11

760 10 0
                                    


،
ع يناك ليا ل صيفي ة،
ورؤ ى وقصائدُ وردية
ورسائلُ حُ ب هاربة،
من كتُبِ الشوق المنسيَّ ه
م ن أ ن ت ؟
زرع ت بنقر خطا ك،
الدَّرب وروُدا جُوري ه !..
كالضوء مررت ..
كخفق العِطرِ،
كهزجِ أغا ن شعبي ه ..
ومضي ت شراعا .. يحملُني
كِقصيدة شم س بحريَّ ه ..
لِوُعُو د را ح ت ترسُمُها،
أحلام فتاة شرقي ه !..
م ن أن ت ؟
وسِحرٌ في ع ين ي ك
ي زفُ العُمر لأغنيَّ ه ..
لكأن ك .. مِن قم ر تأتي
من نجمةِ صُبح .. ذهبيَّ ه !
مِ ن أر ض .. فيها شمسُ الحُ ب
تعانِقُ و جه الحري ه ..
وأنا .. في العُمر مسافِرة
و معي .. ع ينا ك وأُغني ه !..
ل أنور سلمان ، .
،
ليت الألم يُحكى..
لأنطقه بكل حروف الدنيا..
بكل ابجديات الضياع
بكل معاني الوجع الملبوس
فوق أنفاسك الرجولية!!!..
ليت ل حرقة الهوى أجنحة..
أجنحة أركبها .. وأحلق لمكان لا يبصرني فيه عين..
مكان أكون فيه أنا فقط .. وهواي الذي انصهر منتصبا .. راف ع الرأس..
شام خ الأنف!!..
ليتني يا هذا ابتعد..
ابتعد فقط عن شراراتك التي تحرقني
تلهبني..
تذيقني الترمد الذي وصل في جوفي حد الطغيان!!!..
ل م تفعل بي هذا ...؟!!
ل م ..؟!!
أبعد الجرح الذي تلقيته منك ما زلت تمشي بخيلاء صرف
على روحي المثقلة بهوى روحك المتغطرسة ..؟!!
أبعد أن قررت بكل عزيمة أن اتجاوزك، وأعيش عمري الباقي
مع شخص لا/لن يملكني روحي ا !!..
مع شخص لم يرغمني على تذوق
طعم يشبه بمرارته مرارة حنظلة رُمي ت على الأرض
وأصبحت مداس أقدام العابرين!!..
وكأن الحنظلة المسكينة .. ما كانت إلا قلبي أنا..
الذي رُمي على يديك أنت ......... أيها السلطان!!..
قلبي الذي لم يكن ليهواك وهو يعرف
بعجرفة هيمنتك على وتيني!!..
بازدرائك ل شخصي!!..
بخداعك ........ أجل ..
خداعك!!!..
أمسكت بجهاز تحكم التلفاز الموضوع بجانب وسادتها ورمته بعنف .... بكل كبرياء
مجروح..
كبرياء لأنثى لا تملك الا الشمم من الطباع..
والعُلي من الزهو بالذات..
أنثى من فرط سمو اعتدادها بشخصها كانت تبعث للناس رسالات
مبطنة .. ب "ممنوع الاقتراب!!.. "
صرخت بكل حدة حارقة .. ملتهبة .. ملتاعة..
حرقة أنثى اُذيق حبها طعم الرفض والازدراء:
لييييييييييييش!!!..
لييييييييييش خبررررني لييييييييييش!! ..
لييييييييييييييشششش!!!...
وفجأة..
ومن غير مقاومة تُذكر..
أجهشت ببكاء يقطع الأفئدة من فرط وجعه .. من فرط مرارته السوداء..
بكت وكلمة "ليش" كانت كالافا .. تخرج من شفتيها وتسكب حممها على صدرها
المنتفض ..
بكت كما لم تبكِ من قبل .. وأشد مما بكت في السابق..
عندما اكتشفت قبل سنين طويلة .. أن سلطان لم يكن راغبا بها..
لم يكن ل يريدها زوجة .. ولا حبيبة!!..
لم يكن يريد .. إلا اللهو فقط..
اللهو والسخرية على من أهدته الفؤاد والوجدان!!..
بكت شما حتى أحست بلهيب يمشي في حنايا صدرها..
وجفاف قاحل يفتك بأحبالها الصوتية..
لا تسمع الا لهاث .. لهاث وصل لأقصى حد من الاختناق..
لهاث كان في السابق
لا ينطق إلا بما قالته نوره الحوشان بكل اصطبار يتأوه من نار الشوق/اللوعة:
"اللي يبينا عي ت النفس تبغيه، واللي نبيه عي ا البخت لا يجيبه"
أما الآن..
لم يب ق من لهاثها إلا رمادا متبقي من نار الجوى
الجوى يا سلطان!!!!..
وليس غير الجوى ما فعل ب وجدانها ما فعله بكل جبروت صرف!!..
بدأت أنفاسها الثقيلة بالانخفاض .. وبدأت تسترد وعيها الذي غاب من أثر صدمتها
من سماعها "ذبذبات أنفاسه!!!.. "
تنفست مرة اخرى بعمق أليم محاولة استرداد صوتها المختنق حد الزوال .. ووقفت
لتواجه مرآتها الطويلة ك طول قامتها المفعمة بالفتنة..
ثم همست ببحة مختنقة بعد صمت مهيب متأملة عيناها المتورمتان من أثر البكاء
الشديد:
سمعتي نصخه وجيه استوابج يالخبلة..
عيل لو لمحتي طرف كندورته شو بتسوين!!..
أشهد إن حالتج صعيبة يا بنت خويدم..
.
.
.
.
.
.
.
ضحك نهيان ضحكة رنانة ليهتف بمرح: ياخي انت وياه لازم تحسسوني انيه انسان
بلا هدف في الحياه!!..
خلاص بنشتغل بنشتغل ولا يهمكم ..
قطع كلامه رنين هاتفه، والتقطه باستغراب متسائلا عن صاحب الرقم الغريب..
تراجع بخفة ليرد بنبرة حازمة: ألوووووو
:ألوووو .. نهيان ..؟!!
قطب نهيان حاجباه وهو يستوعب الصوت الأنثوي الذي دخل مسامعه للتو
هتف باستغراب تام: هيه نعم نهيان .. منو ويايه ..؟!!
هتفت الفتاة بنبرة مهتزة .. مترددة .. خائفة: أ أ أ ن ن نهيان..
أنا ميسون .. ماعرفتني!!!.
قطب نهيان حاجباه باستغراب وهو يهتف بتساؤل: ميسون!!..
منو ميسون ..؟!
أتاه ذات الصوت ولكن هذه المرة ظهرت ك نبرة ساخرة .. نبرة انقلبت من العربية
إلى الفرنسية بكل غضب مكتوم:
لم أكن لتفاجئ بحقيقة نسيانك لي .. ف انت نهيان!!.
نهيان الذي يصاحب عشرة فتيات في وقت واحد..
استدار نهيان بجسده رافعا كلتا حاجبيه باستنكار بدأ يظهر .. وهتف بعربية ثابتة
باردة رغم إنه يتقن التحدث بالفرنسية باحترافية سلسة:
بتقولين انتي منو ولا ابند الخط!!!..
ابتسمت المرأة المسماة ميسون ابتسامة ساخرة وهتفت هذه المرة ب عربية .. تحديدا
ب لهجة أهل لبنان:
شو يا خواجة نهيان، نسيت ميسون .. وليالي باغي مع ميسون!! ..
بدأت عيناه السوداوان تحتدان ك احتداد نصل السكين، والقسوة اعتلت ضباب مقلتاه
بغضب وازدراء متذكرا اخيرا صوت الفتاة المغلف بنعومة الأفعى..
هتف بحزم جامد قاسي .. قاسي كالحديد: الآدمية اللي تطرينها اندثرت تحت التراب
..
ميسون والحقد في صوتها وصل لمسامعه بشكل علني .. وحاد حد الوقاحة: بتئصود
الادميي اللي كبيتا بالشارع هي وابنا بلا بيت ومصاري بعد ما شبعت منا ومن
اللعب معا فوء التخت .. ما يا خواجة نهيان!!!..
قبض نهيان يداه كاتما انفعالات عاصفة لا يريد اظهارها، خاصة أمام هذه الحقيرة
معدومة الاخلاق..
نهيان بنبرة حادة ساخرة لأقصى حد ممكن مقلدا لهجتها بخبث تام: كنا نلعب فوء
التخت على سنة الله ورسوله ما شيغي..
)ما شيغي = يا حلوتي/يا عزيزتي بالفرنسية (
احتقن وجهها غضبا /خجلا من جرأة كلماته .. وقالت من بين اسنانها: لي ك ك عرفتني
يخزي العين
قاطعها بقسوة مغلفة بالنفور/البغض: شو تبين ميسون، اظنتي اللي بينا انتهى من
خمس سنين..
شو ذكرج فيه عقب هالفترة كلها!!..
ميسون بنبرة غامضة أظهرتها بنعومة صوتها الذي كان يطيح ب سيطرة عقله في
وقت مضى:
تلفنتلك لئلك ئشي وسكر..
نهيان بنزق ملؤه الجفاء: قولي اللي عندج خلصيني..
ميسون بصوت ثابت: ابنك بدو ياك نهيان
تسمر نهيان بمكانه وعيناه بدأتا بالاتساع تدريجيا قبل ان يهتف بصدمة حادة:
شوووه!!!...
ولدددي!!!!...
.
.
.
.
.
.
.
أبوظبي
تقدمت وهي تدخل رواق القسم الذي يوجد فيه غرفة والدها بينما اصابعها تكتب
بسرعة رسالة نصية لأختها الوسطى تسألها ما إذ حطت طائرتهم أم بعد..
وضعت هاتفها داخل حقيبتها واستمرت بالمشي إلى أن لمحت أمام غرفة والدها
طفلة صغيرة تحمل بيدها دبدوب وردي اللون جميل وتبكي بشكل يفطر القلب حزن ا
..
اقتربت منها بقلق، ثم جثت على ركبتيها وهي تهتف بنعومة تقطر حنانا /طيبة :
حبيبي ليش تصيحين!!!..
لم تجب الطفلة بل اشتد بكاءها وازدادت شهقاتها الرقيقة..
التمعت عينا شيخة بتأثر شديد وكررت سؤالها وهي تمسد شعر الطفلة: يا قلبي ليش
تصيحين!!..
وين ابوج وامج!!..
أنزلت الطفلة كفيها الصغيرين عن عيناها لتقول بصوت طفولي يتقطع من البكاء: ما
ما ما ما ادري
وأخذت تبكي من جديد والخوف ينضح من نظراتها البريئة...
وقفت شيخة وهي تتلفت عل ها تجد أحد اقارب الطفلة المسكينة..
رجعت تجثو على ركبتيها لتهتف بحنان صرف: انزين حبيبي خلاص لا تصيحين..
الحينه بنروح عندهم..
ردت الطفلة وصوتها المتقطع ما زال يتخلل كلماتها الصغيرة: ماما تامي قالتلي تمي
هنيه وبييج بسرعة..
بس ما يت..
احتضنت شيخة الطفلة بنعومة تبعث السكينة في الصدور لتهتف بتساؤل حاني: منو
ماما تامي حبيبي ..؟!
قالت الطفلة بنبرة بريئة للغاية: ماماتي تامي..
ابتسمت شيخة بعذوبة وهي تمسح دموع الطفلة .. ثم قالت: شو اسمج يا عسولة
!!؟..
وضعت الطفلة أصبعها السبابة بين شفتيها ... واجابت بخجل شديد: اسمي شيخة
ضربت شيخة الكبيرة كفيها ببعضهما بخفة/بمرح ... لتقول بعدها بابتسامة جميلة:
وااااااو شرات اسمي .. انا بعد اسمي شيخة..
ابتسمت الطفلة ابتسامة كبيرة ناسية موضوع ضياعها عن أهلها قبل ان تقف شيخة
وتمد يدها إليها وتقول ببسمة مطمئنة:
يلا تعالي معايه عشان ندور على ماماتج..
أعطت الصغيرة يدها ل شيخة وسارت معها في جميع أروقة القسم ..
بحثت شيخة عن والدة الطفلة ولكن من غير جدوى..
توقفت فجأة ما إن سمعت صوت الطفلة العالي وهي تنادي احدهم بسعادة: دكتور
نااااااااااصر
استدار الدكتور ناصر وهو يرفع حاجبه الأيمن باستغراب، ثم ما لبث أن ارتسمت
عيناه بابتسامة أبوية حنونة..
تقدم من الفتاتان بخطوات رزينة ثابتة .. ونظرته التي تلتمع بلون القهوة كانت كافية
في إضفاء سحره الرجولي الخاص على هيئته بحلة الأطباء المتعارف عليه..
جثى على ركبتيه وهو يهتف بنظرة شديدة الدفء: شواخي الحلوة اهني!!..
يا هلا يا هلا..
ارتمت الطفلة شيخة في احضان الدكتور لتقول بحزن بملء فمها الوردي الصغير :
دكتور بابا وماما خلوني وراحوا..
الدكتور ناصر بتساؤل: وين راحوا عنج بابا ..؟!!
أخذت دموع الطفلة شيخة بالتساقط مجددا وهي تقول: ماعرف، ماما قالت حق ماما
تامي توديني الكفتيريا عشان اشتري عصير وكاكاو..
بس ماما تامي ودتني مكان ماعرفه مب الكفتيريا..
قالتلي تمي وبييج
بس ما يت..
الدكتور ناصر باستنكار خفيف: وشله امج ما ودتج الكفتيريا بنفسها، من يأمن على
الخدم ذي الايام!!..
الله يهديها بس..
)وشله = لماذا(
وأخذ يمسح دموع الطفلة وعيناه تنضحان حنان جارف يبعث القشعريرة بشكل
يصعب وصفه..
كانت شيخة الكبيرة في تلك الأثناء تشعر بأنها في مسرحية ودورها ليس الا
كومبارس غير ذي أهمية مطلق ا ..
تعترف ان حرجا شديدا انتابها من غرابة الموقف التي هي فيه بمجمله!!..
ولكن، بين شعور الخجل والارتباك، لم يغفل قلبها عن الاحساس بفيضانات الدفء
والحنان الأبوي التي تدفقت على رأس الطفلة من الطبيب..
هذا الطبيب الذي أسر "بفتنة نبرات صوته العميقة وقلقه الحاني" دقات قلبها الجائعة
ل حنان أب فقدت روحه المُحبة منذ سنين طويلة..
كان قلبها يدق ل جمال ما تشهده بشكل لم تفقه له ابد ا !!..
رفع الطبيب رأسه مدركا اخيرا وجود مخلوق انثى بجانب الطفلة ..
ما إن لمح طرف وجه شيخة التي لا تغطيه عادة بخلاف شقيقتاها الكبيرتان، حتى
غض بصره ليهتف بنبرة ثقيلة مهذبة: اختي السموحة منج ..
بس انتي شتصيرين ل شيخة!!..
تنبأ عقلها لأمر استوعبته بينما الطبيب يتحدث ..
ف لهجة حديثه لم تكن اماراتية، انما وإن لم يخب ظنها قطرية!!!..
تنحنحت شيخة بخجل فطري لتهتف بنبرة ناعمة خافتة: ما اقرب للصغيرونة ..
شفتها تصيح جدام حجرة الوالد وشليتها عشان ندور على هلها ..
وأردفت وهي تهز كتفيها: بس ما حصلنا حد..
وقف ناصر وهو يرتب هندامه الذي لم يكن يحتاج لترتيب من الأساس،
انما هو فقط كان يحاول عدم التشتت بقوله وفعله .. عدم التشتت بثباته الذي يتميز
به وهو يسمع ذبذبات همس الفتاة المثقل بالعذوبة والخجل المُرتبك..
أمسك بيد شيخة الصغيرة محاولا عدم النظر لكفوف الفتاة الشابة البيضاء الا ان
نظرته لا اراديا تنجر لجمالهما الناعم بأصابعها الضعيفة الطويلة وأظافرها المقلمة
بشكل أنيق..
بشكل فاق الأناقة بحد ذاتها بنظره هو!!..
زجر نفسه مستنكرا افكاره المُراهقة التي لا تناسب ابد ا عمره السادسة والثلاثين!!..
تنحنح بثقل وهو يهتف بنبرة خشنة لم يتعمدها ابدا : خلاص مشكورة الشيخة،
انا الدكتور المشرف على حالة خال شيخة المرقد اهني، واعرف ابوها عدل..
ف تقدرين تخلينها معاي..
خفق قلب شيخة عندما ناداها ب "الشيخة" ظنا منها إنه يناديها بأسمها الحقيقي!!..
ثم استوعبت مقصد كلمته العفوية..
قالت شيخة بتردد منخفض الصوت وهي تنظر ل شيخة الصغيرة: بسسسس دكتور
...
:شيخة
التفتت شيخة الكبيرة ومعها الصغيرة لا إراديا للصوت المنادي لتهتف الكبيرة
بعفوية: هلاااااا
اقتربت المرأة المغطاة بأكملها بالسواد لتهتف باستغراب ل شيخة الكبيرة: شيخة
وينج من متى نترياج عند ابويه!!..
قطب ناصر حاجبيه وبسمة متلاعبة اعتلت ناظراه بشكل طفيف..
أسمكِ شيخة إذن!!!...
شيخة بتلعثم تخلله ارتباك واضح: أ أ أ يايه الحينه، ترييني دقيقة..
نظرت شقيقتها أم محمد ل ساعة يدها بعدم صبر وهتفت بخفوت مستعجل: يلا انزين
لا تتحيرين ..
ورانا سيره للمطار عشان اختج ولا نسيتي!!!..
هزت شيخة رأسها وهي ترد بسرعة: ان شاء الله ان شاء الله دقيقة بس..
ثم التفتت ل شيخة الصغيرة متحاشية النظر للطبيب لسبب تجهله تمام ا !!..
لم تعرف أهو خجل!!..
ارتباك!!..
خوف من مشاعر تجهلها!!..
أم نفور من انقباضات تدب في معدتها كلما لمحت طرف عيناه اللامعتان!!..
لا تعرف..
تتمنى فقط أن تخرج من نطاق رجولته الدافئة الجاذبة لها بشكل مؤذي!!..
ولكن ..... وياللعجب..
تتمنى في الوقت ذاته الغرق ببحر صوته العميق .. العميق حد اللانهاية .. بحنانه
.... وبكمية السكينة فيه!!!...
وبخت شيخة نفسها محاولة الهرب من حصار مشاعر غريبة كل الاغتراب على
جدران قلبها الجائع للإحتواء!!..
الجائع لكلمة عذبة .. المتعطش ل حضن شجي رحوم يغنيه عن كل حضن!!..
قالت أخير ا للطفلة وهي تميل جسدها الى الامام وتنخفض حتى يصبح وجهها مقابلا
لوجهها الصغير: حبيبتي شيخة، انا بخليج الحين..
بس قبلها توعديني ما تصيحين!!..
تعلقت شيخة الصغيرة ب رقبة شيخة الكبيرة هاتفة بصوت طفولي مستاء: ليش
تروحين شيخة!!..
همست شيخة قرب اذن الصغيرة بحنان جم: حبيبي باباتي يباني انا بعد، تأخرت
عليه وايد..
وبحركة لم تفهم ماهيتها بتات ا ..
رأت الطفلة وهي تقترب من ناصر لتوشوش في أذنه اليسرى بكلمات قليلة..
ثم رأت ناصر وهو يهز رأسه بابتسامة خفيفة .. ابتسامة لم تكن بريئة ابدا في
الحقيقة .. ليهتف بعدها بدفء متدفق:
ايه حبيبي عادي
رجعت شيخة الصغيرة للكبيرة وهي تبتسم بخجل طفولي، ثم مدت دبدوبها الصغير
إليها لتهتف بنعومة:
خلي هالدبدوب عندج..
قطبت شيخة الكبيرة حاجباها بابتسامة مستغربة ثم قالت برقة: ليش غناتي، دبدوبج
هذا!!..
وضعت الصغيرة سبابتها على شفتها السفلى بخجل اشد وقالت: بس جيه .. عشان
انا استويت احبج
تأوهت شيخة بتأثر تفجر بالبهجة .. وهتفت بصوت عذب لم تستطع التحكم برناته
شبه العالية: واااايه انا فديت اللي يحبوووني..
واحتضنت الطفلة بعد أن قبلت خداها الممتلئتان، ثم أكملت بابتسامة تضج بالفتنة:
وانا احبج حبيبي وايد..
وبعدها اخذت الدبدوب من الصغيرة لتهمس قرب اذنها بنظرة تلألأت جذلا :
واستويت احب هالدبدوب بعد،
شكرا شواخي..
قبلتها مرة أخرى ثم وقفت وهي تمسد شعرها بعينان باسمتان قبل ان ترفعهما
للطبيب..
قالت بصوت انثوي رزين ونظراتها تقع على كل شيء امامها عداه :
دكتور حط بالك عليها..
التمعت عينا ناصر ببريق غريب .. بريق يقول بأن لقائه بهذه الفتاة لن يكون الأول
والأخير ... ثم هتف بصوت واثق متزن: إن شاء الله، لا توصين..
استدارت شيخة بعد أن قالت برقة: مع السلامة ..
رد ناصر بخفوت عميق: مع السلامة يا ....... شيخة..
أحست شيخة بماء بارد ينسكب على رأسها، وشعرت بأن سيطرتها على خطواتها
الثابتة ستنفلت لا محالة!!..
يا إلهي!!..
ما هذا الاحساس الذي يشعرني بأني واقفة على هلام!!..
استفيقي يا فتاة!!..
هو فقط نطق ب أسمك يا شيخة .. فقط نطق ب اسمك..
فلتركزي الآن على خطواتك قبل أن تسقطي على وجهك ذو التعابير البلهاء!!!!..
.
.
.
.
.
.
.
مطار أبوظبي الدولي
الوطن
ما هو الوطن!!..
سوى فرحة طفلة تتغنى تحت المطر
الوطن
ما هو الوطن!!..
سوى وفاء عجوز تنتظر حبيبها على كرسي خريف العمر!!!..
الوطن
ما هو الوطن!!..
سوى انتماء قطيطات ل صدر أمهم ... والمواء شبعا بين احضانها!!!...
الوطن
ما هو الوطن!!..
سوى تقبيل ترابك المسك ....... يا الامارات!!!!...
نزلت من الطائرة وهي تتنفس حرارة هواء العاصمة بسعادة منتشية ..
ابتسمت ابتسامة عذبة .. ناعمة .. مليئة بالحب لتهتف ل شقيقها ذياب:
فديت داري ومرباي .. اسميني ولهت على بوظبي يا ذياااااااااااب..
ذياب بنظرة باسمة: هيه والله انا بعد..
ههههههههههه ما صدقت انيه في الدار الا يوم لفحتني اللواهيب..
)اللواهيب = الهواء الحار(
ضحكت ناعمة بخفة لتقول ب جذل: هاذي علامة الجودة أصلا
وأردفت وهي تتساءل: ذياب منو بيشلنا من المطار!!!..
ذياب وهو ينظر ل ساعته: عميه سلطان
ابتسمت ناعمة ب شوق لا ينضب:
فديت الطاري ياربي..
صمتت للحظة عندما سمعت نداء صديقتها روضة لها .. وتحركت إليها مسرعة قبل
ان يدخلوا المطار الداخلي..
ناعمة: هلا رواضي حبيبتي
روضة وهي تتألم من أثر صداع داهمها: نعوم فديتج ابا بندول .. عندج!!..
ناعمة بذهول/بقلق: اووويه رواضي شعنه عيونج حمر جيه!!..
وضعت روضة يدها على رأسها لتهتف بإرهاق/ألم واضحان: ما رقدت نعوم من
يومين ..
والصداع بيذبحني..
ناعمة باهتمام مستغرب: ما رقدتي في الطيارة ..؟!
تنهدت روضة بشكل غريب لتهتف بذات صوتها المُرهق: لا ما رمت ارقد..
ناعمة: لييييش ..؟!!
صمتت روضة باستياء تخلله ارتباك عارم..
ماذا أقول لكِ يا صديقتي!!..
أأقول بأن طيف "ذاك" لا يفارقني منذ أن سقطت عيناي اسيرة عيناه!!..
أأقول لكِ أن خيبة أملي "ب حب صغير قد نما بشكل غريب" بدأت تزداد ما ان
شممت هواء بلادي!!..
ماذا أقول يا صديقتي ماذا أقول!!..
أحببته .. يالحظ قلبي البكر!!..
أحببته يا ناعمة..
أحببته!!..
وحبه الشرس ما يجلب لي بكل قسوة السهاد!!..
تنهدت بعد صمت شفاف، لتهتف فيما بعد باقتضاب: ماعرف نعوم .. عندج بندول
ولا ..؟!!
ناعمة: لا ما عنديه .. تريي بدورلج عند البنات..
دخل جميع القادمين لمطار أبوظبي الداخلي وبينهم القادمين من فرنسا ..
كانت ناعمة في تلك الأثناء تبحث عن مسكن للألم ل روضة المُرهقة .. وبينما هي
تبحث وتسأل الفتيات، أخذت تلمس أصبعها الأوسط من كفها الأيمن ..
ف هي عندما تقلق تحرك بشكل لاإرادي خاتمها صعودا ونزولا !!..
ولكن .... وياللصدمة التي افقدتها التفكير لثواني ....... لم تجد خاتمها!!..
الخاتم!!..
أين هو!!..
قطبت حاجبيها بصدمة/بجزع وهي تحاول تذكر أين وضعت خاتمها!!!!...
أخذت تبحث في حقيبتها عنه عل ها تجده مرمي هنا أو هناك!!..
ولكن لم تجده..
يا ربي ...... إلا هذا الخاتم..
إلا هو!!..
أرجوك يارب ..
لم يب ق لي من رائحة أمي إلا هذا الخاتم يالله!!..
أحست بقلبها يعتصر وهي تقف بحزن أليم محاولة تذكر ما اذ سقط منها في مكان
ما...
م رت طيوف ذلك الموقف المُرعب بشكل مموه في بالها، ليهتف عقلها بذهول باغتها
..
أيعقل إنه سقط من أصبعها عندما حدث لها ما حدث في مطار باريس!!!!..
ترقرقت دموع خفيفة في مقلتيها السوداوين لتهتف بحزن/خيبة أمل شديدة :
ياربي كيف طاح مني كييييييييف!!!!..
أتتها الطالبة ظبية وهي تهتف بصوت شبه عالي: أبلة أبلة .. هاذوه بندول..
أخذت ناعمة من الفتاة المسكن وشكرتها بشكل مقتضب يوحي بمزاجها المستاء
تمام ا ..
ثم ذهبت الى روضة لتعطيها اياه ..
قالت ناعمة بعد ان ابتلعت روضة المسكن وشربت الماء: اجر وعافية يا قلبي
روضة وهي تتنهد بشكل خافت: الله يعافيج ويسلمج فديتج
وأردفت وهي تلاحظ شحوب وجه ناعمة الذي كان متوردا منذ لحظات فقط: نعوم
بلاج!!..
شو مستوي!!..
لم تحتمل ناعمة أن تكتم ما بقرارة نفسها من حزن، خاصة عندما سمعت صوت
روضة القلق..
خانتها دمعة يتيمة من عيناها، وهمست بحزن صافي: رواضي هب محصله خاتميه
...
ماعرف وين طاح عني!!!..
روضة بصدمة: ويييينه!!!!..
مسحت ناعمة دمعتها الحزينة، وهتفت باستياء صرف .... وبتردد ف هي لا ترغب
الآن وهنا بإخبار روضة ما الذي حصل لها في مطار باريس: ماعرف يا روضة
ماعرف..
ظلت روضة تواسي ناعمة وتهدأ من انفعالها .. ف هي أكثر من يعرف حجم مكانة
هذا الخاتم بالذات في قلب ناعمة..
فهذا الخاتم في الأصل هي هدية جدها ل والدتها نوره...
كان خاتما عليه قلب من ذهب مرصعا بماسات صغيرة براقة .. وهذا القلب مجوف
بحروف منقوشة ب اسمها هي..
ناعمة..
لأن اسم ناعمة ما كان جدها ينادي ابنته به حبا وتدللا وشغف ا
ف هو كان يرغب منذ أن حملها بين يديه أن يسميها بهذا الاسم، الا ان زوجته
أصرت بشدة ان تسمي ابنتها نوره على اسم والدتها !!..
ولم يرغب أن يخذل زوجته وهو الذي احبها بكل قلب ينبض، ف ما كان منه إلا أن
ينادي ابنته نوره بينه وبينها بإسم "ناعمة.. "
وعندما شعرت نورة ب دنو أجلها..
أعطت ابنتها التي اسمتها ناعمة تحقيق ا لرغبة والدها العزيز هذا الخاتم الغالي على
قلبها..
.
.
.
.
.
.
.
دلف صالة استقبال المسافرين وهو يعدل نسفة غترته بفخامة مهيبة .. وبشكل لا
ارادي .. انتقلت انظار البشر من كل جنس ولون إليه منجذبين ل حضوره
الاستثنائي...
ظل واقفا عاقدا ساعداه القويان امام صدره ال رحب منتظرا خروج أحباء قلبه الذين
أخذوا نسائم الوطن العليل معهم..
خاصة تلك ..
تلك التي وضعت محبتها في لب قلبه منذ أن حد قت به اول مرة "ب عيناها الواسعتان
المستديرتان ببراءة غارقة في اللذة" وهي في مهدها..
منذ ما يقارب خمسة وعشرين سنة ..
أصبح الأب، العم، الحامي والصدر الحنون لها منذ أن كان في الخامسة عشر من
عمره!!..
لم يكد يخرج من خيالاته الأبوية المشتاقة حتى شعر بارتطام جسد أنثوي رقيق على
صدره...
وسمع غمغمات رقيقة تقطر شوقا تخرج من ف م غارق في لُجات حضنه المفعم
بالدفء: ولهت عليك سلطووووووون
استوعب اخيرا صوت الفتاة ليهتف بضحكة رجولية مجلجلة وهو يضرب بخفة
كتفها محتضنا اياه بقوة حانية :
هههههههههههههههه سود الله ويهج .. اخترب مذهبج من سرتي اسبانيا يا نعوم..
رفعت ناعمة ذقنها لتقبل صدر عمها، فهي لن تستطيع ابدا بطول قامتها المتوسط أن
ترفع جسدها لتقبل خده..
ثم هتفت بابتسامة تتفجر شوقا جارفا قويا : فديت ريحتك يالغالي، والله ولهت عليك يا
بومييد..
ابتسم سلطان ابتسامة ابوية شجية وقب ل رأسها وهو يتمتم بخشونة دافئة: والله وانا
اكثر يا عيون بومييد..
سمع الأثنان صوت ذياب الساخر: خلوا حقيه شوي من الأحظان والرمسة الغاوية..
تنحت ناعمة قليلا عن الرجلان ليسلما على بعضهما سلاما رجوليا بحتا تخلله
اشتياق واضح من الطرفين..
هتف ذياب وهو يضرب كتف عمه بدعابة محبوبة: يلعن بليسك يالعم ..
احلويت عن اول، شو سويت من ورايه اعترف!!! ..
قطب سلطان حاجبيه باستنكار ظهر مع ابتسامته الثقيلة المتهكمة: هب هباك الله...
اشووه بعد احلويت، شايفني بنية يالسبااااال ..؟!!
ضحك ذياب ضحكة رنانة لتهتف ناعمة بشقاوة وهي تتأبط ذراع عمها القوي:
امبونه بومييد عنيه افداه حلو ومزيون..
)امبونه = من الأساس/في الأصل(
سلطان ببسمة ساخرة: طاعو هاي بعد، حووووه انتي وياه، صخوا لأمرغكم بالعقال
..
تقدم وهو يدفع عربة الحقائب ويكمل: امشوا امشوا جدامي يلا ..
.
.
.
.
.
.
.
العين
كان تتحرك بتوتر تام وهي تضرب كفها الأيسر بقبضة كفها الأيمن، متوترة بشدة
وخائفة..
ف هي منذ الصباح تحاول الاتصال ب زوجها ولكنه لا يرد، وبعد عشرات من
الاتصالات،
سمعت الصوت الآلي يقول بكل برود صرف أن هاتف زوجها مغلق!!!.

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىWhere stories live. Discover now