الفصل الاول

870 78 184
                                    

في الحد الفاصل بين القارتين الاسيوية والاوروبية تقع مدينة برادايسوس البديعة بطبيعتها الخلابة بسبب وفرة الانهار والبحيرات في اراضيها
ارتفعت جبالها المزخرفة بألوان الاشجار الخضراء وتزينت ضفاف شواطئها بالرمال الذهبية فوصفت بكونها الجنة القابعة على الأرض
وكان اهلها ينعمون بالسكينة والسلام ؛ مكتفين بما لديهم من موارد طبيعية لعيش بسيط وكانت لقمة الطعام لهم وفيرة لانشغال اكثرهم بالزراعة وقطف المحاصيل
لذلك انصرفوا الى العلم انصرافاً تاماً فجمعت الحكماء الذين يسعون الى تطور الحضارة والمزارعين المكتفين ببساطة حالهم بعيداً عن الحرب والسلاح
ورغم بساطة ساكنيها الا انهم عرفوا بالتقدم في جميع نواحي العلوم والفنون حتى أصبحت الحضارة الأكثر تألقاً وبساطة في آن معاً مما جعلها نصب أعين الطامعين .

عند اسوار تلك المدينة وقفت جيوش ممالك الشرق الاسيوية منتصرة بعد حرب قصيرة المدى كان النصر فيها حليفها امام مملكة أقوى أسلحة رجالها العلم فكان حد السيف هو الحكم الفصل فيها
فتحت ابواب المملكة معلنة انهيارها تحت سلطة حكم تلك الجيوش المتعطشة للدماء والباحثة عن خيرات هذه البلاد
وعلى مقدمة ذلك الجيش المقدام كان الحاكم يعتلي خيله العربي الأصيل مغتراً بنصره الجديد معتداً لاتساع اراضي سلطته حتى طالت أحد أهم المدن التي قد ترتقي بحكمه ومملكته نحو القمة ..

مظهره الفذ المنيف ؛ ملامحه الحادة التي رسمت بريشة التسلط والجمود ، الشرار المتطاير من حلكة عينيه القاتمة
ثيابه الحربية النفيسة التي كانت تستر بدنه القوي حتى لأن عضلات صدره المرصوف تكاد تبرز من بزته المصنوعة من الفضة الخام بينما تحفر على وجهها رسومات هندسية تشبه شكل الشمس يتداخل في دائرتها رموز القمر بجميع اشكاله
وكأنما تصف تلك الرسمة المنحوتة صفة صاحبها الأشبه بكسوف القمر ؛ فيه من الغموض بقدر ما فيه من تجلي القوة الساطعة كيقين الشمس ..!

أرخى رسن حصانه الأسود كالليل بعد ان وكزه بخفة بكعب حذائه ليتقدم داخل أسوار المملكة بفخر وهو يمسك بيمينه لجام حصانه بينما يرخي شماله على مقبض سيفه الذهبي
تتصلب أكتافه باستقامة كأنما لم يكن في خضم الحرب لساعاتٍ طوال على حدود المملكة حتى أضحت سبيته !

بأطراف نظراته كان يلتقط تعابير أهل المدينة ووجوهم الواجمة لهول ما هم فيه من خوف على ارواحهم بعدما غدا جيش المدينة جثثاً مترامية على مداخلها
معالم وجهه المتغطرسة ما كانت لتظهر ابتسامة انتصار كنت تتراقص في صمته لكن غروره وكبرياءه هيمنا على اي شعور اخر غيره
عليه ان يبدي مدى قوته وحزمه امام شعبه الجديد فبغير ذلك لن يكون حاكماً تهابه الجيوش وتخشاه الشعوب ..!

وصل أخيراً أبواب القصر الحاكم فشرعت الأبواب امامه على مصراعيها وكأنما هو حاكمها الأزلي بينما وقف امام البوابة صديقه المقرب ومستشاره الأول وقائده الحربي ويده اليمنى اينهيوك ليحيه بابتسامة بقدر دهائها فاتتة كأنما يخبره بلغته الخاصة ان كل شيء يسير كما هو مخطط له تماماً
ومن جهته كان رده بشبه ابتسامة جانبية ماكرة قبل ان يترجل من فوق حصانه فأسرع احد رجاله ليأخذ الرسن بينما تقدم هو بخطواته الواسعة التي تدب بلاط القلعة بصلابة كأنما يحذر ساكنيها من اعصاره القادم

" القمر الأزرق | Blue Moon "Where stories live. Discover now