٢٠

0 0 0
                                    

حل الليل، وقد جاء وقت سما للذهاب لعملها لكن مجتبى تأخر.

فقامت بأخذ الكلبين وأتجَهت نحو بيت العم جوْ كي تذهب هي لعملها.

حرّكت سيارتها بإتجاهِ مقهى جون الذي أفتتحهُ مؤخراً، دخلت للمقهىٰ وسلّمت عليه بحفاوة وجلست تُناقش معه العمل.

-هل علينا أن نُترجم أفلاماً أم مُسلسلات؟.. سألت سما.

=علينا أن نبدأ بشيءٍ صغير، كالإتفاقِ مع مدير برنامج للأفلامِ وترجتْمها، ثم شيئاً فشيئاً نبدأ بترجمة المسلسلات ورُبما ترجمة أحدث الأفلام والمسلسلات التي ستُبث بالمستقبل القريب.

-ثمُّ؟

=ثم ماذا؟

-رُبما.. نجولُ العالم كمترجمين للرُئساء أو للممثلينْ أو نُعقد مقابلات مع المشاهير.

= حسناً، من الممكن بالطبع، لكن رويداً رويدا.

-لما لا نبدأ بترجمة مقالات؟

= لقد أتفقتُ مع مدير تطبيق للأفلام الأجنبية بالفعل، إن كنتِ تريدين ترجمة مقالات فلا بأس بذلك، لكن لا تُشتتي بالكِ، ركزي أكثر على عملنا هذا كي ننجح به.

-حسناً، سأفعل.

بدأت سما بفتح حاسبتها و إدخال كلمة المرور للتطبيق لتبدأ العمل على الفيلم الذي أخبرها جون بأن تُترجمه.

ولأن الأمر يستغرق الكثير من الوقت، فقد تأخرت سما بالترجمة وكانت مأخوذة بالمشاهد وبالتدقيق، فهي لا تُحب أن تعمل بكسل، لابدّ لها أن تتميز بترجمتها.

أكملَ جون قبلها وراح يُمدد جسدهُ من التعب بينما يراها تُترجم بتركيز فأبتسمَ لذلك.

أخيراً سما تعود لتنشغل بشيء تُحبه وتُجيده، وتعمل لنفسها، و بدأ شغفها يعودُ للحياة.

ومن مناقشتها لهُ قبل البدء بالعمل توحي لـ جون بأن طموحها لا زال موجود وبأنها ستتطور وتصبح مترجمة مشهورة.

رُغم أنها لا تُحب الشهرة فهي تعتبرها سجن، فهي تُفضل أن تصبح مشهورة لمن يُفضلها فقط، أعني بأنَ يعرفها أشخاص لا بأس بهم يحبونها وينتظرُونها أفضل من أن تنشهر عالمياً ويبدأونَ بالترّقب لفشلها.

نهض جون لإعداد القهوة له والعصير لها، لم تكن تحبذ القهوة أبداً.

وعندما وضع العصير أمامها لم تنتبه له فقام بطرق الحاسبة لكي تنظر له.

سألت سما " ماذا؟ ألا تراني مُنشغِلة؟" فأجاب جون وهو يمسك قهوته ويرتشف منها " أرى، لكنْ أرى بأنكِ أجتهْدتي كثيراً ولابدّ من راحة كي تنتجِي أفضل".

رمشتْ سما قليلاً وتنهدت لتُبعد الحاسبة من وجهها وتُمدد جسدها هي الأخرى بعدها تضع يدْ على الطاولة والأخرى تشرب بها العصير بهدوء.

" يا إلهي، لقد تأخر الوقتُ كثيراً!" قالت سما بإندهاش.

ثم أردفت" عليّ الذهاب وسأُكمل الفيلم في منزلي".

نهض جون معها وأغلق المقهى ليذهب معها، كان هو يتبعها في سيارتهُ كي يتأكد بأنها وصلت بسلام للمنزل بعدها يذهب هو لمنزله.

حينما ركنت سما سيارتها وغادر جون، تمشّت للمنزل وإذا بصوت مجتبى يأتيها من الخلف قائلاً بغضب "لقد تأخرتي كثيراً! ".

كانت سما مُتعبة للغاية ولا تطيل الحديث مع نفسها حتى، وأكثر ما تكرههُ هو التدخل في شؤونها أو التقيّد بها.

ألتفتتْ سما له بوجه مُتجهم وقالت ببرود " وما شأنك أنت؟" صمت قليلاً لردّها البارد، كان يعتقد بأن الأمور أصبحت هادئة بينهم لكن سما الآن لا تبدو كذلك.

أجاب بهدوء " لقد قلقتُ عليكِ" فسألت سما " وهل أجبرتكَ على ذلك!" أراد الكلام لكن قاطعتهُ قائلة "مجتبى، لا تبدأ بالتصرف وكأنك حبيبي.. ولا تتصرف ويكأنكَ من عائلتي، أنت مجرد شخصٌ أعرفهُ لا أكثر، تصبح على خير" ودخلت لمنزلها.

تاركة مجتبى الذي شعر بالضيق الشديد لكلامِها، وتندمَ بشدة لأنهُ قلقَ بشأنها من الأساس.

قامت سما بفتح حاسبتها لتُكمل عملها لكنّها شعرت بالضيق من موقف مجتبى.

مالذي يظنُّ نفسه!

أيُغفَر لشخصٍ تسببَ بألمنا لمراتٍ عديدة دونَ توقف!

أيُسامَح الشخص الذي بكينا بسببهُ بُحرقة شديدة ولُمنا أنفسنا بقسوة بسبب الكلمات القاسية التي قذفها علينا!

أيُعفى عمّن أخذَّ منا أعواماً نرثي لأنفسنا علىٰ ما أنفقنا لهم من حُب ومغفرة ومحبة ودفء ولم ينفقوا علينا سوى الألم!

لا يُغفر ولا يُسامح ولا يُعفى عنهم أبداً!

لقد أخذ مجتبى من عُمر سما الكثير، لقد تكلم بقساوة بحقها لكنها كانت تصمت.

أحياناً تصمت لأنها تُحبه وأحياناً تصمت لأن ما يقولهُ يوقف عقلها.

هنالك أشخاص في هذا العالم، مُغفلين وضعيفين الشخصية.

لا أضعفَ من شخصٍ يرى نفسهُ الصواب دائماً ولا يترك للمرء أن يُناقشه أو يُغيّر من وجهة نظرٍ خاطئة.

لا أضعفَ من شخصٍ لا يُلقي بأي لومٍ علىٰ نفسه ويلوم الآخرين دوماً!

فمن لا يتحمل مسؤولية أفعاله وتصرفاته وأقواله ويرى بأن كُل ما يفعلهُ صحيح وغيرهُ خاطئ، يُرثى له.

وجَـعي Where stories live. Discover now