٤

0 0 0
                                    

حينما مددت يدي لآخذ بيده ونظرنا لأعين بعضنا ,كان ينظرُ لي بهدوء ويركز في عيناي بعمق, لكنني لم أهتم كثيراً لتلك النظرات وراح صوتهُ العميق يقول "كيف حالكِ سما؟" لأجيب بهدوء ينبع عن خواء روحي " بخير,وأنت؟" ليجيب " أصبحتُ أفضل..".

والإبتسامة لا تزال تعلو شفتاهُ لأعلم بأنهُ لا يزال يكن لي المشاعر..

وبما أنني للتو نهضتُ من إنهيار قد جعل مشاعري خاوية, لم أجب عليه , إكتفيتُ بسحب يدي وجلست مع البقية وقمت بالخوض في أي نقاش قد بدأوا به.

كان كلّما سنحت له الفرصة, ينظر لي, يتفقدني , يحاول لفت إنتبْاهي, يحاول أن يجعلني أتكلم كي يعرف ما أنا عليه الآن.

وبالطبع لو علم أنني لستُ بخير, وبأنني أصبحتُ أنهار كثيراً مؤخراً, لربما قد يفعل اي شيء فقط كي يمد يد العون..لكنني لن أسمح لتلك الأمور أن تعاد.

كان يحدق بي تارة , ويتجاهلني كُلياً تارةً أخرى.

وحينما لاحظ أحد الحاضرين بأنه يحدق بي , كان لابد من أنفه الحشوري أن يتدخل ويعلق على الأمر.

ولسوء حظي, قد تكلم حبيب الفتاة عن الأمر بالفعل قائلاً " ما بكَ يا مجتبى, أنت لم تنفك تبعد نظرك عن سما" ومجتبى بالفعل ينظر لي الآن .

أطرق مجتبى رأسهُ للأسفل أولاً, قطع بذلك تحديقهً بي, ثم نظر بعدها للفتى مُجيباً بهدوئه المعتاد " لستُ كذلك, أنا فقط أحاول الإطمئنان " ليسأل الفتى " الإطمئنان عليها؟ ماذا, هل أصبحت تكترثُ لأمرها؟" .

أجاب مجتبى بشيءٍ أشبه بالهمس " ومنذُ متى توقفت؟.." صمت جميع الحاضرين بما فيهم أنا..ما سبب المشاعر الأبوية الآن؟

حاولت مارينا تغيير الأجواء قائلة " علينا طلب شيءٍ نأكله, هيا يا زوجي إنهض, زوجتك تتضور جوعاً" لينهض زوجها بالفعل وينهض معه مجتبى , قاموا بأخذ طلبنا ثم رحلوا.

" ما بكِ.." سألت ليان أخيراً لأجيبها بلا شيء , رفعت حاجبها غير راضية عن إجابتي لأتنهد مجيبة " إنهيارٌ آخر.." لتتنهدْ هي الأخرى لا تعرف ما تفعل أكتفتْ بالمسح على يدي بطريقة حنونة وأكتفيتُ أنا بالإبتسامِ الهادئ.

بينما راحت جيهان تُلطف الأجواء, أخبرتنا بأنها رأت شاباً لطيفاً, وبأنها ستنهض للتكلم معه, فضحكنا جميعاً وصرخنا ب كلاا لا تفعلي أرجوكِ.

بعدها جاء مجتبى وزوج مارينا والطعام معهم , ولمُفاجأتي أنهم أحضروا البيتزا, علّقت جيهان بفرح " يا إلٰهي لم أكن أعلم أن المقهى أصبح يقدم البيتزا الآن" أجاب زوج مارينا قائلاً " نحنُ أيضاً تفاجأنا, مجتبى من لاحظ ذلك أولاً وطلبها فوراً" .

حدقت فيه أنا الآن, كان ينظر لهاتفه ينقر عليه شيءٌ ما, فكرت بأن هل قام بجلبها لأنه لا يزال يتذكر بأنني أحب البيتزا, أم أنه فقط أحضرها بدون سببٍ يُذكر.

قام برفع رأسه لتلتقي أعيننا فوراً, و كـ ردة فعل طبيعية مني, أزحتها فوراً.

ما كان عليّ فعل ذلك, فها هو يبتسم وكأنني كنتُ راغبة النظر إليه وأنه كشفني..الحقير.

وبعد حوارات وذكريات طويلة ومواقف مضحكة حصلت في هذا الإجتماع , قررنا بأن الوقت قد تأخر وعلينا العودة للمنزل.

وبالفعل نهضنا للعودة, ذهبت مارينا وزوجها لسيارتهمْا وغادرا, وليان أخذت جيهان معها, والفتاتان رحلتا كلتاهما مع حبيب إحداهما, ومجتبى صعد بسيارته, بينما الفتى الدرامي قام بأخذ سيارة أجرة للذهاب للمكان الذي يريده ورفض أن يوصله مجتبى.

وبينما أنا لا أزال في سيارتي أستعد لتشغيلها, رأيت مجتبى في سيارته القابعة أمامي, ينظر لي.

قمت بتعديل نظارتي ودحرجت مقلتاي بعيداً عنه لأنطلق بعدها لمنزلي دونما إكتراثٍ له.

لكنه لحقني, فأردت أن أعرف إن كان يلاحقني بالفعل ليعلم أين أعيش أو يا للصدفة أنه جيراني وأنا لا أعلم, فتوقفت لأشتَري أغراض نسيت أن أبتْاعها فلاحظت بأنهُ قد أكمل مسيره وأنطلقَ للأمام.

وشتمت نفسي مراراً لأنني حزنت قليلاً لفكرة أنه لم يكن يلاحقني.

أكملت المشتريات, وخرجت, أعدت سيارتي للحياة وإنطلقتُ, وحينما وصلت لمنزلي وركنت سيارتي ثم نزلت منها, جائت سيارة ووقفت أمام منزلي, فتقدمت نحوها لأرى من يكون.

وجَـعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن