٨

2 0 0
                                    

"أشتقت له, أيامي تبدو فارغة,شاحبة , سوداء قاتمة في غيابه..

لطالما أحببتُ الألوان الغامقة, وأحببتُ اللون الأسود كثيراً, لكن..كان هو يمدني بالألونِ الحيوية.

وها أنا أمقت السواد الذي حل عليّ, أين أنت..

لما لم تعد لي..

صدقني, سأجعلك تنتظر على عدد الأيام التي جعلتني أنتظر بها..

سأغيب عنك, ولن أكلمك على عدد الأيام وربما الضعف..فقط أرجوك..أرجوك عد إلي..".

تمردت عيناي عليّ وراحت تُهطل الدموع على وجنتي لتُحرقها, وبما أنني كنتُ أمقت أن يراني شخصٌ أبكي, كنت دائمة الإخفاء لوجهي, أقوم بتغطية وجهي بالهوديْ الذي أرتديه.

فعلتُ ذلك, ثم نهضت مغادرة المكان, حرصت على تنظيف طاولتي كما أفعل دائماً ثم رحلت.

ركبت سيارتي على عجل وأنطلقتْ, حيث اللامكان..اللاوجهةِ..فقط سأهرب.

.

وصلت ليان وجون ليروا سما قد وصلت للسينما قبلهم, وكانت تقف وحيدة.

فتوجهوا نحوها ووقفوا بجانبها يسألونها عن لما هي أول الواصلين لتجيب بأنها لم يكن لديها شيء فجاءت قبل الموعد ولم تجد أحداً.

وعندما لاحظو الهدوء الذي يعتريها, طرحو عليها الأسئلة لكنها لم تجب, هي أكتفتْ بالصمت, لكن جون لم يدعها حتى توجهت له نظرات التوبيخ من ليان فصمت وظهرتْ شبح إبتسامةْ على ثغر سما.

وصل بعدها البقية وراحو يُحيّون بعضهم البعض, وراحت جيهان تحتضن سما وليان بعناق قوي لتصرخ سما بأن عظامها قد كُسِرت.

وعندما همّوا بالدخول, تسمّرت سما وليان لرؤية صور أفلام الرعب في كل مكان, لم يكونا من محبي هذهِ الأفلام على الإطلاق, ولا ننسى بأن الظلام قد هبط على المدينة.

" نحنُ لن نرى فيلم رعب أليس كذلك؟ " راحت سما تسأل وهي تقهقه بتوتر, أجابها جون بسخرية " لما؟ هل البطة الصغيرة خائفة؟ " شاجرتهُ سما " أصمت أيها العجوز.." وراحت تنظر لمارينا وزوجها " لن نرى رعب صحيح؟ " أجابت مارينا " أنا لا حول لي, زوجي هو المذنب " .

ليقول هو بدوره " لما؟ أفلام الرعب تبعث على الإثارة, ولرُبما تحدث القليل من الرومنسيةِ حينها " عقدت سما حاجبيها لتسأل ليان بدلاً عنها " كيف يمكن للرومنسية أن تأتي بوسط فيلم رعب " نظرت سما الواقفة بجانب ليان لزوج مارينا بتعابير وجه ’ كلامها صحيح, أتهذيْ أنت؟’ .

علّقت مارينا قائلة " نعم كيف لم أفهم.." ليجيب زوجها " مثلاً, حينما تخافي يا جميلتيْ ستمسكينَ يدي, وسآخذكِ بأحضاني,وربما أحصل على قبلة مثلاً.." ضربته مارينا بخفة قائلة " في أحلامك " .

رمشت سما وليان ناحيتَهما ثم علّقت سما " نعم لطيف, لكني لا أرى كيف لهذا علاقة بنا نحنُ العزباوات " ليُعلّق زوج مارينا بدوره " أختاري مقعداً بجانب شخص جميل وأفتعليْ ما قلت معه " تجهمت سما تنظر له ليبتسم هو كالأهبلْ.

وحينما فشلتا الفتاتين بتغيير رأيهم بأن لا يشاهدوا فيلم رعب, راحت الفتاتين تتنهدانِ وهما تسيران مجبرتانِ لصالة العرض.

بحثتا الفتاتين عن مقعدهِما لِيجدا بأنْهما تجلسان بجانب بعض, لتُعلّق سما قائلة بأن هذا أفضل فإن حدث شيءٌ رومنسي سيحدث لهما فقط.

بعدها بثواني لاحظت ليان بأن من يجلس بجانبها هو جون, ومجتبى جلس بجانب سما, لتنظر الفتاتين لبعض بنظرات الـ ’يا للهول ’ .

بدأ الفيلم بالعرض, وأول ما حصلت عليه الفتاتين هي صرخة قوية لتُعيد سما ظهرها وتلتصق بالمقعد وتضع يدها على قلبها هامسة " يا إلهي الرحمة " لتَلحظ شبح إبتسامة اعتلت ثغر مجتبى.

وشيئاً فشيئاً بدأت أحداث الفيلم, كانت ليان تنظر بشيء من الإهتمام وتركز بالأحداث, لكن سما كانت تضع يديها على عينيها, وكلما شعرت بأن مشهد فزع سيظهر تغطي عيناها ولا تُكمله.

كان مجتبى الذي يقبع بجانبها يحاول السيطرة على نفسه من منظر سما الذي يجد المتعة بمشاهدته بدلاً عن الفيلم ولم تكف سما من إبداء التعابير المضحكة طوال الفيلم.

هي حتى وضعت يديها على عينا جيهان القابعة أمامها تُحاول أن تفسد عليها الرؤية, وكانت جيهان منشدة بشدة للفيلم فكانت فقط تمسك بـ يدي سما وتثبتهما كي لا تخبث عليها, فما كان من سما إلا الإنسحاب.

وراحت سما تنظر للبقية, مارينا بالفعل قد إرتمتْ في حضن زوجها وكلما ظهر مشهد رعب راحت تختبأ في حجره.
لا تعلم سما هل تتقزز من المشهد أم تنظر لهما بحنان وتتذكر كيف كانت هي مع شخصها.

ثم نظرت لـ ليان التي لم تأبه للفيلم ولم تخف هي فقط كانت مشدودة بالأحداث كما هي جيهان, ثم هنالك جون الذي يصطنع القوة بينما هو يفزع كلما ظهر مشهد مرعب لكنه يحاول السيطرة على رباطة شأجهِ, ولم تفوت سما ذلك لتسخر منه فور خروجهما من هذا المكان.

ثم وأخيراً نظرت لمجتبى الذي كان سارحاً بها لا يأبه للفيلم, لترفع حاجباً وتسأل بهمس " ماذا؟.." ليجيب ب لا شيء والإبتسامة لا تزال تلمع في عينيه.

رفعت سما أصبعها لتوبخهُ على ما يفعله, وحينما همت بتوجيه أصبعها في وجهه, رمى أحد العاملين الماء في الأجواء لينتشر فوقهم ويعيشون مشاهد الفيلم بتفاصيلها.

وتسمّرت سما هكذا, رافعةً أصبعها موجهةً في وجه مجتبى الذي لم يتمالك نفسه وضحك بقوة عليها لكن بدون صوت.

بقيّت سما هكذا فترة مُسمّرة وراحت تحدق في مجتبى الذي أصبح وجهه أحمراً من الضحك, ثم أستسلمتْ وضحكت هي الأخرى على هذا الموقف.

وحينما توقفا عن الضحك, راح مجتبى ينظر لها بهدوء, لتُشيح سما بوجهها بعيداً, يُنزل مجتبى رأسه ويبتسم بهدوء ويعيد النظر للشاشة, ثم لسما التي وضعت رأسها بين كفيها مستسلمة.

وجَـعي Where stories live. Discover now