٥

0 0 0
                                    

"ماذا تفعل أنت هنا؟!" سألت مجتبى الذي كان يحدق بمنزلي ثم أجاب " أعرف موقعكِ ربما؟" لأسأل " ولما هذا؟" ليجيب " وما الضرر؟" تنهدت لهذا الإنسان, لا يستطيع أبداً أن يجيبني جواب شافي, هو فقط يجيبني بسؤال آخر.

نزل من السيارة ووقف أمامي واضعاً يداه في جيبه لأسأل " ماذا الآن؟ تريد أن ترى منزلي أيضاً؟" ليُقهقه قائلاً " وما الضير؟" لأجيب أنا بسؤال أيضاً " وما المناسبة؟" ليجيب " مناسبة إلتِقائنا بعد زمنٍ طويل.." أأرقصُ لأنه أجاب أم أصفع نفسي لأنني رأيته ساحراً وهو يحدق بعيناي بجدية و..حنين؟

تنهدت وأبعدتُ عيناي عنه ليُسرع بالقول " حسناً لقد فهمت.." لأنظر إليه بحاجبين معقودين أسأل "ماذا؟" ليجيب " لستِ سعيدة مثلي بلقائنا, ولا تُريدنني هنا, لطالما كنتي كذلك" .

حدقت في هذا الشاب,لا أعلم هل أغضب لأنه أستاء مني في موقف لا يجدر به الإستياء, أم أستاء لأنه نعتني بأنني كنت هكذا.

في كلتا الحالتين أنا مستاءة.

تنهدت " مجتبى, لستُ كذلك, لكنني لم أفرح للقائنا في المقابل, أنا فقط..مُشتته" كان ينظر لي بإهتمامٍ ليسأل بعدها " هل لهذا علاقةٌ بي أم بزوجك؟" سألت نفسي السؤال ذاته, هل بسببه؟ أم اي سببٍ آخر؟

أخبرته بأنني لا أعلم, لكني سعيدة لأنه سعيد برؤيتي, أبتسم هو بهدوء وشيءٍ من الحزن لأنني وبإعتقاده, لم أهتم كثيراً بوجوده أو لقائه مجدداً.

قام بتمني لي نوماً هانئاً ثم غادر بعدها لأدخل أنا لمنزلي وأرمي بالأغراض جانباً وأذهب لغرفتي أستعد للنوم.

فكرت قليلاً بما حدث اليوم, وبكيف للقدر أن يجمعنا مجدداً , لا أعلم ما سيحدث لاحقاً..لكن أرجو أن يكون الأمر خيراً فقط.

.

في سريري, وحيدة , أتجول بين البرامج, وأتنهد.

يا لحسرتي, كم أصبحتُ أتنهد وأتنهد ولا أكف عنه.

أتقلب في سريري, أحاول أن أعود للنوم لكن لا جدوى, أنهض..أقترب لطرف السرير, أجلس عليه ثم أنظر لنفسي بالمرآة , وجهي أصبح يملأوهُ آثار الحبوب الحمراء, عيناي أصبحت أقل لمعاناً, شعري قد قامت الحرب فيه وأختارت كل شعرة منهن أن تنطلق بعكس إتجاه الأخرى تماماً.

بعثرت شعري بيداي بقليلٍ من الغضب, وزفرت الهواء لأنهض وأرتب وجهي وشعري , ثم أتجه للمطبخ أعد لي الفطور..لم أكن من محبي الإفطار سابقاً, لكن ولحُرصي بأن صفات شخصي لن تغادرني كنتُ أحرص على أن أُكمل الخصال التي وضعها فيّ..

أكملت صنع الفطور وعندما هممت بالأكل, شعرت به يقبلني من الخلف على رأسي ويهمس لي ب" صباح الخير يا خيري أنتِ.." لأجيب عليه بإبتسامة دافئة " صباح الحب.." جلس إلى جانبي ينظر لي بنظراتٍ حنونة, لأبتسم أنا وأحمل الملعقة لفمي لأهم بالأكل فيقوم هو بلمسِ يدي بدفء ويوصلُ الطعام لفمي مع يده تحتضن يدي.

"..كم هذهِ الملعقة محظوظة.." بدأ يقول بجدية لأكمل عنه فأنا أعلم ما ينوي قوله " ألأنها تُلامس شفتاي؟" ضحك هو مجيباً " بالطبع..هي تتجرأ يومياً على لمس شفتيكِ الناعمة وأنا بالكاد أمسك نفسي لذلك" .

ضحكت سما لتذكرها هذا الأمر " أتذكر حينما كسرتَ جميع الملاعق؟ فقط  لأنك بالفعل قد غضبت كثيراً وأصبت بالغيرة لذلك.." شاركها الذكرى بضحكة مُكملاً " أنا بالفعل كرهت فكرة أنها تلامس شفتيكِ يومياً, كان عليّ فعل ذلك" ضحكت سما مجيبة " لا, حتماً لم يكن عليكَ ذلك.." .

ضحكا سوياً على هذهِ الذكرى ثم قام بقرص وجنتها اليسرى بخفة لتغمض هي عينها اليسرى وتبتسم فيهمس هو " لقد أشتقتُ لكِ كثيراً.." .

تجيب سما بقلبٍ يخفق بشدة لصوته العميق الدافئ " صدقني..أنا أحترق من أجلك" نظرا لأعين بعض بحب, ثم راح يقترب منها ويُقرّب شفتيهما من بعضهما..وحينما أصبحا يتنفسانِ ذات الهواء, قطع إتصال مارينا الأمر لتعود سما لواقعها وتنظر لهاتفها بوجهٍ لا يُفسر.

لبثت قليلاً صامتة, تُحاول تهدئة نفسها, ثم أجابت ببرود " مرحباً.." لتجيب عليها مارينا من الجهة الأخرى بحفاوة " صباح الخير سما..".
أستنشقت سما الهواء وحبستهُ في رئتيها مجيبة " صباح الخير, كيف الحال؟" أجابت مارينا " بخير إن كنتِ بخير " .

ألا يزالون يُخادعون أنفسهم بهذهِ الكلمات ؟

نحن, أو لأقول أنا..لن أخدع بهذهِ الكلمات المعسولة, أنا لم أكن بخير حقاً إلا مع شخصي, ولم أذق مر الشر إلا حينما كان بعيداً عني أو حين مرضه.

كنتُ أجن لذلك, وأصبح كالطفلة تُعاتب وتضرب جسده حينما يتأخر عني, وكنتُ لا أحادثهُ على عدد الساعات التي غاب فيها عني..آهٍ كم كنتُ سيئة.

أما حين مرضه فكنتُ أمرض معه, فيقوم هو بالإعتناء بي بدلاً من أعتني أنا به.

" أهنالكَ شيءٌ مهم في هذا الصباح الباكر؟" أجابت بدهشة " عن اي صباح تتكلمين؟ سيحل العصر حبيبتي" رمشت عدة مرات قبل أن أنظر للساعة..الرحمة, إنها الواحدة ظهراً بالفعل.

قمت بـ حك أذني قبل أجيب " آه فعلاً.." ضحكت قائلة " لأختصر الأمر, لقد دعوتُ جميع من حضر الأمس للسينما, وأنتِ مدعوة" فكرتُ قليلاً ثم لا أعلم لما, لكني سألت " وهل مجتبى سيحضر؟" لتجيب " بلى, لقد قال بأنه مشغول بالعمل لكن سيفرغ نفسه إن حضرتي أنتِ" .

لطيف, كلانا يسأل عن الآخر.

لكن ما اللعنة التي جعلتني أسأل إن كان سيأتي أم لا, وما شأني به.

" لا أعلم, سأرى ما أستطيع فعله " ثم إنتهى الإتصال.
أنهيتُ إفطاري لأنهض لأغير ملابسي وأخرج عند ليان في مكان عملها.

وحينما أوقفت سيارتي عند البوابة , رأيت جون يهم بالدخول..وحينما كنتُ صديقةً له, رحتُ أتسلل من الخلف لأقفزَ عليه مطوقةً يداي رقبته ليفزع هو وينظر إلى القرد الذي خلفه.

وجَـعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن