53

818 10 0
                                    



ألا أيها النُّوّامُ، ويحكُمُ، هُبّوا !
أُسائِلكُمْ: هل يقتلُ الرجلَ الحبّ ؟
ألا رُبّ ركبٍ قد وقفتُ مطيَّهُمْ
عليكِ، ولولا أنتِ، لم يقفِ الرّكبُ
لها النّظرة ُ الأولى عليهم، وبَسطة ٌ
وإن كرّتِ الأبصارُ، كان لها العقبُ


لـ جميل بثينة


تمكنت من تهدئة ما في نفس فطيم من حزن/وجل ... وساعدتها في غسل وجهها وإعادة ترتيب منظرها وزينتها قبل ان تستأذن منها بهدوء لتعود الى مجلس النساء حتى تنهي ما تفعله ...

في الحقيقة .... ارادت الهرب بكل ما يعتمل خاطرها من .... شتات ...... واختناق .....
وحسرة تجثو على كل مكامن النبض في روحها .....

بكاء فطيم ورؤية الحزن المطل من عيناها ألهبت عشرات الصور في ذاكرتها المظلمة ... وانعشت بوحشية صخب الماضي المرير وضجة صرخات صبية تتوسل وتناجي ...

ما ان أغلقت الباب ورائها حتى رفعت رأسها الى السقف وهي تأخذ نفساً قوياً عنيفاً حاداً .....

الهواء من رئتيها قد اعلن اختفاءه المفاجئ .... ولو ظلت على هذه الحالة فـ لن تتمكن من مجالسة النساء في الأسفل ....

اخذت عدة شهقات عنيفة واخرجتهم كـ زفرات بذات العنف علّ الهواء يتمركز في داخلها ولا يخرج الا منتظماً .... واكملت سيرها المتعثر على طول الرواق المُضاء بعدة انوار صفراء خافتة السطوع ....

كانت تسير وصدرها يعلو ويهبط بشكل سريع جعل نظرتها تتغيم وتظلم .... ولم تعد تبصر شيئاً عدا صور عقلها التي تتراقص بشكل مرعب بشع امامها .....

رفعت عيناها الذابلتان بمحاولةٍ منها كي ترى طريقها وتستدل على مكان الدرج الذي أتت منه ...

الا انها تسمرت فجأة بمكانها عندما سقطت عيناها على صورة مبروزة كبيرة من خلف فتحة باب موارب مرت من جانبه للتو ..

صورة جعلت خفقاتها ترتعد ذهولاً ....... ولهفةً تبكي الحجر/الوجع نفسه .....

اقتربت بعقل مسلوب الى باب الغرفة ..... وفتحته غير مستوعبةً البتة انها في غرفة غريبة داخل منزل ليس بمنزلها ..!!

كانت فقط تريد رؤية الصورة بوضوح وتروي زهور روحها الميتة بالماء حتى لو كان ماءاً قليلاً لا يروي بما فيه الكفاية .....

فتحت الباب بكف يرتعش ..... وعيناها لا تحيدان عما امامها .....

صورة شقيقها عبيد .... وبجانبه احدهم ...
لم تحاول مجرد محاولة ان ترى ذلك "الـ أحدهم" ..... بل لم تحاول حتى تحريك عيناها والنظر لشيء عدا عيناه ... وبسمة ثغره الشفافة المتفجرة بالشباب/انتعاشة الرجولة ....

وضعت يدها على صدرها وهي تمشط وجهه الحبيب بعيناها المتلألئتان بدموع الشوق/اللوعة/اللهفة المريرة ..

من فرط ما اعتلج خاطرها من مشاعر هائجة مشتعلة .... لم تفقه لحقيقة انها لا تتنفس ..

ان صدرها شيئاً فـ شيئاً يضيق ..... ان عيناها اللتان ترمقان وجه عبيد الغالي كانت تنغلق ببطء/بخفوت ...

تمكنت من استيعاب ما فيها في اللحظة الأخيرة سارقةً نفساً حاداً مرتفع الصوت/الصدى ... وهي تتراجع بتعثر ...

كانت تعرف انه يجب عليها ان تستدير وتخرج لأنها ادركت وبعد زمن ان من العيب والمشين ان تدخل غرفة غريبة ...... وعلى ما يبدو ..... فإنها غرفة شاب .....
لكنها لم تستطع يالله لم تستطع ابعاد ناظريها عنه عمّن فقدته في لحظة زمنية مباغتة آخذاً معه ضحكته/بسمته المثقلة بالدفء

جفلت وهي في وسط معركتها العنيفة مع اختناق تنفسها عندما استشعرت وجود ظل طويل امام باب الغرفة ....

وما ان استدارت ..... ورأت صاحب الظل بعيناها الضبابيتان ...... حتى ارتخى ما تبقى فيها من قوة .... وانهارت كلياً وهي تسقط على الأرض بلا حول ولا قوة منها انهارت بعد ان تحركت شفتاها الصامتتان صمتاً ينزف آسى/حسرة باسم شقيقها عبيد ..

.
.
.

شحب وجهه اضطراباً/ارتباكاً وهو يرى الفتاة التي سقطت فجأة امامه ...

في الحقيقة ... عندما خرج من مجلس الرجال قاصداً غرفته ليجلب شاحن هاتفه .. لم يتصور مجرد تصور انه سيتفاجئ بـ غريب يقتحم خصوصية غرفته ..... غريب .... وياللصدمة .... فتاة .....!!!!!

لكنها وما ان استدارت نحوه ... تصنمت خفقاته وكأن احدهم قد ألقى للتو عليه قنبلة موقوتة .....

ما الذي جلب هذه الصغيرة الى هنا بحق الجليل .....!!!!!

تحرك بشكل مضطرب متوتر واقترب منها محاولاً ان يشتت ناظريه عن شعرها الذي انسكب كالحرير على جانبي وجهها من حجابها الذي انزلق مع سقوطها ....

كان يجهل ان مع اضطرابه .... كان قلبه يخفق ..... بل يرتعد حد اللامعقول ......

يرتعد لحضورها الصامت الاثيري .... للجو الذي يحوم حولها والذي كان معطراً بروائح كلاسيكية عتيقة وكأنها قادمة من زمن آخر .. زمن بعيد ..... زمن زنوبيا .. وشجر الدر .... زمن زيب النساء .... وناريمان .....

زمن كن فيه الملكات الحسناوات هن الصفوة ....

وهي ..... ويالما يشعر به من رجفة في الخافق .... كانت في الصفوة .....

بـ كل ما فيها من سطوة/سحر خلاب ....... كانت في الصفوة التامة التي لا تقبل النقاش/المعارضة ....!!!!

ازدرد ريقه بصعوبة والتفت الى باب غرفته المفتوحة .. ثم سار اتجاهه ليتأكد من عدم وجود احد في الرواق ...

اخذ عقله يفكر بسرعة عن انسب طريقة لحل الازمة التي وقع فيها ....

ما ان لمح اخته فطيم وهي تخرج من غرفتها ... حتى تهلل وجهه امتناناً ....

هرع إليها وهو يهتف بأنفاس متلاحقة: فطيم تعالي اباج ..

اتسعت عينا فطيم بـ ذعر من وجود ذياب المفاجئ .. وقالت: بسم الله .. شبلاك ..؟!

امسك معصمها بقوة واجابها وهو يجرها بسرعة: تعالي اقولج ....

فطيم بذات ذعرها: ذياب شبلاك زيغتني ...

عندما اقترب من باب غرفتها .... دفعها للداخل وهو يقول بتوتر شديد: حدري وطاعي شو فيها بنت محمد ..

عندما اطلت فطيم بعيناها الى الداخل شهقت بهلع حقيقي وقالت بانفعال: شو مدخل موووزه حجررررتك ....!!!!

دفعها اكثر الى الداخل وصبره قد نفذ تماماً من فرط ما ينتابه من انفعال/اضطراب عاتيان .... وهدر بحدة: هب وقته الرمسة الحييينه سيري طاااعي شو ياهاا البنية ..

.
.
.

ما ان وصله خبر ان شقيقته قد سقطت مغشي عليها من احد الصبية الصغار اثر اختناق حاد حتى هرع اتجاه عمه أبا ذياب وقال له بحزم تخلله قلق عاصف وهو يأخذه لزاوية بعيدة عن الرجال: عميه هامل علني افداك سوليه درب أبا احدر البيت ختيه تعبانه وابا اشوفها ...

أبا ذياب بقلق مشابه: ما عليها شر ان شاء الله .. اصبر شوي بعطيهن خبر ..

دخل أبا ذياب المنزل وتنحنح بصوت رجولي غليظ قبل ان يخبر الجميع ان حارب سيدخل المنزل ...

اجابته والدته بذات ارتفاع صوته وهي في المجلس الذي فرغ الا منها وناعمة وام العنود وموزه المنهكة تماماً بينما الباقيات قد ذهبت الى الطابق العلوي مع فطيم: تعالو تعالو ولديه ما من غريب ..

رغم ما انتاب روح ناعمة من توتر شديد الاشتعال من قدومه ... الا ان طبعها الانثوي المسيطر على الدوام خرج ولم تتراجع عما كانت تفعله ...

كانت ترش على وجه موزة قطرات من ماء زمزم وتقرأ عليها المعوذات ....

فهي ما ان رأتها تترنح بمشيتها بمساعدة فطيم حتى وقفت وشعور المسؤولية توجه خطواتها وتبث فيها قوة امومية اكثر مما هي اخوية ...

ثم ساعدتها في الارتماء على الاريكة ووضع رأسها على فخذها .... كانت متهالكة القوى بشكل اثار شفقة الجميع واحزن قلوبهم

عندما طُرق الباب بخشونة عرفن النسوة انه حارب ... تقدمت ام العنود هاتفةً بتهكم تخلله قلق:
منو قاله ان موزة طاحت علينا .. الله يهديه بس .. روحه ما يقهر النسمة تجيسها ..

الجدة ام هامل بوجه ينضح قلقاً: ها اكيد حمدان الله يهداه .. هو شاف فطيم وهي محدره موزة علينا ..

ام العنود بصوت رنان: دش دش ولديه ..

دخل وامارات الخوف ناضحة من تقاطيع وجهه الأسمر وقال وهو يوجه نظراته مباشرةً الى عمته: شبلاها موزه عموه ..؟!
وينهااا ...؟!

ام العنود محاولةً تهدئته: ما من باس عليها ابويه بس ضاج عليها نصخها شوي ...

تحركت عيناه من عمته لتلك المرتمية على الاريكة خائرة القوى/الإحساس .. اقترب منها وهيجان حار يسري داخله ارتباكاً مما حل بـ شقيقته .............. ومن قرب "تلك" .....!!

اجل ... لقد عرف بأنها هي من تضع موزة على حضنها .... عرف بأنها هي ما ان خفق قلبه بشكل غريب وهو يخطو خطوات قصيرة نحوهما ...

جثى على ركبة واحدة امامهما وهي يرفع بحركة سريعة طرفي غترته فوق رأسه ويضعهما على بعض .. وهتف بصوت عميق/متفجر بالعاطفة وانما متزن قوي: موزة .. موزة حبيبتي تسمعيني ..

ضرب خدها بخفة وهو يكرر: موزة فديتج شوفيني ..

فتحت موزة عيناها الذابلتان بوجهٍ يصرخ بالشحوب .. وشفتاها ترتعش باسم "عبيد" بصدر يعلو ويهبط بجنون

تحرك بخطوات سريعة مدروسة واخذ وسادتين من وسائد الارائك الموزعة فوقها هنا وهناك ووضعهما تحت ركبتيها قبل ان يقترب اكثر جاهلاً تماماً ما يجري مع "تلك" التي تشعر بروحها تكاد تهرب من جسدها من فرط اضطرابها من قربه المهلك ومن فرط تهيج مشاعرها التي اشتمت عن قرب رائحته العودية الفخمة .....

وضع يده اليمنى على الجزء العلوي من بطن موزة ووضع الأخرى على صدرها وأمرها بحزم بالغ: موزة سمعيني .. تنصخي بس شوي شوي مب بسرعة ... تسمعيني فديتج ... شوي شوي ... ويوم تاخذين نصخ حبسيه شوي وعقب ظهريه .. زين ...؟!

اخذت موزة تفعل بعقل مشوش ما يطلبه اخاها وهي تشعر بيده التي فوق بطنها تتحرك بشكل فعال/محترف .. وظلت على هذه الحالة خمس دقائق حتى شعرت بأنها استردت أنفاسها وعاد الدم من جديد الى وجهها ....

سأل وهو يتلمس بعفوية/بحنان متفجر جبهة اخته: عموه شو صار ما خبرتوني ....

عندما لم يتلقَ جواباً ... التفت بخفة ونظر من خلف كتفه واكتشف ان المجلس اصبح فارغاً من أي احد عداهم ....

تفاجئ بصوتها الناعم يجيب: ما نعرف .. بلا حاسية طاحت عند ختيه فطيم ويابتها ..

هنا ... التفت ....... ورآها .......

رأى من غزت بنجلاء عيناها حصونه ..... ومدن روحه .... وطرقات النبض بدواخله ......

رأى من تمكنت بنظرة من عيناها من جعله ينسى وجعه لثواني ... لثواني فقط ... وأذاقته شعور الحياة بعد ان نسيَه منذ اربع سنين .... منذ ان دخل المنزل ووجد والده يترنح ثملاً وهو يزمجر بغضب مجنون ... ووالدته مرمية كالشاة المذبوحة عند قدميه
وشقيقته ....... آه يا شقيقته ........

اخفض عيناه حاجباً عنها ما كاد ينفجر من مقلتا عينه المظلمة ..... وهتف بخشونة صوته الرجولي:
ما عليج امر لبسيها وقايتها بوديها المستشفى ...

طبــــــــول ....... كــل مــا تسمعــه هــو الطبــــــــول
طبـــــول قلبـــــها المنبهـــــر/المرتبـــــــك مــن حضــــوره ...!!!

أومأت برأسها وهمست ببحة "تقتل": ان شاء الله ..

وضعت يدها تحت رأس موزة كي تحركه للأعلى وتتمكن من الوقوف الا ان ليس موزة من كانت تعيق تحركها .... بل جسده الجاثي امامها بالضبط ...... جسده شبه الملاصق بساقيها .....

همست بوجنتان احتقنتا بـ دم خجل حواء: لو سمحت ..

وقف حارب مستوعباً مؤخراً انه بهذا القرب الشديد منها بحيث يمنعها من التحرك .. وقال بعفوية تخللها تخبط مشاعره المشتعلة: السموحة ..

اطبقت شفتها العلوية على السفلية بذات خجلها ... وهمست: لا عادي ...

عندما تمكنت من الوقوف .. اعطته ظهرها كي تتمكن من وضع رأس موزة على الاريكة بحذر ....

ولم تدرك البتة ....... ان جمالها الغجري الجالب لكل أنواع الاغراء/الاثارة ..... كان مكشوفاً امامه .....

ولم تدرك البتة ...... ان الذي خلفها قد سحب فجأة نفساً صامتاً حاداً عنيفاً .... وحبسه من فرط ذهوله/افتتانه ...

لأول مرة .......... لأول مرة بحق ..!!

يعتريه شعور وحشي ..... شعور بدائي ..... للتأهب ...... للانقضاض .... للافتراس .....

للإمتـــــــلاك ...!!!!

عندما خطبها من شقيقها تلك الخطبة التي أتت اثر حادثة السيارة كان مرتبكاً وضائعاً وتنقصه الكثير من الشجاعة ليؤمن بروحه وحياته ويُدخل إليهما عنصراً جديداَ لم يكن يرغب حقاً بالتورط عاطفياً واقحام شخص جديد في دوامة انتقامه البشعة المدمرة وبث الرعب في روحه ما ان يدرك كم ان قلبه اسود متفحم ويصرخ كل لحظة غلاً/حقداً/غضباً ....!!

لم يكن يرغب ابداً في جعل عقله يتشتت بين ثأر عتيق .... وسعادة طازجة ...... كان يرغب بإتمام ما يصبو إليه ثم التلفت للمستقبل .....

رغم ان التلفت للمستقبل كان آخر شيء يمكن ان يفكر بفعله ......

كان ميتاً .... ميت الروح .... وميت الإحساس ...... ولم ينعش روحه غير "ادرينالين انوثتها" ..

انوثتها هي فقط ...... توأم نجلاءه ........!!

والآن وهو يراها امامه وقد أصبحت بكل ما فيها من روح/جسد "حلالاً له" ....... تأججت تلك المشاعر الغريبة ..... مشاعر فهد "يزأر زئير اللهفة" ..........!!!

يالله ........... كيف لـ هذه الانثى ان تضخ هذه الكمية المخيفة من الرغبة فيه ....!!

رغبة السعي مهرولاً اتجاه العشق ... وانشاد قصائد الصبابة نشوةً/ذهولاً امام حضرة سموها .....!!

انقشع ظلام فكره الساخن/المتشابك على صوتها وهي تقول بقلق مغلف بـ حياء بالغ:
حـ حـ حارب .. موزة ما تبا تسير المستشفى ...

سحقاً ...... ان لم تصمت هذه الغجرية الصغيرة فـ سيقسم ان لا يخرج الليلة من هنا الا وهي معه .....!!!!

تمسك بحبال الثبات/السيطرة ... واقترب من موزة وهو يقول بحزم بالغ: موزة لازم نجيك عليج ... يمكن لا سمح الله فيج شي ...

هزت موزة رأسها بإنهاك واشرت بعناد شديد: مابا مابا .. الحمدلله الحينه انا بخير ...

عقد حارب حاجبيه باستنكار وقال وهو يهم ليساعدها على الوقوف: لو انتي هب مستهمة على صحتج فـ غيرج مستهم ....
نشي يلا ...


امسكت بذراعه بقوة وتوسلته بعيناها المتلألئتان بالدموع ان يتركها ...

اقترحت ناعمة وهي ترى عناد موزة امام عزم شقيقها: انزين شرايك تخليها تتعشى الحينه وتشرب شي يردلها عافيتها وباجر ان شاء الله تسير المستشفى .... أصلا اليوم يمعه وماشي الا طواري ...

هزت موزة رأسها بسرعة موافقةً على اقتراح ناعمة ولم يجد حارب سوى ان يقول بهدوء تخلله حزم بالغ:
ان شاء الله ... موزوه تعشي شرا الناس ....

واردف مهدداً بلطف: ولا والله بخليهم يرقدونج في المستشفى ....

ابتسمت ناعمة على تهديده اللطيف وقالت له بثقة وهي تحضن كتف موزة: ماعليك محد بيوكلها غيريه انااا ...

اخ ............ يا لـ لذة حظك يا ابنة امي ......!!

هز رأسه بـ فكر مشوش ... وقال: تسلمين بنت هامل ... بنت اصل ..

اعطته نظرة سريعة/خجولة ... تلمع بكلمات كثيرة .... وهمست: ما يحتاي ... موزه فديتها ختيه الثانية ....

تراجع واتجه الى باب المجلس .... لكنه وقبل ان يفتحه .... توقف ....

هتف وهو يستدير بوجهه الى الفتاتان: ناعمة

ناعمة بعفوية تضج بالانوثة: هلااا

تنحنح بثقل كي يهدأ خفقان ايسر صدره الذي ازداد عنفه مع عنف تأثره بـ "سحر رقتها/نعومتها" .. ثم حرّك انفه الى الأسفل وهو يقول بصوتٍ خفيض تخلله غموض من نوعٍ ما: تعالي شوي ..

لا لا لا ...... لا تطلب مني الاقتراب وانا التي تمكنت بصعوبة مهولة من سيطرة ارتعاشة جسدي امامك ..

ارجوك .... الا الاقتراب من حدود رجولتك السمراء المُهلكة .......

ازدردت ريقها بارتباك شديد ... وتحركت اتجاهه بعد ان رأت موزة وهي ترتمي على الاريكة مجدداً غير مدركة ابداً الذي يجري حولها من "عواصف" .....

وهتفت بعد ان أصبحت امامه بالضبط ...... قامتها ذو الطول الانثوي المتوسط تقابل قامته الرجولية الطويلة: آمر بومحمد ..

حدق بـ وجهها المتفرد بجماله بنظرة براقة تضج بالحياة .... وقال بنبرة عميقة دغدغت روحها المرتبكة:
ما يامر عليج عدو ....

امسك كفها الأيمن بشكل مباغت سرعان ما سبب لها الانتفاض .......

ثم رفع يدها المرتعشة ممسكاً بأصابعها بقوة "رقيقة حانية" ..... وطبع قبلة دافئة عليهم وعيناه لا تحيدان عن وجهها الذي اصطبغ وتلون بكل ألوان الكون ......

ثم همس بأجش رجولي "قاتل" وهو يُبعد ثغره عن اصابعها الناعمة كـ "صاحبتها": مبروك علينا بعض ....

لمح رجفة فكها الرقيق ... واهتزاز نظرتها خجلاً/ارتباكاً لا حدود لهما .....

ادخل يده داخل جيبه واخرج شيئاً منه .... ولم تتمكن ناعمة من رؤيته الا عندما وُضع داخل اصبعها .....

شيئاً فـ شيئاً ..... اتسعت محاجرها غير مصدقة ما تراه ..... وقالت بتعبير مصدوم حد الألم الخالص:
هـ هذااا ..... خاتميه ... و و وييين لقييييته .....؟!

ارتفع ثغره ببسمة خفيفة مثيرة .... بسمة جعلت وجهه المتصلب "بندبته التي تعطيه منظراً وحشياً" مسترخياً صافيَ التعابير ..... وقال بنظرة لامعة ذات معنى: لقيته طايح عقب ما سرتي عني هاك اليوم في المطار ..

رغم ما اعتراها من خجل لـ ذكره ذلك اليوم الذي كان فارقاً زمنياً في حياتها .... الا ان سعادتها بالخاتم فاقت كل الحدود .....

اخذت تتلمسه بأصابعها وبلا ادراك منها كانت عيناها تتغشيان بدموع خفيفة شفافة متأثرة وقالت بحشرجة تفجرت بالسرور/الامتنان: يالله ما تعرف شقد هالخاتم غالي على قلبيه ها من الغالية امايه الله يرحمها مـ مشكووور مشكووور وااااايد

رفع ذقنها حتى سجن عيناها بعيناه .... وقال متأملاً ببطء كل انش من وجهها المتورد: ما سويت شي .... بغيت اسعد خاطريه بـ شوفة بسمتج وانا ألبسج الخاتم ....

ثم دنى منها بخفة وقبّل ما بين حاجبيها تحت نظرتها الثملة وجسدها المتخدر تماماً .....

رفعت عيناها الغائمتان بالعاطفة إليه وجسدها يرتعش تأثراً من أنفاسه الساخنة التي تلفح وجهها وحدّقت بـ ندبته مطولاً/من غير وعي ...

الا ان سرعان ما اعترتها الحيرة وهي تلمحه يتراجع فجأة ويمسد ندبته بحركة حادة لا تُفسر .... ويقول بهدوء مقتضب بعد ان تنحنح بغلظة:
مع السلامة ..

رغم استغرابها من حركته المبهمة وشحوب وجهه المفاجئ .... الا انها همست وهي تخفض اهدابها: ربيه يحفظك

.
.
.

لم يفقه بمدى ريبة هيئته وهو يدور في باحة المنزل بلا هدى ... وبلا فكر حاضر ..

لأول مرة يشعر بالقهر ..... بهذه الكمية الخبيثة من العجز ..

بأنه يتأرجح بين النار والصقيع بلا إرادة بين يداه وسيطرة على روحه ..

غاضـــــــب ...... غاضـــــــب وبشكل غيـــــــر معقــــــول ....

كانت امامه تسقط كـ ورقة خريف ذابلة ميتة الروح ..... ولم يفعل لها شيء سوى ان وجد نفسه يرتبك بشكل يائس ....

كانت امامه تسقط يالله .....

والسبب هو ......

اجل ..... لم تنهار الا بعد ان رأت صورته وعبيد داخل غرفته .....

شوقها المدمر لـ أي شيء يحمل رائحة من فقدتهم جعلها في حالة ذهول/عمَى حد ان تدع لـ عقلها المسلوب السيطرة كي يسيرها ويدخلها لأماكن محظورة ....!!!!

كلما تذكر الألم الناضح من وجهها يشعر بقلبه ينتفض ..... ويتقلص بين اضلعه ......

ليته فعل شيئاً غير تصرفه اليائس بمناداة شقيقته .... ليته فعل شيئاً يرضي رغبته العطشة بمساعدتها وبث الهدوء في روحها .....

ليتـــ........

زمجر بـ انفعال شديد وهو يركل بقهر كرة قدم كانت قريبة منها حتى اصطدمت بقوة على احدى جدران المنزل الخارجية ...

وفكر بشكل محموم متفجر بالعاطفة .....

يرغب بها زوجة حد اللامعقول .... حد السماوات السبع .....

ولأن هذه الرغبة لا تدعه منذ فترة ينام كما البشر .... فقد خطى منذ ثلاث أيام اول خطوات سعيه نحو الامر .. وتحدث مع ناعمة بما يفكر به ..... الا ان الأخيرة صدمته بحقيقة مريرة ....

الا وهي ان موزة ... ما هي الآن ... سوى بقايا روح عتيقة كانت تتأجج شباباً/انتعاشاً/عطاءاً .... وانها الآن ليست بحالةٍ تخولها لـ الزواج ابداً .....

وانها .. وياللحسرة .... لن تستطيع فتح فصل جديد من كتاب حياتها .... قبل ان تحيى من جديد .......!!!!

قبل ان تسترد على الأقل صوتها ...

وسألته بـ بسمة حزينة ما اذ كان مستعداً ان يعيش مع بقايا انسان .......!!

اجابها بكل ثقة انه يستطيع ... ويستطيع بشكل فعال ومضمون ان يساعدها على استرداد صحتها وإنعاش روحها الهاربة ....

لكن عيناها ابتسمت له بتفهم/صبر .... وقالت له بصريح العبارة:

"اصبر يا خويه اصبر وبتنول اللي في خاطرك ان شاء الله اذا هالشي مقدر لك ومكتوب ... البنية الحينه ابد هب في وعيها" ....

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن