77

815 10 0
                                    



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)

الجــــزء السابــــع والسبعــــون

أُحبُّكِ
كيفَ تريديني أن أبرهنَ أنّ حضوركِ في الكون ..
مثل حضور المياهِ ..
ومثل حضور الشَجَرْ
وأنّكِ زهرةُ دوَّار شمسٍ
وبستانُ نَخْلٍ
وأُغنيةٌ أبحرتْ من وَتَرْ
دعيني أقولُك بالصمتِ
حين تضيقُ العبارةُ عمّا أُعاني
وحين يصيرُ الكلامُ مؤامرةً أتورّط فيها
وتغدو القصيدةُ آنيةً من حَجَرْ

لـ نزار قباني

شهقت ببكاء وهي تضع كلا يديها على وجهها الممتقع لم تتحمل رؤيته وهو ملفوف القدم ويعرج ماشياً نحوها بملامحه المرهقة المرهقة على نحو ارعشها وقبض قلبها الصغير !
جرّها بحنو حتى جلست قربه بينما يقول بخشونة صوته المبحوح: استهدي بالله موزانه قلتلج ما فيّه الا العافية
: كـ .... كيف ما فيك شي ..... وووو ... وانت ........... وانت متعور وتعري ......
قهقه بشحوب هاتفاً وهو يمسد رأسها: ههههه شو اسوي بعد قدر الله وما شاء فعل .... طحت وانا ارقى اليبل مع الشباب
ارتعشت شفتيها بانفعال هادرة: انت .... انت عمرك ما طحت من يبل ... من يوم عدك يااااهل
كشر وجهه بافتتان اخوي عذب وهو يقول محاولاً إلهاءها عن قلقها/مخاوفها: وافديت الحس الحينه البنات يوم يكبرن يغدي حسهن جيه غاوي !!!
ضربت يده وهي تقول بميوعة فطرية وخداها تحترقان من الخجل: ايييييييييييه حارب ....
حارب: هههههههههههههههههههههههه
مطت شفتيها وهي تنهره بقلق: لا ترقى ايبال مرة ثانية لو في الأخير بتردلي مكسر مجسح
ابتسم لها بحنانه الذي لا يظهر بصورته الفاتنة الا لأحبائه والقريبين من قلبه قبل ان يقطب حاجباه بوجع من قدمه المُصابة ويقول مقاوماً إياه بقوة: ان شاء الله ....... ا ........ احم ............. وينها ناعمة ؟؟
اشرت بأنفها للخارج وقالت: اظنتي بعدها واقفة مع عمها ....
نظر لباب المنزل الموارب وجود سلطان الذي قام بتوصيله من المشفى الى المنزل واستمرار وقوفه في الخارج
ويعلم سبب وقوفه في الخارج الى الآن .............. انها ناعمة !
لابد وانها تجري معه تحقيق شرس كي تعلم منه سبب اصابته
كتم ابتسامته بقوة .......... واثقاً انها ابداً لن تستطيع معرفة أي شيء عما جرى من عمها ........

.
.
.

ضربت رجلها الأرض وهي بالكاد تستطيع السيطرة على دموعها: عميه شبلاه ...!!!
رد بحزم حانق: نعوم قذيتيني تراج ..... قلتلج ما بلاه شي .. رقى يبل مع ربعه وطاح وانكسرت ريله
هدرت بانفعال وصورة حبيبها المُصاب تنهش قلبها نهشاً لا يرحم: ماصددددددق .. هاي مب لفة واحد مكسورة ريلـ........
هتف بغضب حقيقي فـ آخر ما يرغب به الآن وهو منهك الجسد/الفكر ان يقف ويستمع لصراخ ابنة أخيه واستنتاجاتها الذكية التي لا تخيب ابداً: اجّذبيني يعني نعووووووم !!!
تراجعت وهي ترمش بسرعة وحدة بعينان تلألأتا بقوة من الدموع وقالت بحشرجة: ما اجذبك عميه بسسس .......
هدر بقسوة: سيري طاعي ريلج شو محتاي وفكيني من الصدعه .... ورايه اشغال انا هب متفيج لج
هديره الأخير اظهره "متعمداً" بحدة/قسوة كي تخاف وتتراجع ويتنفس الصعداء من انهاء تحقيقها الذي "كان سيتمادى ان سمح هو بطيبته بذلك" !!!!
زمت فمها بقهر مجنون واستدارت مهرولةً نحو المنزل
زفر بنفاذ صبر وقال مهاتفاً نفسه: افففففففف ......... ما بغت تعتقنا بنت هامل ..... حشى كلت فواديه اكل على ريلها ....
ثم ................ وببطئ شديد ................ ابتسم بمكر صبياني ......
اها ............ اذا فالمحارب قد تمكن بحق من نيل قلب الاميرة السمراء العنيدة ........

.
.
.

في الداخل

ترك اخته ليدخل الحمام ويتوضئ بعد خروجه وجد الصالة فارغة من احد فـ ادرك ان ناعمة وموزة لابد وانهما في المطبخ يحضرن العشاء
شيء ما في روحه ارتعش ............ أحقاً منزل محمد ونيلا سيعود للحياة الآن !!
أحقاً سيتمكن وشقيقته ............... من العيش فيه بسلام بعد الحادثة الأليمة !!
توقف وهو للتو يلاحظ ان اخته كانت في المنزل ..... بينهم وليست قابعة كعادتها في الملحق !
رباه أتمكنت اخيراً من دخول المنزل بأريحية وعدم خوف ام ان مجيئه وهو بتلك الحالة المريبة المثيرة للقلق هو من جعلها لا ارادياً تدخل المنزل ورائه من غير ان تشعر !!!!
مهما كانت الإجابة فـ لا يهم المهم انها الآن معه هنا اخيراً .........
وسط مشاعره العاتية ............. الجارفة ............ توجه نحو مكتب والده .......... ودخله ..........
تأمل المكان العتيق عدة لحظات قبل ان يخطو خطواته المتعرجة الثقيلة متجاهلاً بقهر ألم قدمه حتى استقر واقفاً امام مقعد ابيه الكبير الفخم والذي يذكره دوماً بمقاعد القضاة في المحاكم ....
انهار جالساً على المقعد .............. تاركاً مشاعره تتناثر بوجع/شجن على الطاولة
هذه المرة بلا تردد .. بلا ربكة .. بلا حرج ... بلا اية كتمان وسيطرة على النفس !!
تمايلت خطوط الحزن والوجع على خطوط وجهه وهو يخفض رأسه ويسنده على الطاولة مغمضاً عيناه الحمراوتان الشاحبتان بحرقة
: شو يا حارب ...؟!
رفع رأسه بعنف متلهف نحو الذي تحدث معه فجأة
كان والده ...... يجلس على الكرسي الذي امام طاولة الشطرنج الخاصة به ..........
ابتسم والده بحنان جارف وقال: شو يا ولديه ..؟! ما بردت يوفك لين الحينه ..؟!
هز رأسه بـ ضياع ............. ضياع يخنقه حد السماء/الأرض
هتف بحشرجة محترقة: يوفي ما بيبرد الا بلقاكم
اتسعت ابتسامة والده وقال: بنتلاقى ان شاء الله ... بنتلاقى كلنا يميع بإذن الواحد الاحد
همس بأجش ملؤه اللهفة والشوق المجنون: متى !!!!!!
: ههههههههههههههه لاحق علينا يا ولديه ... عيش حياتك .....
ابتلع ريقه بصعوبة قائلاً: حياتي بلياكم سقم ....
: واختك موزة ........... وحرمتك ناعمة ............ نسيتهم
هز رأسه بالنفي الحاد وقال بصدق: لا ........... ما نسيتهم ........... بس انا اباكم
تأمله والده ببسمته الرقيقة ............ وقال: تغيرت يا حارب
لمس حارب ندبته ........ قبل ان يقول بنبرة متعذبة متذكراً الشخص الذي كان لأجله جرح وجهه: وين امايه !!
: امك مرتاحة يا ولديه .... مرتاحة لا تحاتيها
ارتعش صدره وهو يقول بتوهان ..... بحرمان ..... بـ فضيان: قولها ................... قولها حارب يقولج .............. آسف
أبا حارب بحيرة: على شو ..؟!
انزل عنقه محدقاً بالطاولة بتضبب وقال مسترسلاً مشاعره بحرقة لا قبل لها ولا بعد: آسف لاني ما حميتها آسف لاني ما حميتك انت من نفسك آسف لاني ما حميت عبيد ولا ولا قدرت احمي موزة من الويع والحزن آسف لانييييييي ........
لم يكن يعلم ان دموعه "لأول مرة منذ حدوث فاجعة حياته" تنهمر على خده الحار ............
لم يكن يعلم حتى انفجر من فرط مشاعره ورمى كل شيء على الطاولة بقبضة واحدة قاسية مزمجراً بلوعة: آسف لاني ما دفنت روووووووحي معااااااااااااها
ضرب ندبته بقسوة مجنونة وهو يردف: ما صلخت الا ويهي من حر ما فيه ما صلخت الا ويهي يا بويه وانا اللي كنت أبا اصلخ الدنياااااا وما فيها اصلخ يلدي وفوادي وروووووحي اصلخ واجتل كل البشرررر من عقبها ...
شهقت وهي تتراجع بتعثر .... وبوجه احتقن وامتقع من الهلع والصدمة .........
إلهي ................ أكان هو من تسبب .............. بندبته تلك !!!!!
مرّت صورته وهو يجرح وجهه بنفسه وانتفضت برعب تام وبعفوية قلبها المتيم به تساقطت دموعها بحرارة شديدة .........
ولم تنتظر ليست وهي ترغب باحتضانه واخفائه عن العالم كله حتى عن آلامه واحزانه ومرارة ما يجيش في روحه الحبيبة
اقتحمت غرفة المكتب بحدة لتراه يقف باستنفار وهيجان قبل ان يوليها ظهره بردة فعل خرجت عفوية كي لا ترى دموعه ........
اهتزت نظراتها بألم وهي تهمس مقتربة منه: حـ ......... حـار.........
امرها بقسوة وهو يمسح دموعه بخشونة بظاهر يده: طلعي
هزت رأسها بالنفي .... لتقول بعناد: لا
هدر بحدة مصراً الا يريها وجهه الى الآن: طلعي ناااااعمة
اغمض عيناه وهو يستشعر اقترابها منه شيئاً فـ شيئاً وقبل ان يزمجر طارداً إياها للمرة الثالثة .......
كانت تحتضن ظهره بعاطفة شرسة وتقول من بين دموعها المنهمرة: لا لا ما بطلع ما بروح مكان من يوم وساير انت ما بتعاني روحك ما بتتضايق روحك ما بتشوف الحزن روحك عمري ما بخليك حارب عمري اصيرلك الام والابو والاخو وكل شي في الدنيا اصيرلك السند والعون والراحة بس دخيلك لا تبعدني عنك ولا اتفكر تكتم همومك وضيجك وانا عندك دخيلك
ادار جسده نحوه مستنشقاً الهواء حوله بصعوبة بصمت وباختناق مريع !
كانت آلامه هذه المرة واضحة شفافة لا تشوبها شيء ...........!
لمست ندبته برقة مُعذبة تحت همسه الغليظ المكتوم المبحوح: شو سمعتي ؟؟
رفعت نفسها إليه برؤوس أصابع قدميها وبصمت تام لا يشوبه سوى انفاس حارب الهادرة اخذت تقبل ندبته المظلمة بحب بغرام بحزن وبعاطفة انثى شرسة مندفعة فياضة بالحنان .......
حتى سمعته همسه الأجش الخافت: نـ ..... ناعمة .....
: يا روح ناعمة ............ يا روحها وعمرها كله
اخذ نفساً حاداً طويلاً وهن يغلق عيناه قبل ان يفتحهما ببطئ ويقول بصوت خافت انما قوي ووحشي: لا تفكرين في يوم تخليني
تلألأت عيناها النجلاوتان بدموع العشق وهي تهمس: حد يتخلى عن روحه ..!!!
غرس أصابعه الطويلة من طيات شعرها الغجري الأسود ومن غير ان يرد على كلماتها "الشافية" بكلماتٍ يعرف جيداً انها لن تخرج كما يريدها من جوفه ..........
جرّها نحوه بعنف .............. واغلق فمها بـ فمه ..............

.
.
.

جثى على ركبته ........... مقبلاً بانفعال يد والدته ............. وركبتها .....
انتفضت بفزع وهي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم ... شبلاك ابويه !!!
رفع رأسه بـ عقاله الذي مال قليلاً بسبب جثيته المفاجأة صادماً والدته بعيناه اللامعتان بمشاعر لا قبل لها ولا بعد: راضية علي امايه !!!
كررت سؤالها بقلب منقبض منتفض فوجه ابنها الحبيب لا يبث في قلبها الراحة البتة: بطي حبيبي شو فيك بسم الله عليك
بينما هو يكرر بـ قوة بـ هيجان موجع: راضية علي يا عين بطي ..؟!
اجابته بـ اندفاع وصدق ورضا: هيه يا عيون امايتك .... هيه ...... راضية عليك دنيا وآخرة ... شبلاك فديتك ... زيغتني ......
ماذا يقول لها !!!
أيقول لها انه شعر بهلع فقدها بعد معرفة ما جرى لـ حارب على لسان سلطان بعد ان اصر عليه ان يعرف سبب وجود "حارب المُصاب" معهم !!!
أيقول انه علم بـ امر عائلته المغدورة وبالتفصيل منذ سويعات قليلة لهذا فقط شعر ان غضبه وحزنه على مقتل أخيه لا يساوي شيئاً مقارنةً بحزن حارب المكبوت على مقتل عائلته كلها !
أيقول لها انه لم يستطع رفع سبابة واحدة على ذاك الحقير المدعو بـ أبا مرشد فقط لأنه شعر بالتفاهة لما فكّر بفعله !
أينتقم بعد انتقام حارب !
أيتحدث ويسب ويشتم ويخرج ما في جوفه .......... بعدما اخرج الأخير كل ما في روحه اليوم !!!
أيكون بخيلاً ولا يعطي لـ حارب السعادة في امتلاكه وحده انتقامه !
انتقامه للجميع ومن ضمنهم اخاه الكبير ............... سعيد !!!!
ماذا أقول يا امي ............. وكيف سأقوله !!!!!
آآآآه .....
اشهد ان الموت حق ..... وان الساعة حق ..... وان رضاك حق ..... يا من بعد عيناها يقفل باب من أبواب جنانه عز وجل
اغلق عيناه اللتان تحرقانه بالفعل من فرط ارهاقه النفسي والعصبي قبل ان ينزع بحدة عن رأسه شماغه وعقاله باقياً بـ قحفيته البيضاء الرقيقة .........
ومن غير ان يجيبها ........ وضع رأسه على فخذيها وهو يهتف بـ صوت مكتوم مختنق:
لا خلت عيني منج يالغالية ... الدنيا بلياج ما تسوى شي في ذمتيه .....

.
.
.

امر اعوانه بحزم بالغ: هاتولي مانع
قال إبراهيم متسائلاً: بتخبره الصدق ؟!!
سلطان: اني تعمدت اخلي بومرشد يشرده عسب نخليه يتعاون معانا من غير ما يعرف !!
ابراهيم: هيه ...
قال خلفان بحيرة: هب عسب جيه بس ..... وماظنتي قلتلنا السبب الصدقي ورا خطتك هاي ...
تنهد مخرجاً أنفاسه من انفه ليقول بعدها بشفقة واضحة: مانع ولد مسكين ضحية أبو مهمل وريال راعي جرايم وفعايل دنية غير انه يتحراني ذابح ابوه ..
ابراهيم: منو اللي ذبحه عيل ..؟!
اجابه سلطان ببساطة: بومرشد اللي ذابحنه
خلفان: ليش !!
سلطان: لانه غدر فيه معطنه وكالة يخته عسب يقدر يهرب خلاله ذهب من الامارات لـ عمان يلين افريقيا بومانع سرق الشحنة كلها مع واحد من اللي كانوا وياه بس الثاني تنازع مع بومانع على النسبة اللي كان يباها من الشحنة جان يسير عند بومرشد ويخبره باللي صار بس على هاييج الساعة بومانع قسّم الشحنة واودع كل جزء منها في بنك بنك في اثيوبيا وبنك في النيجر وبنك لو ما خاب ظني في السودان وموصي ان مات محد يفتح الخزاين الا ولده مانع ..
خلفان بحاجب مرفوع: عسب جيه حرص يخلي مانع قريب منه ...
سلطان: هيه نعم .... طبعا عقب ما اوهمه اني انا اللي جاتل ابوه ..
إبراهيم متسائلاً: وانت بغيت تعطيه فرصة ايديدة عسب يعرف الصدق ويعيش حياة نظيفة من اول وايديد !!!
: هاللي بغيته ... لكن السؤال هو .... هل مانع يستحق هالفرصة !!
خلفان: ليش ما سألت نفسك هالسؤال قبل ما اطلعه !!!
سؤال خلفان ارجعه لذلك اليوم ................ قبل اشهر مضت ..........

.
.
.

امسكت كفه وهي تحاول تقبيلها بـ ذل وضعف وخزي: ابوس ايدك يا ولديه .. ابوس ايدك .... انا ما عندي الا الله وانت يا ولد الايواد
جرّ يده هاتفاً بصوت قوي صارم: استغفر الله العظيم يا امايه ولدج هب مسجون بتهمة سرقة هوش ودياي بارك الله فيج .... تهمته المساس بأمن الدولة غير الجتل والخطف والأمور الثانية اللي مابا اقولها عسب لا اطيحين علينا ميتة ولدج يا ام مانع ما يستاهل هاللي تسوينه عشانه ....
هتفت بصوت باكٍ متحشرج موجوع: قلتها ولديه يستاهل عويناتي ان بغاهن الله يخليك دخيل كل من له غلا في فوادك ساعدني ..
وقفت وهي تكمل بهستيرية ام مفجوعة ملتاعة: اضمن لك انه ما بيرد لهالدرب موليه اوعدك بس دخيلك طلعه عطه فرصة ثانية وطلعه دخيييييييلك
سألها وهو يشعر بالضغط العاطفي الذي يكره معايشته خاصةً في مجال عمله القاسي: منو دلج عليه ...!!
ابتلعت ريقها وهي تجيبه بأمل: سمعت اسم عمك وايد على أيام بومانع الله يرحمه ويوم بغيت اسيرله قالولي متقاعد بس ولد اخوه موجود وهو ماخذ منصبه الحينه ..
اومئ برأسه هاتفاً بشرود: خير خير
سألته بلهفة شديدة: يعني بطلعه ..؟!
ابتسم بحنان يشوبه بعض السخرية لهذه الأم التي تعتقد ان الأمور تمشي بهذه السهولة هنا: ما بيصير الا كل خير يا ام مانع ريحي فوادج
كررت سؤالها ودموعها تتساقط بعذاب: يعني بطلعه ..؟!
حولق بصوت خافت قبل ان يقول بحزم: ما اقدر اعطيج الجواب الحينه ... بس ان شفتيني داق عليج بتعرفين اني داق ومعايه اللي بيسر خاطرج ان شاء الله
وفعلها لأجل تلك العجوز فقط لا غير وبعد ان اخذ منها عهد الا تخبر ابنها بالمقابلة التي جرت بينهما !
ولأجل الخطة التي وضعها والتي ستساعده على معرفة أمور لم يكن ليعرفها الا بواسطة اتصال مانع بـ أبا مرشد بشكل مباشر وفعلي .......!
واهم ما عرفه من خلال الخطة التي وضعها ............ هي امر مذكرات سعيد بن خويدم !
فـ مانع هو من اخبر آندي ....... أي نهيان ........ بأمرها !!!!
لكن مانع ...... وبعد خطفه لابنة أخيه ......... اخذ يشك بصواب فعلته !!
هل اخطأ حقاً بإعطاء مانع فرصة جديدة لعيش حياة كريمة نظيفة !!
امه بعد كل شيء لن تتمكن ابداً من ردع شرور ابنها الا ان تمكن هو في المقابل من فعل شيء ما لايقاظه من اوهامه بأن الدنيا كلها قد ظلمته ومنعت عنه السعادة والرزق !

.
.
.

قال سلطان لـ خلفان مجيباً ببسمة خفيفة ساخرة: هاللي يسمونه غلطة الشاطر ما علينا طرشوا اثنينه ايبون مانع عندي الحينه اعتقد انه لين الحينه يتريا آندي عسب يخبره بنتايج الصفقة ....
ابراهيم: الحمدلله ما حظر الصفقة ولا عرف شو صار فيها ... ظنك بعده عنده امل من نهيان !! اقصد آندي !!!
سلطان: خل نهيان على صوب مهمته هنيه خلصت خاصة عقب ما حاز على ثقة ديرفس وخلاه ذراعه اليمين وعرّفه على معارفه في الكونغرس ....
مهمة آندي كانت الدخول لمجلس النواب الأمريكي على يد ديرفس فقط ولاني ما بغيته يلتهي بالامور الثانية دخلت حارب في اللعبة عسب الأخير يقدر يكون الخيط المباشر بينا وبين جماعة ديرفس من غير اتصال آندي المباشر فينا نبعد العين عنه وعنا
اتاه اتصال بعد ساعتان من احد معاونيه قائلاً بحيرة/اضطراب: سيدي ما لقينا مانع ....... اختفى .....

.
.
.

بعد مرور أسبوع

كانت تجلس امام النافذة الكبيرة المطلة مباشرةً على الكعبة المشرفة وتستغفر بصوت خافت منتظرةً رجوع زوجها ووالدتها من صلاة الظهر .....
كانت ستذهب معهما لولا شعورها المفاجئ بالغثيان والصداع فـ فضّلت المكوث في الفندق كي لا يزيد ارهاقها مع زحمة المسلمين الشديدة .....
رف قلبها حباً ما ان سمعت باب الغرفة يُفتح ويُغلق بهدوء
اقتربا منها وهي ما زالت على جلوسها ............... لامحةً ابتسامة زوجها الهادئة اللطيفة .....
أيام طويلة مضت وهي معه وتقسم ان اكثر شيء اخذت تعشقه به هي بسمته الرقيقة الحانية هذه !
فليصمت فليمتنع كلياً عن الحديث لكن لا يجب عليه ان يحرمها من ابتسامته ابتسامته هذه هي شفاء بعد مرض بل هي حياة بعد موت !
همست بحب له بينما تنظر لوالدتها التي دخلت الى الحمام بعد ان ألقت السلام عليها من بعيد وردت سلامها بالمقابل بخفوت
: تقبل الله ...
اجابها وهو يفتح ازرار ثوبه الأبيض العلوية ... ثوبه الذي لبسه اليوم بعد ان تحلل من احرامه واكمل شعائر العمرة مع زوجته وامها البارحة ليلاً: أجمعين ان شاء الله ................. ها زاهبة ..؟!
اومأت برأسها وهي تؤشر على الحقائب: هيه خلاص ... احمد المدينة بعيدة عن مكة ..؟!
اجابها موضحاً بنعومة: يعني حول الثلاث ساعات ونص او اربع ....
اومأت برأسها بهدوء .......... ليردف متأملاً إياها بنظرة ذات معنى: مستانسة ..؟!
تنهدت بعمق وهي تقول بامتنان حقيقي: من الخاطر ...... يزاك الله خير .... كنت محتايه صدق هالعمرة .... انا وامايه
نظر نحو باب الحمام وقال كاتماً ابتسامته: الحمدلله اليوم ام حمدان عطتنا ويه ورمستنا ...
ابتسمت له بحنان جياش وقالت: ما عليه فديتك ... شوي شوي وبترد ان شاء الله شرات اول واحسن ... الحمدلله هي عقب ما اعتمرت تحسنت نفسيتها وبدت تتقبل الواقع وتشوف الدنيا بشكلها الصدقي ..... حتى من البارحة اشوفها تاكل من الخاطر ....
هتف بصدق: زين زين الحمدلله .... هاللي نباه نحن .....
رددت حنان بخفوت رقيق: اللهم لك الحمد والشكر
سمعا الاثنان جرس باب الغرفة ... وبعفوية من احمد ......... قام ليفتح الباب معتقداً انها خدمة الغرف لا غير
لكنه وما ان فتح الباب حتى رآى امامه امرأة متشحة بالسواد كلياً عدا وجهها ........
قبل ان يهتف متسائلاً عن هويتها .... سبقته وهو يستمع لنبرة اللهفة والفضول في صوتها: اخويه .... ام عوشة هنيه ..؟!
رفع حاجباً باستغراب قائلاً: ام عوشة ...؟!
نظرت للداخل بوقاحةٍ اغضبته ..... وقال مردفاً ببرود: منو انتي ختيه ..؟!
اجابته وهي ما زالت تبحث بعيناها: ا .... أبا ام عوشة ......
اتاه صوت حنان التي اقتربت ورأت المرأة الواقفة امام الباب: منو احمد ..؟!
اتسعت عينا المرأة وحدّقت بـ حنان التي ما زالت بلباس صلاتها ولم تنزعه ............. هاتفةً بدهشة: حنااااااان !!!!
نظرت الى الاثنان بصدمة ............ مضيفةً بخفوت لم يسمعه الا حنان: احمد ............. وحنان !!!!!
عقدت حنان حاجبيها من غرابة ما تتفوه به هذه المرأة الجريئة وقالت وهي تتقدم زوجها بدفاعية وحزم طالبةً منه برقة بنظرة من عيناها انها هي من ستتولى مهمة معرفة هويتها:
منو انتي ختيه ...؟! وشو تبين ..؟!
كان احمد يتراجع بنظرة حائرة باردة غير آبهاً في الحقيقة لما تقوله المرأة فالنوم الآن هو من يحتل الجزء الكبير من عقله .....
شهقت بصوت مكتوم ما ان سحبتها المرأة للخارج بوقاحة وقلة حياء وقالت بذهول شديد: انتي متى خذتي ريل عوووشة ......!!!
من غير ان تشعر .... قالت بحدة: نعممم !!!!
انتي منو أصلا عسب تعقين الميانة ويايه وتسأليني في خصوصياتي !!!
: ما عرفتيني !!!! انا ريم ربيعة عووووشة ......
رددت حنان بنبرة لاذعة يشوبها الحيرة/الاضطراب: الله يرحمهااا
قالت المرأة بسرعة وبنفاذ صبر: الله يرحمها الله يرحمها متى خذتي ريلها اكيد خذتيه ولا شحقه انتي وياه في غرفة وحده .....
بدأت تتذكرها اجل هذه ريم صديقة عوشة المقربة والوحيدة اذ كانت عوشة تكره في الحقيقة تكوين علاقات كثيرة وصداقات منذ ان كانت طفلة صغيرة ........
حنان بحاجب مرفوع: تذكرتج .... هلا خت ريم ..... ممكن ندخل داخل عن حد يخطف ويشوفنا ....!!
أكملت بصرامة: اظنتي عيب في حقي وحقج ...... حياج حياج
ريم بعجلة: لا لا ... ماقدر اتم وياج الحينه هليه يتريوني تحت ..... بس كنت أبا اشوف امج واسلم عليها ...
حنان ببرود: ببلغها سلامج ان شاء الله
عادت ريم تسألها بفضول ...... يشوبه بغض لم تفقه حنان سببه: انتي صدق خذتي ريل اختج ...!!!
حرّكت حنان فمها بعدم رضا ...... وامتعاض لم تتمكن من اخفائه ..... قبل ان تجيبها بجفاف: هيه .... ليش السؤال !!
ريم بقهر: ما لقيتي الا هااااااا !!
قلوا الرياييل يعني !!!
هدرت حنان بحدة: عفواً !!!!
لم تبالي ريم بردة فعل حنان بل استمرت هاتفة بذات قهرها: انتي شكلج ما تعرفينه ....
عقدت حنان حاجباها بقسوة لتقول بنبرة ساخرة: وانتي اللي بتخبريني عنه الحينه !!
: ها اللي انتي مغترة فيه عذّب اختج وايد في حياتها وخلاها خبله ما تعرف يمينها من شمالها ....
اتسعت عيناها غضباً من جرأة كلمات المرأة الفظيعة وتجرأها السافر على أمور لا تخصها ولا تعنيها .......... وكانت ستجيبها برد يسكتها ويخرس لسانها الطويل الوقح ..... لولا ان الأخيرة هرعت مهرولةً نحو المصاعد ..... وهي تضيف بسرعة: خل نتلاقى صوب ستاربكس عقب صلاة المغرب وبخبرج كل شي ...
لا تنسيييين ..... عقب صلاة المغرررررب ........
: حنان بنتيه .... شو موقفنج خاري !!!
التفتت لوالدتها بشرود وهي تقول: هااه !!
: بسم الله ... شبلاج !!!
تلعثمت بتوتر: ا ا .... لا لا ..... ماشي ....
رمقتها والدتها بتعجب قبل ان تقول لها بحزم: دشي انزين عن حد يخطف علينا ويشوفنا ....
اومات برأسها بـ ضياع ..... وارتباك ............ وهي تعود ادراجها الى الداخل .......

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن