10

778 10 0
                                    

،
دجَّ ن أفعى الحزنِ في حديقتي
فأغتسل ت بالعطرِ أزهاري . .
صوتُكِ يا أنيستي
ح بلٌ من النور
نشرت فوقه قمي ص أسراري . . .
وصفحةٌ ضوئية كتبتُ في سطورها أ عفَّ أشعاري . . .
وبُ رد ةٌ عشبية ت د ثَّر القلبُ بها
فلم ي عُ د يخافُ من بر د وإعصارِ . .
صوتُك صار ملمحا مني
فما سمعتُه إلا وأ ض ح ت غيمة من أل ق داري
يُث ملني من دونما خطيئ ة
فيسكرُ الصحو على نافذتي
يزرعني ترتيلة في حقلِ قيثاري . . .
صوتك كان أوَّ ل الماشي ن
في جنازة اليأسِ الذي
أ ث ك ل مشواري . . .
وأ ولُ المسافرين ب ي إلى
ممالكِ الريحانِ والغارِ . . .
هذَّب ني . . .
أقا م جِس ر أُلف ة بين فراشاتي
وبين الريحِ والنارِ . . .
زُ خي على مسامعي لحونك العذرا ء
كي تنب ض أوتاري . . .
ل المُبدع يحيى السماوي، .
،
العين
زقزقات العصافير كانت تتراقص قرب مسامعها بكل غنج وخيلاء، ابتسمت بدفء
صرف وهي تتذكر كيف انتصرت بعد معركة طويلة خاضتها ضد محمد ابن ابنتها
المشاغب، فهو كان يدعي المرض ليغيب اليوم عن المدرسة..
ضحكت في قرارة نفسها بعاطفة جياشة..
ذاك المشاغب اللعوب..
أكُل محمد هكذا يهوى التذاكي ولعب دور الشقي المشاكس!!..
تذكرت بعدما قادتها طيوف اشجانها ل "سمي ه"
محمد الكبير .. محمد العضيد..
محمد الأب..
قبل أن يكون الشقيق!!..
لم يأخذ هذا الصغير أسمك فحسب..
بل حتى تلاعبك العذب بعواطفنا!!!...
ب تراقص طرافتك اللذيذة على اوتار حبنا لك!!..
مثلك تمام ا !!..
يهوى تعثرنا ونحن نحبو خلفه ... لسرقة لحظات من مرحه الذي "لا ينتهي"
بل وكأني أرى نسختك الصغيرة
بعد حارب!! ..
لا..
حارب والمرح!!!..
لا والذي وضع الحنين والأسى في جوف قلبي!!!...
هرب المرح عن عينا ذلك الشاب واختفى
كقطرة ماء مطر تبخرت أمام شمس طاغية!!!..
آآآآآآآآهه..
وبخفوت مبحوح ... همست بوجع: يا روووح عموتك..
التفتت لتسمع همهمات طفولية قريبة منها، رأت منصور الصغير ذو الثلاث أعوام
مفترشا الأرض محاولا كتابة كلمة ما على دفتره الصغير ..
ابتسمت بدفء وهي تجلس بقربه .. ثم هتفت بحب نقس: حبيبي منصور شو يسوي
؟
هتف منصور بملأ فمه المكتنز الجميل: أكتب اسمي يدوه
وضعت يدها فوق يده لتعلمه كتابة اسمه بشكل صحيح: شوف منصوري .. جيه
يكتبون اسمك
هتف منصور باعتداد "طفولي بريء" وهو يقلد صوت والده سيف: ابا اكتب
منصور بن سيف بن عبدالله بن خويدم ال..
تسمرت يداها ودقات بدت تسري على كامل أوردتها .. دقات جعلتها تسرح لبعيد ..
لبعيد جد ا
:ابا اكتب العنود بنت سعيد بن خويدم بن زايد ال..
هتفت ببسمة أنثوية ماكرة وهي تطعم طفلتها العنود التي لم تتجاوز عامها الثاني:
وشعنه ما تكتب عاشه بنت حارب بن سمحان ال..
ابتسم سعيد بحب عارم ... وغمس قلمه الخشبي في الحبر السائل ليشرع بالكتابة
بالخط الرقعة على الورقة المخصصة للخطوط العربية: إسمج اول اسم كتبته
وضعت عائشة الملعقة واقتربت من زوجها وهي تهتف بتشوق ناعم: وين وين ابا
اشووووف
توقف سعيد عن الكتابة وهو يضحك بخفة .. ثم أخذ يبحث من بين أوراقه عن
الورقة التي كتب عليها اسم محبوبته
ابتسمت له عائشة بافتتان وهي تروي ناظريها بملامحه الرجولية ..
يالشغف هذا الحبيب بالأوراق والأقلام!!!!..
أغار يا هذا..
وكأن تلك الأوراق البيضاء، وأقلام الحبر ما هن الا زوجاتك الأخريات!!..
قال وهو يعطيها الورقة: هاي هي
ضحكت بانبهار وهي ترى خطه المحترف الفاتن وهي يحتضن بتملك شجي حروف
أسمها..
اقتربت من زوجها وقبلته على وجنته اليسرى بحب تخلله خجل صرف، وهمست
بدلع أصاب أوردة سعيد بالقشعريرة:
لا خليت من عيون اللي يتذكرني اول وحدة
همس سعيد بصوت أجش ثقيل كثقل عاطفته بعد قبلتها اليتيمة: ماغير انتي واسمج
اهاذيبهم في فواديه يا بنت حارب
عضت عائشة شفتها السفلى والإحمرار يغزو وجنتاها بشدة .. بضراوة!!..
ثم قالت محاولة فتح حديث جديد تستنجد به من أعين زوجها اللتي تحدق بها بشكل
مُربك: امممممم سعيد شو هالدفتر ؟؟
سعيد وهو يمسك الدفتر بتساؤل: هذا ..؟!!
عدلت عائشة من جلستها لتهتف: هيه .. شو ها ..؟؟ !!
دوم اشوفك زاخن ه بس ما جد سألتك عنه..
ابتسم سعيد برجولية وقال: هذا دفتر اكتب فيه مذكراتي
قطبت عائشة حاجباها باستغراب .. وتساءلت بنعومة: يعني تكتب فيه يومياتك ..؟!!
هز سعيد رأسه بابتسامة خفيفة: هيه..
.
.
خرجت عائشة من دوامة ذكرياتها العذبة بحاجبان معقودان بحيرة..
ثم وبصمت تام .. هرعت بخفة إلى الطابق العلوي حيث مكتب زوجها سعيد
دلفت المكتب وبدأت تبحث بشكل عشوائي .. وتبحث .. وتبحث..
حتى وجدته اخير ا ..
الصندوق الذي يحتفظ فيه سعيد بدفاتره ومذكراته..
ابتسمت ب عاطفة تغرق شجنا .. ثم فتحت حتى تتنفس رائحة صدر حبيبها بين
الاوراق القديمة المُصف رة ..
تذكرت آخر دفتر د ون فيها زوجها مذكراته قبل ان يأخذ الله روحه الى جواره ..
وبدأت بالبحث عنه .. لكنها لم تجده ..
وبخفوت أخذت تغمغم باستغراب تام: وينه!!!!!!..
.
.
.
.
.
.
.
في المنزل المجاور
دخل غرفته وهو يتنفس الصعداء براحة بعد ان انتهى أخيرا من مشروعه الضخم
الأخير
انه يرغب بشدة بعد هذا الانهاك ان يأخذ اجازة والسفر مع زوجته وابنائه للاستجمام
والراحة...
أخذ يلتفت بحثا عن زوجته وطفلته الصغيرة ولم يجدهما..
ذهب لغرفة ابنائه عل ه يجدهما هناك..
وقبل أن يدلف للغرفة سمع همسات رقيقة وضحكات مرتفعة ..
:والله لو ريلج أصمخ وأشلق فأنا اللي عنديه مجسح وكل يوم يتشكى من عظيماته
ههههههههههههههههههههه..
هيه يختي محد مترقع في حياته
هههههههههههههههه خس الله عدوج يا منوووووي
ههههههههههههههههههههههه
)مجسح = كسيح(
تسمر بمكانه وضحكات زوجته العالية ترن كرنين سكين يدق على طاولة حديدية
صدمة تلك التي تلقاها
ذهول!!!!..
ذهول أخذه على حين غرة ليجرح تفاصيل عشقه الأبدي لتلك التي تسمى حبيبته
قبل أن تكون زوجته!!..
ذهول لا يستطيع وصفه وهو يسمع كلمات العنود التي تفوهت بها
بكل مبالاة معدومة
بكل احساس منصهر
بكل استهزاء تخلله احتقار صرف!!!....
استهزاء جرحه بشدة .. مزق كبريائه إرب ا !!..
مزقه بشراسة يالعنود
بشراسة!!..
التفتت العنود للباب وهي ما تزال تضحك، استغربت بشدة عندما لم ترى أحد
فهي اعتقدت ان شخصا كان واقفا هناك ..
هتفت لصديقتها بمزاح: اقول بس جب جب
مالج خص في ريلي، انا بس اللي اقول عنه مجسح
علني افدا بومايد وعظيمات بومايد .. وايه فديت طووووله..
.
.
.
.
.
.
.
باريس
مطار شارل ديغول
هتف حارب بصوته الفخم محاولا إنهاء مكالمته مع سلطان: بومييد بخليك انا الحينه
سلطان: ماشي بومحمد .. في امان الله
أجاب حارب وهو ينظر الى الفتاة التي ما زالت متسمرة امامه: في أمان الكريم
وضع هاتفه داخل جيبه ومر بجانبها بخطوات واثقة .... ثم همس بنبرة ماكرة
مُتعجرفة "تشعل الوجدان": السموحة منكم .. تعدينا مرحلة الزين وخبلنابكم..
انخفضت بسرعة اهدابها وخفقاتها أصبحت ك مجراف يضرب أسفل قاع قلبها
كان يضرب رعبا .. ذهولا .. ارتباكا ...... وخجلا انثويا قاتلا لم تعهده قط!!!!!...
هو..
هو ذاته ..
و...
و.......
ولكن ..
ك ي ف!!!!...
ذلك الرجل هندي ... وهذا عربي .. بل واماراتي يتحدث بلهجتنا نحن!!!!.....
استدارت للرجل عل ها ترى اختلاف بينه وبين ذلك الهندي
ولكن وياللمفاجأة،
لم ترى الا سرابا خاوي ا !!..
همست بخفوت تخلله ذهول مُرتبك بشدة: بسم الله .. وين راح هذا!!..
مشت وعيناها لاإراديا تتلفت الى الخلف، وقلبها مازال ضحية مجراف خفقاتها
المجنونة!!!!..
زفرت بعمق وهي تقرر الرجوع عند الطالبتان اللتان ذهبتا لشراء العطور من محل
مجاور..
بعد مرور الدقائق الطويلة في السوق، رجعت ناعمة مع الطالبتان وهي تضحك
على طرافة احاديثهن الطفولية..
لمحت ذياب جالسا في مقعد لوحده وهو يعبث بهاتفه المحمول...
هتفت بتفكه باسم ما ان جلست بقربه: بشو لاهيين مخاوين شما !!..
اجابها ذياب وعيناه ما زالت على شاشة الهاتف: ماشي طفران .. احط لايكات في
الانستقرام
ناعمة بذهول: يالخاين عندك انستقرام وما تخبررررني ..؟!!
وأردفت وهي تُخرج هاتفها: عطني حسابك يلا بضيفك..
ضحك ذياب بخفة: بعطيج لكن ياويلج لو علقتي على اي صورة من صوريه
ناعمة بتهكم ظهر مع فمها المزموم: انتو يا الشباب تفكيركم ما بيتغير ابد..
ما تبانيه اعلق عشان محد من ربعك يرز ويهه ويدش حسابيه هاااا!!!..
رفع ذياب حاجبا واحد هاتفا بحدة: وانتي تبينهم يدشون حسابج ويشوفون صورج
مثلا اخت ناعمة!!..
ناعمة بنبرة تشابه نبرة شقيقها: طبعا لا يا اخ ذياب، انت تعرف اخلاقي زين مازين
...
لكن انت جيه ما تخليني اخذ راحتيه واعلق على صورك لو شفتها حلوة وتستاهل
التعليق!!..
وأردفت وهي تعدل حجابها بعصبية: والله لو ربعك ما دشوا حسابيه ففي مليون ريال
يقدر يدش ويشوف ويعلق بعد
وغمغمت بتهكم: تفكيركم يالشباب يرفع الضغط قسم بالله..
ذياب بسخرية: محد بيشوف ويعلق على صورج لو محطية حسابج على البرايفت..
نظرت ناعمة له وعيناها الواسعتان تنضحان ثقة: كل صوريه عادية وما احط ابد
شي خاص
والريال اللي يعلق اسويله طاف ما حفلتبه..
)اسويله طاف اي لا اعطيه اهتمام( ) ما حفلتبه = لا اهتم له(
قطب ذياب حاجباه بتهكم حاد: هب كل الرياييل ينفع وياهم الطاف، انا ريال واعرف
تفكير الرياييل المايل مع البنات
ناعمة وهي تغمز بمكر لشقيقها: افهم من كلامك انك شراتهم!!..
تحول تهكم ذياب إلى ابتسامة خفيفة "موجعة" لم تتجاوز حدود عيناه..
ثم همس بخفوت يقطر دما محفوفا بالحنين المصفى: لو سألتينيه هالسؤال قبل 3
سنين كنت بقولج هيه
جمُد لسان ناعمة .. وخفضت اهدابها بعد ان انتابها الألم على حال شقيقها ..
فهي اكثر من يعرف جيدا حجم نتيجة خسارته لصديق طفولته عبيد!!!..
وهي اكثر من لاحظ تغيره الجذري بعد أن ذاق ألم فراقه!!!..
وهي كذلك اول من رأى دموعه المُ حرقة للوجدان عندما تلقى خبر وفاته!!..
تعرف جيدا حجم ألمه!!..
عظمة خسارته!!..
حرقة قلبه كلما لمح وجوها تذ كره بوجه صديقه!!..
هتفت بابتسامة شقية وهي تضرب كتفه بخفة راغبة بتنحية المشاعر المُكهربة التي
ظهرت فجأة في اجواء كل منهما:
الله يتمم عليك العقل والثقل يااااااااارب
ابتسم ذياب رامقا اياها نظرة جانبية: قالولج خبل ولا مينون يالبطة!!..
ناعمة بحنق: افففففف قلتلك يالدب انا هب بطة .. هب بطة افهم
افففففف لازم يعكر مزاجيه الحلووو..
ذياب بضحكة رنانة: ههههههههههههه اقصد ياللي كنتي بطة
ناعمة بتهكم ناعم: حمار واحد .. لازم تذكرنيه انيه كنت في يوم من الايام دبة!!..
ذياب بابتسامة ظهرت جليا : بالعكس المفروض تفرحين وتفتخرين بعمرج لانج
نزلتي اكثر من 20 كيلو
ناعمة بذات تهكم صوتها: انزين فرحانة انا ومفتخرة بسس لا تذكرنيه ياخي
كل ما اتذكر شكلي وانا متينة تضربنيه حالة هستيرية..
ضحك ذياب بنشوة: ههههههههههههههههههههههههههههههههههه
قرصت ناعمة ذياب بغيظ ووقفت: ما بتم وياك .. انت كله تعيب عليه
بروح عند رواضي ابركلي ..
ذهبت تاركة ذياب يحاول تخفيف ضحكته التي تحولت لابتسامة أخوية دافئة متمتما
بخفوت يكاد لا يُسمع:
لا خليت منج يالبطة
اما ناعمة، فكانت تتلفت وتبحث عند المقاعد التي كانت تجلس عليها روضة
والطالبة حمدة
ولكن لم تجدهما!!..
وبخفوت هتفت: امممممممم يمكن سارن الحمام..
اخذت تفكر وتتذكر أين الحمامات..
مشت ..
ومشت..
واستمرت بالمشي..
كانت تشعر بأنفاس غريبة تلفح ظهرها بطريقة تجمد الأطراف بشكل مقزز ..
تشعر بأحد يمشي خلفها
ولكن لم تعر اهتماما لشيء ابدا لأنها من الأساس كانت شاردة البال/الانتباه عندما
وصلت لمكان تراه لأول مرة ..
همست باستغراب تخلله ارتباك خفيف: ياربي هاييل وين سارن بالذمة!!..
تنفست بعمق وهي تستدير للخلف عل ها ترجع لحيث كان شقيقها ذياب..
ما ان التفتت حتى أحست بيد كالصخرة تمسك بحقيبتها وتجرها بخشونة جعلتها
تتراجع للخلف وتترنح..
اتسعت عيناها بصدمة وهي تحاول استيعاب الذي حصل للتو!!..
وصرخت وهي تهرول بعد ما ادركت الذي جرى!!!!...
استمرت تهرول خلف الرجل الذي سرق حقيبتها ودلف إحدى الممرات الضيقة
المظلمة: يالحررررررررررامي
هات شنطتييييييييي..
أخذت تصرخ في الممر الذي كان شبه خا ل من المارة
كانت متوترة .. جزعة .. غاضبة بشدة وكأن غضبها يشبه بركان يتوق للانفجار
بشكل هائل
وأخذت تتلفت وتغمغم بغضب كاسح: يالحرامي يالزفت وين رحت
ما لقيت الا انا تسرقها يا ملعون الصير!!..
الله يغربلك ان شاء الله..
ما إن استدارت لتخرج من الممر المظلم حتى صرخت بخوف انقض بشراسة على
اوتار روحها وهي ترى السارق مرتمي امام رجليها ...... ويد سمراء تعطيها
حقيبتها بقساوة ظهرت مع نبرة صوته الصارمة:
اندوج شنطتج، ومرة ثانية لا تقعدين تتمشين وتتمخترين روحج ..
هاي فرنسا هب الامارات..
تسمرت وفمها بدأ بالتوسع وهي تحاول استيعاب القامة التي برزت امامها بسيطرة
جعلت دقة من دقاتها تختفي وتتوارى..
ما إن رأت تلك العينان الحادتان "اللتان تتوسطان اطار نظارة اخضر اللون بدرجة
فاقعة مستفزة" حتى تحولت ذهولها لغضب ناري يرغب بنفث شراراته عليه هو ..
هو لا غيره!!!..
ذاك الهندي الذي تحول بشكل لا تعرفه لعربي
بل حتى اماراتي!!!..
فهو من سخر منها منذ البداية ويجب أن تسترد كرامتها المهدورة حالا !!!!..
أخذت ناعمة حقيبتها منه بعنف هاتفة بحدة تخللتها احتقار واضح: لو سمحت خلك
في حالك ولا تتدخل في شي ما يخصك
وضع حارب يديه داخل جيوب بنطاله .. وهتف بسخرية بالغة: هاي كلمة شكرا
اللي المفروض اسمعها!!..
شعرت بالحرج الشديد من كلام الرجل ولكنها لن تسمح بإشعاره بالنصر..
هتفت بنبرة باردة لامبالية وهي تتأكد من وجود جوازها ومحفظتها: اي واحد مكانك
كان بيفزع لبنت بلاده، لا تتحرى روحك سوبرمان يا انت..
تحرك جانب شفتيه باستهزاء تام وه م ليرد على صاحبة اللسان السليط، لكن لم
يستطع وهو يتلقى ضربة اتت في وسط رأسه جعلته يترنح ويسقط بقوة...
رفعت ناعمة رأسها وهي تشهق بصدمة شديدة/هلع اشد ..
رأت ذاك الرجل الأشقر بعيناه الحمراوتان وهو يبتسم ابتسامة صفراء مقرفة باعثة
للقشعريرة
كان ذلك الرجل هو صديق السارق الأول الذي سرق حقيبة ناعمة، وجاء ليساعده
وينتقم له!!!..
صرخت ناعمة ببحة حادة وهي تركض نحو منقذها الأسمر الذي لم تعرف اسمه
بعد!!..
جمد تفكيرها وتوقف عن الجريان من الذهول ..... والحيرة!!!!...
منقذ ك الأسمر يا ناعمة!!..
أجننت واختل توازن عقلك الأبله!!..
تنفست بقوة لتهدأ من انفعالات اعصابها، ثم جثت على ركبتيها امام جسده المرمي
على الأرض
وقالت بنبرة مرتجفة مختنقة .. نبرة مرتعبة من الموقف بأكمله .. فهي لأول مرة في
حياتها ترى دم يسيل من رأس شخص .. نعم فتلك الضربة التي تلقاها حارب كانت
قوية جعلت الدم ينبثق من رأسه ويسيل لأسفل رقبته:
أخووويه .. أخوووويه تسمعني ..؟!!
ضحك الرجل الأشقر بخبث مُقرف وهو يقترب من ناعمة ونظراته تمسحان جسدها
بطريقة شهوانية كالحيوان:
ههههههههههههه اووووه قاد يو ار فيري هووووت )يا إلهي انتي فاتنة جد ا (
ه م بإمساك حجاب رأسها لينزعه عنها ولكن قبضة فولاذية أمسكت بتلابيبه ورفعته
بخفة وكأنه معدوم الوزن!!..
وسرعان ما رُم ي بقوة جبارة على الحائط، ليسقط الآخر كالورقة البيضاء..
اقترب منه حارب ونظرات عيناه أصبحت كغابة محترقة من الغضب الأسود وهتف
بفحيح مرعب قاسي وهو ينفض قميصه عند أعلى كتفه: كيف تجرؤ أيها القذر!!..
وبسيطرة تامة التفت لتلك التي ترتجف بشكل لا تدرك شدته ..
فالصدمة أخذت مأخذها منها وهي تحاول استيعاب ذلك الرجل الذي حاول لمسها
ونزع حجابها..
هتف حارب بحزم صارم وهو يوجه كلامه للفتاة: يا بنية انتي بخير ..؟!!
رفعت ناعمة عيناها لحارب والخوف تسلسل لشفتاها كارتجافات خافتة لا تنتهي
وهمست بتلعثم مُرتبك..
ارتباك وتلعثم كانا غريبان على شخصيتها التي تتسم بالثبات والسيطرة،
لطالما اعتقدت وآمنت بقوة انها ذات قلب قابل لأن يتحمل اشد المواقف واعتاها
رعب ا
ولكن وياللصدمة، لم تتحمل الآن هذا الموقف الذي اشعرها بضعف لم تعهده من قبل
..!!
:أ أ أ أ هيه .. انا بخير
وبتردد اشرت على رأس حارب وقالت محاولة اخفاء نبرة القلق المضطربة في
صوتها: وإنت ؟؟
قطب حارب حاجباه ووضع يده خلف رأسها، ليرى الدم في أصابعه..
ثم هتف بذات صرامته التي خرجت مع لامبالاته البالغة :
ما في ه شي الحمدلله
انزل جسده ليلتقط نظارته التي سقطت عندما واجه الأجنبي الأشقر، وقبل ان يستقيم
بطوله شعر بدوار شديد جعله يتسند على الحائط..
لا
لا لا لا
ليس وقت الدوار هذا الآن
وليس وقت الصداع الذي يكاد يفتك بدماغه!!..
ليس هذا بوقتهما ابد ا
تب ا !!..
جلس على الأرض بثقل محاولا فتح عيناه اللتان اخذتا بالانغلاق لا اراديا من شدة
الألم
سمع همس ناعم يقول له تحت وطأة قلق وارتباك شديدان: اخويه تسمعني
عندك حد هنيه اتصلبه عسب ايي يفازعك ..؟؟
اخويه رد عليه دخيلك..
اسند رأسه على الحائط وهو يتنفس بقوة ليسترد وعيه الذي يريد الغياب لمكان لا
يعرف مداه..
بدأ يفتح عيناه والرؤية الضبابية تغزو ناظراه
شعر بأن الدنيا غدت كلون السماء بصفائه
بنقاوته..
بفتنة بياض سحبه وغيومه!!..
شعر بأنه في الجنة حقيقة ..
امام والدته
أمه..
نيلا..
شعر بأنه "وياللذوبان الجميل" غارقا في بحر "نجلاء عيناها "
عيناها اللتان فتنت قبل قلبه قلب والده محمد..
شعر بأن تلك الأهداب الطويلة المعقوفة والتي تتحرك برشاقة كأجنحة الفراشات
هي ذاتها التي كانت تجعل قلبه يرفرف .. يطير إلى أعلى نقطة في السماء
طيران لا عودة له!!..
في زمان ما..
زمان ليس بهذا الزمان!!..
صف من الأهداب كصف عسكر مهيب يعرف مجرى جاذبيته الآسرة بصدق..
"بشوق ملتاع.. "
بحنين "يقتل!!!!... "
ابتسم من بين عقله شبه الغائب بسمة تكاد تدوي المكان انفجارا من الحنين الملتهب
بشكل مجنون/مؤلم..
وهمس بخفوت ثقيل: أميه
تسمرت ناعمة بمكانها وخفقات وجدانها بدأت بالدوي هي أيض ا !!..
يا إلهي!!..
إنه يهذي من قوة الضربة على رأسه!!..
أينتهي بها المطاف لتكون أم هذا الرجل ذو الجسد الضخم!!..
يا إلهي .. أيعقل إنه فقد ذاكرته من أثر الضربة!!..
قطبت حاجباها السوداوان بقلق مُرتبك وهي تخرج مجموعة مناديل من حقيبتها
لتمدها ل حارب: اخويه حط هالكلنكس على راسك عشان يوقف الدم..
كان ما زال يبتسم بذات الحنين المؤلم وهو يتأمل عينا ناعمة اللتان لم تكونا الا
نسخة مصغرة من عينا والدته نيلا!!..
ذات العينان الدائريتان الواسعتان "السوداوان كماس أسود" تمام ا !!..
عينان ترجف الأطراف
ترجفه..
ترجفه حد اللامعقول !!..
بدأ تدريجيا يسترد وعيه عندما وصل لمسامعه الغائبة صوت الفتاة المرتعش...
هز رأسه بخفة وهو يلتقط المناديل من غير اعتراض..
تنحنح وهو يقف بثقل وعقله المشوش بدأ بالحديث مع نفسه بشكل شفاف "مم وه "
إلهي .. رحماك...
لم يكن ليصدق أن لعينا والدته توأما هرب من مهده منذ الأزل!!!.
هتف بحزم أخفى خلفه كل احساس يتسم بالضعف و"الاختناق": ختيه سيري عند
هلج اكيد يدورونج الحينه
هزت ناعمة رأسها ب موافقة ونظرتها القلقة ما زالت تتربص ملامح وجه منقذها
الأسمر بتردد..
وضع حارب المناديل على رأسه، وه م بالاتصال بأحد رجاله المنتشرين في المطار
وبعد أن اتفق معه أن يأتي، التفت عل ه يتمكن مرة أخرى بأمل موجع من تأمل عينا
والدته في "تلك!!!.. "
ولكن يالخيبة الأمل، لم يرى إلا سراب ا !!..
وخاتم ا !!..
.
.
.
.
.
.
.
أبوظبي
كان واقفا أمام النافورة المصممة بشكل جذاب وفخم في الحديقة التي تواجه شركته
تماما ويدردش بضحك مع زوجته آمنة متبادلا معها الأحاديث بشتى أنواعها..
هتف بشكل مفاجئ ونبرة الاستغراب الشديد تعلو ناظراه: شوووو!!
منو ناوي يتجدم حق شميم ..؟!!
آمنة: تقول ام العنود هزاع ولد عذيج الله يرحمه
بطي باستنكار تام: هزاااااع!!!..
هزاع ماغير يبا ياخذ ختيه اناااااا!!..
قطبت بذهول متسائل: ليش بلاه الريال
تشوف عليه شي بطي ..؟!!
كتم بطي استنكاره الذي تحول لحنق شديد: قلو الرياييل اعطي ختيه حق هزاع!!..
وأردف وهو يحك حاجبه: على العموم انا بتصرف..
آمنة باستنكار ناعم: شو تتصرف يا بطي، نحن ما صدقنا البنية لانت وطاعت
بطي بحزم صارم: انا ما بيوز ختيه الا للي يستاهلها يا آمنة..
انفجرت آمنة بغضب لم تستطع تحمله، فتلك الفتاة صديقتها، صديقتها التي عانت
منذ سنين خلف حب لم يتركها الا وهي حفنة من رماد تناثر مع رياح الخريف:
وشو خذت من اللي يستاهلونها يا بطي!!
شو خذت خبرني!!!!..
دخيلك يا بطي خل البنية تشوف نصيبها، ترى العمر يخطف وهي ما عادت
صغيرة،
شما دشت الثلاثين لو انت ما تعرف..
احتد فم بطي والغضب قد غزا ناظريه بشدة، وهتف بحدة: آمنة لا اطولين حسج
عليه..
وأردف بنبرة ساخرة حانقة وهو يعلم ان زوجته لا تقصد سوى رجل واحد فقط ..
واحد فقط وليس غيره: وبعدين ربيعتج اللي رفست النعمة وهي عند ريولها..
عيل بذمتج حد يرد سلطان!!..
سلطان اللي تفزله الميالس بكبيرها وصغيرها
ماتخبريني بذمتج شعنه ردته عقب ما قربنابه!!!
)قربنابه = وافقنا على خطبته(
شخر بغضب حقيقي لم يخف حتى مع مرور سنين طويلة .. واكمل: وهو اللي كان
شاري نسبنا بمال قارون
آمنة وهي تحاول كتم جماح حنقها: انت تقول جيه لأنه ربيعك وما ترضى عليه
بطي باستنكار حاد هدر: حلفتج بالله يا آمنة، شما يوم انها ردت سلطان
قالتلج السبب!!!..
تلعثمت آمنة بارتباك: أ أ أ اممممم هيه..
قالتليه
بطي بذات حدة صوته: وشو كان السبب!!..
آمنة بذات ارتباكها: ماروم اقولك بطي، البنية حلفتني مارمس عن اللي صار لأي
مخلوق
زفر بطي بغضب تفجر الاستياء.. غضب كان مكتوما في روحه منذ سنين
هو حقا غاضب .. غاضب من شما لأنها لم تصبح زوجة أعز رفيق إليه..

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن