•° 1999 السفن الأشباح °•

24 4 0
                                    

[ . . . ] معظم من يتمتعون بشيء من الذكاء يعلمون [ أن الحب ] يتغير بمرور الزمن.

نحافظ عليه بحسب الطاقة التي نكرسها له نتشبث به او نضيعه.

_كولم ماكان_
.
.
.
.
.
.
.

بادئ ذي بدء ، البرد.

نسمة قطبية تلسع وجهي وتجمد أعضائي. موجة جليدية تخترق ثيابي، وجلدي، وتنفذ إلى عظامي.

بعد ذلك الرائحة.

روائح سمك مجفف، ومازوت.
روائح مقززة تخنقني وتدفعني للتقيؤ.

وحتى قبل أن أستيقظ، انتابني غثيان جعلني أبصق دفقة من العصارة الصفراوية.

أسعل، أختنق وأنتهي إلى النهوض .

بطني متشنج بسبب القلق.
عند كل استيقاظ، الهلع ذاته، الرعب ذاته لعدم معرفتي أين أسترد وعيي وأي خطر سأواجه .

أفتح جفني الملتصقين واكتشف منظرا مهيبا وموحشا في آن معا.

لم يزل الوقت ليلا، لكن لون السماء بدا ينجلي. وعلى مد النظر، لا أرى إلا حطام سفن.

قوارب من كل الأحجام أكلها الصدا:
زوارق بخارية قديمة، سفن شحن، قوارب شراعية صواریها محطمة، سفن صید بشباك عملاقة، مراكب أجرة، زوارق إنزال وحتى كاسحات جليد.

مئات وآلاف المراكب دفنت في مقبرة السفن .

(1)

کنت حقا عاجزا عن تحديد مكان وجودي .
لا أثر في الأفق لناطحة سحاب مألوفة :

اكتشفت بضع رافعات برجية، مداخن صناعية وشعلة مصفاة متوهجة .

لم يكن المكان مضيافا.
لا أثر لأي وجود بشري حول المكان.
صمت لا يعكره سوى خرير ماء، وصرير، وطقطقة حبال وزعيق نوارس تحوّم محلقة في سماء زرقاء معتمة .

رحت ارتعد وأسناني تصطك. البرد قارس. ولا أرتدي إلا بنطال كتان، وقميصا رقيقا وسترة أخف من أن تقيني برودة طقس كهذا.

لسعات الشتاء تقرص وجهي .
فتسيل دموعي على وجنتي.
وكي أدفىء جسدي، فركت كتفي ونفخت في يدي، لكن هذا لم يكف.

إذا بقيت ساكنا فترة أطول،
أخشى أن أتجمد في مكاني .

قدماي تغوصان في سبخة.
ليس ثمة أي رصيف بحري.
إنه ليس حوض سفن، وإنما مجرد مكب قمامة بحري تهتري فيه مراكب مهجورة في مياه راكدة .

•°•اللحظة الراهنة•°•Where stories live. Discover now