١.

12 0 0
                                    

"هيا.."
"هيا ماذا؟ إلى أين؟"
"تعرفين إلى أين.." قالها بينما يرفع قميصهُ ويقذفه بعيداً، مُتحضراً لما سيفعله بعدها.

"كلا، لن نفعل ما يجول برأسك المجنون الآن صحيح؟" سألت وهي تتراجع للخلف، وبما أنها لم تحصل إلا على إبتسامة مائلة وعيونٌ ماكرة ، كانت ردة فعلها طبيعيةً جداً " لالا، أعرفك مجنون لكن ليس لهذا الحد" .

" أعرفكِ مُغامِرة.." قال وهو يخلع حذائه، ثم أردف قائلاً قبل أن يرمي بجسده بخفة في ماء النهر " لرُبما ليس لهذا الحد".

تسمّرت هي لا تعرف ما عليها فعله، ثم تنهدت بإستسلام بعدما قال لها "هيا يا حلوتي، إنني أفتقد دفئكِ هنا " وراحت تخلع ملابسها الواحدة تلو الأخرى ثم رمت بجسدها في ماء النهر أيضاً.

وراحت تسبحُ بإتجاهه قائلة " أيها العجوز..س..سنتمرض هكذا..سُحقاً " قال لها " هذا العجوز يا سيدتي، مُغرمٌ بتفاصيلكِ".
.
.
.

عادت سما للواقع بشبح إبتِسامة حنونة لتذكر هذهِ الذكرى الرومانسية بالنسبة لها.

وتنهدت لأنها أصبحت تفتقدهُ كثيراً هذهِ الأيام , نظرت سما للنافذة محدقة بالمُشاة من فوق نظاراتها, فهي وعلى الرغم من قصر نظرها فهي تنظر للبعيد من فوق النظارة لكن للقريب من خلالها.

تُعاند نفسها, لطالما فعلت ذلك, ولن تنفك تفعله.

دحرجت مقلتيها لصديقتها ليان القابلة نحوها, وراحت تنظر لها وهي تضع أغراضها على المقعد أمامها ثم تجلس بإعتدالٍ قائلة "لما الشرود؟" لترمش سما قائلة "لستُ بشاردة, أنا فقط أنتظركِ تجلسين ".

طلبت ليان لنفسها كوب قهوة لتسألها سما وهي ترتشف عصيرها "إذاً؟ كيف حالكِ" لتجيب ليان " تعلمين, ليس جيداً بعد ما حدث" حدقت سما بليان تنتظرها أن تكمل حديثها.

" أنتي تذكرين ما حصل لي ذلك اليوم صحيح؟ " أرتشفتْ سما عصيرها ونظرت لليسار ثم لها وأبتسمتْ تلك الأبتسامةَ البلهاء لتُعلق ليان قائلة "ماذا كنتُ أتوقع من كثيرة النسيان مثلكِ".

بدأت ليان تقول " لقد جائني جون لمكان العمل مجدداً.." توقفت لترى إن كان من عقل سما الفاقد أن يتذكر أم لا, فما كان من سما إلا أن حكّت أنفها بسبابتها وشربت العصير فقط.

تنهدت ليان بقلة حيلة لتكمل " يريدنا أن نعود لبعض" فرحت سما قائلة " جميل جميل..وماذا حصل بعدها؟" رفعت ليان حاجبيها مجيبة " سما, أنا لا أريد ذلك, ولقد أخبرته بذلك بكل صدق, أخبرته بأنني لا أستطيع الإرتباط الآن.." ثم تنهدت لتذكر ما حصل وقالت " لقد قضينا يوماً كاملاً ونحن نتكلم عن الأمر حباً بالرب".

أكملت سما عنها قائلة "ولا يزالُ يحاول.." .

لتنظر ليان لسما بتعابير وجه تقول ’ أليس كذلك؟’ لتنظر لها سما بدورها بتعابير وجه قائلة ’عليكِ أن تقدري ذلك’ ورمقتها بنظرة باردة ثم أدارت بوجهها عنها.

"لم أطلب منه أن يحبني!" قالت ليان لتندهش سما من كلامها ورفعت حاجبيها كردة فعل على كلامها هذا.

"أنا أقصد بأننا.." حاولت ليان الشرح لكنها لم تجد شيئاً تقوله فأكتفيت بالتنهد والصمت.

" لم أحب كلامكِ هذا" بدأت سما تقول " تعلمين جيداً بأن الله يقذف الحب في قلوبنا, ثم لو لم يكن جون يعلم جيداً بأنه لا يستطيع الإستغناء عنكِ لما بقيّ صديقاً لكِ وتحمل بُعدكِ عنه" .

"أنتي حقاً لستي مدركة لشعور جون حالياً, لا أقبح من أن يبقى المرء صديقاً للشخص الذي يحبه" أكملت سما .

رمقت سما صديقتها بنظراتٍ باردة ثم أدارت بوجهها عنها لتعود تنظر للنافذة, لبثت ليان تفكر بكلام سما وهي تشرب قهوتها ببطئ.

تنهدت ليان لتضحك سما قائلة " لقد أصبتي بالعدوى مني حتماً" حدقت ليان بسما, تنتظرها أن تشرح لها ما تعنيه, فأكملت سما " لقد تنهدتي كثيراً, أنا كنتُ أتنهد منذ الفجر, وأتثائب, فأنا لم أنم جيداً" علّقت ليان قائلة " وما الغريب, أنتي دوماً ما عانيتي من النوم" .

ثم علّقت ليان مرةً أخرى " يا لمزاجكِ المتقلب, لقد كنتِ ترمقيني بنظراتِ البرود قبل قليل وها أنتي تضحكين في وجهي" ضحكت سما للأمر.

لطالما كانت متقلبة المزاج جداً, فهي قد تبكي كالطفلة ثم تصفق بفرح ثم تغوص بهدوء في عالمها مفكرة ثم تقفز بعدها كالبلهاء, وكله في آنٍ واحد.

ثم عادتا للهدوء لتشرد سما بكيف كان شخصها يتحملها ويحدق بها بحب وهي تتحول لألف مزاجٍ بالثانية, أو كيف كانت تغوص في نومها بهدوء في حضنه ويكأنها لا تعاني من الأرق.

كانت سما مع شخصها شخصاً آخر, لم يعرف أحدٌ سما بعد أول شهرٍ لهما وهما عائدين من السفر, كانت تختلف كثيراً, كانت الحياة تضج فيها.

نظرت سما لليان التي فتحت هاتفها المحمول لتضغط عليه سريعاً وكأنها تكتب رسالة لشخصٍ ما, دعت سما من قلبها أن تكون الرسالة لجون, وبأنها ستعطي للعلاقة فرصة.

وفي هذا الهدوء أسترجعتْ سما ذكرى لشخصٍ كانت تكن له المشاعر يوماً, ودارت بينهما علاقة غريبة, كان يكن لها المشاعر حتماً لكنه لم يبح بها أبداً, وقد تألمت سما جراء ذلك بالفعل لكن جاء بعدها توأمها ونست أمر ذلك الفتى ولم تعرف أخباره فترة من الزمن.

" آه لم أخبركِ.." قطعت ليان الصمت بقولها, وراحت سما تنظر لها لتكمل " لقد دعونا لإجتماع الأصدقاء الذهبيين" رفعت سما حاجباً مُعلقة " لإجتماع ماذا؟" ضحكت ليان مجيبة " هذا ما أسمته مارينا, لقد أطلقت على اللقاء هذا الإسم لأن جميع المدعوين هم أصدقاء الجامعة".

.

وجَـعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن