22

688 11 0
                                    



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)


تلومني الدنيا إذا أحببتهُ
كأنني أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمتهُ
كأنني أنا التي للطيرِ في السماءِ قد علّمتهُ
وفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُ
وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُ
كأنني أنا التي كالقمرِ الجميلِ في السماء
قد علّقتُه ..
تلومُني الدنيا إذا سمّيتُ منْ أحبُّ .. أو ذكرتُه
كأنني أنا الهوى .. وأمُّهُ .. وأختُه
هذا الهوى الذي أتى من حيثُ ما انتظرتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ ..
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ
وكلِّ ما سمعتهُ ..
لو كنتُ أدري أنه نوعٌ منَ الإدمانِ ..
ما أدمنتهُ
لو كنتُ أدري أنه بابٌ كثيرُ الريحِ
ما فتحتهُ ..
لو كنتُ أدري أنه عودٌ من الكبريتِ ..
ما أشعلته
هذا الهوى .. أعنفُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني فاتحاً يديهِ لي
رددْتُهُ ..
وليتني من قبلِ أن يقتلَني ..
قتلتُهُ
هذا الهوى الذي أراهُ في الليلِ
على ستائري
أراهُ في ثوبي
وفي عطري .. وفي أساوري
أراهُ .. مرسوماً على وجهِ يدي
أراهُ منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنهُ
طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ
ما أدخلتهُ
وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي
لما تركتهُ
لو أخبروني أنهُ سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ
ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ
ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردته ..

لـ نزار قباني


اثنــــان ...

اثنان نحتهما جبروت العشق سنين كالدهر .. نحت فيهما تمازج
علو كبرياء لا يرضخ .. وسمو عزة تفجرت بانفرادية تامة لا تليق الا بهما ..

شخصان ....... روحان ....... احبا بعضهما قبل ان يحب الثاني الأول ..
وقبل ان يحب الأول الثاني ..

اثنان مرّ عليهما زمن لا حكاية فيه سوى حكاية الجوى/العشق .... حكاية عتيقة صامتة لم تُروى لأحد .. ولم تُدون في أي اقصوصة/ورق الشجر ..!!

حكاية من زمن قيس ... وعهد روميو .. وسنين طويلة من عمر عنترة ..!!

اثنان جُرحا في الصميم .. ولن يُبرأ جرحهما الا من الصميم ..!!

هذا ما قاله طيف الهوى وهو يمر بين شخصهما بكل هيبة/سكون ..!!

هو ... فقد تصلب كلياً .. وتجمد ..... ما ان رأى عيناها ..!!

هــــي ...... ذاتهــــا ..
ذات العينان اللتان اوقعتا بقلبه صريعاً مريضاً موهوناً يتسول العشق المفقود ..!!!

ذاتهـــا ..
من التي اجتذبت خفقات قلبه بـ صوتها الآتي من زمن "ألف ليلة وليلة" ..!!

اختلجت انفاسه الثقيلة وهو يرمق "الباذخة" امامه بنظرته الصقرية السوداء "اللامعة" من أسفل قدميها ...
إلى قدها المياس الغض بخصرها النحيل ....
وصولاً لجيدها المرمري المشوب بسمرة بدوية أصيلة ..
إلى فمها المكتنز الطري المفعم بجمال لون الورد المنعش ........ إلى ....
إلى عيناها ......
عينــــاهــــا ..!!!

شعر ان انفاسه لا تخرج ......... لا لا ..
بل لا ترغب بالخروج ....

وبغير وعيٍ منه ..... من غير حتى ان يدرك انه اصبح "زوجها" ....

تنحنح بصوت خرج خشناً/غليظاً/مبحوحاً ممتلئ بمشاعر اثقلت صدره حد الموت ..

ثم اخفض عيناه نحو الصغير منصور وهو يعدل من طريقة نومه ... وهتف بأجش ثقيل بتثاقل خفقاته المجنونة:
ما عليج اماره الشيخة بغيت حد يشل عنيه منصور ..

هل له ان يفكر قليلاً بتعقل لكي يدرك ان التي امامه في حالة جمود جسدي .. وعقلي تام ..!!!

ارتفعت عيناه إليها .. "وبحق" لم يلمح الا فتاة متجمدة متصنمة بكل معنى الكلمة ....!!!

لم يكن يتحرك فيها الا صدرها العامر خلف ثوبها العربي الرقيق ..

أخذ يتأمل تحرك صدرها العنيف بأنفاسها القوية مدركاً اخيراً انها لم تمسك بعد زمام وعيها ..!!

تباً .. هي حتى لا تتحرك ..!!!!

تنحنح مرة أخرى ولكن بقوة هذه المرة .. وقال متأملاً كل شبر فيها بمشاعر غريبة اثقلت/انهكت كاهليه: بنت خويدم ازقريليه وحده من البشاكير ما عليج اماره ..

وقبل ان ترف عيناه .... كانت هي تستدير بحدة قوية وتركض برجلاها المرتجفان بجنون ..

اختبأت في زاوية مظلمة تقابل غرفة والديها ولهاثها العنيف في سباق خاص مع مخارج تنفسها ..

كانت ترى انعكاس جسده من المرآة التي بالقرب من السلم ..

تــراه ..
هو ..
هو بعينه ........ سلطانهـــــا ..!!

يا إلهي .. أكان الزمن بهذه الحفاوة معك يا هذا ليجعلك تتوحش بوسامتك هكذا ..!!

أجعلك تتنمر على ذاتك وتُلقمها حقن الرجولة المفرطة داخل حُلتك المهيبة ..!!

أكنت أيها القاسي ناقصَ الوسامة فيما مضى لتزيدها قوةً فتكاً بأعنف الطرق على انوثتي المتواضعة ..!!

يا إلهي ..!!

يا إلهي .. تشعر ان قلبها سقط للتو صريعاً عند قدم رجلاً كانت منذ قليل تبغضه ..!!
تبغضه حد الصبابة .. وتصبو لعشقه حد البغض اللامتناهي ..!!

آآآآآآآه ..

وكأنك يا نزار اكسيتني وجع حرفك عندما قلت متحسراً من جوى القلب:
لو كنت ادري انه نوع من الادمان ما ادمنته .. لو كنت ادري انه باب كثير الريح ما فتحته .. لو كنت ادري انه عود من الكبريت ما اشعلته ..

يا إلهي .. رحمتك يا رب العباد ..

وضعت كفها الأيمن "المرتعش" على قلبها وبدأت تتعوذ من الشيطان وتذكر الله بهمس مختنق/وجل/مهتز حد اللاثبات ..

فهذه الدقات لم تداهمها بشراسة هكذا منذ زمن بعيد .. بعيداً جداً ..

يالله ..


اخذت نفسين عميقين كعمق سواد عيناها وقوّت عود قلبها المتخبط .... واستدارت قليلاً لتأخذ غطاء رأسها من الاريكة التي امامها وتغطي رأسها بالكامل .. تاركةً "بذهن ضائع" شعرها المفتوح ينساب بخيلاء من تحت الغطاء مع خروج نصفه من الأسفل اذ كان شعرها طويلاً جداً ..

اقتربت من الباب بعد ان رسمت على وجهها كل شرارات القوة والاعتداد والأنفة وبعد ان تنحنحت "لتضيف بضعف بعض الصفاء على صوتها الذي اختفى بجبن تحت هيبة حضوره" قالت بـ حزم شديد وهي تمد ذراعيها "المرتجفتين" اتجاهه:
يعلك تسلم يا بومييد .. عطنيه منصور انا بشله ..

إلتمعت عينا سلطان لمعاناً رجولياً ذات معنى ما إن لمحها مرة أخرى واقفةً امامه وعذوبة صوتها المبحوح تسبقها ..
قال من تحت نظارته الشمسية بخشونة لم يتعمدها خشونة كانت خبيثة حد السكين: ما نبغي نتعبج يا بنت خويدم منصور ربيه يحفظه هب خفيف .. ازقريليه وحده من البشاكير ..

احتد فمها كارهةً هالة القوة والتكبر المحاطة به وقالت بحدة رقيقة لم تتجاوز حدود الأدب: بومييد طوليه بعمرك عطنيه الولد نحن هب ظارين نخلي البشاكير يشلن عيالنا في احظانهن ..

واقتربت لاإرادياً منه مادةً ذراعيها كي تحمل منصور ..

أنزل سلطان أنفه قليلاً وهو يرمقها من تحت علو نظارته رافعاً حاجباً واحداً بابتسامة قاتلة ساحرة "ساخرة" .. ثم رفع أنفه وهتف بتساؤل حازم مسيطر وكأن الذي قالته هذه التي امامه ليس ذو قيمة ...... وكأنه هو سيد الموقف .. وسيد المكان والهواء:
حد في الصالة يالس ..؟!!

احتقن وجهها من تجاهله لها ومن تعنته الذي "لا يُطاق بنظرها" ... وقبل ان تجيب على تساؤله الغريب ... تحرك للأمام بسيطرة بالغة ورآى من خلال الباب المفتوح خلو الصالة من أحد ..

اقترب من شما بخفة .. بينما هي حبست انفاسها المرتعبة من قربه .... ثم مر من جانبها بعد ان لفحتها رائحته العودية الفخمة الممتزجة بشذو القهوة والتوباكو وشيئاً من التوابل الهندية ..

احست لثانية ان توازنها مع شم رائحته قد اختل .. لكنها وضعت يدها على جبينها اللامعة بحبيبات صغيرة من العرق لتمسك زمام قوتها وسيطرتها .. ثم رتبت غطاء رأسها بتوتر تصارعت لكبحه .. واستدارت لحيث دلف ..

دلف سلطان صالة المنزل حتى توسطها .. ثم وضع منصور فوق اقرب اريكة واستدار ليخرج ..

ما إن أصبحتا كتفاه موازيان تماماً لحدود كتفي قامتها "القصيرة" مقارنةً بقامته الشاهقة ... حتى قال بنبرة تقطر سخرية بالغة:
لــولــوه ..

رفعت شما عيناها بحدة محاولةً استيعاب الاسم .. ثم وبشكل تدريجي .. فهمت المعنى المبطن للإسم الذي ناداها به ..... مما جعلها ترتجف غضباً ممزوجاً بإحساس المهانة العلقمية ..

اشتعلت عيناه ببريق قاسي .. قاسي كقسوة رنين كلماتها المهينة على مسامعه .. وقال بعد ان رفع جانب فمه بابتسامة كسولة .. وبعد تركز نظره في الامام ولم ينزله ابداً: 12 سنة يا لولوه وانا اهويس بروياج ..
12 سنة تخيلي ..!!!!

قاطعته شما بصرامة حادة تخللها شرارت الغضب .. فهذا الرجل يستمتع بالسخرية منها .. يستمتع لأقصى درجة .. وهي لن تجعله يتهنى بسخريته هذه: لو سمحت .. اسميه شما ..

اتسعت ابتسامة غامضة على مبسمه .. ثم مرر طرف لسانه على شفتيه الجافتين ونظر إليها من حدود كتفه العريض وقال:
صدقينيه يا لولوه .. ما ريت من يستاهل هالاسم غيرج ..

تراجع قليلاً ليصبح مقابلاً لوجهها .. واضاف بابتسامة بيضاء متلاعبة وهو ينحني بظهره حتى غدا وجهه قريباً من وجهها كتقارب انفاسهما التي بدأت بالتخالط بعنفوان طاغي:
على العموم .. عقب هوياس سنين .. اظن لولوةْ خويدم بن زايد تستاهل من يرقبها 12 سنة ..

مشط بعينه الصقرية رجفة جسدها وشفتاها اللتان كانتا تعكسان بوضوح ما يموج ويعصف بداخلها ...

وقال بهمس خشن "ساخر حد الممات" لم يتعمد اخراجه بصورة تُربك وجدان التي امامه بشكل اعتى من السابق:
ولا يا بنت خويدم عدنا في نظرج الوقى اللي مايوز لمقامج العالي ..؟!!

كان يقترب من وجهها شيئاً فـ شيئاً ... ولم يلاحظ هذا حتى تلامست أطراف انفيهما ببعضها البعض ..

اغمضت شما عيناها بقوة وقالت مبتعدةً عنه بحدة ونبرتها الحادة المهتزة تنبأ عن حالتها الجزعة المرتبكة:
يا بومييد احشم البيت وراعيه .. ودام راعيه الحينه راقد هب معناته لك الحق ادق سوالف مع هل بيته ..

وبشجاعة حديدية تُحسد عليها "خاصةً بعد هذا الموقف الكبير على قلبها الضعيف" .. تراجعت أكثر للخلف وامسكت بمقبض الباب وقالت بصرامة "مزيفة/مرتعشة": خالفتك السهاله يا بن ظاعن ..

استقام سلطان بوقفته، ثم عدل نظارته الشمسية فوق جسر انفه الشامخ قبل ان يرفع حاجباً واحداً بذات سخريته المميتة المثقلة باعتداد يجمد الاطراف .. وثقة تتفجر حمماً ..... وقال:
سلطان بن ظاعن له كل الحق يسوي بـ حلاله اللي يباااه ..

ومشى ببطئ تعمد خلالها لمس كتفها مما أدى الى سريان امتداد كهربائي كامل على طول جسدها الغض جعل من غطاء رأسها يتحرك ويتمايل بخفة فوق نعومة شعرها الى ان سقط على كتفيها ..

ثم هتف بابتسامة عبثة كسولة "واثقة" خرجت مع نظرته السوداء المسيطرة:
وانتي يا لولوةْ خويدم غديتي حلال سلطاان ..

وقبل ان يعطيها المجال "للتنفس .. وللتعقيب" .. كان قد انحنى باتجاهها "بتلاعب صقري خبيث" إلى ان لمس بأنفه فروة شعرها ثم دعك رأس أنفه بنعومة عليها مختزناً بصدره رائحة شعرها الممتزجة بعبقها العذب ... عبق روائح العود ودهنه المعتق ..

وهمس "بأجش خافت ينضح بالثقة/التملك الرجولي" رافعاً جانب شفتيه بابتسامة غامضة مبطنة باختلاجات وانفعالات "لم يظهرها":
كلــج حلاليـــــه يـــا ...... لــــولــــوه ..

وكما دخل كعاصفة مدمرة على حين غرة خرج بذات عاصفته مخلفاً وراءه خفقات أنثى "ترتجف بأكملها كزهرة ياسمين تصارع وحيدة وسط كارثة طبيعية هوجاء" ..!!


بعد مرور يومان

اعتدل بجلسته ونظرة استنكار غاضبة تعلو ناظريه الصقيعيين بخفة .. وقال وهو يقرب الهاتف من فمه:
هرب ..؟!! .... كيف ..!!!!
كيف يهرب من سجن لاسانتيه المنيع ..!!!!!

زفر آندي بذات غضب رئيسه وقال بغلظة: لا اعرف يا زعيم .. حقاً لا اعرف .. ولكن اشكر الله اننا تمكننا من تعقبه والتحقق من صدق نواياه اتجاهنا قبل ان يهرب ..


ضرب ديرفس بقوة الطاولة التي امامه وقال بـ غيظ حقيقي: كيف لك ان تقول هذا يا آندي ...!!!
لقد هرب لاكي من السجن قبل ان أأذن انا شخصياً لـ رجالنا هناك ان يخرجوووه ..
وكيف له ان يهرب من هناك بسهولة ..!!!
كيف ..!!!

هز آندي كتفيه وقال بنبرة هادئة محاولاً اقناع زعيمه بـ وجهة نظره: ما دمنا تأكدنا ان لاكي شخص يمكن الاعتماد عليه والثقة به .. فـ هذا امر جيد .. وما دام هذا اللاكي استطاع الهروب من سجن لاسانتيه .. فهذا امر غاية في الروعة ..
لقد كسبنا يا زعيم شخص عبقري لا يغلبه امر ..
فقط خذ الامور من الناحية الايجابية ..
وبطريقتي الخاصة .. سأعرف بالضبط كيف هرب وما كانت وسيلته ..
وعندما أعرف .. سنكسب نقاط جيدة ضد الحكومة الفرنسية ..
فـ معرفة نقاط ضعف هذا السجن بالذات وكيفية الهرب منه أمر سيزيد من رصيد قوتنا ضدهم في المستقبل .. وسيسهل علينا عوائق شتى ..
ومن خلال معرفتي القصيرة بذاك اللاكي .. أعتقد انه تدبر امره لوحده .. فـ انا ما من رمقت عينا ذاك الشاب .. ايقنت انه ليس بـ شاب ذو نظارات سميكة مُحمّل بعقل إلكتروني يعمل كالماكينة فقط .. وانما ذو قلب وجسد صنديدي لا يهاب المخاطرة ..

هتف ديرفس بتشكك: أهذا ما تراه حقاً ..!!!!
ألا تشك أن الدي جي أس إي أو السي آي أي او حتى الراو خلف الموضوع ..!!!
(جهاز المخابرات الفرنسية = دي جي أس إي، جهاز المخابرات الامريكية = سي آي أي، جهاز المخابرات الهندية = راو)

آندي بثقة: قطعاً لا .. ولا حتى اي جهاز مخابرات من اي دولة خليجية او عربية ..

صمت قليلاً ثم اردف بحزم: أتذكر عندما قلت لك قبل شهر واحد انني ارسلت له في سجنه رجلاً هندياً هرم يتحدث نفس لغة لاكي ..!!!!

ديرفس: اجل اتذكر ..

آندي بخبث: في الحقيقة ولأصدق القول معك يا زعيم ..
كنت اشك ان لاكي هو لاكي ابن عائلة جانجوس ذاته .. حدسي انبأني ان هناك مؤامرة تُحاك من خلفنا .. ولهذا ارسلت الهرم إليه لأعرف الحقيقة ..

عقد ديرفس حاجبيه وقال: ومن هذا الهرم ..!! .. لقد كنت وقتها في معمعة مشاكل لا تنتهي ونسيت ان اسألك عنه ..

ابتسم آندي بمكر قاتل وقال بثقة: الهرم في الحقيقة هو ابن عم ابيه .. وقد سُجن فيما مضى لأنه أُتهم باغتصابه لبنات شقيق رئيس وزراء فرنسا .. وجريمته هذه كانت مثار الصحافة العالمية على مر سنين طويلة ..
وياللصدف الحميدة .. اكتشفت صلة قرابته بـ لاكي عندما كنت اجري ابحاثي واتحقق من خلفيات من يتعاونون معنا ..
وعندما جلس الهرم مع لاكي .. تعرف الاخير على الرجل واحتضنه بمحبة عارمة متأثراً بوجود احد اقاربه بجانبه في ذلك السجن البغيض ..

ديرفس بذات تشككه المستمر الذي لا يفارق روحه: وهل تحدث لاكي مع الهرم عن اي امرٍ يخصنا او يخص عمله مع جماعة اخرى ضدنا ..؟!!

آندي: لا لا بل كل ما قاله هو انه كان في رحلة سياحية في فرنسا وقد قبضت عليه الحكومة بشكل خاطئ عندما كان قريباً من مظاهرات باريس اليومية ..
وانه في الحقيقة كان قد بدأ يعمل في البلاط البريطاني ..
ولم يتحدث عن عمله معنا بتاتاً ..!!

لا لـ ذلك الرجل ولا لأحد سواه .. رغم ان الفرص أُتيحت له كي يعترف بما يخبئه كي يُفرج عنه ويعود لبلاده ..

ديرفس: حسناً .. ألم تتمكن من التأكد ما اذ كان لا يعمل مع جهة أخرى او جهاز دولي آخر...!!!!

آندي بذات ثقته العالية: نعم تأكدت .. الهرم لم يخرج من زنزانة لاكي الا بعدما سأله بشكل غير مباشر عن ما اذ كان متصلاً بجماعات ارهابية في العالم ام على علاقة مع اجهزة امنية معنية .. ولاكي اجابه بالنفي من غير ان يعلم بباطن نوايا ابن عم ابيه ولأتأكد أكثر .. استعنت بأناس أكثر خبرة ..
فـ جواسيسي الصغار في اجهزة امريكا والهند وفرنسا لا يعملون تحتي عبثاً ..

ارتخت يده المقبوضة على الهاتف وقال بنبرة هادئة: حسناً يا آندي اني اضع مسؤولية هذا الشاب على عاتقك ..
يجب عليه ان يعود إلينا بعد ان هرب .. واذ عاد حقاً .. فـ سيكون تحت اشرافك وناظريك انت ..
اني لا اعتمد على احد من الجماعة غيرك ..
ولكن قبل كل شيء .. يجب ان يرسم لك كامل خطة هروبه .. يجب ان نعرف بالضبط كيف ومتى وبأي ساعة حدثت عملية الهروب

دخلت بأطراف أصابع قدميها بحذر/بخفوت كي لا توقظه من سباته ..

طرق قلبها المشتاق بـ عشق لا ينضب ما ان رأت وجهه الرجولي النائم بتعابير مستكينة هادئة تبعث نسمات البراءة في المكان ..

كان يحمل تضاد الرجولة والبراءة بتمازج ألهب انوثتها ..

تعشق هذا الرجل وتعشق حتى قسوته وعناده المثير دوماً لغيظها ..

اقتربت منه بعينان تلمعان ببسمة خافتة وجلست بقربه على السرير الابيض ..

لم تستطع منع نفسها من لمس ذقنه النامي .. ولا تمرير اصبعها الصغير على حاجباه قبل عيناه المغلقتان ..

وبمشاعر سيرها "العطش المُهلك" .. اقتربت من وجهه ولثمت جانب فمه برقة ارتجف معها سائر جسدها ..

احست مع قبلتها السرمدية ان الحياة بأكملها غدت كلوحة تلوين تعجز عن ايقاف نفسها من رش الالوان البهية عليها ..

لم تبتعد الا عندما احست ان فم حبيبها قد تحرك ببطئ ينم عن احساسه بها وبقبلتها ..

ما ان استقامت بجسدها حتى سقطت عيناها على عيناه السوداوان الناعسان وهما تحدقان بها بأحاسيس غامضة ..

تنحنحت بارتباك تام .. وقالت بتلعثم رقيق يصرخ بين جنباته الخجل الشديد: أ أ أ آسفة وعيتك .. و و والله أسفة سيف

ابتلع سيف ريقه الجاف وقال بغلظة مبحوحة: من متى انتي هنيه ..؟!

امسكت العنود جانب حجابها بتوتر وقالت: توني حدرت ..

هم سيف بأن يسند جسده على ظهر السرير .. الا انه هدر بغضب ما ان احس بالعنود تقترب وتساعده على الجلوس:
هب محتاي معونه من حد .. سيري يلسي ..

ارتجف فمها بـ جرح ماكن/آسى ... وابتعدت عنه بانكسار ..

جلست على الكرسي وقالت بنبرة هادئة مبطنة بقلق صرف: سيف ..
شو مقرر تسوي ..؟!!
الدكتور قال عمليتك حساسة ..

رمق سيف الخواء امامه بنظرة جامدة ثلجية .. وقال ببحة عميقة بعد ان تمادى بصمته القاتل:
بسافر ألمانيا ..

اتسعت عينا العنود بصدمة: ألمانيا ..!!!
ليش انزين .. مـ مـ ما تروم تسويها في البلاد ..!!!

هتف سيف بذات جموده غير المبالي بالتي تتألم امامه: مابا اسويها هنيه .. عميه احمد حجزلي خلاص وهو اللي بيسافر ويايه ..

وقفت بصدمة أقوى ... وهتفت هذه المرة بانفعال حاد حقيقي: اشوووووه ...!!!!
انته شو تقووول ..!!!!
شحقه انا آخر من يعلم باللي يستوي ويااااااك ..!!!

ارتعشت اهدابها .. وأكملت بدموع تجمعت على مقلتيها المثقلتين بحزنٍ منهار: حرام عليك انا شو مستوبك ..!!!
شو سويت انااا عسب جيه تقسى عليه ..؟!!
شهور وانا متحملة جفاك معايه وقسوتك ولا فتحت ثميه .. لكن اللي تسويه ما يرضي الله ولا رسوله .. انا بنت عمك قبل لا اكون حرمتك وام عيالك هب وحده ماخذنها من الشاااارع ..

سقطت دموعها الحارة على وجنتيها وأكملت غير آبهة لأي شيء: ويايني بعد الحين تقول بتسافر ومع عميه احمد ..
انزين اناااااا ..!!!
انا وين موقعي من الاعراب .. هب انا المفروض اكون معاك في وقت محنتك واساندك ..!!!!
هب هالمفروض يستوي يا ولد عميه ..!!!
تكلم ليش ساكت ..!!

عض على باطن شفته السفلى وقد وصل الضيق والغضب حدودهما القصوى في روحه ..

لا يتحمل رؤية دموعها العذبة ولا رؤية الشحوب/الألم بعيناها ..... ولكنه غاضب يالله ..... غاضب منها وعليها ولا يريد الشفقة بشتى انواعه منها ..

لا يريــــــد ..

يريد الهرب من نظراتها ونظرات الجميع الحزينة عليه والمشفقة يريد الهرب من قفص العجز المسجون داخله بكل حيلة مبتورة ..

لا يريد اي مساعدة نفسية ومعنوية من أي أحد وزوجته خاصةً ..!!!

هتف بغلظة مشوبة بقسوة اخرجها كسلاسل حديدية تدمي الحنايا: الحرمة مكانها في بيتها وبين اعيالها .. انا هب ساير ألعب ..
بسوي العملية وبرد ان شاء الله ..

قاطعته العنود بحدة غاضبة "مجروحة حتى النخاع": ادريبك هب ساير تلعب انا هب بقرة عسب تتمصخر عليه ..
انا اقولك انيه انا حرمتك وانا المبدايه على كل حد .. ولو حد لازم يخاويك في هالسفرة فهي انا هب عمك ولا غيره ..

رفع سيف رأسه وقال بنبرة مباشرة باردة وهو يرمق بعيناه الحادة الغائمة عيناها الناعسة الوجلة:
وانا ماباج ويايه .. انتي بالذات ماباج ويايه ..

ارتجف فك العنود السفلي وتساقطت دموعها الموجوعة أكثر ..

همت بأن تسأله بإسم الذي وضع العشق في جوفيهما لمَ ...!!
همّت بأن تقول بإسم الذي جعله الأب والصدر له لمَ ..!!

وقبل أن تتفوه بكلمة "لمَ" ....... طرق أحدهم الباب .... تنحنح سيف بقوة وهتف ببحة خشنة: منووه ..؟!!

جاءه صوت والده الحاني وهو يجيب: انا انا ولديه ..

إلتفت سيف بحدة للعنود وقال بفظاظة: دشي الحمام وغسلي ويهج .. مافيه انا على رمسة حد ..

امسكت بيدها اليسرى يدها اليمنى كي تتمكن من السيطرة على انفعالها وغضبها من هذا الرجل ..

وبسرعة استدارت ودخلت الحمام ..

تنهد سيف ومشاعر الضيق تنهش عظامه بضراوة .. وقال بذات صوته الخشن: قرب قرب الغالي ..

دخل أبا سيف ومعه امه ..

امه التي ما ان سمعت بخبر حادث ابنها حتى سقطت مغشياً عليه بانهيار نفسي بالغ .. ولم يكن الحال هين مع اباه عبدالله، ولكن الاخير فوض امره لله واستمر بالدعاء والصلاة حتى فتح ابنهما عيناه ..

كان الحادث قاسي عليهما وهما اللذان لا يملكان الا هذا الولد الغالي .. وما دام الحادث لم يسلب الا مقدرته على المشي ..
فهذا الامر هين ..

المهم هو سيف .. وليس غير سلامة روح سيف ينشدان ..!!

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىWhere stories live. Discover now