54

709 10 0
                                    


ذُهِلَ البهاءُ ... فقال : ما أبهاك !
وَتَسَـمَّرَتْ عينايَ فوقَ لُماكِ
خرساءُ تجهلُ ما تقولُ لِذُهْلِها
شفتي .. ولكنَّ العيونَ حواكي
فَهَمَسْتُ في سِرّي وقد بلغَ الزُّبى
عَطَشي لكأسٍ من رحيقِ نَداكِ
لا تَنْصبي شَركاً ... فإني قادم
طوعاً أُباركُ في هواكِ هلاكي
أدريكِ آسرتي ... وأدري أنني
سأكونُ بين الناسِ رَجْعَ صداكِ
العشقُ أودى بالذين قلوبُهم
حَجَرٌ ... فكيفَ بخافقِ المتشاكي ؟

لـ يحيى السماوي

اتصل فور ان تلقى الخبر من ابنة أخيه بـ مكتب الحجوزات وحجز تذكرة له الى ألمانيا ...

حدث ما كان يخشاه ....

كان خائف من ان يحصل طارئ في حالة ابنه وتنهار زوجته وهي التي حرصت كثيراً على اظهار قوتها وقوة كبحها لانفعالها منذ الحادث كان خائف من ان يستشعر نبرة الضياع بصوتها ولا تلقى من يقف عوناً لها في الغربة مع وجود زوج غائب تماماً عن الوعي/الادراك ....

اخذ يتمتم بالحمد والشكر لأن الله اخرج ابنه من العملية "التي لم تبدأ حتى" بخير وسلامة .....

ولأنه لم يتمكن من فهم ما قالته العنود بشأن عدم استجابة جسد ابنه للمخدر .. ولأنه من الأساس لا يفقه لهذه الأمور المعقدة ... قرر ان يسافر شخصياً لهما ويتحدث للطبيب وجهاً لوجه ....

رن هاتفه بشكل مباغت ... وسرعان ما رفعه وهو يهتف بتوتر: ألووو

: بوسيفان السلام عليك

أبا سيف: هلا هلا .. وعليكم السلام والرحمة ... شحالك احمد ..؟!

قطب احمد حاجباه وهو يستشعر نبرة التوتر في صوت شقيقه الكبير .. الا انه قال: بخير الحمدلله ... ومن جداكم ..؟!

زفر أبا سيف زفرةً مرتبكة تخللها قلق بالغ وقال: بخير ما نشكي باس ...

فاجئه احمد بسؤاله: شخبار قوم ألمانيا دقت عليك عنود ولا اتصلت بها من شوي بس ما ردت عليه أبا اعرف شو صار على سيف ....

مسد أبا سيف جبهته بأصابعه بانفعال وقال: كنت ارمسها قالت ان جسم سيف ما استجاب للمخدر ولولا رحمة الله جان راح فيها . فاضطروا عقب ما عالجوه من المخدر انهم يأجلون العملية ...

تصلبت قامة احمد هاتفاً بـ ذهول: يعله في ذمتك ..!!!

أبا سيف: والله يا خويه .... اول ما بندت الخط سيده دقيت على الاتحاد وحجزتليه صوبهم ... ما بروم ايلس محليه دقيقة وحده والعنود هناك متروعه وتصيح ريلها ... غير انيه متشفج على سيف أبا اشوفه واطمن عليه ...

تغضنت جبهة احمد شاعراً بالندم الشديد فـ لو لم يستمع لكلام ابنة شقيقه وتبع خطتها بأن تذهب هي بدلاً عنه لكان هو هناك لكان قد وقف مع سيف في محنته بـ صلابةٍ/عزيمة كان يجب عليه ان يعرف ان العنود مهما ادعت القوة والثبات فإنها هشة وصعب عليها كبح ذعرها على زوجها وقلقها مما يحل به .....

كان عليه ان يعرف كل هذا قبل ان يجر كالاعمى وراء رغباتها .....

تأفف بحدة/بقهر .... وقال بخشونة لم يتعمدها: باجر بإذن الله انا راد .. احجزليه وياك بخاويك ...

عارضه أبا سيف بصرامة: لا والله ما تخاونيه ... توك معرس يا ريال جابل حرمتك وعيالك ...

هتف احمد بعصبية لم يتمالكها: يا خووويه شحقه الحلفااان الله يهداااك ... انا بعد أبا اشوف سيف واطمن عليييه ...

أبا سيف بذات صرامته: عاده انا حلفت ... ماشي سفر وانت توك معرس ... جان تبا تكسر حلفتيه برايك ..

اخرج احمد زمجرةً مكتومة من اسفل قاع من حنجرته دليل غيظه .... ثم قال بعد صمت قصير: محد بيكسر حلفتك يا غير خليتها صدق في خاطريه يا بو سيف .... انا بدق على العنود الحينه وبرمسها واهديها ...

.
.
.


: مستوي شي بـ بـو .... أ أ أحمد ..؟!

رفع عيناه إليها ورآها تميل بجسدها على زاوية الحائط وامارات الاهتمام/القلق واضحة على تقاطيع وجهها وجهها الذي ما ان تتقابل اعينهم حتى يصبح متورداً بشكل لذيذ شهي يعجز عن كبح رغبته في نثر قبلاته عليه ...

وبشكل دغدغ روحه اعترته غرابة فريدة من نوعها غرابة ذكرته بـ تلك التي لم تكن ابداً تهتم بشؤونه ولا تسأله عن أي امر يخصه حتى لو اعلن صراحةً ونطقاً من بين شفاته انه منزعج او مستاء من امر ما .....

لم تكن عوشة تحب التدخل بشؤونه وسؤاله عن عمله وعن أي امر يخص عائلته والمشاكل التي تحل مع افرادها .... كانت ...

كانت ماذا ....!!!!

هي لا وصف لها ..... ان وصفها بـ المرأة المهملة فسيكذب ... لأن الإهمال ينتج بعد اهتمام .. وهي قط لم تكن مهتمة ... وان وصفها بالمرأة الباردة عديمة الاكتراث فسيكذب كذلك ... لأنها كان اكثر من مجرد باردة .. واكثر من مجرد عديمة اكتراث ...

كانت فقط واجهة زجاجية غير مرئية لـ صورة أُعلنت للناس كافة انها زوجة واجهة صامتة ميتة قاسية باعثة للشؤم/الكآبة ...

كانت روحاً بلا إحساس نابض .....!!

وبعد تفكير طويل بينه وبين ذاته .... اكتشف ان الله سبحانه رزق سلطان النجاة من براثنها القاتلة وسمها الثعباني ....

عند اسم سلطان توقف سير تفكيره ....... اسم زوج اخته ما زال يشعره بالتحفظ ...... وبوجع الرجولة المهانة ....

هتف بصوت هادئ مقتضب خلا من الإحساس: لا .. ها اخويه بوسيف .. كنت اتنشد عن أحوال سيف ولده ..

بخطوات ناعمة خفيفة ... جلست بقربه حيث يجلس نصف جلسة مسترخية على السرير .. وقالت باهتمام حقيقي:
سمعت من اختك شما ان عمليته عقب العيد ... سواها ولا بعده ..؟؟

استقام بجلسته حتى اصبح وجهه وصدره قرب جسدها تماماً ... وقال وهو يستنشق عبيرها الذي يغازل انفه بإغواء/جرأة:
كان بيسويها بس المخدر ما تجاوب مع جسمه واضطروا يأجلون العملية ليوم ثاني ..

شهقت بخوف جعلها بلا إحساس تمسك رسغه .. وقالت: وشحواله الحينه ..؟!!

كبح بصعوبة اضطرابه من لمستها العفوية البريئة ورد: الحمدلله قدروا يعالجونه بسرعة قبل ما تييه مضاعفات بس العنود هلكانه صياح هناك ...

اردف وهو لا يعلم ان الألم/الاستياء في صوته قد وصل لحنان واجتاح كيانها بلا رحمة: انا الغلطان لو انيه ساير وياه ومخلي حرمته في البلاد جان أخير لنا ولليميع والله احاتي هالبنية عن يستويبها شي في الغربة ...

لم يعرف كيف غدت بقربه بهذا الشكل الحميمي بسرعة ومن غير ان يشعر الذي يعرفه ان بقربها هذا فتحت فوهة نيران التوق/اللهفة المجنونة إليها ...... اللهفة التي لا تنام أصلا ولا تنطفئ .....

ارتجف عندما مسكت زنده الصلب القوي بكلتا يديها ووضعت برقة أليمة جانب خدها عليه وهمست راغبةً بمص كل المشاعر السلبية الناضحة من عيناه وصوته:
ما عليها شر ان شاء الله الله حافظها لازم بتنهار اول شي من روعتها على ريلها بس خلاف بتشوف كيف بتغدي اقوى عن اول الحرمة تحتاي تصيح عسب تقوى هب نفس الرياييل وصياحها هذا هب دليل ضعفها مثل ما تتحرى لا دليل قوة دليل انها تحب وتخاف وان لو شو ما صار بتم واقفه مع ريلها وما بتتخلى عنه وبتفداه بروحها لو صار شي لا سمح الله ....

مسدت زنده بأصابع ترتعش من العاطفة/الحنان المتفجر واكملت بهمسها الحريري: لا تحاتي قل لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا ...

امسك ذقنها برؤوس أصابعه ... ورفعه إليه حتى أصبحت تنظر إليها من الأسفل ...

اشرف على وجهها وهو يهتف بأجش مبحوح: ان سألتج سؤال بتقولين الصدق ..؟!

تأملت عيناه بـ شيء من الفطنة المخفية تحت خجلها الشديد من لمسته/همسه وبادلته الهمس: وبتبادلنيه الصدق ان سألتك انا بعد ؟

قال وهو يتأمل عيناها بهيمنة ذكورية صرفة: طبعاً ...

اردف وهو ينظر لشفتاها اللتان ترتعشان تحت سيطرة اصابعه فوقهما: البراءة بعينج والاهتمام اللي اشوفه منج صادق ولا جاذب

اتسع ثغرها ذهولاً من صراحته المفاجئة الا انها سرعان ما اطبقت شفتيها وبرق لامع يمر امام عيناها واجابته بذكاء:
قلب المؤمن دليله .. قلبك شو يقولك ...؟!

قال وهو ينظر إليها مباشرةً نظرة كالسهم: ايقول انج صادقه بس ان اتجلت على قلبيه ما بفلح اللي يرقع في صدريه ما منه رجا
حاصرته بسؤال غير الذي كان يتأرجح في عقلها فهي لن تفلت من يدها فرصة معرفة أي شيء جديد عن هذا الغامض المظلم: لو ما منه رجا ما دق بين ضلوعك هب جنك تظلمه ...!!!!

ابتسم ابتسامة قصيرة ساخرة حد اللامعقول ... وقال: الظالم ما ينظلم ... الظالم ايوع الظلم ويتعشابه ..

ثم زم فمه تحت نظراتها التي ازدادت حيرةً ... وقال راغباً بمحاصرتها هي هذه المرة: شو سؤالج ..؟!

اخفضت اهدابها قليلاً وقالت وهي تحرك سبابتها بشكل مموه/مبهم على ظاهر يده: كنت بسألك شحقه كل ما شفت عيني تسرح بهن جنك ما تصدق أي شي أقوله او اسويه آ آ آ اقصد امممممم مب ما تصدق انت ما تبا تصدق جنك تحارب شي واضح ومابه شك ...

رفعت عيناها إليه مجدداً واكملت: انت ما تبا تصدق انيه صادقة وياك حتى لو قلتلك ان الجنة باردة والنار حارة ويوم سألتني توك عرفت ان اللي حسيتبه صح ....

تباً ..... لكأنه يراها ترسم دواخل روحه بسهولة كـ سهولة نفاذ المياه بين حبيبات الرمال ...

تراجع وشعور الخطر يعتريه ويشعل ناقوس التأهب في عقله .... قال وهو يشيح بنظرته "التي اهتزت على حين غرة":
اختبار تحليل الشخصية ما احبه ....

اعطته نظرة مرحة حلوة وقالت: انا ما احلل شخصيتك في فرق بين تحليل شخصية الغير وبين الإحساس الذاتي وبعدين انت اللي بديت في الأسئلة ويوم طلبت منيه اسأل قلتلك اللي كان يدور في مخيه ....

رد بحزم مقتضب: دام انا البادي .. عيل انا انهيها .. صكي السالفة ...

زمت فمها بذات نظرتها المرحة .. وقالت بسماحة نفس: ان شاء الله طويل العمر ..

صمتت قليلاً وهي تستشعر التوتر الذي جعل من جسد احمد يتصلب ورغماً عنها شعرت بتأنيب الضمير لأنها بحديثها قلبت مزاجه وربما ازعجته ...!!

هتفت فجأة بصوت رقيق منتعش: تلعب طاااولة ...؟!!

إلتفت إليها بحدة صادمة وقال بـ عينان متسعتان: هاااه ..!!

كررت حنان ببسمةٍ متسعة: طاولة طاولة ..

رد احمد بـ ذات صدمته والتي جعلت من ملامحه المظلمة تلين وتعطيه عمراً اصغر واكثر انتعاشاً: اعرف الطاولة بس شو طاري عليج ..؟!

قفزت حنان قفزةً واحدة من السرير حتى وقفت على ساقيها وقالت وهي تهرع الى الخارج: شفت لعبة طاولة في وحده من السدات اللي تحت طاولة التلفزيون هههههههههههههههههههه اظنتي حد من قوم ربيعك ناسنها هنيييه بييبه وبرد اصبررر ...

عقد حاجبيه بتعجب باسم وفكر بخفقاتٍ تنتعش في روحه يوماً بعد يوم ان هذه الفتاة لا تخلو ابداً من بث المفاجأت في حياته ....

المفاجآت ..... والانبهار ...... وقبل هذا وذلك ...... الدفء .......!!!!

.
.
.


اختبأت في الحمام وانفجرت باكية بعد ان كتمت بقوة شديدة ما اعتراها من ذهول/صدمة من اثر الخبر الذي نزل عليها واختها الكبرى كالصاعقة ....

ليس هيناً ان تعرف ان من وحّدت كل كيانها سنين طويلة في تربيتك يصاب بالضعف فجأة كيف لو كان الضعف لا يعادل بمعناه نصف ربع معنى ما أصابها ....!!!!

يا رحيم بالعباد ...... الا أمها ... الا هي ........

لو كانت تستمد قوةً في هذه الدنيا لمجابهة أي شخص يمكن ان يمكر بهم ويعاديهم ... كـ عمها مثلاً ... فهذه القوة من أمها ...

أمها ... التي تشبهها قلباً وقالباً .....!!!

بكت حتى شعرت بأنفاسها الثقيلة تخنقها .... وتشعرها بالدوار ....

رفعت هاتفها بيدٍ ترتعش وهي تحدق بشاشته بعينان مغرورقتان بالدموع ....

يالله .. كيف لها التحدث مع نهيان من غير ان تنفجر بالبكاء .....!!!!

لا تستطيع ... لا تستطيع ...

ظل الهاتف يرن حتى صمت ... وما ان خرجت من الحمام التابع للطابق الذي فيه غرفة والدتها حتى رن هاتفها مرة أخرى ..

وكان نهيان للمرة الثانية ....

وللمرة الثانية كذلك ..... لم ترد ....!!!!

مرت اللحظات حتى تمكنت من جعل أنفاسها تتزن وتستقيم في سريانها بين جنبات جسدها وسمّت بالرحمن بقرارة نفسها ودخلت غرفة والدتها ....

ما ان نظرت لـ وجه والدتها الشاحب المستكين تحت سلطة النوم .... حتى لان وجهها ببسمة تصرخ ألماً/ذبولاً ....

وأشرت لـ فاطمة ذات العينان المنتفختان من اثر البكاء ان تقترب منها بهدوء وعندما اقتربت منها الأخيرة همست: فطامي سيري بيتج ريحي من البارحة فديتج انتي هنيه .. سيري طاعي ريلج وعيالج وريحي عمرج شوي عقب تعالي ..

ابتلعت فاطمة ريقها بشكل أوحى لـ روضة انها لم تكن تبتلع الا دموعاً تحارب سقوطها على وجنتيها وهمست بضعف:
وين اروح واخلي امج روحها ... والله مارووم ..

مسدت روضة بحنان بالغ كتف اختها وقالت برقة مغلفة بالحزم/الإصرار: ماعليه يا قلبي انا وياها ما بخليها ان شاء الله .. سيري فديتج البيت ريحي وعيني من الله خير وعقب رديلنا ..

مسحت فاطمة وجهها وهي تتمتم بـ صوت مختنق: استغفر الله العظيم وأتوب إليه .. اللهم لا اعتراض .. اللهم لا اعتراض بس ..

انزلت يدها وهي تردف بـ قلق: رواضي شقايل نخبر شيخوه ... والله ما بروم اخبرهااا ... أخاف ان عرفت اطيح عليناا هي بعد ..

روضة بصوت قوي ثابت: انا بخبرها ان شاء الله .. اترياها تيي هي في الدرب الحينه ..



عندما خرجت شقيقتها من الغرفة .... اقتربت روضة من والدتها وهي تحمل بهدوء احدى الكراسي القريبة من السرير ...

وقبل ان تجلس .. سمعت والدتها تهمس بـ كلمات غير مفهومة وهي تفتح عيناها بإعياء شديد: ر ر روضة ..


هبت روضة واقفة بحدة وقالت وهي تقترب بسرعة من أمها: انا هنييه آمري فديتج شو تبين ؟ يوعانة ؟ عطشااانة اييبلج ماي ؟

هزت والدتها رأسها بالنفي وهي تهمس بصوت اختنق واصبح اشد كتماً/عمقاً: لا .. لاا ...

تنحنحت بخشونة حتى تخرج صوتها واضحاً .... وتابعت: ا ا ابا نهيان .... خليه اييني ... الحين ...

.
.
.

شحب وجهها كالأموات ... ما سمعته للتو من شقيقتها قد جمّد جهازها العصبي برمته ....!!!!

لم ترغب بأن تتمادى في تصديق ما سمعته ... هتفت بنبرة ضعيفة مكتومة تستجدي "الضد" .... وتتوسل "الكذبة":
شـ شو ؟ ما ..... ما فهمت ...

أخرجت زفيراً عميقاً من انفها وكلها امل ان لا تصعب اختها الصغيرة عليها الموضوع وان تتقبل الوضع بسرعة ومن غير انهيارات عصبية .. كررت بحزم بالغ: فيها ورم خبيث في الدماغ ... واكتشفوه متأخر .... عقب ما انتشر في راسها ..

عندما لاحظت تصنم شيخة المريب ... أكملت بنبرة اشد حزماً: اللهم لا اعتراض على حكمه ... بس انا ما بسكت بخليها تسوي فحوصات اكثر وفي كذا مستشفى ... يمكن ان شاء الله يكون هالتشخيص غلط ولا يكون الورم حميد بس ..

رغم انهيار روحها .... رغم الكهرباء التي تسري الآن في مجرى تنفسها .... ونبضاتها .... الا انها تمكنت من بلع ريقها القاحل بعد معركة طويلة .... وقالت بصوت اخشوشن مما يعتمل روحها من انفعال مكتوم: بـ بـ بسس كيف ..؟َ!
من .... من شو ياها هالور....

يالله لا تستطيع النطق وصورة عائلتها التي ساد الظلام جانب منها منذ سنين جانب والدها الغالي قد توشحت مرة أخرى بذات الظلمة وهذه المرة من جانب والدتها درة فؤادها .....!!

رحماك يا من لا رحيم سواك .......

قالت روضة "رغم نحيب روحها ألماً من نهش الفاجعة بها" بصوت ثابت قوي: مشيئة رب العالمين يا ختيه بس ان شاء الله ما بتم على هالفحص .. باخذ موعد حقها في مستشفى زايد الحينه وبنعيد الفحوصات هناك ..

لحظات حتى وصلتها رسالة نصية من نهيان يرد عليها بعد ان بعثت هي له رسالة في البداية تطلب منه المجيء لرؤية والدته في اقرب فرصة ان استطاع ...

"شحقه مسج ... حد عدالج ..؟!"

آه ..... كي لا تنفجر الدموع من مقلتاي وافشل في كبح وجعي المتصاعد في روحي امامك أيها الحبيب ..

اجابته بـ نظرة جامدة لم تعكس ما فيها من انفعال

"هيه .. شيخه ختيه"

ثواني حتى اجابها برسالة مماثلة

"انزين يالغزال ... بييكم ان شاء الله عقب المغرب"

.
.
.

استطاع بهدوء وبنفسٍ مسيطرة ان يمتص صدمة الخبر الذي قذفه على مسامع زوجته بشأن عملية ابنهما التي فشلت قبل ان تبدأ الا انه فشل في جعلها توقف سيل دموعها المنهمرة ...

ولم يتركها الا عندما وضع بين يديها هاتف المنزل وهي تحادث العنود كي تطمئن عليها وابنها ...


عندما خرج من غرفته ... رن هاتفه الشخصي .... وعندما أجاب على الاتصال سمع احدهم بهتف بصوت هادئ رخيم:
مرحبا الساع عميه ..

أبا سيف: هلااا هلاا ولديه فلاح ... مرحب بااااجي ... شحااالك ..؟!

فلاح: بخير وسهالة يعلك سالم من الشر ... وانت شحالك وشحال ابويه خويدم والاهل يميع ..؟!

أبا سيف: كلنا ما نشكي باس يا بويه يسرك حالنا ...

صمت فلاح قليلاً ثم قال بنبرة مدروسة متزنة متشحة بظلمة الغموض: عميه بغيت اقولك شي والسموحه لو بضيّج بك بسبته ....

بعد دقائق معدودة

: حصووووووووووووه ... حصووووووووووووووهه حصووووووووووووه ويهد ايهدددد ضلووووووووووووعج ...

انتفضت حصة جزعة ما ان وصلها صراخ والدها الناري الغاضب ...!!!!

تركت بسرعة جهاز حاسوبها المحمول والذي يظهر على شاشته احدى المواقع الأجنبية لـ بيع الحقائب الفاخرة وهرعت خارج غرفتها وعقلها متخبط ويحاول تذكر "آخر مصيبة تسببت بها والتي على اثرها استشاط والدها غضباً"

فكرت .... وفكرت .... الا انها لم تجد أي مصيبة تسببت بها شخصياً ....!!!

إلهي ..... أيعتبر العراك الذي حصل بينها وبين صاحب السوبرماركت العجوز الوقح المتصابي البارحة مصيبة ..!!!

لكنه متصابي يا قوم واثار بـ تصرفاته الوقحة غضبها .... ولم تشتمه الا بضعة شتائم صغار "ظراف" ....

تراجعت بجزع اشد وهي تقف عند اعلى الدرج ما ان احست بصراخ والدها يزداد اشتعالاً .. ويزداد اقتراباً ...

قالت بصوت شبه مرتفع ومتقطع من الارتباك/الخوف: لـ ... لبيييه ابويه ...
: والعثره ان شاء الله تعالي ياللي مفضحتنا بين العربان والخلايج .. حسبي الله ونعم الوكييييل فيج ..

اتسعت عيناها بـ خوف تخلله قلق بالغ وشكوكها حول غضب والدها المفاجئ تأخذ منحنيات بسرعة مجنونة خرقاء لا حدود لها وقالت بتلعثم وهي تنزل من السلالم بتعثر: شـ شبلاك ابوويه الله يهداااك .. مـ ما سويت شـ......

: جب لمي ثمج ياللي ما تخيلين عنبوه ذا الويه شقى جيه تسوين ؟ هاه ؟ ما تستحين انتي ما تستحين شو هالعلوم الشينه اللي متعلمتنها خبرينيه قوات العين واللسان الطويل من ويين يايبتنهم خبرينيه ....!!!!

عندما أصبحت امامه وسط السلم تماماً كادت تتعثر حقاً من شدة ارتباكها الا انها قالت بـ نظرة اهتزت حيرةً/توتراً: ا ا ابويه والله ما سويت شي شبلااااك هاب عليه جيييه ومحررررج ....!!!

كاد ينتزع ذراعها من جسدها نزعاً عندما جرها إليه بقوة وهو يهدر من بين اسنانه: عنلاااات بليييسج شعنه يالطفسة ادقدقين على ريلج وتسبييينه واطرشيله مسجات شرااات ويييهج ...!!! هااااااااه ...!!!

اردف بصراخ مرعب وعيناه تشتعلان بـ لهيب الغضب/القهر: الريال لا يا صوبج ولا سوابج شي شعنه مبطلة لغبج عليه وتسبينه هاه عنبوج ريال طول بعرض جيه ترمسينه ولا وهب ريال غريب جان زين ريلج ريلج يعله يكسر الخيزرانة على ظهرج يا العوفة

فتحت ثغرها بـ صدمةٍ عاتية محاولةً ترتيب ما يتفوه به والدها من كلمات في عقلها .....

فلاح ....!!!

هي قامت بشتم فلااااااااح ....!!!

متى .....!!!

تغضنت جبهتها بـ حيرة أليمة وهي تبرر بصوت ضعيف ملؤه الشتات/الخوف: ابويه متتتتى والله ما سبيته شو أبا فيه اصلااا عسب اسببببه هذا هذا جذاب ابويه ....

هدر أبا سيف بذات غضبه المشتعل وهو يجر ذراعها مرة أخرى حتى تأوهت بصوت حاد متوجع: بعد تسبييينه جداااامي ياللي ما تخيليييين ....!! ...... بعدددد .....!!

توقفت دمعة شفافة صغيرة على زاوية عينها الخارجية شاعرةً بألم حقيقي نابض في ذراعها وقالت باستجداء رغم ان قلبها يعصف بالذعر/الصدمة بسبب اكتشاف والدها امر التواصل الهاتفي بينها وبين فلاح ... فـ عاداتهم وتقاليدهم تمنع هذا بين الخطيب وخطيبته حتى لو عقد بينهما القران:
ابويه عورررتني شبلاااااك الله يهداااااك .. تعوذ من بلييييس بسسسس ... أقولك ما سبييييته ولا حتى طر......

رغبت بشكل مستميت ان تفهم والدها سوء الفهم الحاصل الا ان ما فعله قد قطع تسلسل كلماتها فجأة ...

قطعها وهو يجرها بعنف قاسي كي تنزل للأسفل ويواجهها بعيداً عن ضيق المكان في السلم ..... ولم يعرف ان بحركته هذه قد تسبب باصطدام رأسها بالحائط المجاور لهما ..!!!!

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىWhere stories live. Discover now