الفصل الحادي عشر

10.1K 274 13
                                    

الفصل الحادي عشر

نهاية الأسبوع التالي .. منزل سليمان العامري

غطى منديل أبيض حريري على طرفه حرفي – القاف والحاء – يد حمزة الموضوعة بيد عمه الحاج سليمان ..
تعلو يد المأذون له بإتمام عقد القران فوق المنديل وهما يرددان خلفه ما يقول حتى انتهيا ليخطف أحد أصدقاء حمزة المنديل ثم تعلو الزغاريد لحظات طويلة ..
حتى يسمع الجميع صوت الشيخ الجليل في دعاء للزوجين ثم حمد الله – سبحانه - والصلاة على خير الخلق رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
فتعلو الزغاريد مجددا وتصم الآذان عما سواها فتبدو وكأنها لن تتوقف ..
ووسط ذلك الرنين الآخاذ تجلس قمر بفستانها السكري ذو النقوش – الهلالية - الحمراء المنتشرة على عنقه وجانب خصره وذيله ...
نصف قمر .. بل هلال .. هكذا كانت منطفأة أو نصف مضيئة .
إنطفاء يحاكي روحها التي خمدت في الأرض بعد أن رفعت قدميها قليلا وكانت على وشك تجربة مذاق التحليق .
التدريب متوقف منذ أسبوعين .. أو هى التي أوقفته بعد مكالمتها لأكمل فعرفت أن حلمها بات مستحيلا .
فصارت جدران غرفتها كـ - سجن – فرضته هى بنفسها على نفسها منذ أسبوعين ..
أسبوعان لم تتمرد فيهم سوى برفض موعد عقد القران الذي اقترحته شاهندا وتحمس له حمزة ثم الجميع إلا هى .
كرغبة منها لتأجيل المحتوم .. وما فائدة التأجيل الآن بعد أن عادت للصفر ؟!.
واستسلمت .. ووافقت .. وماذا عاد لديها في الحياة سوى .. حمزة ؟!
استسلام صارت تستسهله مؤخرا حتى في إختيار شمس لفستان عقد قرانها المغلق للعنق بأكمامه الطويلة الدانتيل .
رائعا كان عليها ينسدل محددا رشاقتها إلا أنه لا يحمل روح التمرد بداخلها .. هادئ بارد مثل شمس رغم – الآهلة – الحمراء المتوهجة عليه ..
إلا أنه ليس من إختيارها وهذا بحد ذاته يجعل منه بشعا وإن كان أجمل فستان بالعالم .
- ضيفة - جالسة كالمدعوين على الكرسي بجوار والدها لا تشعر سوى بنظرات حمزة المشتعلة ثم طلب المأذون توقيعها في مكان ما فوضعت اسمها بلا شعور .
يبدو أنه قد انتهى كل شئ !! .
ونهض الحاج سليمان يقربها إليه .. جمودها في حضنه الآن يجعلها راغبة بالبكاء ..
تبكي على نفسها .. على طموحها .. على أحلامها .. على حياتها التي خرجت من التعليم لتُرمَى في ما يسمونه القفص الذهبي ..
ولكنه فقط .. قفص .

ها هى النظرات النارية تقترب منها فيختفي العالم في لحظات بضجيجه وبريقه ويشب - حريق - صامت يكاد يلتهمها إلتهاما في هذه اللحظة ..
موجة حارة تلفها لفا فتحيل الرؤية كلها - لضباب - كثيف يخترقه ذلك الحريق المتمثل بكيان أصبحت تنتمي إليه ..
واقترب .. وابتسم .. فأشرقت آشعة الشمس النارية لمروجه الخضراء المشتعلة ..
وسيما أكثر مما يحتمل قلبها في يومٍ كهذا في حلته السوداء وربطة عنقه الحمراء ..
إبتسامة – تملك - ذائبة في إشتياق طااااال حبسه لتتهدم اليوم أسوارا عالية وتتقاذف شهبا حولها تحمل – أصفادا – بلون عشق لم تدركه بعد..
إبتسامة خاصة .. ونظرة أكثر خصوصية .. تشملها كلها فكأنما تتنقل بحرية ما بين المادي والمعنوي بها بسلاسة خبيرة بمكنوناتها ..
قلبها .. عقلها .. روحها .. كيانها .. و .... جسدها
وشعرها الأحمر المستفز المفرود على ظهرها ناعما لامعا .. وفستانها الخلاب الذي أطاح بتخيلاته .. وعيناها بنظرة التوهان الساكنة بهما .. ووو... شفتاها ....
وتتوقف كل لحظة .. لحظة ...
لحظة فقط دعوني معها وحدنا ....
أنا .. وهى .. وشفتاها ...
آشعة قمرية .. والليلة هلالية .. لمَ كل فساتينها تبدو وكأنها فُصِلَت لها ؟!
إبتسامة أكثر إتساعا وصدر يفيض بما يفيض وقبلة جبهة دافئة وأنفاس حارة لاهبة وغمضة عين ساهرة وهمسة ندية ناعمة :

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)Where stories live. Discover now