•° 1998 الرجل الذي يختفي °•

28 6 0
                                    

الضعفاء وحدهم هم المطالبون أن يسلكوا الدروب السهلة.

_هيرمان هيسه_
.
.
.

(0)

هناك استيقاظات أصعب من غيرها.
وهذا الاستيقاظ حدث بكل عذوبة.
بين روائح الزعفران والخلنج والورود.
حين استعدت وعيي، کن ممددا فوق مرجة عشب قص حديثا .

افرك عيني، أقف، أدلك كتفي.
الوقت نهار، والجو دافئ.

ما زالت نقودي معي، في جيب سترتي، لكن أزرار بنطالي مفكوكة، وقد تهدل حنى کاحلي. ارتديت ثيابي على عجل.

لم تصل الشمس إلى كبد السماء.
والخريف ألقى على الأشجار مسحة وهاجة.

إنني في حديقة منزل جميل في المدينة .
على درج المدخل، ألتقطت صحيفة محمية بغلاف بلاستيكي لا بد أن موزع الجرائد سلمها قبل بضع دقائق.

أنظر إلى العنوان
- قرب منتزه غرا مرسي - والتاريخ -
نحن في 31 أكتوبر 1998.
إنه عيد الهالوين .

هذا الجو الشاعري المطمئن لا يستمر طويلا. فجأة، يقطع الهدوء نباح غاضب لكلبين بوبر قصير.

كلبا حراسة ضخمان في أعقابي، هربت راكضا وتسلقت السياج الشبكي. سقطت بتثاقل في
الجهة الأخرى من السور.

هربت من الكلبين، لكن جرحا شق ربلة ساقي.

(1)

استقلیت سيارة أجرة حتى جادة أمستردام. الدرج. رنة جرس الباب التي تمتد.

الذهول في نظرة ليزا حين تفتح الباب لي. ارتياحي الأناني حين أتأكد من عدم وجود رجل آخر في الشقة.

الصعوبة التي نكابدها في اللقاء.
في التغلب على الشرخ الذي يهدم حياتنا.
في تجاوز قسوة وضعنا.

في كل مرة، أجد صعوبة في أن أضع نفسي مكانها. مع ذلك أعرف أنه يجب علي أن أمنحها وقتا لتستوعب الصدمة، لكن حكم على أحاسيسنا ألا تتزامن أبدا :

بينما هي لم ترني منذ أكثر من عام، أشعر أنني لم أتركها إلا ساعات قليلة ...

لأنني الرجل الذي يختفي.
رجل بلا مستقبل. الرجل المنقط .

رجل متعطش للحياة لكنه لا يستطيع أن يقدم وعودا. رجل عليه أن يعيش بسرعة.
عليه أن يعطي لكل يوم كثافة جبل روسي. رجل عليه أن يمط الزمن ليضاعف باقة الذكريات التي سيتركها خلفه حين يرحل .

(2)

أنا الرجل الذي يختفي، لكنه يتذكر كل شيء .
ومثل الأيام الأخرى، مر هذا اليوم بلمح البصر.

في الألم، في العجلة، في ترقب الفقدان الذي سيدعه لكلينا.

أتذكر يقطين هالوين المكشّر یزین النوافذ والحدائق . وتلك المكتبة قرب يونيون سكوير حيث قرأنا قصائد إميلي دیکنسون.

وعازف الساكسفون الذي يعزف وداعا يا بلاكبيرد أمام نافورة بیتیسدا.

أتذكر أننا وقفنا في طابور في منتزه مادیسون حتى نتذوق همبرغر شاكي شاك .

على ملعب مسيج بشبك في مولبيري ستريت، أتذكر أنني تحديت مراهقة أطول مني بعشرين سنتيمترا في كرة السلة .

أتذكر ذينيك الزوجين اللذين كانا يمزقان بعضهما بعضا في المترو الهوائي المتجه إلى بروكلين، ولكنهما يعطيان انطباعا أنهما
متحابان.

أتذكر ضحكة ليزا على الدولاب القلاب في کوني آيلند . وردها لخصلة شعرها وراء أذنها .

وهبوب الريح على الكورنيش الخشبي المحاذي للبحر . وبائع البوظة بغطس قرون الفانيليا في سائل الشوكولاتة .

أتذكر لفافات التبغ التي دخناها على شاطئ برايتون عند غروب الشمس .
وعودتنا إلى مانهاتن .

وأطفالا متنكرين صادفناهم في الشوارع يطرقون الأبواب صارخين:
«خدعة أم حلوى

أتذكر الكشك قرب جامعة كولومبيا الذي يدعي أنه يقدم أفضل سندويشات البسطرما في المدينة .

وسينما أوبر ویست ساید القديمة التي كانت تعرض أفلام شارلي شابلن .

أتذكر أننا كافحنا لنصدق أن هذا اليوم لن ينتهي .

عند الفجر، حين كان الزمن ينتزعني منها مرة أخرى، حين كانت شحنة أقوى تكهرب دماغي، أتذكر أنني فكر أن حياتي لا يمكن أن تستمر طويلا هكذا .

ولا حياتها .

.
.
.
.
.
.
.

"يتبع..."

فصل قصير لكن لست المسؤولة...
هذا ساعدني في تنزيل الفصل اسرع اليوم💜

اذا هل هناك اي ملاحظات او أخطاء؟!
اتمنى التعليق بجانب الفقرات التي تحتوي اخطاءً إملائية.

💜 الى اللقاء 💜

💜 الى اللقاء 💜

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
•°•اللحظة الراهنة•°•Where stories live. Discover now