بارت٦

10.2K 372 14
                                    

بارت 6


وكتائهة في وسط غابة جرداء،  في روحها كل العذاب والألم، لملمت شتات نفسها الضائعة، وما تبقى من روحها الضالة الشاردة،
وخرجت تبكي تجر أذيال الخيبة والانكسار، قلبها يأن بفزع، يرتجف كمن يهزه في غربال يرُجه بلا رحمة أو هوادة
ترتاع بشدة عندما تسبح بخيالها وهي تتصور أهلها يرونها تعود إليهم بعد ساعات قليلة من ليلة عرسها، لا بد وأنهم سيصابون بالخَبَل ورأسهم حتما ستمتلأ بالتُراهات التي لا أساس لها من الصحة.
أبصرت أعين العاملين بالفندق ترقُبها بنظرات تشي بالكثير، وكأنهم ينعتونها بأعينهم بالآثمة أو المذنبة ، حاولت التخفي من نظراتهم المهينة تلك خلف غطاء رأسها وأكملت بقية سيرها في الرواق بالركض أشبة بالعَدْو كمن يهرع من عدو يريد النيل منه، وبالرغم من سرعتها في الخروج الا أن أذنها استطاعت أن تلتقط بعض من همساتهم التي يرشقونها في حقها كأسهم تخترق مسامعها فتصيبها بالصمم من شدة قساوتها وفظاظتها.
طأطأت رأسها أرضا وأمسكت هامتها بقوة تشدد  من ضغطها على أذنيها حتى لا تسمع ما يقذفونها به من كلمات كالحجارة يتلقفها قلبها، فيعتصر بأنين لو سُمِع لأطرش العالم بأسره .
ودت لو استطاعت أن تصرخ بكل ما أوتيت من قوة حتى لا يبقى لصوتها أثر، لا تدري ما تفعل وما العمل، كيف تعود لأهلها هكذا، كيف تخرج من هذا المأذق الذي لا ملاذ منه.

فكرت في مخاطبة أخيها فهو لها الاحتماء واللجوء ليخرج صوتها من بين شهقاتها
_مفيش غير ماجد هو اللي هينجدني.
أخرجت هاتفها وضغطت على اسمه منتظرة الرد، لكنها سمعت الرسالة المسجلة
_ هذا الرقم غير متاح حاليا .
حاولت أكثر من مرة ولكن لا فائدة، فعلمت أنه قد سافر لعمله ، لذا لم تجد بُد من مهاتفة والدها ليوقلها من هذا المكان، فهي لا يجب أن تظل هكذا في الشارع في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل وحدها.

ليأتي والدها بعد عدة دقائق مهرولا، يتخبط في سيره، يبحث بعينيه الزائغتين عنها كمن أصابه العته، ليجدها تربض على مقعد على جانب الطريق، يُسمَع شهقات نحيبها من بعيد.
اقترب منها متوجسا أن يكون ما يفكر به صحيحا وخاصة أن عقله وشيطانه لم يتركانه وشأنه طيلة الطريق.

ما إن لمحته حتى إرتمت بين يديه بشدة كمن وجد ضالته أخيرا، تنتحب بعويل يصم القلوب قبل الآذان، بدا مشدوها لا يعرف ماذا يفعل أيواسيها أولا، أم يسألها لمَ تركت زوجها في يوم عرسها؟
ربت على ظهرها بحنان بالغ فهي في الأخير مدللته الغالية، قرر أن يعود بها إلى المنزل وفي الطريق يسألها ما حدث.
لكنها لم تجيب أي من أسئلته قط... فقط تبكي وتبكي وتتشبث به كطفل صغير وجد أمه بعد طول غياب

وصلا إلى المنزل، لتجد أخيها الأكبر" ماهر"، يتلقاها بصفعة قوية لم يتحملها صدغها الرقيق فسقطت على الأرض على حين غرة،
وأعينه تأجج بشرارات من الغضب ستلتهمها من شدتها وهو يقول بصوت انتُزع منه الرأفة
_عملتي إيه علشان جوزك يرميكي ليلة فرحك يا حقيرة؟.

ليتك كنت سندي بقلمي_أسماء عبد الهاديWo Geschichten leben. Entdecke jetzt