12

685 10 0
                                    

،
لو سيل أهل الهوى من بعد موتهم
هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صادِقُهُ م أ ن قد ب لِي ج سدي
لكن نار الهوى في القلب تلتهب
جفت مدامع عين الجسم حين بكى
وإن بالدمع عين الروح تنسكب
ل قيس بن الملوح
،
ها هي شمس يوم الجمعة بدأت بالغروب بخجل تتوارى عن أعين البشر بعد رحمة
مهداة رافقت نورها منذ الفجر البديع..
أخذت تمشي بخطوات خافتة ولسان حالها يتمتم بداخلها بكل قلب مثقل بالعاطفة ..
بكل ايمان موقنة أن ربها عز وجل لن يترك قلبها معلق ا على حبائل اللوعة/الحرمان:
ربي ها أنت ترى مكاني و تسمع كلامي وأنت أعلم من عبادك بحالي
ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك، فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة،
ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سماواتك و أجرني من عظيم بلائك..
اللهم يا مسخر القوي للضعيف ومسخر الشياطين لنبينا سليمان ومسخر الطير
والحديد لنبينا داود ومسخر النار لنبينا ابراهيم سخر لي عبادك الطيبين من حولي،
ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك أنت القادر على ذلك وحدك لا شريك لك
اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك وطمعي برحمتك أن ترزقني ما كان خيرا لي
في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري عاجله واجله..
اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير،
ربي اثرني و لا تؤثر علي، ربي انصرني و لا تنصر علي..
إلهي ارحم ضعفي وفرج همي واجبر كسري وامن خوفي وامطرني برزق من
عندك لا حد له،
وفرج من عندك لا مد له، وخير من عندك لا عدد له..
اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه وإن كان بعيدا
فقربه وإن كان قريبا فيسره وإن كان قليلا فكثره وإن كان كثيرا فبارك لي فيه يا
رب..
مسحت وجهها بكلتا كفيها، وتنهدت بعمق ع ل الدمعات الطفيفة التي اظهرت لمعان
عسل مقلتاها تختفي وتزول..
ثم أخذها تفكيرها القلق لذاك الذي اختفى بشكل مفاجئ من غير اتصال ولا رسالة..
تشعر بوجع مثقل يخطو خطوات ثقيلة عنيفة على سطح قلبها الصغير
يا رب .. اقسم اني اكاد أُجن من فرط ألمي..
أين انت يا حارب .. اين انت!!!..
أكُتِب علي اعيش مدى العمر على شفى صخرة من الشجن والمرارة ......
والحرمان!!...
لماذا يا إلهي لماذا!!!..
استغفرك ربي واتوب إليك..
اللهم اغفرلي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري ..
ربي احفظ لي أغلى ما املك .. ربي ارجوك
احفظ لي شقيقي آخر إرثي في هذه الدنيا..
اللهم احفظه أينما كان ورده إلينا سالما معافى
يارب .. يا أرحم الراحمين..
ارحم قلبي يالله .. قلبي لم يعد يتحمل .. لم يعد يملك القوة ل فقدان شخص آخر..
يارب..
"الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر"..
ردتت في قرارة نفسها: اشهد ان لا اله الا الله
تنهدت بعمق وهي تدلف المنزل بهدوء..
هذا المنزل الذي آواها واحتواها بكنفه الدافئ بعد الحادثة الشنيعة التي حدثت في
منزلهم ب أبوظبي .. هذا المنزل الذي لم يكن ليكون بديل منزل عائلتها .. ولكنه
أصبح الملاذ الوحيد كلما رغبت بالابتعاد عن كل شخص يذكرها بمأساتها تلك..
هذا منزل الذي اصرت عمتها ان تعيش فيه معها بعد ان توفي اباها وشقيقها عبيد
... وبعد ان اعتزل حارب الجميع وأصبح في حالة أقل ما توصف بالجمود والقسوة
الروح الميتة!!!!....
رفضت ام العنود ان تبقى موزة لوحدها في ذاك المنزل الضخم وهي ترى مدى
تباعد حارب وقلة تواجده حول شقيقته!!!..
لم تعاتبه ولم تلمه، فهو كان في حالة تبكي الحجر من شدة صعوبة وقعها على
النفس البشرية ..
وبالطبع لم تستطع ارسال موزة للعيش في مسقط رأسها رأس الخيمة عند جداها
المُسنان وهي في تلك الحالة ال مزرية من الصدمة والانفعال النفسي ال مغلق على
نفسه ...... لم تستطع وهي ترى كم كانت موزة تتلوى عذابا كل ليلة وهي ترى
الكوابيس وتأن بكل حرق ة في الوجدان..
ف ما كان منها الا ان تجلبها لمنزلها لتعيش معها وتبقى تحت أنظارها دوم ا ..
أتاها صوت عمتها الحاني: موزانه أذن!!!..
هزت موزة رأسها ب أجل .. قبل ان تردف عمتها بعينان تنضحان حنانا جياشا ..
حنانا تخلله وجع على حال هذه الفتاة المسكينة:
يلا عيل امايه خل نسير نصلي..
هزت موزة مرة أخرى رأسها ثم صعدت لغرفتها..
تنهدت أم العنود بعمق وهي تهمس بخفوت مؤلم: ربي يعيني على اللي بسويه..
ثم دلفت غرفتها وهي تسترجع للمرة العاشرة الحوار الذي جرى بينها وبين سلطان
صباح يوم الخميس..
.
.
.
.
.
.
أبوظبي
:هههههههههههههههههه اقول صخي صخي لا اخبرهم عن طيحتج صوب النهر
في حديقة مدريد
هتفت فطيم بتشوق مستمتع: اوووووويه نعوم طحتيييي!!!..
وقفت ناعمة بسرعة لتقترب من شقيقها ذياب واضعة يدها على فمه بقوة: يا
وووويلك لو خبرتهم ذيووووب
أبا ذياب بثغر باسم: قول قول ذياب..
عارضت ناعمة بعبس/بحرج وهي ما تزال تمنع ذياب بيدها من التفوه بكلمة: ماشي
ماشي أصلا ماصار شي..
ذياب يخرط عليكم..
عض ذياب يد ناعمة بخفة قبل ان يضحك: هههههههههههههههههههه لا بقولهم ما
عليه منج
تأوهت ناعمة بتوجع ثم هددته بغضب رقيق: لو خبرتهم بخبرهم عن قطوة الفرنسية
اللي سوتها على ثبانك
)ثبانك = حضنك(
اتسعت أعين الجميع بلمعان ضحوك، ثم سمعوا ضحكة ذياب قبل ان يهتف بصوت
رجولي جذاب :
هههههههههههههه لا لا الا هالسالفة .. خلاص شو رايج نسوي هدنة .. لا انا
برمس ولا انتي بترمسين
التمعت عينا ناعمة بخبث شقي وقالت: هيه جيه اباك اصطلب
قهقه الجميع على ما قالته ناعمة بينما امسك ذياب أحد الوسائد الارائك الصغيرة
ليضرب بها وجهها..
لم تكد الضربة تصل لوجهها الجميل حتى توقفت في نصف الطريق مترنحة في
الهواء، وصوت حازم باسم يهتف بقوة: حدك عاده الذيب، الشيوخ ما ينضربون
فديتك..
اتسعت ابتسامة ناعمة بحب تخلله شقاوة صبيانية: هلااا والله بذمتيه بشيووخ قلبي ..
ثم وقفت على الاريكة لتسلم على عمها بالأنف بحركة فخورة قبل ان تضيف
بضحكة ناعمة ك "هي": اسمحلنا عاده بليا الكنبة ما نروم نوصلك..
ضحك سلطان بخفة على شقاوة ابنة اخيه .. ثم اقترب من والدته وأخيه الكبير ليسلم
عليهما..
بعدها توجه لذياب الذي وقف برجولية تامة ليستقبل سلام عمه بالأنف .. ليجلس
أخيرا بجانب الفتاتان ناعمة وفطيم..
هتفت فطيم وهي تقبل خد عمها بدلع خجول: عميه سلطان تولهت عليك، وينك ما
تنشاف!!!..
رمقها سلطان بنصف عين وقال: انا اللي ما انشاف ولا انتي اللي مندسة في حجرتج
صبح وليل!!!!..
أردف وهي يأخذ فنجان القهوة من يد ناعمة: شو مسويه في المذاكرة!!..
هتفت فطيم بضجر شديد: دخيلك بومييد لا تييب طاري المدرسة والمذاكرة،
امرررره باغضتنهم ..
سلطان بنبرة حازمة نصوحة: ودري هالرمسة الفاضية، انتي هالسنة ثانوية عامة
اباج تشدين حيلج وتييبيلنا هاييج النسبة اللي ترفع الرااااس..
زمت فطيم فمها وهي تهز رأسها: ان شاء الله
التفت سلطان ل حمدان الذي كان يعبث بهاتفه الخاص: وانت حمدان شو مسوي في
المدرسة ..؟!!
حمدان بابتسامة واسعة: الحمدلله عميه علاماتي توب التوب حتى اسأل ابويه..
أبا هامل بنظرة حنونة باسمة: هيه علني افدا خشمه، امسات مرمس انا اساتذته
وقالولي كل شي طيب عنه..
ربت سلطان على كتف حمدان ببسمة فخورة ثم قال بدفء: ريال حمدان ريال..
هتف سلطان ل ذياب الذي يحدث بشاشة هاتفه بحاجبان معقودان يوحيان بانفعالات
تموج داخله: بلاك ذياب!!..
زفر ذياب بقوة وهو يغمس اصابعه في خصلات شعره الأسود الغليظ: من طحت
الدار وانا احاول اتصل ب حارب بس يظهرلي مغلق..
انزل سلطان عيناه محاولا ألا يكذب: امممممم يمكن مسافر ولا شي
ذياب بقلق: ظنك !!!..
هز سلطان رأسه ب نعم، وهو في الحقيقة لم يخفف بهذا قلق ابن أخيه ذياب..
ذياب الذي لم يقطع علاقته ب شقيق صديق عمره عبيد حتى بعد وفاته .. ف حارب
بالنسبة له طيف حي يرى خلاله ذلك الذي فارقه وجعل من الحياة خاوية من بعده..
عزيزٌ هو حارب على قلبه .. عزيز جد ا .....
تنهد بعمق محاولا الخروج من نطاق الانفعال السلبي ..... حسنا ل م هو قلق هكذا
..!!
من الممكن أن توقع عمه صحيح وهو مسافر للخارج!!!..
خرج من سرحانه على صوت جدته وهي تسأل لناعمة بذهول: نعوووم خاتمج
وييييين!!!!...
وضعت ناعمة كفها الايسر على كفها الايمن وهي تتلعثم بخوف/ارتباك/استياء
شديد: أ أ أ ماعرف وينه يدووه..
فطيم بذهول: لا يكون ضاااااع!!!..
زمت ناعمة فمها بضيق شديد وهي تجيب بعبوس: ماعرف وين طاح عنيه .. ما
عرفت انه مختفي الا يوم طحنا مطار بوظبي..
الجدة أم هامل بعتاب: الله يهداج يا نعوم، قلتلج لا تشلينه وياج في السفر انتي ما
طعتي..
لو مخلتنه في التجوري عنديه جان اخير..
زفرت ناعمة ضيقها الخانق ب قهر أليم...
لا تزيدي عل ي وجعي يا جدتي كي لا انفجر بالبكاء قهر ا !!!!....
.
.
.
.
.
.
.
كانت ممددة جسدها فوق سرير شقيقتها الصغيرة وهي تأكل المصاصة ذات اللون
الأحمر بكل لذة/نهم وتضحك على التغريدات المضحكة في تويتر..
أتاها صياح ميرة من داخل الحمام: حصوووووووووووه
هتفت حصة بصوت عالي باندماج تام وهي ما تزال تقرأ وتضحك:
ههههههههههههه هاااااااااااااه...
ميرة برجاء ظهر مع صياحها المرتفع: حصيصي دخيلج دقي حق مهاري الحين
الحين وسأليها عن مقاس ريل منور بنت خالتها
قطبت حصة حاجبيها بضجر: اوهووو طلعي من الحمام واتصليبها انتي..
ميرة برجاء اشد: دخيلج حصوه دخيلج .. ما عنديه وقت عقب ما اتسبح بروح
المول سيده..
حصة بتهكم: وانتي شحقه تتخبرين عن مقاس ريل منيرة بنت خالتها ..؟!!
هتفت ميرة بصوت بدأ يختفي تحت رشاش الماء: في خاطريه اشتريلها شوز هدية
..
وقفت حصة أمام باب الحمام لتهتف بصوت عالي: انزين عطيني رقمها
اعطتها ميرة رقم مهرة وهي تمسح عن وجهها الماء المخلوط بالشامبو :
0503666...
ادخلت حصة الرقم وضغطت على زر الاتصال..
.
.
.
.
.
.
.
كانت مهرة تجلس على الأرض في غرفة شقيقها حمد وامامها الكثير من الصور
المنثورة في حضنها وبجانبها..
:ههههههههههههه حموووود شو هالصورة!!..
من سنة سكتوووو هههههههههههههههه
)من سنة سكتو تُقال للسخرية من الأشياء القديمة(
حمد بابتسامة واسعة: اشوف اشوف..
أخذ الصورة من اخته مهرة وانفجر بعدها ضاحكا : هههههههههههههههههههه ابويه
اللي صورنا في هالصورة
هههههههههههههههههه طاعي فلاح شقى راسه كان عود هههههههههههههههههه
شعر بضربة قوية على كتفيه وصوت باسم متهكم يقول: راس ولدك العود يالسباااال
..
على الاقل كنت رشيق هب انت يالدراااام....
مهرة وهي تضحك على إحدى الصور: هههههههههههههههههه ياربييييه والله
اشكالكم نككككتة...
فلاح شوووف نهيان مع كشته اليابسة ههههههههههههههههههههه
فلاح بابتسامة خفيفة: حليلك يا نهيان، ايام يوم كان يربي كشته..
حمد بسخرية: الحينه قرعته تصووولق ما شاء الله هههههههههههههههههههههههههه
)تصولق = تلمع (
صمت الثلاثة عندما أعلن هاتف مهره وصول اتصال..
التقطت مهره هاتفها لتلمح رقما غريبا قبل ان تمده باستغراب الى فلاح: فلاح شوف
منو متصل، رقم ماعرفه..
امسك بهاتفها ليجيب بصوت خشن لم يتعمده: ألوو
ارتبكت حصة للوهلة الاولى وهي تسمع الصوت الرجولي من الطرف الأخر .. الا
انها ردت بصوت حاولت إخراجه ثابتا مسيطرا : ألوووو
فلاح بعد ان ادرك ان الصوت انثوي لا ذكوري: هلا
حصة بذات صوتها المسيطر الناعم: منو ويايه!!..
رد فلاح بنبرة هادئة ساخرة: ختيه انتي اللي داقة .. انتي منو!!..
شعرت حصة بحرج تخلله غيظ طفيف من سخريته الا انها هتفت بثقة: بغيت مهره
لو سمحت..
م ر خيال خفيف الظل أمامه ينبهه بشكل مموه ان صوت هذه الفتاة مألوف .....
مألوف وبشكل كبير لمسامعه..
يعرف هذه النبرة .. يعرفها!!!..
وبتصرف لم يتوقعه هو نفسه ..... هتف بنبرة حازمة .. نبرة ابطنها بخبث مظلم:
منو اخبرها!!..
اتسعت عينا حصة باستنكار لترد بحدة ساخطة لم تستطع التحكم بها: اخويه عطني
مهره بلا رمسه زايده
التمعت عينا فلاح بعد ان تيقن ان هذه الفتاة ماهي الا "تلك.. "
تلك صاحبة اللسان السليط!!...
أينسى بسهولة ذبذبات نعومة صوتها وهي التي ارشقته بوابل من كلمات سامة
قصيرة!!!..
وقف فجأة بشكل مُريب وهو يأشر ل مهره بأصابعه بأنه سيرجع في الحال..
قطبت مهره حاجبيها بذهول وهي تنظر ل حمد، بينما حمد اكتفى بهز كتفيه
باستغراب..
خرج فلاح وابتسامة لم تتجاوز عيناه .. ابتسامة جامدة قاسية !!!....
هتف بهمس متلاعب ... شديد العمق ... وهو يمشي في الصالة العلوية: يا لابس
العنابي ترفق..
اعصابك غالية علينا..
اتسعت عينا حصة بذهول والغضب بدأ يغزو ناظريها بشكل كامل .... وهتفت بحدة
شبه عالية: نعممممممم!!....
رفع فلاح حاجبه الأيسر بنظرة سوداء تتدفق خبثا : نعم الله عليج ياااااا ....
حصة
تسمرت بمكانها والانفعال المذهول اخذ يموج ويمور بمجمله على سطح وجهها
الجذاب بلونه القمحي المخملي .. وشعرت بخفقات قلبها تصل لأعلى قمة في
رأسها، خفقات داهمت عقلها لتنبأها ان هذا الصوت ل رجل تحتقره تمام ا !!..
بل رجل احتقرته بالفعل قولا وفعلا !!!..
والذي جعلها متيقنة من معرفتها لصاحب الصوت، هو ان الذي يحادثها على
الطرف الآخر، لابد وان يكون أحد اشقاء مهرة!!!..
فمن غير اشقائها له الحق ان يجيب على مكالماتها ..؟!!
وهي ويالسوء حظها العاثر، قابلت أحدهم والذي اشعل في جوفها البغض والاحتقار
لتكبره وخلقه السيئة بنظرها!!!..
هو ذاك الرجل..
انا متأكدة من ذلك..
صمتت ثواني لم تتجاوز الخمس ثم هتفت بزمجرة لبوة غاضبة .. غاضبة حد
الغليان الغارق بالازدراء،
ف هي حصة!!!!..
والويل لمن يفكر بمس نيران لسان حصة!!!!!...
:يااا ....... روووح ...... احسسسن لك..
ثم اقفلت الهاتف بعد ان قذفت سمومها عليه بكل غضب اعمى !!..
أما فلاح .. ف ليس هناك أي وصف ممكن أن يقال عن حالته من شدة وقع الصدمة
على روحه المعتدة بذاتها..
وقبل كل شي، على "رجولته الأبية!!!!.. "
دمار!!!!..
يشعر بدمار يضرب دواخل نفسه بجنون..
اجتاحه غضب مجنون .. غضب مدمر!!!!..
يكاد يرى قلبه الخفاق يخرج من بين اضلعه بكل جبروت من هول غليان دمه العاتي
..!!
من غير أن يشعر، ومن غير سابق تفكير، وتحت تأثير عقله المغشى بلهيب اسود
..!!
بدأ يكتب رسالة ل تلك ..
.
.
حصة كانت تمشي بحنق شديد والشتائم تخرج من لسانها كتيارات كهربائية قاتلة...
ولم تكد تخرج من غرفة شقيقتها حتى وصلتها رسالة من هاتفها..
حركت شفتيها بامتعاض وهي تفتح الرسالة
اتسعت عيناها وخفقات قلبها المضطربة تكاد تُرى قبل أن تُسمع من شدة بريق
التوعد المتشح بسواد الغيظ!!..
"واللي رفع هالسما بليا عمد يا بنت عبدالله ينج بتتمنين الخلاص على ايديه ولا
بتنولينه"
.
.
.
.
.
.
أبوظبي
دخلت المركز التجاري المعروف في أبوظبي ورائحة العطور تسبقها لآخر نقطة
في المكان كله، كانت تمشي ونظرة الزهو والغطرسة تحومان حول مقلتاها بكل
هيمنة تامة...
ابتسمت بإغراء ساخر وهي تلاحظ نظرات الرجال والشباب الجائعة إليها، وكادت
تسقط ضاحكة عندما سمعت أحدهم وهو يرمي على مسامعها رقمه الخاص..
قذفت الشاب بنظرة ازدراء مُحتقرة وهي تهمس بخفوت مسموع: روح يا بابا انا ما
اتعامل مع اشكالك
تسمر الشاب بغضب حقيقي ما إن تلقى اهانتها القوية، اما هي، فأكملت سيرها إلى
أن وصلت لمقهى مشهور بعلامته التجارية المشهورة جد ا ..
أخذت تتلفت باحثة بعيناها "المغريتان المرسومتان بالكحل السائل" عن صديقاتها..
صديقات لا يبالين أبد ا بشيء يسمى بآداب الاماكن العامة .. وقبلها ب أخلاق ديننا
الحنيف..
ف هن بأصواتهن العالية وضحكاتهن التي وصلت لكل شخص يمر ويمشي قد تعدين
كل حدود ممكنة!!..
أما هي ..... فلا تهتم .. مثلهن تماما .. أم هذا ما تؤمن به الآن على الأقل!!!..
بعد أن تذوقت طعم مرارة فقد الأب، والفقر، والحاجة!!..
اعترفت في قرارة نفسها بكل سخرية مريرة أنها لم تكن بهذه الحرية الأخلاقية
والمعيشية قبل بضعة سنين فقط..
بل لم تكن تحمل هذا التفكير المنحرف الذي تؤمن بكل اركانه الآن!!..
لا تعرف كيف انقلبت حياتها .. ولا تعرف حقا لم جعلت من ذاتها عبدة للانحراف
..!!
ولكن الذي تعرفه...
هو إنها بهذا الامر ستحمي نفسها من كل عطبة عاطفية وأزمة نفسية أخرى!!..
فهي تعبت .. تعبت في الماضي كثيرا .. ولا تريد التزود ب الهم أكثر من ذلك!!..
ستعيش حياتها كما تريد، وبالشكل الذي تهواه،
وأيضا مع الشخص الذي تفضله ......... مع "ذلك.. "
ستفعل المستحيل لعيش أجمل لحظات حياتها ب "مزاجها الذي يروقه لها" .. رغم
أنف كل من يعترض!!..
سمعت إحدى صديقاتها وهي تهتف بصوت عالي غير مكترثة لنظرات الرجال
الجائعة/الخبيثة: يزووووووي..
تعالي نحن هنييييه..
تحركت أليازية باتجاه الفتيات بذات هالة التعالي التي تحوم حولها .... وما ان
اقتربت منهن حتى هتفت بإنجليزية مثقلة بالدلع المبالغ فيه:
هلو قيرلز..
أجبن الفتيات بذات الدلع المصطنع: هلووووو
.
.
.
.
.
.
.
العين
كان مجلس الرجال في حلة صاخبة من أصوات الرجال القوية الخشنة وأصوات
الصغار الذين توسدوا الأرض ليلعبوا ورقة "الأونو" بحماس وبهجة جمة..
قال خويدم بسخرية وهو يدفع ابن عمه زايد المقارب لسنه الثامن: اسكت اسكت انت
اصلا غشاش ما تعرف تلعب صح
زايد بغضب طفولي وهي يرمي اوراقه: انت كله تقولي غشاش .. ول عني مابا
ألعب معاك
هتف بطي بصرامة ل ابنه: خويدم .. قلتلك ألف مرة ايدك ما تمدها على حد .. شعنه
ما تسمع الرمسه!!..
خويدم بفم مزموم متبرم: ابويه شوف زايد يغش
زايد باعتراض مبررا : لا عميه قسم بالله ما غشيت، انا ما كنت ادري ان تحتي
اوراق اصلا
هتف مايد ابن ابن عمهم سيف بنظرة ماكرة وعيناه على اوراقه: زيود يلا ألعب
ياخي..
ناوي اشقكم شق الحينه خخخخخخخخخ..
التفت بطي ل سيف "الصامت بشكل يثير التساؤل" .. ف صمته دام مدة طويلة منذ
ان اجتمعت العائلة بأسرها على غداء يوم الجمعة!!..
ثم ضحك هاتفا بنبرة ساخرة: ههههههههههه ولدك هذا مصدق روحه
ضحك أحمد بخفة وقال بدوره: هيه من الخاطر هههههههههه
ابتسم سيف ابتسامة لم تتجاوز عيناه وهو يلتفت لأبنه..
ابنه الذي أخذ من أمه أجمل فتنة فيها ..
نعس عيناها!!!!..
زفر بداخله زفرة ملتهبة .. مجروحة وهو يضحك على نفسه بسخرية مريرة..
عيناها اللتان تسخران منك ومن عجزك أيها االكسيح الأبله!!!..
جمع زايد اوراقه المرمية بتهكم غاضب وهو يأشر بأنفه على خويدم: قول حق هذا
يسكت
هتف سلطان شقيق خويدم هو ينظر بترقب صقري لملامح ابناء عمومته وعيناه
توحيان بانتصار حتمي:
يلا كملوا لعب..
ابتسم الجد أبا سعيد ابتسامة ذات معنى متأملا وجه سلطان الصغير، ثم هتف ل بطي
ببحة دافئة: لو خويك سلطان ياب ولد .. ماظنتي بيشابهه شرا سلطان ولدك..
ابتسم ابنه أبا سيف وهو يوافقه الرأي: هيه والله يا بطي، سبحان اللي خلقه .. خذا
كل طبايع بومييد .. حتى حركاته ورمسته وهو ياهل..
ثم وجه حديثه ل والده أبا سعيد ببسمة خفيفة: تحيد ابويه سلطان يوم كان ياهل!!!..
)تحيد = تتذكر(
هز أبا سعيد رأسه ب أجل: هيه نعم جيف ماحيد!!..
كان شيطان خبيث ما يسوي حايه الا وهو يدري انه بيفلح فيها
)جيف = كيف(
بطي ببسمة براقة: انا اللي بعدني احيد خيازرينك وهي ترقص رقيص على ظهريه
.. ولا سلطان كان العزيز الغالي امرره محد يروم يقرب صووبه ..
أبا سعيد بنبرة مبحوحة تخللها حب شديد لذلك السلطان: والله ان غلات بومييد في
افواديه ماله مثيل..
تنهد بعمق وهو ينزل عيناه لعصاه الذي يتكئ عليه: لجنه ودرنا وودر ميلسنا من
سنييييين
)لجنه = لكنه( )ودر = ترك(
صمت الجميع عدا الأطفال الذي يلعبون بصخب جاهلين الذي يجري حولهم..
أبا سيف بنبرة حاول ان تكون هادئة قدر المستطاع كي لا يضايق أباه: الله يهدي
اللي كان السبب
رمقه بطي بنظرة لوم خفيفة قبل ان يهتف بحزم: شو سبب ما سبب، ما صار الا كل
خير يا بوسيف..
أضاف وهو يوجه حديثه الى والده: وسلطان تراه دوم مشغول .. لا تنسى يا ابويه
ان وظيفته هب سهلة..
عنده مسؤوليات ما تخلص على ظهره..
ابتسم بوسعيد بشجن وهو يهز رأسه بالنفي: الولد شايل بقلبه يا بطي..
شايل بقلبه علينا وايد..
هتف احمد بعد صمت بنبرة هادئة حازمة: ابويه طوليه بعمرك السالفة مرت عليها
سنيييين..
شو ذكرك فيها الحينه!!!..
اجابه أبا سعيد بذات البحة المثقلة بالحزن .. المثقلة بوجع لا يفقهه أحد: ومنو قالك
نسيتها يا ولديه!!!...
أكمل حديثه الشجي المؤلم داخله وخفقاته تفور حزنا .... وحب ا ..
حبا يتصارع ما بين ابنته حبيبته .... وبين ذلك الشاب الذي تمكن وبقوة من
السيطرة على مكانته الغالية في قلبه ووجدانه..
كيف لا وهو ابن الغالي ظاعن صديقه وعضيد روحه!!!..
رحمك الله يا ظاعن رحمة واسعة ...
ماذا كنت ستفعل لو انك شهدت ما شهدته قبل سنين مضت!!..
ماذا كنت ستتقول لو انك رأيت ب عيناك ما فعلته ب أبنك!!!..
آآآآآه أيها السلطان..
أقسم بأني لم أكن لأدعك تخرج من مجلسي وانت موطئ العين مثقل الانفاس بحمم
القهر..
حمم قهرك تلك قد لامست روحي الأبية قبل ان تلامس ملامح وجهك الغالي..
لامست روحي وتمكنت مني وبضراوة ما ان التمعت عينا ابنتي برفضك وتفوهت
به بالقول!!..
رفض كان كالسكين الناصل على شخصك المعتد!!..
أفهمك..
أفهمك يا بني .. وافهم ألمك!!..
سار فوق سحب الذكريات لذلك اليوم ..
قبل اثنا عشرة سنة!!..
هتف سعيد بحزم بالغ وهو يوجه حديثه ل اخته الصغرى شما: شما .. سلطان بن
ظاعن هنيه
قولي اللي في خاطرج ولا تستحين..
تنحنح سلطان بخشونة وقال بذات حزم سعيد: آمري يا بنت خويدم .. اسمعج
مر فوق غيوم عينا شما بريق غريب/مريب ... وهتفت بجمود قاسي .. قاسي
كالصخر: بومييد
انتصب ظهر سلطان الذي كان واقفا بجانب سعيد وبطي ويقابل أبا سعيد الذي كان
يخفي اغلب جسد ابنته عنه ..... ثم هتف بصوت يرن بالحمية/النخوة الرجولية:
لبيييه
شما بنبرة مقتضبة جافة: لبيت حاي يا بن ظاعن..
صمتت قليلا لتردف بنظرة سوداء قاسية مُرعبة :
لولوة خويدم بن زايد منقايه من الزين وهب كل وقى ايوزلها..
)لولوة أي لؤلؤة( .. )وقى = غطاء من القماش/القطن( )ايوزلها = يناسبها (
تسمرت أعين الرجال بالذهول الكاسح بينما رفع سلطان حاجبه الأيسر وهو يرص
عيناه بشك/عدم فهم..
هتف بطي بغيظ كتمه قدر المستطاع تحت نبرته الحازمة: شو القصد من رمستج يا
بنت ابويه!!!..
رفعت شما رأسها باعتداد عاتي وهي تستدير حتى وقفت بشكل جانبي .. ثم ادارت
وجهها بخفة الى سلطان وتلاقت نظراتهم!!!...
نظرات يقسم الجميع ان لها عشرات المعاني كالشهب المعتمة الملتهبة من فرط
غموضها!!!!..
كررت شما جملتها بذات قسوة نظرتها والتي نضحت ازدراءا عاصفا نقي ا :
هب كل وقى ايوز ل بنت خويدم يا بومييد..
تصلبت قامة سلطان بشكل مُريب ..... بشكل مُقشعر للأبدان من هول هيبته..
حد ق الاشقاء الأربع بوجه سلطان والغيظ الشديد من شقيقتهم الصغيرة قد تمكن من
ارواحهم بشكل مؤذي..
بينما تسمرت قبضة يد أبا سعيد على عصاته ليطرقها بشكل متواصل مُرتبك على
الأرض..
عرف الجميع مقصد كلمات شما!!!..
الرفض..
هذا مقصدها من غير شك!!..
إنها ترفض سلطان!!..
ح ل الصمت المجلس ك صمت قلعة خاوية من ارواح الانس والجن ....
لم يتفوه أحدا بكلمة .. ليس وسلطان يبعث بصمته المُريب رسائل مبطنة ب "عدم
الكلام.. "
ب "عدم التنفس!!!!.. "
اخيرا .... هتف بصوت غليظ/جامد حد الصقيع القطبي .. صوت اخرجه قدر
الامكان بثبات ورنة حازمة متزنة :
وصل اللي تبينه يا بنت الايواد..
استدار ليخرج من المجلس .. الا انه ترك مسافة بين شفتيه ليقول كلمات أخيرة ..
كلمات احرقت وجدان ذلك المُسن:
السموحة جان ياكم منا قصور..
.
.
افاق من شروده وهو يسمع هتاف أحمد المرح: ابويه اسمع اسمع هالقصيدة
أطال احمد من صوت التلفاز ليسمع الجميع الرجل وهو يلقي قصيدة غزلية ساخرة
في حق محبوبته
أبا سعيد باستنكار حاد: عنبوووه ذا الشيفة، اسميك مودر علوم الرياييل والمذهب..
امفففففففف..
ضحك الجميع على تعليق الجد، ثم قال أبا سيف بنبرة باسمة ساخرة: مصدق روحه
شاعر ..
يفدا ولد محمد ويفدا طوايفه، حافظ عليه وعلى قصيده اللي يرد الروح..
ابتسم أبا سعيد لسماع اسم ذلك الفتى الغالي: عنيه افدا حارب ومنطوقه..
وأردف بحنق طفيف مثقل بالاشتياق: الا يا عيال ما تعرفون هالولد وين غاااط!!..
امرررره محد يشوفه..
)غاط = مختفي(
هتف سيف بعد صمت طويل بنبرة هادئة متزنة: البارحة نشدت عمتيه عاشه عنه
وقالتلي مسافر
بطي باستغراب: مسافر !!..
ماحيد حارب يسافر جيه بليا سلام وجلام ..
هز سيف كتفيه بعدم معرفة: والله هاللي عرفته..
أبا سيف بتساؤل حازم: انزين وين سافر!!..
اجابه سيف وهو يمسد رقبته: تقول عموه عنده مؤتمر في فرنسا ويمكن يطول هناك
..
هتف أبا سعيد ببحة حزينة: الله ايوفجه وايسر امره .. هالولد من توفوا هله وحالته
لا تسر عدو ولا صديج..
أردف وهو يمسح وجهه بكفوف السمراء المتجعدة: اللهم ارحم موتانا وموتى
المسلمين
ردد الجميع خلفه ب "آمين.. "
تنهد المُسن بشجن صرف .. بشجن خرج مهرولا مع طيف انسان فارق عيناه بكل
فجيعة يتصورها البشر ..
همس بخفوت أليم .. خفوت ذاق طعم الفقد بكل انواعه: وعسى ربيه يرحمك يا
سعيد .... يا عين ابوك..
هذا كان حال أبا سعيد .. رجلا فقد والداه منذ الصغر..
ثم فقد صديقه ظاعن في الشباب ..
ليتلقى رصاصة فقد ابنه البكر في الكبر!!!..
أخذ يتمتم في قرارة نفسه:
الحمدلله على كل حال مهما كان الحال..
رفع عيناه شبه المغلقتان وهو يسمع ما يقوله ابنه أبا سيف..
أبا سيف وهو يضع ذراعه الأيمن على رجله المطوية امام صدره: ابويه الح ر مات
خبر ن ي ان قوم عذيج رحمة الله عليه بيقربون صوبنا هاليومين..
)حرمات اي الحريم = النساء (
أردف وهو يتنهد بخفة: ناويين يخطبون شما..
أحمد بتساؤل: حق منوه!!!..
أبا سيف بحزم هادئ: حق هزاع ولدهم العود..
وضع أبوسعيد ذقنه على حافة عصاه وهو يمعن التفكير لأمور لا يعلم بها أحد!!..
هتف بطي بنبرة مُستنكرة وهو يلتفت لأباه: ابويه شو رايك انت!!!..
أبا سعيد ببحة عميقة .. بحة لا تفارق أحباله الصوتية: هزاع ريال طيب من نا س
طيبين..
خوي شما قايم في بيته وهله ..
احتد بطي فمه بقهر لم يظهره ثم قال بنبرة سيطر على حدتها بقوة: يعني انت موافق
ابويه!!...
نظر أبا سعيد إلى بطي وقال بصوت هادئ مستكين: وشعنه ما وافق .. شو من
عذروب في ولد عذيج!!.

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىNơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ