هتفت بفم مزموم غاضب: ليش ما ودوني معاهم عموه .. كنت ابا اطمن على خويه ..

شما بنبرة باسمة مهدئة: ماعليه حبيبتي المرة الياية ان شاء الله .. انتي كنتي راقدة وما بغوا ينششونج من الرقاد ..
باجر ان شاء الله انا وياج والبنات بنسرح صوبه ..

هتفت حصة بعد صمت جال بين الفتيات لثواني قليلة: عموه .. امس رمست خالوه آمنة ..

شما: واشحالها فديتها ..؟!!

تنهدت حصة بضيق وقالت: تبين الصدق عموه .. خالوه امون وايد مستويعة من عميه بطي .. خاطريه اعرف هو شو سوابها عسب تودر بيتها وتروح بيت يديه ..

شما بنبرة حازمة: حصيصي هالامور نحن ما ندخل فيها .. هي وريلها ينيازون مالنا خص ..

ميرة بغضب: عميه بطي يقهر .. يعني تشوف حرمتك زعلانه شعنه ما تسير تراضيهااااااااا ..!!

رفعت شما كلتا حاجبيها بتعجب باسم: وانتي شو حارق يوفج اخت ميره ..!!!
وبعدين انتي ما تعرفين شو امبينهم عسب تقولين هالرمسة ..

ميرة: مب لازم اعرف .. هو بالمنطق يعني .. دام الحرمة زعلانه منك ومستويعة فالمفروض يسير يحبها على راسها ويراضيها .. ويردها البيت ..
لكن عميه بطي ما تحرك وهب ناوي يتحرك اصلاً .. عنبوه قدهم كملوا شهرين وزود متفارقين ..

شما بنبرة تعقل: معاج حق بس انا اشوف اثنينهم غلطانين واثنينهم لازم يحلون السالفة بسرعة لأن العيال بدوا يلاحظون المشكلة ويتحسسون ..
ومع هذا اقولج هالامور ما ندخل فيها .. وهم لازم يحلون مشكلتهم رواحهم ..


ما إن انتهت من جملتها .. حتى اعلن هاتف ميرة رنينه العالي .. رفعت الاخيرة هاتفها لتتأفف بعدها بغضب حقيقي:
هذا ما بيحل عن سمااااااااي ..!!!!! عنلااااااااته يابليه العله اللي ما يخيل .. اففففففففففففففف ..

قطبت شما حاجبيها باستغراب بينما امسكت حصة هاتف ميرة وقالت بذهول: هالهرم بعده يتصلبج ..!!!

ميره بذات انفعالها الغاضب: هيه والله بعده .. حشى اسميييييه وذى من ثلاث شهوووور وهو يتصل ويطرش مسجات
(وذى = ازعاج)

اتسعت عينا شما وقالت: منو هااا اللي يتصل ويطرش مسجات من شهور ..؟!!

ميرة بغضب: ماعرفه عموه واحد غبي .. من ايام المدرسة وهو حاشرنيه .. الا يبانيه ارد عليه ..
ردت عليه ينية ان شاء الله ..

حصة بذات غضب شقيقتها: هالـ.... هب ناوي يتوووب .. هاك اليوم رديت عليه وهزبته هزاب وسبيته .. قلت عقبها خلاص بيحرم يتصل .. ثره الجلب ما يفهم ولا ناوي يعتدل ..

شما بانفعال: فاااارقت ويهه الهرم شو يبا فيج هوو ..؟!!

ميرة: شو عرفني عمووه .. اصلا ماعرف من وين ياب رقميه ..
تخيلي عموه يعرف اسميه ومن قوم منووه ...

وضعت شما يدها على خدها بـ ذهول: بسم الله منوو هاااا ..!!!

حصة بـ صرامة: بعطي الرقم حق ابويه وهو بيتصرف معاه ..

ميره بـ جزع: لا لا دخيلج والله لو ابويه عرف بيلعن سابع اسلافي .. لا لا بليز حصوه

حصة: يعني تبين هالزفت يتمادى في سخافته ..!!!

ميرة: خل يدق مليون مرة ما برد عليه .. وهو يوم بيشوف انيه مسوتله طاف بيمل وبيزول ..

شما: بس ميروه هالاشكال محد يروم يوقفها الا الرياييل .. لازم تخبرين اخويه عنه ..

ميرة: لا لا الا ابويه .. ان قلتله عن هالريال بيعصب وبيحلف ما يقبضني تلفون عقبها ..

طرقت باب المكتب برقة شديدة ودخلت ما إن سمعت الاذن بالدخول ..

تلون وجهها بخجل لم تستطع السيطرة عليه ما ان رأت ابتسامة وجهه الوسيم تُرسل إليها بطيب خاطر/مهنية ..

قالت وهي تضع المخططات على مكتبه الفخم: بوخويدم هاذي المخططات اللي طلبتهن .. تامرني على شي ثاني ..؟!

اخد بطي المخططات وقال برسمية هادئة: تسلمين يا أليازية يعطيج العافية ..

أضاف وهو يفتح المخططات ويراها على عجل: ما عليج امارة يا أليازية كلمي العلاقات العامة وشوفي لو حددوا مع الشركة الصينية موعد الاجتماع .. انا الحينه ورايه موعد مهم وما بلحق اتصل واشوف الموضوع ..

قالت أليازية من بين نظراتها الهائمة الملتمعة: ان شاء الله بوخويدم فالك طيب ..

انزل بطي نظارته وقال ببسمة خفيفة: فالج ما يخيب ..

استدارت أليازية وقلبها السعيد المتراقص في حالة نشوة لا نهائية فـ بعد ان أصبحت أكثر ثقلاً وتأدباً مع بطي وبعد ان قررت ان تبتعد عن تصرفات الاطفال التي كانت تفعلها لتجتذب انتباهه أصبح يحترمها أكثر من السابق ويتقبل وجودها حوله بصدر رحب ..

تشعر في قرارة نفسها ان هذا البطي سيقع يوماً في حبها .. بل تشعر ان هذا الشيء قريب .. قريباً جداً ..

ولكن عليها ان تستمر في تعاملها الثقيل معه وان لا تشعره بأنها فتاة مستهترة تفتقر للأخلاق والشيم الحميدة ..


بدأت الارقام تصدح في عقله مزاحمةً جميع أفكاره الملتهبة المتمركزة على "أنثى واحدة تحمل الانفرادية ذاتها"

واحد .. اثنين .. ثلاثة .. اربعة .. خمسة .. ستة .. سبعة ..

تصبب عرقه من أعلى جبينه المتلألئ حتى عنقه الأسمر الصلب ..

لا يعرف هل هذا عرق الجهد وحرارة الجو الحارقة .. ام عرق مشاعره الملتهبة ..!!

ثمانية .. تسعة .. عشرة ..

إلتمعت صورتها امام عيناه وغدت كالبرق اللامع ..

جمالك يا انتي .. حارق ..
حارق ..!!

ما كنت لأحلم ان خلف غطاء وجهك وجهٌ ينافس البدر ليلة اكتماله ..!!!!
ينافس ضيائه في ليل سرمدي متشح بالظلمة ..!!

أغمض عيناه بقوة محاولاً ازاحة صورتها الباذخة من باله .. ولم يستطع ..

يالله ..
فلتُبعدي عن جنبات مخيلتي وجهك الأثيري ..
فلتُبعديه لأشعر انني ما زلت املك هيبة على روحي .. وانفاسي ..!!!

مرت امام مقلتيه صورة عيناها السوداوان بكل بهاء "متباهي"

احدى عشر .. اثنا عشر .. ثلاثة عشر ..

عيناها ..

أنفها الدقيق الصغير ..

فمها المكتنز ذو المنحنيات الخرافية ..

شعرها بسواده وغناه الباعث للفتنة ذاتها ..

رائحتها ...... رائحتها العذبة القابعة للآن وسط رئتيه تتغنج بين خفقات روحه العاشقة بكل غرور صرف ..

اربعة عشر .. خمسة عشر .. ستة عشر ..

ازداد عرق جبينه ... ومشاعره الرجولية غدت في حالة استنفار مجنون ..

كيف للسنين ان تنحت جسدك/نحرك المخملي الصافي ببذاخة ..!!

كيف له ان يكسيكِ فتنة النضوج بغطرسة وكرم حاتمي ..!!!

كيف ..!!!

سبعة عشر .. ثمانية عشر .. تسعة عشر ..

فتح عيناه الغارقتان بالعرق بقوة وأخذ عقله يتأرجح فجأة

بين صورتها البهية ..
وبين فحوى رسالة ابنة عمه ..!!!

يالله ارزقني حسن التفكير والتدبير .. فأنت اعلم ما تقيسه نفسي الآن من حيرة وتخبط ...

ما كنت من قبل لأشك بطهارة ابنة الغالي ..
ابداً ..
أقسم لك يالله ..
فكيف لي بعد ان رأيت الطهارة ذاتها تنضح من صورتها الملائكية الآن ان أشُك ..!!!

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

اقشعر كامل بدنه ما ان مرت هذه الاية كالغيمة المظلمة المرعبة امام عقله ..

ومع قشعريرة بدنه .. وضع ثقل الحديد ذو المئتان كيلوجرام على الحامل وأخذ يلهث باضطراب ..

يلهث انفاس الخوف من الله وليس من الارهاق او الجهد .. كان يلهث الحيرة ذاتها والقلق ذاته ..

هز رأسه بحدة وهتف ببحة خافتة: عوذ بالله من الشيطان الرجيم .. عوذ بالله ..

وضع منشفته الصغيرة على كتفه الايمن وامسك بقنينة الماء وأخذ يشرب مافيه دفعة واحدة ..

: سيدي .. حطيت في مكتبك الاوراق اللي يبالهن توقيعك ..

استدار لسكرتيه وقال: اوكي تسلم حميد

حميد: الله يسلمك سيدي ..

خرج سلطان من الساحة الخاصة للتدريب بعد ان اشرف منذ الصباح الباكر على تدريب بعض المجندين الجدد وبعد ان اغرق نفسه في اجهاد بدني حقيقي ..

بعد ان انتهى من استحمامه وغير ملابسه .. اتاه اتصال باغت ذهنه ..

اجاب بـ حزمه المعتاد الذي سرعان ما تغيرت موجته وأصبح يحمل بين جنباته بهجةً رجولية صادقة:
في ذمتك ..!!!!!
يلا ساير ساير ..


اتتها ابنتها الصغيرة تمشي بطفولية لذيذة لتقول لها بعد ان احتضنت رجليها المنطويين: ماما .. ابا بابا ..

عضت على شفتها السفلى بغصة ألم حقيقية الا انها ابتسمت ابتسامة لم تتجاوز حدود عيناها وقالت: تبين تسوين ألو حق بابا ؟!

هزت لطيفة رأسها بحماس بالغ وقالت بلسانها الصغير المتلعثم: اي اي

رفعت آمنة عيناها للساعة الجدارية ورأت انها ستتجاوز الثانية ظهراً .. أي انه سيخرج في اي وقت من مكتبه الآن ..

زفرت توتراً يعتمل في صدرها وقررت ان تمسك زمام شجاعتها وتتصل به .. فابنتهما تشتاق لأباها كثيراً ويجب ان لا تُشعرها ببعده عنها ..

وهي بالرغم من المشاكل بينهما .. كانت قد قررت فيما مضى ان تحرص على استمرارية التواصل بين ابنائها ووالدهم حتى لو تعقدت بهم الظروف لأقصى حد ..

اتصلت برقمه الخاص قبل تتنحنح بقوة وتتنفس الصعداء .. لم تنتظر كثيراً فسرعان ما سمعت صوته الرجولي "المُهلك" يحاكيها على الطرف الآخر: هلا ام خويدم ..

أثار غضبها صوته الجاف البارد وهي التي لم تنسى بعد جرحه القابع في روحها .. اجابت بذات جفاف صوته: أهلين بوخويدم .. شحالك وشحال عميه وعمتيه ..؟!!

اجابها باقتضاب وهو واقف يرتب اغراضه كي يحملها ويخرج من مكتبه: كلنا بخير وعافية ما نشكي باس .. ومن صوبكم ربكم الا بخير ..؟!

آمنة: الحمدلله ربيه يعافيك كلنا بخير وسهالة ..

ثم اضافت بسرعة كي لا يفهم بطي انها اتصلت من اجله: اتصلت بك لأن لطيفه قالت تبا ترمسك ..

اجاب بطي بنبرة ساخرة وصلت مسامعها بوضوح: متصلة عشان بس لطيفة تبا ترمسنيه ..!!

قبضت آمنة يدها بقوة كي لا تظهر انفعالها .. وقالت بصقيعية صرفة: هيه عشان منو عيل ..؟!!

رفع بطي جانب فمه بابتسامة ملؤها الخيبة .. خيبة على حاله ومحبوبته .. ورد بذات سخريته البالغة: طبعاً هب عشانيه انا يا آمنة ..
شانيه عندج رخص من زمان ..

ثم أضاف بقسوة: عطينيه لطيفة ..


نقلت آمنة الهاتف المحمول من اذنها لأذن ابنتها وهي تبلع غصة خانقة حارقة ..


أجل .. ليس لشأنك قيمةً يا هذا بعد الذي فعلته بي .. ليس له أدنى قيمة صدقني ..!!


بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىWhere stories live. Discover now