الفصل السادس والعشرون

11.6K 272 40
                                    

الفصل السادس والعشرون

لم يخطر بباله يوما أن يكون بهذا الانهزام حتى في أصعب لحظات حياته .. أن تكون كل رغبته رؤية مَن تملكت قلبه بعد سنوات ..
يقاوم أكمل الضباب الذي يحيط به بكل ما تبقى من قوة واهنة .. الخدر يسري بجسده إثر آلام عضلاته ..
وتلك البرودة التي جمدت يده المجروحة رغم نزيفها الذي لم يتوقف إلي الآن ..
يفتح عينيه الغارقتين بالدماء من جرح رأسه بضعف وأنفاسه تتباطأ كدقات قلبه وهو يحاول النهوض فيتثاقل جسده المنهك ليقع على الطريق مجددا ..
يمد أكمل يده اليسرى يحاول الوصول لهاتفه بجيب سترته حتى أخرجه ليطلب رقما ربما لن ينقذه لكنه يحتاج أن يسمع صوتها قبل أن يفقد وعيه ..
يرن الهاتف ببطء وملامحه تزداد تألما محاولا الصمود حتى يُفتَح الخط ..
بعد لحظات تدق على ألمه أتاه صوتها بنبرتها المتحفظة فينعقد حاجباه باختلاجة قلبه المُعتصَر ليناديها همسا ضعيفا :

" شمس "

تصمت شمس لحظات استغرابا ثم تقول :

" صوتك بعيد جدا لا أسمعك "

لم يرد وأنفاسه تخرج بصعوبة فيسمع صوتها قلقا :

" أكمل .. هل تسمعني ؟ .. أين أنت ؟ .. أكمل "

شبه ابتسامة تتحرك بها شفتاه وهو يسمع اسمه عفويا بصوتها القلق وهو لا يرد فيأتيه صوتها مجددا :

" أكمل رد عليّ ما بك ؟ "

يزداد جرح رأسه نغزا فيهمس بصوتٍ شديد التألم :

" شمس .. أنا .... "

ينقطع صوته فتقف شمس تهتف بخوف وهى تتخيل ما يمكن أن يكون حدث له :

" أكمل ما بك ؟ .. أخبرني أين أنت ؟ "

يغمض أكمل عينيه على الظلام وصوت صفير بعد منتصف الليل قائلا :

" في شارع (.... .....) ... "

تدخل شمس غرفتها لترتدي ثيابها مسرعة كيفما اتفق وهى تقول بلهفة :

" أعرفه .. ثوان وأكون عندك لكن ابق معي على الهاتف .. أكمل هل تسمعني ماذا حدث لك ؟ "

لم يصلها منه رد ولم تدرك أن دموعها لمعت بعينيها وهى تأخذ حقيبتها وتخرج من المنزل للطريق العام ..
توقف سيارة أجرة وهى تدعو الله أن تقف لها في هذا الوقت المتأخر وحمدت ربها أن توقفت لها السيارة بالفعل فتركب سريعا لتخبر السائق اسم الشارع القريب من المنزل .
يلهج لسانها بالدعاء وهى تشعر بقدوم مصيبة والسيارة تدخل الشارع فتلمح سيارة أكمل السوداء على بعد قريب فتأمر السائق بالتوقف جوارها وتترجل مسرعة تركض نحو السيارة تبحث عنه .
تتسع عيناها برعب وهى تنظر لجسده الملقى على الطريق حول رأسه خيوط من الدماء فتتجه إليه تسقط على ركبتيها لترفعه من كتفيه على ذراعها وصدمة ملامحه المغطاة بالدماء تشل تفكيرها وهى تهتف بهلع :

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)Where stories live. Discover now