20

718 12 0
                                    


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)


الجــــزء العشــــرون

ماذا أقول لو جاءت تسألني
أمازلتُ أحبها أم حُبها مات
ماذا أقول وكل الذي في داخلي
من أجلها أصبح شتات

********

أكتب لكِ وأناملي ترتجف
فهل تسمعيني وتلتزمي الإنصات ..!!
كنتِ كَالربيع في قلبي بل
كـ ليلة عيد تكثرُ فيها البسمات
كم عزفتُ بقيثارة حُبي لكِ
حتى توقفت الحروف والأبجديات
كم حلقتُ بكِ في سماء الحُبّ
وداعب شعركِ الهواء والنسمات

******

عن ماذا أكتب يا مولاتي
ولأجلك تصمت الكلمات
هل تذكري كم كنت رسام ماهر
أرسم لكِ الحُبّ على سطح البحيرات
وأنتِ ماذا قدمتي لي سوى الجروح
كم ناديت ولا أحد يسمع صدى الأصوات
احترت ماذا أقول لكِ وأنتِ
من أهداني تذكرة إلى عالم الأموات ..!!

لـ بشير الشمري


الوقت يمضي .. والايام تمر .. وللحظاتنا في هذا الزمن نهاية ..
ليس بيدنا حيلة ان نوقف عقارب الساعة .. ولا ان نأخرها او نسرع خطاها ..


هكذا في الحياة ..
هكذا هي حياتهم "هم" ..


فـ بعد مرور ثلاثة أشهر .. تغيرت حياوات .. تغيرت قناعات .. وتغيرت افكار ومعتقدات ..
وحتى "أنفــــــس" ..!!!

منطقة سويحان – أبوظبي
عند منتصف ظهيرة يوم الخميس ..

ألبس الصغير المتشوق المنقلة وقال له بحزم دافئ: يلا يا وحش .. راوني كيف بتبرقع الكوس وتشله ..
(المنقلة = هي أداة وقائية لحماية الذراع عند حمل الطير ونقله) (بتبرقع = تغطي عينه)

إلتمعت عينا سلطان "الصغير" بنظرة صقرية تبرق ثقةً وقال مغلظاً صوته كالرجال: افا عليك بومييد شوف شوف ..

تمكن بقلب شجاع من السيطرة على خوفه من منقار الصقر وإلباسه البرقع .. ثم حمله ..

صاح بحماس مسرور: هييييه هيييهه يلا بشله وبوديه عند ابويه انت قلتليه لو برقعته وشليته روحي بتخليني اوديه الميلس ..

ضحك سلطان الكبير بخفة .. ثم قال بـ ود صافي كـ صفاء طيره "الحر الأبيض": فالك طيب السمي بس شد ذراعك ثجيل عليك ..

صلب سلطان الصغير قامته الصغيرة الضعيفة وركّز قوته بأكملها على ذراعه الأيمن ثم ابتسم ابتسامة واسعة ما ان وضع عمه سلطان طيره "الكوس" عليها ..

وخرجا الأثنان من الملحق المخصص لمقيض الطيور .. ودلفا المجلس الداخلي في المنزل الضخم المبني في زاوية المزرعة ..

كان قد قرر سلطان مسبقاً دعوة الرجال والاصدقاء لمزرعته كي يتنسى لهم قضاء وقت ممتع بعيداً عن مشاغل الدنيا المزدحمة وضوضائية المدن المتخمة بالهواء الفاسد ..

وصل الابن عند ابيه وهو يهتف بـ سعادة عارمة: ابويه برقعت الكوس وشلييته شوووووف ..

عقد بطي حاجبيه بـ غضب طفيف وقال: بومييد شعنه معطي الولد ويه .. الكوس عده يقرنس .. مايستوي اظهرونه خاري .. عن يمرض ولا يستويبه شي ..
(يقرنس = اي يستبدل ريشه الحالي بريش جديد)
لانت عينا سلطان الكبير بـ دفئ: ماعليك بوخويدم .. الكوس ما شاء الله عليه عوده قوي يقهر الحر والعلل ..
هتف ذياب الذي كان يلعب "الكيرم" مع زوج عمته مصبح، وابن عمته ظاعن، وشقيقه حمدان:
اويليه على اليمره يا عرب .. من متى اعديبها المزيونه ..
(من متى اعديبها أي منذ زمن لم ارها ولم اعرف اخبارها)
هتف سلطان بسخرية: هاذيه هناك ويا خوياتها سِر اطالع علومها
ذياب: بسير بسير بس خل اخلص هالدور ..
ثم اردف بتهكم موجهاً حديثه لـ ظاعن: ولد العمه شعنه انت جيه طماع .. صرطت الخمسين مرة وحده ..!!
(صرطت = بلعت) (الخمسين اي القطعة الحمراء في لعبة الكيرم)
ضحك مصبح بـ استمتاع: خلاص واضحه .. ظاعن الفايز ..
حمدان بـ فم مزموم: شو ها غش ..
ظاعن بـ ضحكة ساخرة: هههههههههههه كل من فاااز قلتوا عنه غشاااش .. اقول بس إلقطوا ويوووهكم ..
ضرب مصبح رقبة ابنه من الخلف بـ غضب مصطنع: يا مسود الويه .. ثرني هب مازر عينك يا ظويعن .. انا إلقط ويهي ..!!
تأوه ظاعن بقهقهة متوجعة ثم اقترب من ابيه وقبّل كتفه معتذراً بوجه عابس ضحوك: اسمحليه طويل العمر غلطة مطبعية ..
إلتفت مصبح لـ سلطان الصغير الذي يحمل الطير بسعادة .. وقال بنظرة دافئة لـ سلطان الكبير: ها بومييد شعلوم مقناص السنة ؟!
مسد سلطان الكبير بنعومة على ريش طيره وقال بـ فخر: علوم الخير علنيه افداك هالسنة لو الله قال وكتب مقناصنا في ليبيا ..
ثم اردف موجهاً حديثه لـ بطي ببسمة خفيفة: خل دغاش على الستاند باي يا بوخويدم ..

رفع بطي حاجب واحد بـ اعتداد واثق: طويل العمر دغاش هالسنة متحولف بالغنايم يميعها من احباره وقطا وظبي ..

هتف حمد الذي كان وراء التلفاز يحاول شبك الاسلاك في بعضها كي يشغل لعبة البلايستيشن: كفو عليه دغاش .. اسميه طيرن طيب وما فيه حيله ..

اخرج رأسه من وراء التلفاز ليقول بخبث باسم: على كم تسومه يا بوخويدم ..؟!

ارتشف بطي قليلاً من فنجان قهوته قبل ان يقول من بين ابتسامته الرجولية: والله ينه طيوريه كلها تفداك وواصله بلا شي يا غير دغاش بالذات ما اساوم عليه ولا ابيع .. اسمحليه ..

حمد بـ تفكه مرح: افاااا يا بوخويدم .. يلا ماعليه كنا نبغي ريل حق الشما لكن ماشي نصيب ..
(شما هي شيهانة حمد "انثى الصقر")
ضحك الرجال بينما ابتسم سلطان ابتسامة سرت بـ باطنها مشاعر كاللهيب ..

شمــــا ..!!!

ما زال للآن وبعد مرور ثلاثة أشهر وبالرغم من قرب ليلة زفافهم الذي سيحين بعد عشرة أيام لم يتمكن من التأقلم مع حقيقة ان تلك الانثى قد أصبحت زوجته ..!!
وانها حلاله بشكل خالص لا يقبل النقاس بعد عشق تمرغ بلهيب الوجع دام اثنا عشر سنة ...
لم يتمكن للآن من استيعاب حقيقة انه بعد ايام ستغدو في بيته وفي مملكته الخاصة ..!!
شدّ من قبضة يده لاارادياً ما إن تذكر معاناته اليومية طيلة ثلاث أشهر ..
طيلة ثلاث أشهر لا ينام حتى يعيد قراءة الرسالة تلك عشرات المرات ..
عاش أشهراً كالجمرات ...... لن يكذب ويقول انه فحوى الرسالة لم تثر شكوكه ..!!
هو رجل ورجلاً عاش المُر فيما مضى والمُر ذاته هو ما جعل من نيران الشك/الكبرياء المخذول يصلان حدهما الأقصى في روحه
وزاد الأمر سوءاً بعد ان عرف ان المُرسل هي ابنة عمه "عوشـــــة" ..!!!!
عرف هويتها بعد الحادث فوراً بينما كانت الشرطة تفحص موقع الحادث وأُخرجت اغراضها وحاجياتها من السيارة ..
فلمَ بحق الله عوشة تكذب وتمس شرف عمة أطفالها إذ لم يكن الذي ارسلته "يلامس جانب الصحة" ..!!
غارقٌ هو في دوامات من شكوك مثقلة لا تنتهي .. شكوك ستغدو في يوم من الايام قبر لتعقله ..!!!
غــــاضب .. وعاجـــــز .. ومتخم داخلياً بـ كمية هائلة من البغض، والوجع، والحسرة ..!!!
ولكن وياللغرابة ...... يشعر في أقصى أعماق قلبه المتحسر ...... أن كل هذا مجرد كذب .!!
أجل كذب ..!!
فـ لو كان هناك شيئاً تعلمه من هذه الحياة .. ومن عمله المحفوف بأسلاك الموت ..
فـ هو ان الإنسان لا يقع في قعر مصائب الدنيا الا بسببين ..
لســـانه .. وأذنيــــه ..!!
لسانه الذي يتفوه به بكلمات من الممكن ان تؤدي "بحياة بشر" ..
وأذنيه الذي يسمع بهما كلام الناس "الذي لا ينتهي أبداً" ..!!
تنهد بخفوت لهيبي محاولاً استعادة رباطة جأشه .. فـ هذا الأمر حقاً يثير أقصى مراحل الغضب في جوفه ..
ويثير فيه تساؤلاً يعاد بشكل بغيض ..!!!
"هل فحوى رسالة ابنة عمه صحيح ..!!"
رن في اذنيه صدى كلمات عوشة الاخيرة في تلك الليلة الداكنة ..
سـ سـ سـ سلطـ طـ طـ طـاان ن .. أ أ أ حبـ بـ بـ ك ك ..
أ أ أ حبـ بـ بـك ك ... سـ سـ سـ سلطـ طـاان ن .. أ أ أ حبـ بـ بـ ك ك ..
أنـ نـ ت ..... لـ لـ للي .. أنـ نت ..... لـ للي ...... سـ سـ سلطـ طاانن ..
خرج من فوهة مشاعره الحارقة ما إن سمع حمد يقول له: بومييد شو الراي ..؟!
رفع سلطان رأسه لـ حمد ورد بـ حزم متزن: عيد طوليه بعمرك ما سمعت ..
حمد: كنت اقول حق بطي شو رايكم بكشتة مرتبة للشمالية .. عاده المرة الياية كل الربع يخاوونا وبوزايد اولهم ..
نظر سلطان لـ وجه بطي الذي اعتلى وجهه بسمة شاحبة ليس لها طعم .. وفهم ما يجول بـ خاطر صديقه الآن: نعم انه شورن طيب بوشهاب .. وان شاء الله المرة اليايه مع اليميع .. خل السالفة هاي عليه ..
ما إن انتهى من حديثه حتى سمع الجميع هدير قوي سببه توقف سيارة داخل باحة المنزل ..
اعتدل حمد في جلسته ووقف ... ثم شمر عن ساعديه وقال موجهاً كلامه لـ ذياب: هاذوه فلاح رد من السوق .. ذياب تعال خل نعاونه في اللحم والعيش ..
وقف ذياب وأجاب بـ نبرة رجولية قوية: يلا الخوي ..
استلم فلاح، حمد، وذياب مهمة تجهيز طعام الغداء .. بينما ظل سلطان يعلم "سميّه الصغير" كيفية التعامل مع الطير ..
أما من جانب آخر .. ماج بطي في سحب متراكمة .. مظلمة .. من افكار لا حصر لها ..
أفكار تبداً من زوجته .. ثم لـ شقيقه .. وتنتهي لـ ابن شقيقه ..
فالأولى تركت منزله منذ شهرين ولم ترجع إليه الى الآن .....
والثاني غدت روحه ميتة .. غامضة .. مثقلة بـ كلمات ليس لها بداية .. ولا نهاية لتتكأ على سلم الراحة ..
كانت روحه ليست بـ روح أحمد ..
ليست بـ روحه أبداً ..!!!
أما الأخير .. فـ حالته باتت كـ حال الذي يستجدي العطش ليعطش .. ويستجدي الشقاء ليشقى ..
نعــم ..
سيف كما هذا الوصف تماماً من وجهة نظر بطي ..!!
فـ بعد ان سقط صريع الفراش بعد الحادث الذي اصابه وهو عائدٌ من السعودية .... والذي نتج عنه كسر في فقرات ظهره وشلل في ساقيه ..... أصبح في حال لا يطاق ..!!!
أصبح أكثر وحشية .. وعناداً .. وصعب المراس بدرجة لا يتصورها أحد ..!!
أصبح مثار ومنفعل عند أقل حرف يتفوه بها الناس من حوله .. ليس وكأنه يُظهر انفعاله ..
بل كان يكتم .. ويكتم .. حتى يقع صريع نوبات المرض الكامن فيه من الاساس .. مرض التصلب اللويحي ... والذي ازداد فتكاً بجسده بعد الحادث ..!!
وكتمانه ما يصعب بشدة عملية سير علاجه ..!!
فالطبيب قال ان ثلاث ارباع العلاج نفسي .. ويجب على سيف التعافي من ضيقه والتزود بالإيمان أكثر ..
بإيمانه وعزمه سيتغلب على ما يعانيه .. وسيرجع كما كان وأكثر قوة .. "بإذن الله" ..
: حيّه خوي شماااا .. شعلوووومهم ؟؟
وقف بطي ما ان تلقى ترحيب فلاح الأتي اتجاهه وبادله الترحيب بصوت رنان عال: حي ذا الشوف حياااااااه مرحبا الساع بـ فلاح بن عبيد طيبين ربيه يعافيك ويسلمك شحالك انت ربك الا بخير وعااااااافيه ..؟!
اقترب منه فلاح وسلم عليه بأنفه وقال: مرحبابك مليوون ولا يسدن في ذمتيه ما نشكي باس يا الغالي بخير ونعمة ولله الحمد ..
بطي: يعله مديييم ياربيه .. الا اخوك نهيان وين شعنه ما لفانا ..؟!
(لفانا = أتانا/زارنا)
فلاح: والله نهيان مسافر .. ساير يهوم في اوروبا هههههههههههههه ..
بطي بنظرة باسمة: والله محد متكيف ومريّح مخه الا اخوك نهيان ههههههههههههه .. الله ايرده بالسلامة ..
فلاح: هههههه هيه والله صدقك .... الله يسلمك ويحفظك من الشر ..
وأردف وهو يوجه حديثه للجميع: يلا برد عند الشباب .. بنخلص من الغدا وبنييكم ..
مصبح بتهكم مرح: شو قصدك .. تتحرانا شواب يا ولد عبيد ..!!!
ضحك فلاح ليقول رافعاً يده اليمنى: لا والله ابد يالعم .. عدك انت وبومييد وبوخويدم شباب ما شاء الله عليكم ..
رفع سلطان حاجباً واحداً بسخرية متسلية ليهتف بعدها بـ ثقة باسمة: ما يحتاي تخبرنا نعرف هالشي ..


شاح بوجهه بعيداً عنها قبل ان يهتف بنبرة قاسية غليظة: ردي البيت .. بيحدرون الرياييل عليه الحينه ..
ابتلعت ريقها الجاف بحزن/آسى وانزلت عيناها ببطئ ثم وقفت وقالت: ان شاء الله سيف ..
وقبل ان تخرج .. استدارت إليه وقالت بنبرة حزينة مكسورة: دخيلك تغدى .. انت ما تريقت الصبح ..
ازداد صوته قساوةً وهو ينظر لكل شيء حوله عدا وجه زوجته: هذا شي راجعلي .. يلا سيري ..
لم تتحمل المكوث ثانيةً واحدة امام جلمودية قلب سيف استدارت بسرعة وخرجت من الغرفة محاولةً قدر المستطاع ان تكبح نحيبها المتألم ..
ثلاثة أشهر وهي تعاني هذه المرارة .. ثلاثة أشهر وزوجها كالرجل الغريب .. روحه غريبة .. قلبه غدى كالصنديد الملتهب لا يرحم ولا يلين ..
منذ أن أصبح مقعداً والحال فيما بينهما أصبحت على شفا حفرة مرعبة شديدة الارتفاع ..
في السابق كانت تتأقلم بسرعة مع مزاجيته ونفسيته الضيقة التي سرعانَ ما تتغير للأفضل وذلك بسبب اعراض مرضه الاعتيادية .. ولكن الآن أصبح اظلم القلب بشكل جنوني بسبب مرضه وبسبب شلله اثر الحادث الذي حصل له ايضاً ..
أخذت تشهق بخفوت وهي تدعو بقرارة نفسها ان يشفي زوجها ويرجع لعقله الصواب ..
فهي تعبت .. تعبت كثيراً من الجفاء الشاسع بينهما ..
حدّقت بهاتفها الذي يرن من خلف غطاء وجهها وأجابت بعد ان تنحنحت بقوة كي لا يعرف المتصل ببكائها: هلا عموه
شما بقلق: ها العنود بشري .. شحواله اليوم ..؟!
أخذت العنود نفساً قوياً وقالت بنبرة أخرجتها بـ اتزان ثابت قدر المستطاع: الحمدلله بخير لكن ولد اخوج العنيد ما يبا ياكل ..
شما بـ ذهول حانق: شعنه ..!!! هذا يستهبل ..؟!!
هزت العنود رأسها بـ قلة حيلة/خيبة/ضيق: تعبت من كثر ما اقوله وانصحه .. بس ما يسمع الرمسة ..
شما بتساؤل: ظهرت نتايج الفحص الاخير ولا بعده ..!!!

عدلت العنود غطاء رأسها وقالت بنبرة مبحوحة مرهقة: قالوا بالأحد بتظهر النتايج ان شاء الله .. الله يستر عاده ..
ادعيلنا عموه دخيلج ...

شما بقلب صادق متضرع: يالله تشفي الغالي وتقومه النا بالسلامة انت الشافي المعافي ..

ثم تنهدت بعمق قبل ان تسأل باهتمام: الا عيالج وين .. خطفت صوب بيتكم ما ريت حد ..؟!!

العنود: العيال راحوا مع عمهم بطي سويحان جدا عزبة ريلج ..

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن