•°الأربع والعشرون ريحا°•

50 5 0
                                    

كانت الشمس هناك تموت في الهواية

_فيكتور هيغو_
.
.
.
.
.
.
.
.

(1)

كان دم متجمد يجري في عروقي.

مسحت بكم كنزتي البخار الذي تكاثف على زجاج النوافذ، لم تكن الساعة قد بلغت الرابعة عصرا، ومع ذلك هبط الليل تقريبا .

في سماء مظلمة، ظل المطر يجلد النوافذ. كانت الريح تعصف. يكنس هبوبها كل شيء:

الأشجار تنحني، والأسلاك الكهربائية تتراقص،
وهياكل النوافذ ترتعش. كان هيكل الأرجوحة المعدني يصر، وينوح نواحة حادة يشبه بكاء طفل.

احتجت أن أتدفأ.
ثمة أخشاب صغيرة وبعض الحطب قرب
المدفأة. أشعلت نارا وحضرت لنفسي القهوة مجددا. أغرقتني هذه المكاشفات المتتابعة في الاضطراب.

على الأرجح لم يمت جدي غرقا على سواحل ولاية مين.

لقد هجر زوجته وابنه الوحيد ليرتكب الحماقات. ولكن لماذا ؟ بالتأكيد، لا أحد في منای البتة عن ضرب من الجنون أو ضربة صاعقة.

إلا أن هذا التصرف كان بعيدة جدا عما نهي إلي عن شخصية سوليفان كوستيلو .

كان ابن مهاجر إيرلندي، شغيل كادح کسب بمشقة نصيبا من الحلم الأميركي.

لماذا تبخر ذات يوم خريفي وقطع بفظاظة العلاقة
مع كل ما شگل وجوده؟
أي أسرار مخزية ورهيبة كان يخبئها في حنايا نفسه؟
ماذا فعل بين خريف 1954 ونهاية عام 1958؟

وعلى الأخص، هل هناك أي فرصة لأن يكون على قيد الحياة حتى اليوم؟

وفجاة بدا لي بديهيا أن هذه الأسئلة لا يمكن أن تظل بلا أجوبة .

(2)

تحديتُ المطر لأصل إلى المستودع الملتصق بالبيت الريفي الصغير. وحين دفعت بابه، اكتشفت بين أدواته الخربة والصدئة مطرقة كبيرة جديدة لامعة لم تزل تحمل لصاقة باسم «هوم دیبو*»

*هوم ديبو: سلسلة متاجر أميركية كبيرة لبيع الخردوات .

كانت طرازا ألمانيا قبضتها من الخشب الطبيعي والجزء المعدني عبارة عن سبيكة من النحاس والبيريليوم.
لا بد أن أبي اشتراها منذ فترة وجيزة.
وحتى وجيزة جدا ... بالتأكيد لأجلي .
شعرت أن الفخ بطبق فكيه علي .

ودون أن أفكر، تناولت المطرقة، وإزميلا قديما ومُخْلا كانا هناك.
خرجت من المستودع ودلفت إلى البيت الريفي، ثم إلى الممر.

•°•اللحظة الراهنة•°•Where stories live. Discover now