24

738 9 0
                                    



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)


ألهثُ .. كالسهم خلف الهدف
ألهث .. كالحقيبة في الأسفار
ألهث .. كحرف في نهاية الكلمة
ألهث .. كالكبرياء في الكواكب
ألهث .. كالبكاء المتعب
أقول لكِ كلمة الحب قبل فوات الأوان
وأنتِ
تلعبين بي وبلَهثي
وبالوقت الذي يلهثُ معي
هل تسمعين أيتها الغرور اللاهث :
أنتِ قلبي ..

لـ قاسم حداد

ما إن رأت عمها آتٍ باتجاه باب منزلهما جاراً امامه زوجها الجالس على كرسيه المتحرك حتى خفق قلبها بـ حب امتلأت جنباته بالسعادة والامتنان ..

حملت ابنتها الصغيرة واقتربت لتفتح لهما الباب قبل ان يفتحه عمها ..

كانت ملامحه القاسية المجعدة تنبأ تماماً عن حالة التوتر والانفعال في روحه، ولكنه وبشكل عجيب، ألان تقاطيع وجهه بسماحة عندما رآى صغيرته فاطمة تركض نحوه بتخبط طفولي لذيذ ..
ابتلع غصته عندما ادرك انه أصبح مقعداً ولا يستطيع ان يحمل ابنته ويرميها في الهواء ويتلقفها كما اعتاد دوماً ...... ولكنه لم يدع هذه المشاعر تتملكه وتسيطر عليه .. خاصةً وهو يرى معالم الشفقة الواضحة تنضح من نظرات زوجته ..

ابتسم ابتسامة كبيرة وهتف بأبوية عذبة منتعشة حاملاً ابنته: هلا والله بـ فطااااااامي حبيبة باباااااااااا ..

كانت هي ترمقه بعشق ينتحب ..
عشق ينتحب الحسرة على قسوة زوجها .. ينتحب بروده .. جفاء تعامله .. انعدام ابتسامته "الخاصة لها" ..

ينتحب "العنيدي" التي ما عادت تسمعها منه ..!!

تنهدت بخفوت غير مسموع وابتسمت برقة ثم اقتربت من عمها وسلمت عليه ..

وبعدها اقتربت من زوجها وقبّلت كتفه وهمست بأنوثة خرجت من جوفها المشتاق: الحمدلله على السلامة بومايد .. تو ما انور البيت في ذمتيه ..

رد سيف باقتضاب جامد: الله يسلمج .. البيت منور ابكم ..

ابتسم احمد بدوره ابتسامة خفيفة ثم اكمل سيره للداخل وقال بعد ان جلس: شحالج العنود ..؟!

جلست العنود على الأريكة بجانب زوجها واجابت عمها: الحمدلله ربيه يعافيك ويسلمك .. ما نشكي باس ..

امسك احمد بـ فاطمة وأخذ يناغيها ويقبلها بحنان متدفق .. ثم قال بتساؤل: الا امايتج وين .. ابا اسلم عليها قبل لا اظهر ..

العنود: اماية وموزه سرحن جدا بوظبي ..

احمد: شعنه ..؟!

العنود: قالن يبن ينظفن بيت خاليه الله يرحمه ويرتبنه حق حارب حليله ..

احمد باستغراب: اوووه حارب رد ما شاء الله ..!!!

هزت العنود رأسها وقالت: هيه من البارحه ..

احمد: عيل بتصلبه بسلم عليه واتخبر عن علومه ...


: وين كنتي يااا وصصصصصخه ارمسسسسسي .. ووووين كنتيييييي ..!!!!!

: انااااااا وصصصصصخه يا محمممممممد ...!!!!
اناااا وصصصصصخة !!!!!
حسسسسبي الله ونعمممم الوكيييييل .. حسسسسسبي الله ونعممممم الوكيييييييل ..

: وصصصصخه وستيييييين وصصصصصخه .. ارمسسسسي وين كنتتتتتتتتي .. عند منوووووووه .. شو اسسسسسسمه .. ارمسسسسسسي ولا والله يا نيلووووووووه مووووووتج على ايييييييييدي ..

: يا الرررررردي يا مضيع المرررررررريلة .. لا تظن ان كل خلق الله وصخييييين معربدييييييين شرااااااااااتك ..
انا العرب من اكبرررهم يلين اصغررررهم يحلفوون براااس اللي رباااني على الحشششمه والطهااااره تيي انت تشك فيه وفي اخلااااااااقي ....!!!!

: باباااااااااااااااا خلااااااااااص الله ايخلييييييييييييك خلااااااااااااااص ..
هد امييييييييييه هدهاااااااااااااا ..

: يلعععنـ ..... ويلععععــ......
انا مضيييييع المرررررررررريلة يا بنت الـ ..... يا الـ ..... !!!
قسسسسسسم بالله ماخليييييييج حيييييه قسسسسسسسم بالله ..

:هدهااااااااا بابااااااااااا الله ايخليييييك هدهاااااااااااااا
ابووووووووس ايييييدك هدهااااااااااااا بتمووووووووت ..
حااااااارب ووووووووينك تعااااااااااااال يا حااااااااارب دخيييييييييلك ..
حااااااااااااااااااارب
حااااااااااااااااااااااااارب ..

اخذ جسدها بأكمله يتنفض كانتفاضات شعوبٍ تحوطهم المجازر من كل جانب .. امسكت بجانبي رأسها بقوة وصراخها الأليم "العاجز كـ عجز قلبها عن نسيان مأساتها" لم يتجرأ ويخرج خارج حدود حنجرتها .. لم يتجرأ سوى ببث الرعشات في فكيها/لسانها:
حاااااااااااااااارب .. قوووووله يهدهااااااااااااااا
حااااااااااااااااااااارب
دخيييييييييييلك .. خل يهدهاااااااااااااااااااا ..
بابااااااااااااااااااااا ..
الله يخليييييييييك هدهااااااااااااااااااااااااااا ..
حااااااااااااااااااااارب ...... حااااااااااااااااااااااااااارب ..

لم تعرف ان ندائها المتوسل المختنق كان صامتاً خفيفاً كريشة تطير مع ادراج الرياح العاتية ..

نداء يتيم الصدى .... والرنين .... والكلمات ..!!!!!

صرخ بـ فاجعة عندما وجدها تجلس كالقرفصاء امام الشجر المحيط بالمنزل خارجاً وترتجف بجنون وصوت خشن مخيف يخرج من بين شفتيها المرتعشتان: مووووووووزززه ...

اقترب منها بسرعة قبل ان يمسك بكتفيها بـ جزع بينما هي ما زالت تضع يدها على جانبي رأسها وهذيانها المتشكل على هيئة صراخ لا صدى له مستمراً حد الاختناق .. رفعها حتى احتضن جسدها الصغير بعنف هاتفاً بـ نبرة غليظة تغرق ببحر الألم المريع:
موووووززه .. حبيبتي شبلاااااااج ..!!!!!
امسكت بذراعيه ووجهها المحمر يحكي ألف قصة فقد وآلاف قصص من عجز الروح ..... وهزتهما بعنف وهي تصرخ بنواح خشن هستيري غريب محاولةً الاستنجاد به .. محاولةً الاخذ بيده والذهاب لوالدتها لإنقاذها من يدي والدها الفاقد لوعيه تماماً .. محاولةً القول بـ كل ألم تمتلكه "حاااااااااارب خل يهدهااااااااااااا .. خل يهدهااااااااااا بتمووووووووووووت .. ماما بتموووووووووووت .. بتموووووووووووووووت" .....
اغمض عيناه بـ وجع وهو يحاول غرس الثبات بدميعاته التي كادت تفرط وهو يرى انهيار شقيقته الوحيدة امام عيناه ..!!!
وصله كلماتها من غير صوت .. وصله حتى ارتوى من سمومه القاتلة ..!!!
يكفيه النظر لعيناها حتى يعرف ما بها ...!!!
يكفيه النظر لوجهها حتى يعرف المأساة التي تحدث حالياً في قلبها الملتاع ..!!!!
رباااااااااااه .. رحمتك .....
ما كان عليها طرق باب الماضي والقدوم الى هنا من جديد ..... ما كان عليها فعل ذلك ابداً ..!!!
لو كان يعلم بـ الانهيار الذي سيداهمها لمجرد رؤية المنزل لما تركها تأتي ..!!!
تذكر رغماً عنه ذلك اليوم .. تذكر وجعه المظلم .. حسرة قلبه التي لن تنضب .. مأساته التي انغرست بين اضلاعه حتى انهكت روحه الأبيّة ..!!!
الى الآن نار ملامة النفس تقطع اوردته ..
لو لم يذهب مع خاله عبيد وشقيقه وباقي الرجال الى احتفالية اليوم الوطني في تلك الليلة لكان قد تمكن من ايقاف ينبوع الدم الذي انفجر بغيابه ..!!!
لكان استطاع انقاذ والدته من بين يدي والده ..
لكان استطاع انقاذ شقيقته من ألم "سيلازم صباها المتورد حتى يذبل" ..!!!
لكان استطاع تغيير امور شتى .. والحفاظ على اشياء لا تعوّض ..!!!
آآآآآآآآآآآآآه ..
ليت للآه قوة لتبريد نار قهري .. ليت ..!!!!
فوضت امر قلبي للحي الذي لا يموت علام الغيوب ..!!!
شد من احتضانه لها ومشى باتجاه باب المنزل الصغير ولكن فجأة دفعته بقوة وعيناها اللوزيتان تتسعان بـ شكل مرعب وتهز رأسها بهلع مميت رافضةً الدخول لباحة المنزل ..

امسك وجهها بكلتا يديه .... وبـ عينان تنضحان ألماً .. وهتف بنبرة قوية متحشرجة: لا تخافين دامني وياج .. لا تخافيييييين ....
دفعته مرة اخرى ودموعها تنسكب بغزارة على وجنتيها وتأشر بإشارات سريعة/مجنونة/مرتجفة: مااباااااااا
مااااااابااااااااااااا .. ردووووووني العيييييييين .. مابا هالمكاااااااااان ماااااااااابااااااااااااااااااه ..
ردوووووووني العييييييييييييين ..
رفع جبهته حتى سقطت اشعة الشمس على ندبته التي كانت بحد ذاتها قصة رسمها الغياب/الحزن على صفحة وجهه الاسمر ..... ثم تنهد تنهيدةً عميقة متهدجة وقال بعد صمت محاولاً تهدئة انهيارها النفسي: بتردين ان شاء الله العين هدي انتي بس ما بيستوي الا اللي تبينه حبيبتي ..
إلتفت منادياً بصون خشن عال/منفعل بشدة: عثماااااااااان .. عثمااااااااااااااان ..
: يسس سيير ..
ارب بـ قسوة/صرامة: ظهر الموتر برع ..
والتفت إلى شقيقته التي ما زالت تبكي بجنون .. وتقدم حتى يحتضن رأسها متمتماً قرب اذنيها بـ خفوت رقيق:
اذكري الله فديتج وصل على النبي .. اذكري الله .. قولي لا اله الا الله ..
بعد لحظات ... كان هو يفتح الباب الخلفي ليساعد شقيقته في الركوب .. ليركب هو بعدها ويضع رأسها على فخذه قبل ان يأمر السائق بالخروج من السيارة ليتركهما لوحدهما ..
اخذ يقرأ على رأسها ايات من سورة البقرة حتى استكان جسدها المرتجف وهدأ انينها الخشن الأليم ..
بعد دقائق طويلة .. كانت تستقيم بجلستها قبل ان ترفع عيناها الحمراوتان إليه وتستوعب اخيراً ان شقيقها الغالي .. عزيزها الذي فقدته طيلة اشهر كئيبة .. جالساً امامها الآن ..!!!!!
ارتمت على صدره وبكت هذه المرة شوقاً .. بكت إلتياعاً .. بكت امتناناً .. بكت انساناً اصبح الاب .. والأم .. والعائلة ..!!!!
قهقه بـ رجولية نضح من جنباتها الحب .. وقال ممازحاً: انتي دموعج ما تخلص موزوووووه ..!!!!
ابتعدت عنه قليلاً وهي ترفع محاجرها الدامعة إليه وتأشر بـ اشتياق جارف باكي غير مكترثة لمزاحه: خبرني حارب انت بخير ؟!
هز حارب رأسه بابتسامة خفيفة وقال: انا بخير دامج يا عيون حارب بخير ..
ارتجف فكها بـ حزن متمكن واشرت: اشتقتلك يا خويه والله اشتقتلك لا تخليني مرة ثانية حرام عليك قلبي نضى من زود خوفي عليك ..
تنهد بعمق قبل ان يقرّب رأسها من صدره من جديد ممسداً كتفيها بحنان بالغ: آسف فديتج والله آسف .. لو ما كنت مضطر صدق ما خليتج بالشهور بليا تلفون ولا مسج ..
ضربته بغيظ ناعم وهي تمسح بظاهر كفها دموعها المنهمرة .. وهزت رأسها بالرفض واشرت: مافي شي اسمه مضطر .. كنت تقدر لو بالشهر مرة ترمسني ..
قبّل رأسها وهتف بخشونة تخللها تأنيب ضمير حقيقي: ما رمت يا موزة صدقيني ما رمت ..
: حااااااااارب ..
صاح مجيباً نداء عمته: يااااي ياااااي عموه ..
إلتفت لشقيقته وقال محذراً باهتمام: موزانه مابا عموه تعرف باللي صار انزين ..؟!!
مسكينة اللي فيها يسدها هب متحمله عوار قلب زود ..
زفرت والانفاس في صدرها ترتجف .. ثم هزت رأسها بإيجابية متلمسةً وجهها المحموم وتستغفر الله بقرارة نفسها كي تبث السكينة والثبات فيها ...


في الداخل

قالت له ما ان دخل الى المنزل واقترب منها: ابويه حارب بغيتك توديني صوب بيت بن ظاعن قبل لا نرد العين .. ابغي اسلم على ام هامل فديتها ..
حارب بابتسامة حنونة: على هالخشم العاش ..
ام العنود بنظرة تبرق عاطفة جياشة: يعل العاش ما تذوق حزنك ولا فراقك قول آمين ..
قبّل حارب رأسها ومشاعر التأثر وتأنيب الضمير تغزوانه هذه المرة بقوة ... فهو رآى عظم ما حل بفتاتيه بعد ان هجرهما فجأة
: آمين ياربي ولا يذوقني حزنج ولا فراقج يالغالية ..
أردف بامتنان رجولي: تسلمين عموه على كل اللي سويتيه .. بومييد خبرني اللي صار وشقى ساعدتيهم يوم انا مسافر ..
رفعت حاجباً واحداً باستنكار: يا ولد عن هالرمسه .. ما سويت شي انا ..
على كثر ما كنت متروعه ومحترق يوفي عليك .. الا اني ادري لو رمّست بوسعيد وقلتله عن اللي صار .. بيقيم الدنيا ويقعدها عسب يردك ..
ابتلع حارب ريقه الجاف بشك وقلق من أن تكون عمته قد علمت بشكل او بآخر عن عمله السري مع سلطان ..... لذا قرر ان يسألها بشكل عفوي ويكتشف بنفسه: ليش عموه شو صار بسم الله ..؟!
هتفت ام العنود بحدة ظهرت نتيجة خوفها وقلقها الذي عاشته طيلة أشهر: شو شو صار ..!!! .... تطّوّع في الجيش وتسير ايطاليا تدرب عسب عقبها تدخلون مناورات في الله العالم وييين وتقول شو صااار ..!!!
انا ما صدقت يوم بومييد خبرني السالفة .. لجني سويت اللي عليه وما رمست ..
وهو عطاني جلمة وقالي بإذن الله بيردلج حارب سالم .. وهاذوه انت جدامي بخير وعافيه الحمدلله ..
تنفس حارب الصعداء بارتياح قبل ان يبتسم بخفوت ويقول: علنيه افدا راسج عموه .. حبيت ألهي روحي بشغله ايديده ومنها انفع نفسي وبلادي ..
هتفت ام العنود بذات قلقها الحاد: ما اختلفنا يا حارب .. سو شغله ايديده بس بعيد عن هالامور الخطرة ..
انا فواديه ما عاد يتحمل .. والله ما عاد يتحمل ..
انحنى حارب بجسده وقبّل يد عمته ثم هتف بنبرة خشنة صادقة: السموحة يالغاليه ما بعيدها ان شاء الله ..
تنهدت ام العنود بانفعال وقالت بتذكر خرج مع نظرتها الحنونة: هيه صدق .. على راسك مهمتين .. مهمة صوب راس الخيمة .. ومهمة صوب دبي ..
ضحك حارب بخفوت وقال: ادري ادري ..
تذكر بابتسامة رجولية عذبة جداه الاثنان .. حارب ونهيان الكبيران ..
والد اباه .. ووالد امه ..
حسناً .. من الواضح انني سأتذوق قليلاً من ضربات عصي وشتائم لذيذة ..!!!

بعد صلاة المغرب

وقف الثلاثة امام شقيقهم الكبير والتصنم المصدوم واضح كما ضياء القمر على محياهم ..
عقد فلاح حاجبه بـ انفعال حقيقي مؤشراً على الصغير المختبئ بخوف خلف رجل والده: ولدك كيف من متى شعنه توك تخبرناااااااا
امسك نهيان صغيره بينما جالت عيناه على حمد الصامت والذي كان من الواضح انه يفكر بشيءٍ ما ثم نظر لفلاح المنفعل وشقيقته التي ما زالت تضع كفوفها على فمها بـ ذهول شاسع ..
تنحنح بقوة وقال: ايلسوا وبخبركم السالفة كلها ..
تحرك فلاح وحمد ليجلسا على اقرب اريكة امامهما .. بينما ظلت مهرة واقفة وعينها متسمرة على الصغير ..
ربت نهيان على المكان الفارغ بجانبه وقال بعينان حانيتان: تعالي مهاري ايلسي ..
ادركت مهرة تصنمها وتحركت اخيراً ثم جلست بقرب شقيقها ..
زفر نهيان توتراً واضحاً وقال ببحة خشنة صارمة: ماعرف من وين ابتدي معاكم السالفة ..
قبل خمس سنين .. كنت في فرنسا .. و.........
وأخذ يحكي لهم القصة كاملة كيف تعرف على ميسون وكيف احبها ثم تزوجها وكيف طلقها مع تحفظه وكتمانه تفاصيل الطلاق بالضبط وتفاصيل أخرى عن حياته المتقطعة آنذاك بين دبي وباريس ..
وقف فلاح بحدة لم يستطع تمالكها وصرخ: وانت تتحرى ان اللي سويته سهل ..!!!!
يايبنا هنيه عسب تخبرنا عن وحدة من سوالفك اللي ما تخلص وتبانا نرقع من وراك مثل كل مرة هاااه ..!!!
وقف نهيان امامه كالوحش وهتف بنظرة صارمة غاضبة من بين اسنانه: قصر حسك يا ولد هب اصغر عيالك انا ..
احتد فم فلاح بغيظ بينما وقف اخيراً حمد بينهما وقال مهدئاً الوضع بحزم غامض: فلاح خلاص اللي صار صار .. الحينه لازم نفكر كيف نخبر اللي في البيت عن الياهل ..
ارتفع نظر مهرة نحو الصغير الذي كان يرتجف بجزع حقيقي ممسكاً بين يديه دمية على شكل سبونج بوب ..
تقطع قلبها ولم تتحمل المكوث أكثر بمكانها .. اقتربت منه وجلست على ركبتيها امامه وقالت بابتسامة تقطر حناناً جياشاً: عبيد انت كم عمرك ..؟!
رمق الصغير اباه بذات جزعه الذي ما لبث ان انقلب كالسحر لخجل ما ان رآى الفتاة تتحدث معه برقة .. قال من بين حروفه الطفولية المتقطعة بين اللهجة الاماراتية واللبنانية: عمري *ورفع اصابعه الاربع الصغيرة* اربعة ..
اتسعت عينا مهرة ونظرت لأشقائها الثلاث بانبهار ... ثم قالت متداركةً الوضع: ما شاء الله عليك حبيبي .. انت ريال كبير ..
هز الصغير رأسه بفخر وقال: اي بابا بيئلي انت *وقلب لسانه إلى لهجته الأم بشكل مضحك* ريال عود ..
ضحكت مهره بخفة وقالت بعبث طفولي تجاري به طفولية الصغير الذي ابهرها منذ النظرة الأولى بشبهه الكبير بها: شو رايك تراويني حجرتك وألعابك .. أكيد عندك ألعاب واااايده صح ..؟!!
هز عبيد الصغير رأسه وعيناه تحكيان بداية قصة حب بينه وبين عمته الجميلة: صح .. تعالي ..
امسك بيد عمته وسار معها ليريها غرفته وألعابه ..
وقبل ان يدلفا للداخل استدارت مهرة باتجاه اشقائها وقالت بحزم أنثوي بالغ: الولد تروع منكم قصروا حسكم وتفاهموا بالهداوة ..
ثم دخلت مع ابن شقيقها بينما اعطى فلاح ظهره لاشقائه وزفر انفعالاً غاضباً حاداً ..
عقد حمد ذراعيه ببعضهما البعض وقال مهاتفاً اخاه نهيان: لازم بسرعة تخبر ابويه عن الولد ..
جلس نهيان وقال بحزم تخلله بال مشغول تماماً: مب الحين ..
استدار فلاح بحدة لـ أخيه وقال: شو مب الحين .. لا يكون مب ناوي تخبرهم من الاساس انت تتحرى الموضوع بهالسهولة اللي تشوفها انت يا اخ عرست ويبت عيال من غير ما هلك يعرفون .. شو ظنك بتكون ردة فعل يدك وابوك او حتى امك ..!!!
رمق نهيان فلاح من تحت حاجباه المظلمان وقال: ما قلت ما بخبرهم .. قلت ما بخبرهم الحين ..
سأل حمد والأمر برمته لا يعجبه: متى بتخبرهم عيل ..!!!
تنهد نهيان بعمق وقال:
انت هب قايل انك ناوي تخطب من عند قوم بن خويدم ..؟!
رفع حمد حاجباً ونظر لـ فلاح الذي كان يعرف مسبقاً برغبة شقيقه بالزواج من أحد عائلة بن خويدم: هيه نعم ..
حك نهيان حاجبه الايمن وقال بنبرة خشنة مقتضبة: خلاص عقب الخطبة بخبرهم ان شاء الله ..


اتسعت عيناه بنهم رامقاً كل تفاصيل الصورة التي امامه: من وين يبتي صورتهاااا ..!!!

ابتسمت بشيطنة صرفة وقالت: حبيبي انا شمسة لو انت ناسي ..
صورتها بتلفوني من غير ما تدري في آخر يوم امتحانات ..

أخذ مانع يتأمل وجه الفتاة وجسدها الأنثوي المتفجر بشكل يقشعر له الابدان ويشمئز له النفوس ..
رفع رأسها وقال بابتسامة ماردية وبحروف قذرة: عقب ما شفتها زادت رغبتي فيها .. وما اكون مانع ان ما شفتها في فراشي جريب هههههههههههههههههههههههههه ..
زمت شمسة فمها باستنكار: وطبعا شمسة تلتعن هاااه ..!!!
مانع بمسايسة ماكرة: افاااااااااا .. شمسة تاج الراس والعين .. نحن ما نسوى شي بلاهااااا ..
مدت الاخيرة يدها بحاجبٍ مرفوع وقالت بوقاحة: يلا اشوف .. عطنا اللي فيه النصيب ..

ضحك مانع وقال: هههههههههههههه لا تستعيلين على رزقج .. يوم البنت تكون في مخباي .. بنعطيج نصيبج يا حلوة ..


بعد مرور ثلاث أيام

وقف الشابان بقامتهما المسيطرة امام جدهما الذي كان يفوقهما سيطرة "مرعبة" مع صغر حجم جسده الطاعن في السن ..
هتف الشاب الاول لجده وهو يرمق الذي بجانبه نظرة فكاهية: يديه خل نتفج على حايه اول .. لا تهزبني جدام الصغاريه ..
نكزه جده بعصاته وقال بتهكم غاضب: الصغير صغير العقل هب العمر يا الهرم ..
اللي يسمعك عاده يقول اكبر عنه بـ سنين .. الا شهر واحد امبينكم ..
قهقه الشاب الثاني بشماتة وتشفي بينما جفل فجأة ما ان هتف جده له بغضب أكثر حدة: وانت يا حويرب يا مسود الويه .. وين غاط طول هالشهوووور .. !! هاااااااه !!! خبرني ..!!!!
تنحنح حارب وقال بخشونة باسمة: يديه تراني مخبرنك اني كنت في دورة في اوروبا وطولت الدورة شوي ومارمت اتصل بحد هناك ..
هز ابا عبيد رأسه بتذمر ساخر: وانتو يه تقولون دورة .. يه تقولون مؤتمر يه ماعرف اشوووه .. اللي يسمع عاده وزرا ولا ماسكين مناصب ..
تتحروني طمه مافهم انا سوالفكم ..!!!
انتو الاثنينه كل واحد اخس عن الثاني .. لا لكم شغله وحده تترزقون ابهااا ولا تقرون في البلاد موووليه ..
الا رغاده من دار لدار ..
اقترب حارب من جده وجلس بجانبه بعد ان قبّل كتفه اليسرى: افا يا بوعبيد .. هذا ظنك فيه ..!!!
زم أبا عبيد فمه وحدته بدأت تلين ... ثم أشار لإبن إبنه نهيان بعصاته وقال بغضب: محد معلمنك على الرغاده غير هذا الرغيد .. من انتو فريخات وهو الا ايرك وراه في بلاويّه ..
نهيان + حارب: هههههههههههههههههههههههههههههههههه
رمق نهيان ابن عمته بنظرة خبيثة وقال: ما عليك يديه من حارب اصلا هو شري من تحت يلين تحت ..
رمش حارب ببراءة مغيظاً نهيان ثم قال: الله أكبر عليك .. جذوب هذا يديه لا تصدقه .. يبا يشوه صورتيه عندك ..
أبا عبيد: امبونه نهيان جذوب محد يصدقه ..
ضحك نهيان بسعة نفسٍ سموحة وقال: الله ايسامحك يا بوعبيد .. ظلمت في ذمتيه ..
أبا عبيد: خل عنكم انتو الاثنينه ..
حارب سِر ازقرليه موزانه فديتها .. اباها ..
هز حارب رأسه وقال: ان شاء الله ..
اوقفه نهيان بيده وقال: ايلس ايلس حارب موزة عند مهره فوق .. بخلي البشكاره تزقرها ..

وبعد دقائق قليلة

كانت هي تغرق في حضن جدها الغالي متنعمةً بغنى حنانه وعطفه الذي لا ينضب ..
هتف لحفيدته بحب ماكن عميق: امايه موزة شحوالج شعلومج ..؟!
خففت موزة من قوة ربط غطائها بعد ان تأكدت من خروج ابن خالها نهيان من المكان، ثم اشرت باشتياق صرف: انا الحمدلله يديه بخير ونعمة ..
مسد الجد رأسها وقال: عنيه هب بلاج .. يعله مديم غناتيه ..
أردف هاتفاً لـ حارب بـ ضيق: ابويه حارب شعنه ما تودونها الدختر .. شعنه مخلينها جيه لين الحينه ..!!
نكزت موزة كتف جدها لتجيب هي عليه بهذا السؤال .. فـ هي وان كانت بكماء .. ولكنها تملك حواساً أخرى ويدان وتستطيع الاجابة على اي سؤال يُطرح بخصوصها ولا تحتاج لوسيط ..
صمت حارب ولم يجب جده احتراماً لرغبة شقيقته بالاجابة ..
موزة بإشارات سريعة: يديه انا ما بغيت اسير لأي دكتور لين ما اخويه حارب يرد بالسلامة ..
عقد الجد حاجبيه بعد فهم وهمّ حارب بأن يشرح ما قالته موزة ولكنها اوقفته بيدها قبل ان تُخرج من حقيبتها دفتر صغير وقلم ..
هز الجد رأسه باستيعاب بعد ان قرأ ما كتبته موزة على الدفتر بعينان مرصوصتان ..
ثم قال لها بانفعال حنون: يا بنتيه مايوز .. لازم تتعالجين وترد صحتج شرات اول .. إلين متى بتمين جيه ما ترمسين ..!!
هزت رأسها ببسمة ذابلة أليمة قبل ان تبتلع غصة آسى لا يفهم مرارتها أحد سواها .. لا أحد ..
يعتقدون ان العلاج سهل .. وانها ستسترد نطقها في الحال اذا ذهبت للطبيب النفسي ..
الأمر صعب بشكل لا يتصوره أحد .. صعب حد النخاع ...!!
قاطعهما حارب بابتسامة كي يزيح قليلاُ جو الضيق الذي حام في المكان فجأة: يديه ترى يديه حارب يرد السلام عليك
هتف الجد باقتضاب جامد: الله يسلمك ويسلمه من كل شر ..
آه ..
أن يسمع بإسم والد الرجل الذي تسبب بموت ابنته وحيدته حتى لو كان حادثاً غير متعمداً فهذا الشي يُرجف تلابيب روحه الملتاعة وجعاً وألماً ..
يُرجفه تحسراً وآسى سرمديان وتسبب حروباً شنعاء في ذاكرته المشيبة ..!!!

أمسك بالقرص ذو اللون القرنفلي وقال بعد ان عقد حاجبيه باستغراب: شو ها ..!!!
ابتسم الذي امامه بشيطنة ماردية وقال بنبرة انتصار منتشي تخلله الغرور التام:
إكس تي سي .. كانابس .. ميتادون .. بينزوديازيباين .. وووو ..
صمت بخبث عندما اتسعت عينا أبا مرشد بذهول متلهف ثم قال بضحكة شيطانية:
هههههههههههههههههه الباجي عاد اعتبره من اسرار المهنة ..
)XTC .. Cannabis .. methadone .. Benzodiazepine( مواد كيميائية مخدرة ومهلوسة =
تأمل أبا مرشد القرص وقال بنظرة تلتمع شراً: ومتى سويت هالتركيبة ..!!
جلس الرجل امام رئيسه وقال بذات غروره المنتشي: ما تعبت عليه على فكرة ..
نفس التركيبة اللي عطيناها لحبيبنا بوحارب بس زدت عليها بعض من لمساتي الخارقة هههههههههههههههه
ضحك أبا مرشد ضحكة مجلجلة بغيضة وقال بصوت عالي: والله انك يا مرزوقوه داااااااااااهية ..
رفع مرزوق حاجباً واحداً وقال بتكبر وصل عنان السماء: عشان تعرف بس مخ مرزوق شو ممكن يسوي ..

أن يمضي ايام وليالي محاولاً فك لغز ما قرأه في ملفات سعيد ومحمد زوج شقيقته، ثم وبشكل غريب تصل به نتائج بحثه واستنتاجاته الى قائمة كاملة من الموظفين الحكوميين المتصلين بشكل سري مع منظمات ذو خلفيات تثير الشك والريبة .. فهذا بحد ذاته صدفة كالمعجزة خرجت مع فطنته التي لا تفارقه البتة وقت الجد ..!!
لم يجازف ويخبر أحد عما توصل إليه من معلومات .. بل فضّل عمل اتصالات بـ رجال محل ثقة ويسألهم بطرقه الخاصة عن المزيد عن تواريخ وخلفيات الذين وقعوا بين يديه ..
بينما هو وسط معمعة انشغاله، اتصل به شقيقه ابا نهيان الذي كان في الحقيقة يحتل تفكيره في ذلك الوقت ..
اجاب ببسمة جذابة: ولد حلال في ذمتيه ..
أبا نهيان بحزم ودود: توك تكتشف هالشي يا ولد ابويه ..!!!
مصبح: ههههههههههههههه لا لا من زمان مكتشفنه بس اليوم شفت بعيوني الدليل القاطع ..
أبا نهيان: ههههههههههههههه اسميك انت سوالف .. شو العلووم ..؟!!
مصبح وهو يتصفح امامه الاوراق: والله يا خويه علومنا علوم الخير يا غير هالايام مبتلش وايد ..
أبا نهيان: جيه شو عندك ..!!!
مصبح: الله يهديهم خلوني امسك الطب الشرعي ..
قطب أبا نهيان حاجبيه باستغراب وقال: الطب الشرعي ..!!! شو خصك انت في الطب الشرعي عسب يمسكونك اياه ..!!
ابتسم مصبح بسخرية وقال: والله علمي علمك هههههههههههههه قلتلهم ابويه انا خريج قانون هب طب ..
بس قالولي نباك تمسك ادارة الطب الشرعي .. الأمور هناك متلخبطة فوق تحت والتسيب زاد بين الموظفين والدكاترة .. ولو في امور ما فهمتها نحن بنفهمك اياها ..
أبا نهيان بحدة: وطبعاً انت قلت ان شاء الله وعلى امركم هااه ..!!!
حك مصبح حاجبه وقال من بين اسنانه المبتسمة: هههههههههههه تعرفني يا خويه قلبي طيب .. ما رمت اقول لا ..
أبا نهيان بحزم: انت سيده تقول هيه بليا تفكير ومشاور .. الحينه شو بتستفيد يوم ضغط الشغل زاد والمسؤولية زادت عليك ..!!!
كنت تروم تناقشهم بهالقرار وتعترض وتعطي مبرراتك وهم بيتفهمون ..
مصبح: عاد انا ما بمسك الطب الشرعي على طول .. بس الين ما اعدل وضعهم هناك ويحصلون واحد كفو لهالمنصب ..
أضاف مداعباً بعد ان سمع زفرة شقيقه الغاضبة: اقولك .. ليش ما تمسك المكان بداليه ههههههههههههه ..
ابتسم أبا نهيان بسخرية وقال: لا لا ابويه خلني بعيد .. ما صدقت على الله اتقاعد وافتك من عوار الراس ..
أردف بتذكر: الا ما خبرتني .. ليش كنا على البال ..!!
مصبح وهو يتذكر ما قد رغب في مناقشته مع اخيه: هييييه صح .. امممممم شسمه ..
شي اسامي عندي بغيت انشدك لو عندك خلفية عنهم ..
أبا نهيان باستغراب: قول الاسامي ..
مصبح:
مبارك عبدالله الـ..
محمد درويش الـ..
نصيب عمران نصيب الـ..
تعرفهم هالثلاثة بونهيان ..؟!!
رفع ابا نهيان حاجباً واحداً بعد ان امسك دماغه رنين صدى الأسماء الثلاثة ..
"مبارك عبدالله الـ..، محمد درويش الـ ..، نصيب عمران نصيب الـ.."
ذُهل في قرارة نفسه من كيفية معرفة اخاه بهؤلاء الرجال وعن رغبته بالسؤال عنهم بعد ان ابتعدوا عن السلك الاداري القضائي وكل ما يتعلق به ..
في الحقيقة لم يبتعدوا .. وانما هربوا بجلدهم من مصيرٍ محتوم ..!!
تنحنح بخفوت وحاول ان لا يثير ريبة شقيقه .. ثم قال بنبرة عادية: اممممممم هيه اساميهم مرت عليه ..
مصبح: انزين شو تعرف عن هالثلاثة خبرني ..!!!
جلس ابا نهيان على مقعدٍ قريب من سريره محاولاً ان لا يتذكر تلك الليلة المشوؤمة الموسومة بالحديد الملتهب ..
ان لا يتذكرها ويحترق كالفحم بين طيات لحظاتها النارية "الدامية" ..
ليلة رحيل غاليته .. نيلا ..!!
كان هو الوحيد من يعرف تفاصيل الليلة هذه اضافةً الى ابناء شقيقته ووالدهم رحمه الله وسلطان وعمه ابا حميد ..
حرص هو شخصياً على كتمان تفاصيل هذه الليلة عن الناس ومعهم الصحافة والاعلام .. وقبلهم عائلته ..
ولأنه أصر يومها على معرفة ما يجري في بيت شقيقته .. حكى له ابا حميد حكاية أبا حارب وما يرغب بمعرفته باختصار ليدرك ان صديقه عاش آخر ايام حياته بمأساة حقيقية مريرة ..
ولم يكتم سر تلك الليلة الا لأسباب عديدة .. أولها حفاظاً على سمعة العائلة "التي تدهورت فيما بعد بين الناس" .. ثانيها حفاظاً على مستقبل ابناء شقيقته رحمها الله .. ثالثها كي يتمكن من انقاذ صديقه أبا حارب من حكم كان سيكون ظالم وجائر بحقه .. فـ هو لم يكن في يوم رجلاً فاسداً ولم يكن يصاحب المسكرات وملذات الدنيا المحرمة .. والذي جرى له بفعل ايدي حقيرة خفية ....
وقبل كل شيء .. كتم سر الليلة تلك كي يمنع من نشوب فتنة ومشكلة بين عائلتي حارب ونهيان الكبيران ..
وفعل ما رغب به واستطاع بمساعدة جماعة ابا حميد انقاذ محمد من السجن واغلاق القضية على انها حادث فقط ..
ولم كان يدرك عبيد ان السجن كان سينقذ محمد من الولوج أكثر في دهاليز تلك الجماعة الشيطانية .. ولم يكن يدرك ان تضحيته بدم شقيقته وحرقة قلبه على فقدها ستذهب هباءاً منثورا ..!!
"مبارك عبدالله الـ..، محمد درويش الـ..، نصيب عمران نصيب الـ.."
أولهم تسبب بنشر فضيحة في اليوم التالي عنوانها في الصحف "قاضي يقتل زوجته في حالة سكر"، اما الآخران فهما من تكفلا بقذف التهم والافتراءات على أبا حارب وايهام الامن على الدوام انه معادٍ للحكومة والسلطات العليا ..
وبالرغم من خروجه دوماً من دوامة تلك الاتهامات لعدم وجود ادلة كافية تدينه .. الا انه أصبح علكة مستهلكة داخل افواه الناس جميعاً في البلاد .. من أبوظبي وضواحيها الى رأس الخيمة والفجيرة .. واشتهر اسمه كـ قاضي فاسد ورجل ارهابي ..
هذا ما جعل صحة محمد تتدهور جسدياً ونفسياً .. ويبتعد عن العمل الذي يعشقه وعن الناس بملأ ارادةٍ كسرها الزمن بظلم قاسي كحد الصخر ..
تنحنح بقوة علّه يخرج ذاته من وجع خالص نقته الذكريات من كل شيء جميل .. واجاب شقيقه باقتضاب تام: امممممم والله هب وايد اعرفهم بس الثلاث كانوا تابعين لمحكمة بوظبي .. مبارك في قسم الارشيف .. ومحمد من المالية وووونصيب ....
عقد مصبح حاجباه باستغراب وقال: نصيب على ما أظن كان سكرتير بوحارب الله يرحمه ولا انا غلطان ..!!!
أبا نهيان بذات اقتضابه: هيه كان سكرتيره ..
مصبح: يعني ما تعرف أكثر عن الثلاث ووينهم الحينه ..؟!
أبا نهيان بنبرة غامضة "صادقة": لا ماعرف عنهم وايد .. شحقه ..؟!
مصبح بنبرة اخرجها عادية: امممممم لا ماشي مجرد فضول .. مروا عليه بملفات ادارية جديمة واستغربت شحقه الثلاث خلوا الشغل مع بعض وفي نفس الفترة .. وبغيت استفسر لا اكثر ....


دخل جناحه الخاص في منزله بعد ان شهد يوماً شاقاً مليئاً بالاجتماعات والمشاكل التي لا تنتهي ..
زفر بقوة بعد ان نزع غترته وعقاله ورمى بجسده الضخم على فراشه ..
اغمض عيناه كي يريح عضلاتهما قليلاً .. ولكنه سرعان ما فتحهما بكسل/نعاس ما ان سمع رنين هاتفه ..
اجاب على هاتفه بينما هو ما زال مستلقي: مرحبا ام ظاعن ..
ابعد الهاتف عن اذنه عندما سمع صراخ اخته على اولادها: حمااااااان يوز عن اخوك ولا والله ما اشتريلك الدراجة ..
ثم عادت تهتف لـ شقيقها بانفعال حاد: ها سلطان ..
اتسعت عينا سلطان بـ ذهول: وابوكم .. شو ها هاذي بعد .. حووووه انتي منوووه ..!!
زمت سلامة فمها بـ انزعاج ناعم وقالت: واللي عنده هالشياطين يتم على حاله وما يتخبل !!!
تأففت وقالت بنبرة اتسمت بالهدوء الرقيق: حبيبي اخويه شحالك ..؟!
ابتسم سلطان بكسل وقال: هيه هاي سلامي توأميه .. الحمدلله فديتج بصحة وعافيه ..
وانتي شحالج وشحال بوظاعن والعيال ..؟!
سلامة بحدة وهي ترمق اطفالها بغيظ: امررررره لا اتيبلي طاري هالطفوس مسودين الويه ..
ضحك سلطان بخفوت بينما اضافت شقيقته بعد ان زفرت بانفعال: نحن كلنا بخير وسهالة ..
وأكملت بتذكر: سلطان شو كنت بقولك ..
وديت كناديرك وملابسك كلها الايديده الدوبي ..!!!
(الدوبي = المغسلة)
هتف سلطان بنبرة ساخرة محبوبة من شقيقته التي لا يفوتها شيء بخصوصه: هيه فديتج وديتهم الدوبي ..
سلامة: وغترك وفوانيلك واوزرتك .!!!!
سلطان: كلهم سلامي كلهم ..
أكملت سلامة وهي تتذكر ما رغبت بالسؤال عنه: امممممم هيه سلطان .. *وبخبث باسم* وين بيكون الهاني مووون ..!!
غضّن سلطان ما بين حاجبيه وقال مبادلاً اخته الخبث: سوربرايس يا عيون سلطان ..
زمت سلامة فمها والفضول يأكلها بقوة: انزين غششني ياخي ما بقول حق حد ..
سلطان بنبرة باسمة كسولة: نو نو نو
سلامي: اف عنيد انت ..
ثم تنهدت بنعومة وابتسامة ترتسم على محياها محبةً ووداً عميقاً لتوأمها الغالي ..
حل بينهما صمت قصير قبل ان ينقلب صوت الأخيرة الى نبرة متأثرة متفجرة بالعاطفة الجياشة والتي وصلت لمسامع شقيقها بوضوح: فديت ويهك بومييد .. اخيراً بشوفك معرس ...
قال سلطان بنبرة خشنة هادئة لا تعكس بتاتاً اعاصير الانفعالات التي تموج بصدره: لا خلينا منج يا ام ظاعن ..
عقبال ما تشوفين ظاعن واخوانه معاريس ان شاء الله ..

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن