدها وترفع رأسها له قائلة " قليلاً من العصير مع حبة فراولة فوقه".

عقد حاجبيه قائلاً "تقصدين مخفوق أو شيئاً كهذا؟ أم أنكِ تخلقين شيئاً ليس موجود على الكرة الأرضية!".

أجابت عاقدة حاجبيها هي كذلك لتُجاريه" أشيءٌ بسيط كهذا مستحيل في مقهاكم هذا؟!".

تنهد لينهي هذهِ اللعبة قائلاً " كيف أضع فراولة فوق عصير؟ لو طلبتي مخفوق فهذا معقول".

ضحكت سما قائلة" لكنهُ ليس بالشيء الصعب صدقني، هو فقط غريب عليك ".

تنهد مجدداً ثم قال قبل أن يرحل "عصيرُ برتقال؟" لتقول هي مُقهقهة" نعم ".

قدم لها العصير ثم راح يعمل بالمقهى وينظم ويرتب، ثم جاء بعض الزبائن ليُسارع بتلبية طلباتهم، وقد تعجبت ب لـمَ لمْ يوظف شخصاً ما؟

تركته سما ليقوم بعمله ووجهت نظرها لعملها.

لقد أنهت فيلمها الأول وستقوم بإرساله للفريق المختص بالنشر.. وها هي تكمل الفيلم الأول بنجاح.

أرتاحت قليلاً ثم راحت تبحث عن أفلام أخرى تحتاج لترجمة لترى بأن فيلم "one day" ينتظر من يترجمه.

فقامت بأخذه سريعاً وراحت تُشاهد الفيلم وتنقر بخفة فوق حاسوبها لتترجم المشاهد.

لم تعلم بالوقت وهو يمضي سريعاً حتى وجدت نفسها تُشارف على إنهاء الفيلم، وقد أستوقفها مشهد وراحت تسرح بالكلمات قليلاً.

في مشهد للبطلة حينما غضبت من البطل وأفتعلت شجاراً ثم همّت بالخروج لتعود أدراجها لكن البطل أستوقفها بطريقةٍ ما.

راحت البطلة تتوقف وتلتفت له، ثم تسير نحوه، كان لعقل البطل بالطبع أن يأخذ الأمر على أنها قد سامحته، وقد وثق من شعوره أكثر حينما همّت البطلة بإحتضانه.

لكنها فاجأتهُ بتلك الجملة التي أستوقفت سما..

"أحبك، لكنني لم أعد معجبة بك..".

ثم تركتهُ لنفسه ليندم على ما فعله وما فوّته من ذكريات ومواقف كان قد تصرف بها خطأً، ولو أنهُ أصلح ما أفسده بآوانه كان لن يحدث ما حدث بينهم الآن.

راحت سما تحدق بذلك المشهد بهدوء وتصفن للكلمات.

هنالك بعض الأشخاص الذين نكون مجبورين على حبهم، مجبورين بمعنى أن لا حول لنا ولا قوة بذلك فهذا الحب قد زرعهُ الله فينا وهو وحدهُ من سينتزعه.

ذلك الحب الذي يملئ القلب، كـ حب العائلة لفردٍ منهم، أو كـ حب الأم لطفلها.

فمهما غدى هذا الطفل وأصبح، حتى لو كان مجرماً، ستظل الأم تراهُ طفلاً وتحبه.

هكذا بعض البشر، مهما كانت تصرفاتهم سيئة لا تعجبنا، لكننا نظل نحبهم ذلك الحب النقي.

تذكرت سما شخصها.

لكنها بنفس الوقت قد خطر في بالها مجتبى.

على الرغم من أنها أحبت شخصها حب الأم لطفلها، لكنها لم تشكو منه يوماً.

كان كالملاك بالنسبة لها، لم يضع نفسهُ في موضع يجعلها تختار البقاء فقط لأنها تحبه، أو يجعلها تفكر بأن حبها له هو ما تتذكره دوماً، كان العكس تماماً.

كان لـ حبهُ هو البقاء الأقوى.

لكن..

من جهة أخرى حينما فكرت بمجتبى، وجدت بأن الأمر ينطبق عليه.

كانا كلما تشاجرا أو جعلها في موقف يجعلها تنوي الرحيل بعيداً جداً عنه، يستوقفها حبها له.

تحبهُ كـ حب الأم لطفلها، مهما عانت من تصرفاته لا تستطيع الإستغناء عنه.

لكنّها في نهاية المطاف قد أستغنت.

وجَـعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن