طب بصوا بقى، أنا هنزل دلوقتي الفصل ١٦ كااااامل علشان خاطر الحلوين اللي متابعين معايا من الأول
بس مفيش فصل جديد بقى الا لما تحطوا فوتس و كومنتس
٧٠ فوت + ٣٥ كومنت = الفصل ١٧ كااااامل
و الفصل مش هينزل غير لما تحققوا الشرط 😒😒
قولتلكم مش تخلوني اتخذ قرارت مش بحبها 🙄🙄🙄
على فكرة عدد الكومنتات قليل علشان خاطر سلموكة طلبت كده 🤚🏻🤚🏻
تاني حاجة بقى فيه واحدة كانت طلبت إعلان قبل الفصل، فلو تحبوا ينزل كل يوم الصبح اقتباس مع موعد تنزيل الفصل انا معنديش اي مانع، قولولي رأيكم في الكومنتس..
و لو كده تابعوا صفحتي الشخصية هينزل عليها الاعلان كل يوم إن شاء الله
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
الفصل السادس عشر
تمعنت في الغرفة الفارغة بضياع .. لقد رحلن .. جميعهن رحلن و لم يتبقى سواها ؛ بدءً من تسنيم وانتهاءً بريناد ، على الرغم من اختلاف ظروف خروج كل واحدة منهن من الدار ، إلا أن النتيجة واحدة .. أنهن تركوها لحالها ..
ابتسمت بشوق متذكرة تسنيم و لارا ، يا إلهي كم مر منذ أخر مرة رأتهما فيها .. تسع سنوات أم أكثر ؟
في طفولتها .. أثناء ما كانوا يقضن وقتهن بالكامل سوياً .. لم تكن تتوقع أبداً أنه سيأتي يوم و يفترقن فيه ، و حتى إن جاء هذا اليوم فعلاقتهن و تواصلهن سيظل قائماً ..
إلا أن العكس ما حدث .. فمنذ رحيلهما و لم تأتي واحدة منهما إلى هنا لزيارتها هي و ريناد حتى و لو لمرة واحدة ..
أ نسوهما إلى هذه الدرجة ؟
ألم يشتاقا إليهما و لو قليلاً ؟
غريب .. إذاً أين الحب و العلاقة الأخوية التي كانت تجمعهن في صغرهن ؟
أغمضت عينيها بضعف متخذة التبريرات لهما ، فلابد أن هناك ظروف قوية هي التي منعتهما من زيارتهما ..
تنهدت ثم همست بحب : " المهم أن تكونا بخير صديقتاي .. و أن تكونا حصلتما على السعادة التي كنتما ترجوها " .
لتنتقل أفكارها إلى فتاة أخرى ليست بعيدة عن علاقتهما ؛ ريناد ..
ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيها و هي تتذكر ما كانت تريد فعله تلك المجنونة ، لقد رفضت الخروج من الدار .. أوضحت أنها ستظل أسبوعاً أخر لتخرج مع صديقتها !
قهقهت بخفة و هي تتذكر استفزازها للمشرفات و تصميمها على البقاء رغم رفضهن ، و لكن محاولاتها باءت بالفشل و اضطُرت في النهاية إلى المغادرة ، إلا أنها لم تنسى أن تعد صديقاتها قائلة :
" ياسمين لا تخافي أنا لن أترككِ ، سأغادر نعم .. إلا أنني سأبحث عن مأوى لنا و سأعمل لتوفير النقود ..
بعد أسبوع .. عندما تخرجين من هذا الوحل .. ستجدينني أمامكِ .. سنعيش معاً و لن يفرقنا أحد " .
تنهدت بخوف .. هل ستفي صديقتها بوعدها ، أم ستنساها هي الأخرى ؟
و الأهم .. ما الذي تفعله الآن ؟
أين تعيش ؟ ، و كيف ؟
هل وجدت المسكن و العمل ، أم ضائعة في عالم جديد عليها ؟
لترسو أفكارها عليها .. فأخذت تفكر في حياتها القادمة .. كيف ستعيشها ؟ ، كيف ستواجه عالم جديد عليها ؟
هي ليست بقوة ريناد و تهورها للدخول في هذا العالم بقلب لا يخشى شئ ، هي ضعيفة .. تعترف بهذا ؛ ضعيفة و خانعة لدرجة الإستسلام و الخضوع ، فماذا ستفعل عند خروجها و كيف ستعيش ؟
**********
وضع وحيد الطعام على المائدة و أجلس أطفاله ثم جلس بدوره و سألهما :
" ما رأيكما في الخالة نشوى ؟ "
تحدثت لمار و هي تكاد تقفز من على مقعدها من الحماس : " أحببتها جداً أبي ، متى ستأتي لتعيش معنا ؟ "
بالطبع ستحبها .. فنشوى دللتها كثيراً لتثير غيرة ابنه و على ما يظن أنها نجحت في ذلك ..
كان من المفترض أن يغضب من تصرفاتها بل أن يتراجع في قراره بالزواج منها ، لكن على العكس لقد أُعجب بتضرفاتها و سيشجعها على الإستمرار !
و كيف لا يشجعها و هي استطاعت في ساعتين فعل ما لم يستطع هو فعله في سنتين !
فطفله كان متعلق بوالدته بشدة مما أدى إلى تدمر نفسيته بعد وفاتها ، فأصبح هادئ .. منطوي .. بارد كقالب ثلج .. لا يبالي بشئ و لا يجذبه شئ بسهولة ..
و نشوى في دقائق استطاعت أن تكسر واجهة ابنه الباردة .. أن تستخرج انفعالاته المدفونة منذ سنتين ، و عليه أن يشكرها على هذا !
" و أنت تيم ما رأيك بها ؟ "
صاح بتذمر : " لم أحبها ، و لا أريدها أماً لي " .
لتصيح لمار بنفس نبرته : " لِمَ إنها لطيفة ؟ "
صاح مقاطعاً : " لا تتدخلي أنتِ إنه حديث رجال " .
كان وحيد يتابع حديثهم مبتسماً باستغراب ، منذ متى و لم يتشاجرا أطفاله ؟ ، هو بالطبع لا يوافق على شجارهما !..، إلا أنه من حقه أن يستمتع برؤية طفله يفقد السيطرة على هدوئه و يناقش موضوع بتصميم ..
" كفى " .
كلمة واحدة كانت كافية لإصمات الطفلين ، نظر إلى تيم و هتف بهدوء :
" ما سبب عدم حبك لها ؟ "
صمت تيم للحظات و هو ينظر إلى شقيقته بغيرة ، دائماً و بسبب حالته النفسية كان الناس يقتربون منه و يهتمون به أكثر ، على عكس هذه المرأة التي تجاهلت وجوده تماماً و هذا أغضبه بشدة ، و لكن ليس بقدر غضبه من والده الذي يريد أن يستبدل والدته بإمرأة أخرى تأخذ مكانها في بيتها .. و مكانها في قلبه !
لمعت الدموع في عينيه و نظر إلى والده قائلاً : " أنا أمي بسمة فقط ؛ ليس لدي أم سواها و لا أريد أن يكون لي " .
ليركض بعدها إلى غرفته دون انتظار رد والده ..
نظر وحيد في أثره و تصميمه يزداد للزواج من نشوى ، فعلى ما يبدو هي الوحيدة القادرة على التعامل مع أبنه ..
" هل ستتزوجها أبي ؟ "
نظر لها مبتسماً : " نعم حبيبتي " .
صفقت بجذل و هي تقول : " رائع " .
أما عنه .. فحالما دلف إلى غرفته استلقى على سريره ثم سحب صورة والدته لينظر لها بحزن ممتزج بالشوق ..
ثواني و بدأت دموعه في الهبوط و هو يتذكرها .. دلالها له .. حنانها عليه ، انقلب على يمينه و هو يضم الصورة إلى أحضانه أكثر متسائلاً ببراءة ، لِمَ توفت والدته ؟
لِمَ تركته و هو لازال صغيراً لم ينهل من حبها ؟
لِمَ اختارها الله خصيصاً ؟
لقد أخبره والده من قبل أن والدته ذهبت إلى الجنة و أنها مكان الكل يتمنى الذهاب إليه ، و عندما سأله لِمَ لم يذهبوا معها أخبره أن الله هو الذي يختار الأشخاص الذين يذهبون إلى هناك و لكل شخص موعد محدد ، و لكن ما لم يجد له إجابة حتى الآن هو ..
لِمَ الله اختار والدته للذهاب في وقت مبكر ؟
لِمَ لم يتركها معه و مع شقيقته ؟
أغمض عينيه بقوة و دموعه شكّلت خطوطاً على وجنتيه ، مهما فعلت هذه المرأة لن تأخذ مكان والدته و ستظل دخيلة على حياتهم !
دلف وحيد إلى الغرفة فوجد طفله بهذه الحالة ، مستلقي على سريره .. دموعه تلطخ وجنتيه .. و صورة أمه بأحضانه .. بجانب قلبه ..
كان يدرك جيداً أنه مهما قال لم يستمع إليه ، لذا اقترب و استلقى بجانبه ليسحبه إلى أحضانه و لا زال الصغير متمسك بصورة والدته ..
قبّل جبينه و همس : " لن يأخذ أحد مكانها أبداً " .
ثم بدأ بتمليس شعره فأغمض الصغير عينيه مطمئناً .. مرتاحاً .
**********
طُرِق الباب بقوة فأسرع طارق لفتحه مستغرباً من هذه القوة التي يطرق بها الطارق الباب !
فتحه لتتوسع عيونه بذهول و هو يرى أبنة عمه أمامه و لكن على هيئة أكثر أنوثة و فتنة ، بعدها تحولت ملامحه إلى الغضب و هو يتمعن في مظهرها ؛ عيونها حمراء منتفخة .. آثار أصابع على وجنتيها ، فستانها الأحمر غير مهندم و كأن أحدهم عبث به ، و ما أثار فزعه حقاً دموعها التي لا تتوقف ..
" أسيل ؟ "
و على عكس تمعنه بها كانت أسيل لا تبالي به أو كأنها لا تراه من الأساس ، ففي هذه اللحظة لم يكن أمام عينيها سوى عمها .. والدها الثاني ؛ الشخص الوحيد المتأكدة من أنه يحبها حقاً و إن تطلب الأمر سيفديها بحياته ..
و كأن محمد استمع إلى نداءها الصامت و لباه ، فخلال أقل من الثانية كان يقف خلف طارق بذهول لا يقل عنه ، فمن المفترض أن تأتي أبنة شقيقه بعد ما يقارب العشرين يوماً ، فما الذي أتى بها اليوم ؟
حالما ظهر أمامها ركضت إليه و قد بدأ نحيبها فأصدرت شهقات متألمة .. مترجية الحماية و الأمان ..
ضمها إلى صدره بخوف و هو يهتف :
" ماذا حدث معكِ حبيبتي ، و ما الذي أتى بكِ اليوم ؟ "
و بينما هو يقول هذا كان يملس على شعرها بحنو و يبعد خصلاته إلى وراء أذنها ..
كان طارق لا يزال ينظر لها باستغراب لتشتعل عيون فجأة و هو يرى الأثار التي على عنقها و التي لا تدل سوى على شئ واحد !
و من دون تفكير أسرع إليها ليسحبها من أحضان والده بقسوة و يصيح :
" مَن فعل بكِ هذا ؟ "
كانت هذه فرصة محمد ليتمعن في مظهر أبنة شقيقه عله يكتشف ما حدث معها ، و يا ليته لم يتمعن !..، شحبت ملامحه و هو يرى مظهرها ليحرك رأسه نافياً أفكاره بعنف ..
حاولت أسيل تحرير نفسها بضعف و دموعها تخبره عن مأساتها ، و لكن طارق لم يلتفت إلى ضعفها و ألمها ، فكل ما كان يشغل باله في هذه اللحظة ما حدث معها ..
أبعدها محمد عنه بهدوء زائف و قلبه يرتجف رعباً ، ليسأل صغيرته بحنو :
" لا تخافي حبيبتي ، أخبريني مَن فعل بكِ هذا ؟ "
تمسكت به بخوف و همست بضياع : " لقد .. لقد " .
لتصمت بعدها و تنخرط في بكاء عنيف و هي تتذكر كيف حاول إدوارد إغتصابها لولا الرجل الذي دخل في أخر لحظة و الذي كان على ما يبدو يستخدم غرفة مجاورة مع فتاته !
سألهما ببراءة عن سبب الأصوات العالية فاستغلت أسيل الفرصة للهرب من يدي إدوارد ، أسرعت ملتقطة جواز سفرها من أحد الأدراج .. و معطفها من على المقعد ، فصاح إدوارد عليها :
" سننهي ما بدأناه يا أسيل ، لا سبيل للهرب" .
التفتت لتجده أمامها فعالجته بلكمة بين ساقيه وقع على إثرها أرضاً ، نظر الرجل لهما بذهول إلا أنها لم تعطيه الفرصة للإسنفسار عما يحدث حيث دفعته بقوة و ركضت إلى الخارج ..
التقط محمد يدها و ضغط عليها بقوة مخرجاً إياه من شرودها ..
" حبيبتي " .
دمعة جديدة سقطت من عينيها و هي تسمع نبرته الحنونة التي ذكّرتها بوالدها ، و كم كانت تتمنى وجوده معها الآن !
وجدت نفسها تقول بلا وعي : " لقد حاول اغتصابي عمي " .
حاول ؛ كانت هذه الكلمة كافية لزرع الراحة في قلبه ، إلا أن الغضب أيضاً كان له نصيب !..، فحبيبته الصغيرة كانت على وشك فقد شرفها ..
و على عكس محمد ، أحمر وجه طارق فور أن قالت جملتها ، لم يهتم لكوَنها بخير و لا لأن مَن حاول فعل هذا لم ينل مراده ، كل ما كان أمام عينيه في هذه اللحظة هو .. مشهد أسيل مستلقية عنوة و رجل ما فوقها يحاول تقبيلها رغماً عنها ، اشتعلت نيران الغضب في عيونه .. ليقف أمامها ممسكاً بوجهها بعنف سائلاً إياها :
" مَن .. مَن فعلها ؟ "
أسرعت أسيل نافية : " لم ينجح .. أقسم " .
لم تخمد إجابتها نيرانه فصاح : " تكلمي ، مَن فعلها ؟ "
ليصيح محمد بدوره : " طارق اهدأ المهم أنها بخير " .
قاطعتهم أسيل قائلة بخفوت : " لقد كان مسافراً ، منذ أن سافرت إلى هناك و أنا لم أراه إلا مرات معدودة كان يأتي في زيارات سريعة و يسافر مرة أخرى ، و لكن قبل سنة عاد و استقر معنا في البيت " .
هدر بتساؤل : " و مَن هو ليجلس معكم في المنزل ؟ "
ردت بخفوت : " ابن زوج والدتي " .
و أردفت : " في البداية أوضح إعجابه بي و حاول التقرب مني و أنا منعته ، و لكن منذ أشهر و تصرفاته قد زادت عن الحد و أصبحت مقززة و غير مقبولة و لم تنجح محاولاتي لإيقافه " .
لتشهق باكية و هي تقول : " حتى حاول بالأمس " .
ضمها محمد إلى صدره مقاطعاً إياها : " يكفي حبيبتي ، المهم أنكِ بخير " .
تركهما طارق و دلف إلى غرفته صافعاً الباب خلفه بقوة ، جال الغرفة بغضب و كلمات أسيل تتردد في ذهنه ، ليصيح فجأة :
" الحقير .. الحقير .. كيف يفكر في هذا ؟ ، لو يقع في يدي سأريه .. سأجعله يندم على اللحظة التي تجرأ فيها عليها " .
ليصمت لثواني ثم يقول بندم : " أنا السبب ، لو لم أطلقها لم يكن ليحدث ما حدث ، لقد خنت أمانة عمي و كادت أبنته تضيع بسببي " .
وضع ثقله على مقعده و أحنى رأسه دافناً إياها بين كفيه ليشرد في اليوم الذي بدأ فيه كل شئ .. اليوم الذي ألقى فيه يمين الطلاق على أسيل فجعلها تعاني في حياتها .
قبل ثماني سنوات
ترجّلت من السيارة فأغمض عينيه مطلقاً تنهيدة ارتياح ؛ لقد تخلص من مصدر مشاكله الأول مع زوجته .. تخلص من الفتاة التي كانت تثير غيرة زوجته بقوة و تستفزها ..
تخيل رد فعل حبيبته عند معرفتها بالطلاق لترتسم ابتسامة على شفتيه ، كانت أنانية منه أن يفرح بطلاقه لأسيل ، إلا أنه لم يسعه سوى السعادة للحصول على حياة هادئة .. هانئة أخيراً ..
أدار سيارته قائداً إلى منزله و سيناريوهات ترتسم في باله عن استقبال نشوى للأمر .. فيبتسم تارة .. و يقهقه تارة أخرى ، و كأنه يرى رد فعلها أمام عينيه الآن ، أما أسيل .. فلم تأتي في باله .. و لم يفكر في حالها حتى لو عن طريق الخطأ !
وصل إلى المنزل .. فترجل راكضاً إلى شقته ، فتح الباب بحماس و صاح منادياً بعدها :
" نشوى .. شوشو .. حبيبتي " .
ظهرت أمامه فسحبها محتضناً إياها و قال مبتسماً : " لدي خبر إن عرفتيه سوف تقفزين من السعادة " .
ابتعدت عنه لبضع إنشات صغيرة و سألته بحماس : " ماذا ؟ "
سحبها إلى مكتبة و قام بفتح أحد الأدراج ليخرج ورقة زواجه من أسيل ، رفعها أمام وجهها ثم قام بتمزيقها بهدوء ..
اتسعت عيونها و ابتسامة شامتة مرتسمة على شفتيها : " حقاً ؟ "
أومأ و قال موضحاً : " بداية من هذه اللحظة ؛ أنا زوجكِ أنتِ فقط " .
وقفت على أطراف أصابعها لتصبح في مستوى وجهه ثم أحاطت عنقه بتملك :
" و لن تتزوج غيري .. لن أسمح بحدوث هذا مرة أخرى " .
أقترب من شفتيها ليهمس أمامها : " أنا الذي لن يقبل بذلك .. لن أكون زوجاً لغيركِ " .
ليبدأ بتقبيلها بحنو و وعد ، فتستقبلها هي قبلاته بسعادة و ارتياح !
أصولت زغاريد عالية جعلته ينتفض في مكانه ، ليدرك أنها ترحيب من والدته بقدوم أسيل ، زم شفتيه بضيق .. ليتها تعلم ما سبب قدومها .. ستولول بدلاً من أن تزغرد ، تنهد بقوة محاولاً إخراج هذا الحقير من تفكيره .. ففي الأخير كما قال والده ( المهم أنها بخير ) ..
نهض من مكانه و خرج ليجد أسيل في أحضان والدته .. تستقر رأسها في حضنها بارتياح .. و ابتسامة صادقة تحتل ملامح سعاد ..
" كم أنا سعيدة لقدومكِ اليوم مع أنني كنت أظن أنكِ لن تأتي قبل أسبوعين على الأقل " .
كان محمد يعلم أن زوجته ستطرح هذا السؤال لذا فكر في رد مقنع إلى حد ما ، فبالطبع لن يخبرها أن صغيرته كادت أن تتعرض للإغتصاب !
" و هل كنتِ تعتقدين أنني سأتركها لشهر أخر ؟ ، أنا لم أصدق نفسي عندما أخبرتني أنها ستعود .. فبدأت بالضغط عليها لتعجل عودتها ، و ها هي أستجابت لي أخيراً " .
ملست على شعرها بحنو و هي تقول : " خير ما فعلت يا محمد ، لقد كدنا نموت شوقاً لرؤيتها " .
التقطت أسيل كفها و قبلته بحب ، بينما نقلت سعاد نظراتها إلى طارق بأمل متمنية بداخلها أن يلتفت إلى أسيل و تنشأ بينهما علاقة ..
أ ليس غريباً أن ترغب سعاد في تقريب ولدها من أسيل و هي مَن كانت معترضة من قبل على علاقتهما ؟
أم أن ما لاقته من نشوى جعلها تشعر بالجوهرة التي فقدتها ؟ لذا تريد استعادتها بكل قوة !
ابتسم طارق بسخرية ، لقد كانت رغبة والدته واضحة وضوح الشمس و استطاع قرائتها في عينيها بسهولة ، أخذ ينظر إلى أسيل بتمعن متخيلاً وجودهما في بيت واحد لتتسع ابتسامته الساخرة !
هو .. طارق .. و بعد التجربة التي مر بها مع نشوى يتزوج مرة أخرى !
و من مَن ؟
من أسيل !..، الطفلة التي كان يصطحبها إلى المدرسة و يذاكر لها دروسها !..، هو بالفعل تزوجها من قبل و لكنه وقتها كان مرغماً .. الظروف هي التي أجبرته على هذا الزواج ..
أما الآن ، و حتى لو فكر في الزواج مرة أخرى - و هذا مستحيل - فسيختار فتاة تقاربه عمراً و تفكيراً ، ليس فتاة الفارق بينهما في العمر اثنى عشر عاماً !
**********
جالت المكانة بعصبية ضاربة كفاً بكف و هي تصيح : " كيف هربت منك يا غبي .. كيف ؟ "
حاول إدوارد السيطرة على أعصابه مراعياً حالة سوزي العصبية في هذه اللحظة ، لتتابع الأخيرة بغضب :
" ها هي عادت إلى مصر و لن نستطيع السيطرة عليها " .
حينها هتف تشارلي : " ما يثير فضولي هو سبب تمسككِ بها ، ما الهدف من جعلها تمكث هنا معنا ؟ ، على العكس أرى أن سفرها أكثر راحة لنا " .
رفعت حاجبيها و قالت : " أنت لا تفهم عزيزي ، لقد كان عبد الله عبقرياً ذات عقلية فذة .. كان علىّ إغراءه و الإبقاء به هنا للإستفادة من عبقريته ، فبدأت في التقرب منه حتى وقع في حبي و طلب الزواج مني ، و بعد زواجنا .. و حينما بدأت أن أشعر في إبتعاده عني قررت التصرف .. و لم يكن هناك أفضل من إنجاب ولد يربطه بي للأبد ، و بالفعل حينما علم بخبل حملي تراجع عن فكرة عودته إلى وطنه و استسلم لي " .
ثم جلست واضعة قدم على أخرى : " و أسيل مثل والدها ذكية جداً بل نابغة .. طموحة .. تريد دائماً أن تكون الأولى ، و واحدة مثلها مكانها هنا .. في مجتمع مثل مجتمعنا " .
ليقول إدوارد مبتسماً : " و الأهم .. أن تحققي انتصاراً على عبد الله ، فكل محاولاته لحماية ابنته متكِ ستكون فشلت حينها " .
أظلمت ملامحها بحقد ؛ زوجها الراحل خطط و نفذ جيداً لإبعاد أسيل عنها ، إلا أن القدر وقف معها و عادت أسيل إليها ، و لولا ما فعله إدوارد لكانت حتى الآن معهم ..
عادت لتنفي أفكارها بسرعة .. فإدوارد ليس لديه ذنب برحيلها ، لقد كان يحاول جهده لإبقاءها هنا كما تريد هي .. الموضوع مسئلة حظ ..
تنهدت بقوة لتعود و تفكر في ما يتوجب عليها فعله الآن ، فلقد غادرت أسيل و عليها أن تفكر في طريقة لإعادتها !
**********
نهضت لتجلس على مقعد مكتبها الصغير متنهدة بملل ، منذ ما يقارب الساعتين و هي لا تفعل شئ سوى الإنتقال من سريرها إلى مكتبها ثم إلى سريرها مرة أخرى و هكذا دون أن تفعل شئ مفيد ..
وقعت نظراتها على أحد الكتب لتعقد حاجبيها بتساؤل ، منذ متى و هي تقرأ ؟ ، لم تكن القراءة من هواياتها .. كما لم يكن أي شئ !
فهي و للعجب لا ترى نفسها في شئ معين .. لا تجد نفسها شغوفة بهواية معينة .. تعشق ممارستها و تهرب إليها كلما ضاق بها الحال ، صحيح أنها كانت تعزف على آلة البيانو في صغرها .. كانت موهوبة جداً في العزف عليها ، إلا أن والدتها هي من كانت تشجعها على تنمية موهبتها .. و بعد وفاتها و مع إهمال والدها لها ، فقدت هي التشجيع .. و الشغف الذي كان يربطها بهذه الآلة فامتنعت عن العزف ، و منذ ذاك الوقت و حتى الآن لم تلمس أصابعها الطويلة البيانو !
نفضت عنها ذكرياتها و عادت تلمس الكتاب بحنو .. و كأنه شخص تخشى أن تجرحه !
فهذا الكتاب هدية من حبيبها .. حبيبها الأحمق الذي لا يكف عن إخبارها بأنها صديقته المقربة و شقيقته التي لم يُرزق بها ..
و لا تعلم متى ستتحول مشاعره نحوها من صداقة و أخوَة إلى عشق و هيام ؟
إلا أنها ستصبر .. ستصبر كما صبرت سنوات ماضية ، ستتنظر أن يفهم علاء مشاعره و يدرك أن مشاعر العشق هي فقط ما جمعتهما منذ أن التقيا ، و أن مشاعر الصداقة ليست سوى أكاذيب يقنع نفسه بها ، ستنتظر اللحظة التي يعلن فيها ميلادها عندما يعترف لها بعشقه .. بحماقته في إهدار كل تلك السنوات دون أن يجمعهما بيت واحد !
مع أن قلبها يخبرها أن الطريق لازال طويلاً و أنها ستنتظر كثيراً ، إلا أنها لن تمل .. لن تيأس ، و ستظل تحلم بهذه اللحظة حتى تتحقق !
فتحت الكتاب لتبدأ في قراءته على الرغم من أن القراءة لم تستهويها يوماً ، و لكن لأنه من علاء ستقرأه !
دقائق و تأففت بضجر و قالت بحنق : " و ما دخلي أنا بهذه التفاهات ! "
لتنهض متجهه إلى سريرها لتستلقي عليه مرة أخرى ، أغمضت عينيها متأملة أن يزورها النوم و يخلصها من هذا الضجر إلا أنه كان بعيد كل البعد عنها ..
نهضت لتجلس على السرير و دموعها تلمع في عينيها ، إن كان والدها يهتم بها و لو قليلاً لكانت ذهبت و جلست معه .. تحدثه عن يومها و تشاركه يومه ، و لكن مَن هي ليهتم بها ؟
صوت بداخلها أنبها على أفكارها و أخبرها أن تذهب لوالدها و تحاول التقرب منه لربما نجحت محاولاتها هذه المرة !
عضت على أظافرها بتفكير لتتحرك بعدها بتردد إلى خارج غرفتها ، هبطت درجات فيلتها و هي تقدم قدم و تؤخر الأخرى خوفاً من أن يخذلها والدها هذه المرة أيضاً ، و مع ذلك كانت مصممة على المبادرة في التقرب منه خشية من أن تندم بعدها ..
وصلت إلى الأسفل فبدأت بالإلتفات و البحث عنه ، استوقفت إحدى الخادمات لتسألها :
" أين أبي ؟ "
" لقد خرج مع السيدة مريم منذ دقائق " ، أجابتها الخادمة برسمية .
زمت شغتيها بضيق مانعة دموعها من السقوط ، لقد خرج .. خرج مع زوجته دون أن يخبرها .. يسأل عنها ، تجاهلها كما يفعل منذ سنوات ..
عادت بأدراجها إلى غرفتها و شعور بالوحدة يزداد بداخلها ، و لا يوجد سوى شخص واحد قادر على أن يبددها !
التقطت هاتفها و اتصلت به ، لتهمس حالما وصلها صوته :
" علاء أريدك " .
**********
متمدد على أريكته بتعب بعد يوم عمل مرهق ، و هي جالسة فوق رأسه لا تكف عن الحديث و الرجاء لدرجة أوجعت رأسه ..
" لارا .. يكفي " .
هتفت برجاء : " عمي .. حبيبي .. روحي .. قلبي .. لنخرج " .
زفر أنفاسه بغضب : " هل أنجبتكِ و نسينكِ يا فتاة ؟ ، اذهبي لوالدكِ و اجعليه يخرج معكِ " .
زمت شفتيها بحزن : " أبي متعب من العمل " .
هتف بسخرية : " حقاً .. هل أخبركِ أحدهم أنني كنت ألعب طوال النهار ؟ "
ربعت يدها بضيق : " سنخرج أم لا " .
هتف بلا تفكير : " لا " .
تأففت بملل ثم التقطت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز و بدأت في البحث عن شئ يسليها ، توقفت عند قناة تعرض برنامجاً ترفيهياً فرفعت الصوت إلى أخره و اندمجت في مشاهدته ..
صاح علاء بتعب : " لارا .. ارحميني " .
انتفضت في مكانها بخوف : " ماذا ؟ "
" اخفضي الصوت .. رأسي يؤلمني " .
تجاهلت طلبه و قالت بحنق : " لقد أفزعتني .. لا تصيح هكذا مرة أخرى " .
صوت رنين هاتفه المحمول منعه من الرد عليها ، ارتخى جسده بتعب عندما رأى اسم ليندا ينير الشاشة ففتح الخط قائلاً :
" السلام عليكم " .
وصلته همستها الباكية فانتفض في مكانه بخوف و سألها : " ماذا حدث ؟ "
ردت عليه بصوت باكي .. و كلمات لم يستطع تبينها ، فصاح بلارا : " اغلقي هذا الجهاز .. الآن " .
نفذت أمره .. ثم اقتربت لتجلس بجانبه بفضول لمعرفة ما حدث ..
وصله حينها صوت ليندا المبحوح : " أشعر بالملل " .
عقد حاجبيه بعدم تصديق .. فعلى الرغم من جنون صديقته المعروفة به .. إلا أن دموعها لا تسقط بسهولة .. و بالتأكيد لن تبكي لشعورها بالملل ، كرر جملته بإصرار :
" ماذا حدث ؟ "
أدعت اللامبالاة و هي تقول : " لقد كنت أريد الجلوس مع أبي فوجدته يتنزه مع زوجته الجديدة فقط " .
و على الرغم من نبرتها اللامبالية إلا أن معرفته بها لسنوات و صوتها المبحوح كانا كافيان ليتأكد من تأثير الأمر عليها ، فهتف بمرح على الرغم من تعبه :
" و ماذا تريدين أن نفعل الآن ؟ "
" أي شئ " .
تحدث و هو يلتقط مفاتيح سيارته : " حسناً تجهزي و انا آتي إليكِ " .
ذُهِلت ملامح لارا و تحركت بسرعة لتقف عند الباب مانعة علاء من الخروج ، و قالت بصدمة :
" بقيت لنصف ساعة أقنعك لنخرج و أنت تتعذر بالتعب ، و تأتي هذه بمكالمة منها تنسيك تعبك و تجعلك تهرع إليها " .
تأفف بنفاذ صبر : " أنتِ لا تعلمين شئ " .
طرقت الأرض بعصبية : " و لا أريد أن أعلم ، أنا أريد الخروج " .
صاح و هو يحاول إبعادها عن الباب : " أبتعدي لارا " .
لتصيح هي بتصميم : " أريد أن أخرج " .
الصبر يا الله !
يعلم أنه مهما فعل لن يتخلص منها .. و أنها لن تتركه إلا إذا خرجت معه فهتف باستسلام : " اذهبي و بدلِ ملابسكِ سأنتظركِ بالأسفل " .
صفقت بجذل : " دقائق " .
لتلتفت و تفتح الباب ، و لكن .. و قبل أن تخرج .. التفتت رافعة إصبعه في وجهه بتحذير طفولي :
" إن ذهبت من دوني .. سأغضب منك " .
و ركضت بعدها إلى شقتها ..
دلفت راكضة إلى غرفتها دون أن ترد على تساؤلات والديها لتخرج بعد دقائق و تركض إلى الباب مرة أخرى ، فأوقفها إسلام قائلاً :
" إلى أين ؟ "
ردت عليه بسرعة و هي تفتح الباب : " سأخرج مع عمي " .
لتغادر بسرعة و تنبيهات والدها تلاحقها ..
صعدت إلى سيارة عمها ، ليقود علاء متجهاً إلى بيت ليندا و هو يعلم أن هذه الليلة لن تمر على خير ..
فليندا و لارا عندما يجتمعا تبدأ المشاكل ، هو لن يلتفت لما سيحدث .. فمشاكلهما طفولية .. تافهه .. و كأنهما طفلتان تتنازعان على دمية !...، كل ما كان يفكر فيه هو .. كيف سيتحمل الصداع الذي سيحدثوه بجانب صداعه و تعبه ؟
وصل إلى فيلا والد ليندا فصفّ السيارة على جانب الطريق ، و التقط هاتفه المحمول ليتصل بها :
" أنا بالأسفل " .
و بأقل من دقيقة كانت ليندا تخرج من الفيلا ، وقفت مصدومة و هي ترى لارا تجلس في المقعد المجاور لعلاء ، لتزم شفتيها بضيق و تصعد صافقة الباب خلفها ..
تحدث علاء بمرح : " إن كُسِر هذا الباب ستدفعين ثمنه " .
تجاهلت مرحه و همست : " كنت أظن أنك ستأتي لحالك " .
قال موضحاً : " منذ ساعة و هي تطلب مني أن نخرج " .
و أردف بأسف : " و عندما هاتفتيني لم أجد مفر للهرب " .
تمتمت بخفوت : " ليتني لم أهاتفك إذاً " .
سألتها لارا بضيق مصطنع : " ألا تريدينني أن أخرج معكما ؟ "
ابتسمت ليندا ابتسامة صغيرة لم تصل إلى عينيها و هتفت بكذب واضح : " كيف ذلك حبيبتي ؟ ، نحن نسعد كثيراً عندما تخرجين معنا " .
رفعت لارا أكتافها بلا مبالاة و قالت مشددة على كلماتها : " حتى و إن لم تسعدي بخروجي فهذا لا يؤثر بي .. المهم أن عمي سعيد " .
هتف علاء بتحذير : " لارا لا تتحدثي معها بهذه الطريقة ، ثم أنها لم تخطئ في شئ " .
زمت لارا شفتيها و أدارت وجهها إلى ناحية الشباك ..
بينما هتف علاء بتساؤل : " إلى أين تريدان الذهاب ؟ "
كانت ليندا تخطط إلى سهرة مميزة مع علاء تنسى فيها حزنها و تبعد بها مللها ، إلا أن وجود لارا أزعجها و جعلها تلغي كل خططها ..
" أي مكان .. لا يهم " .
و على عكسها ، التفتت لارا إلى عمها بحماس : " لنذهب إلى مطعم و نأكل عمي " .
حرك علاء رأسه متظاهراً بالأسى : " أمنيتي الوحيدة قبل أن أموت أن أراكِ تتحدثين دون أن تأتين بشيرة الطعام " .
سارعت ليندا بالقول قبل أن تشاكس لارا عمها : " بعيد الشر عنك " .
نظر لها علاء من مرآة السيارة مبتسماً .. فتعلقت نظراتهما لثواني .. نظراتها تشي بحبها و عشقها له .. و نظراته لا يظهر بها سوى حب أخوي ..
أما لارا فرفعت حاجبيها بعدم رضى من قرب هذه الفتاة من عمها ..
**********
سيطر الصمت على الجلسة بعد أن طلبا الطعام لينظر لهما علاء بارتياب ..
إحداهما تنظر إلى المطعم بتقييم و كأنها على وشك شراءه ، و الأخرى تتظاهر بتصفح هاتفها المحمول ..
لولا أنه متأكداً من أن هدوءهما لحظياً لكان فرح به ، و لكن إحداهما صديقته منذ ما يقارب العقد .. و الأخرى تربية يده ، و هذا كافي لجعله يتوقع ما يحدث !
بادر هو بالحديث على أمل أن يتحكم في الجلسة و ألا تندلع المشاكل : " ليندا .. آتيتي لتجلسي مع هاتفكِ أم معي ؟ "
تركت ليندا هاتفها و ابتسمت له : " معك بالطبع " .
ابتسم لها بدوره ثم نقل نظراته إلى لارا و هتف بمشاكسة : " أريد حساب ما ستأكلينه مقدماً ، فأنا لست مستعداً لإعلان إفلاسي بسببكِ " .
رفعت حاجبيها باعتراض : " و كأنني سأجعلك تدفع ألف جنيه ، ما طلبته لا يتعدى المائة " .
هتف بفضول : " حسناً .. و لكن أخبريني .. كيف ستأكلين قطعتين بيتزا من الحجم الكبير لحالكِ ؟ "
" و ما المشكلة في هذا ؟ ، ثم إنني جائعة " .
هتف بعدم تصديق : " و لكن ليس لدرجة أن تأكلين كل هذه الكمية " .
هتفت بحزن : " سأصاب بفقدان الشهية ذات يوم بسببك " .
و تابعت بتهديد : " و حينها لن يتركك أبي " .
أدعى الخوف و قال : " و لِمَ كل هذا ؟ ، فلتأكلي كما تريدين طالما أنا لا أصرف عليكِ " .
قاطع حديثهما صوت مرح أتى من خلف علاء : " يا للخيانة ، أصدقائي المقربين يأكلون من دوني " .
التفت علاء إليه و قال بمرح مماثل : " و أنت تلاحقنا أم ماذا ؟ "
جلس أمير دون أن يطلب الإذن و قال : " عليّ بملاحقتكما و مراقبتكما طالما بدأتا في خيانتي " .
لينظر إلى لارا باستغراب و يشير بتساؤل : " مَن هذه ؟ "
يا لوقاحته !
كيف يشير إليها بهذه الطريقة المستحقرة ؟
ألا يمتلك هذا الرجل القليل من الذوق ؟
قال علاء : " لارا ابنة شقيقي " .
و قبل أن يقدمه لارا ، هتف أمير : " نعم القزمة " .
توسعت عيون لارا بغضب : " مَن هي القزمة يا مَن تشبه النخلة " .
صاح بعدم تصديق : " ماذا ؟ "
تبعه علاء صائحاً : " لارا احترمي نفسكِ " .
نظرت له بغضب : " و لِمَ لم تصيح عليه عندما دعاني بالقزمة ؟ "
هتف أمير ببرود : " لأنها الحقيقة ، ثم هو مَن يشبهّك دائماً بالأقزام " .
تعالى صوتها بعدم تصديق : " أنت عمي " .
هتف من بين أسنانه : " اخفضي صوتكِ " .
ثم نظر إلى أمير بتأنيب و قال : " و أنت ألم تجد إلا اليوم لتأتي فيه إلى هنا ؟ ، لقد كدت أفرح أنني جمعتهما مرة دون أن تحدث مشاكل " .
نقل أمير نظراته إلى ليندا و قال معتذراً : " ليندا أعذريني .. لم أحييكِ كما يجب ، لقد ألهتني كومة الشعر عنكِ " .
قهقهت ليندا باستمتاع و هي ترى ملامح لارا الحانقة ..
كومة الشعر !!!!
لقد تمادى هذا الرجل كثيراً و عليها أن تؤدبه ..
" أنت يا هذا كيف تتحدث عني بهذه الطريقة ؟ "
شعر علاء بالغضب من صديقه فهتف محذراً : " أمير أنا لا أسمح لك بأن تتحدث عنها بهذه الطريقة الساخرة " .
قال أمير ببراءة : " أنا أمزح فقط " .
قالت لارا بتجهم : " و أنا لا أحب هذا المزاح " .
ابتسم بلطف : " أعتذر آنستي لم أقصد إزعاجك " .
نظرت لتحوله المفاجئ من الوقاحة إلى اللطافة بذهول .. غير مصدقة أنه في ثانية كان يسخر منها و يستفزها .. و في ثانية أخرى يعتذر منها بكل لطف و رقي ..
" لا عليك " .
" حسناً ماذا ستطلبون لي ؟ "
هتفت ليندا بمكر : " ما تريد و الحساب على علاء .. فهو من دعانا " .
هتف علاء بضيق مصطنع : " يبدو أنكما لن ترتاحا إلا عندما أُعلن إفلاسي " .
قهقه أمير و قال : " هذه ليست مشكلتي تصرف معهما " .
ليشير بعدها للنادل و يبدأ في إملاء طلباته عليه .
**********
" أنا حامل " .
شحبت ملامحه و صاح بغضب : " كيف ؟ "
بكت بقوة و لكنه لم يبالي ببكاءها ، سحبها من شعرها بغضب و هزها بعنف :
" كيف حدث هذا يا غبية ؟ ، ألم أخبركِ أن تنتبهي جيداً ؟ "
تعالت شهقاتها و أناتها المتألمة من ضغط يده على شعرها ..
" لقد كنت آخذ الحبوب التي أعطيتها لي بالتزام .. أقسم " .
هزها أقوى و أعنف : " كيف حدث هذا الحمل إذاً ؟ "
هتفت بتوضيح : " لا أعلم و لكنني قرأت أنه من الممكن أن يحدث حمل أثناء تناول الحبوب " .
توسعت عيونه بغضب .. هل تظنه غبياً ليصدق أكاذيبها ؟
بالتأكيد هي مَن امتنعت عن تناول الحبوب كي تربطه بها للأبد ، و لكن تحلم بهذا !
شدها من شعرها بقوة لترفع وجهها عنوة ناظرة إليه : " استمعي إلى ما سأقوله جيداً ؛ ستجهضين هذا الطفل .. في أقرب وقت " .
اعترضت بوهن : " لا .. أرجوك " .
دفعها ليقول : " لا .. إذاً ابحثي و اعثري على والده " .
" أنت والده .. أقسم أنه لم يلمسني غيرك " .
ابتسم بسخرية : " و أنا لن أعترف بهذا ، لتحاربي لتثبتي أنني والده " .
و أردف بمكر : " و لكن لا تنسي الفضيحة التي ستناليها " .
أطرقت بوجهها بندم .. ندم على السقوط في مصيدته .. تصديق كلماته .. و تسليم نفسها له ..
و لكن بما سيفيدها ندمها الآن ؟
فما حدث قد حدث .. و عليها أن تنفذ أوامره كي لا تُفضح أمام الناس .. و عائلتها ، و يكون مصيرها القتل !
" سأجهضه " .