مشهد العيد ٣

5.6K 209 12
                                    

#لست_أبي
#مشهد_العيد
#وحيد_نشوى
ضمّ وحيد ظهر نشوى إلى صدره، دفن وجهه في عنقها، يقول بأسى: «العطلة انتهت سريعاً، لم اشعر بها»
لفّت إليه بجسدها، تقول بسعادة طفولية: «تعلم.. لولا شوقي للأولاد لطلبت منك أن نمكث أسبوع أو أسبوعين آخرين، لقد استمتعت لدرجة ألا أريد المغادرة»
سارع بالقول بلهفة: «والله مستعد لفعلها، والأولاد مع والديّ ولا خوف عليهم»
توسعت حدقتاها باعتراض: «لا طبعاً، يستحيل أن اترك أطفالي أكثر من هذا، لقد اشتقت إليهم كثيراً، أريد الجلوس معهم ومعرفة أخبارهم»
ابتعد وحيد عنها، يقول بضيق: «طبعاً؛ أولادكِ اشتقت إليهم وتريدين معرفة أخبارهم، وأنا آخر حساباتكِ!
ليس مهم لديكِ ما أريده!»
أحاطته بذراعيها، وجهها أمام وجهه، تقول بمشاكسة: «أنت أول حساباتي يا أبا تيّم، قل ما تريد وستجدني من يدك اليُمنى ليدك اليسرى، كالخاتم في إصبعك»
دفعها برفق لتستلقي على الأرضية الخشبية، يقول بأنفاس متسارعة برغبة: «أريدكِ لي.. فقط، بلا أي إزعاج»
كبحت كلمة الأطفال التي كادت تخرج من بين شفتيها، فلقد أصبح شديد الغيرة في الأيام الأخيرة!
«وأنا ملك يديك؛ سواء هنا أو في منزلنا، تفعل معي ما ترغب»
دفن وجهه في صدرها، يقول بضحكة ساخرة: «تكذبين وتعرفين ذلك!
فور عودتنا ستنشغلي بمشاكل تيّم، دلال لمار، شقاوة لينا، وسيكون وحيد بالنسبة لكِ صفر على اليسار!»
ضحكت من قلبها على تذمّره، تحاول مراضاته بأكثر من طريقة، إلا أنه لا يقتنع، يبصم بالعشرة على أنها ستنساه تماماً بانشغالها بأطفاله!
«تعلمين، على قدر حزني الشديد بسبب إهمالكِ لي، على قدر سعادتي الشديدة وفخري الكبير بكِ!»
يرمقها بامتنان، بينما هي ترمقه بحيرة.
«على الرغم من إنجابكِ لينا، إلا أن معاملتكِ لـ تيّم ولمار لم تتغير!
لقد كنت أراقبكِ، أنتظر إهمالاً بدون قصد منكِ أو تقصيراً، لكنكِ أثبتِ لي أنكِ والدتهما حقاً، حتى أنني كثيراً انسى أنهما أولاد بسمة!»
وعلى الرغم من ضيقها من حديثه، إلا أنها سعدت جداً بإطرائه، وقالت بصدق:
«ليس هناك أم تحب طفل أكثر من الثاني أو تهتم بواحد على حساب الآخر!
وأنا عرفت الأمومة على يد لمار وتيّم، بالنسبة لي هما ولداي اللذان لم أنجبهما!»
وقبلة صغيرة على شفتيها كانت تعليقه، واعتراف ينبع من قلب يعشقها كل يوم أكثر نطق به لسانه:
«أعشقكِ نشوى..
أعشق اليوم الذي رأيتكِ فيه..
واليوم الذي قررت فيه الزواج منكِ..
واليوم الذي أعدتكِ فيه إلى عصمتي..
واليوم الذي أنجبتِ فيه لينا..
فقط لأن تلك الأيام قربّتني منكِ وجعلتكِ جزءً لا يتجزأ من حياتي»
استلقت على صدره، تبثه عشقها بنفس طريقته، وإن كان اعترافها يتخلله بعض المرح:
«وأنا أكره اليوم الذي قابلتك فيه لأنك اعترفت بحبك لزوجتك الراحلة، وأعشق اليوم الذي اعترفت فيه بمشاعرك نحوي..
أكره اليوم الذي طلقتني فيه وأبعدتني عنك، وأعشق اليوم الذي أعدتني فيه إلى عصمتك..
أكره اللحظة التي تعرّفت فيها على ولداك وقد كنت أمقت الأطفال بشدة، وأعشق اليوم الذي دعاني فيه تيّم بـ ماما لأول مرة وقد امتلكت حينها العالم بأكمله»
تعلقت نظراتهما ببعضهما، بينما هي تقول بخفوت: «وأحمد الله كل يوم استيقظ فيه وأنت بجواري، أعشق كل لحظة تمر معك ومع الأولاد؛ فحينها فقط أكون إنسانة مكتملة»
دفعها لتستلقي على ظهرها، واستلقى فوقها يعاتبها بمرح وحدقتين لامعتين:
«لابد أن تقحمي الأولاد في أي شيء، حتى في اعترافكِ بمشاعركِ اتجاهي!»
تتعالى ضحكاتها على غيرته، تقول مؤكدة: «بالطبع، فهم يقاسموك قلبي وروحي ومشاعري»
والتأكيد أباح له الاستغلال!
فهتف معاقباً: «طالما ذلك فستمتد اجازتنا ثلاثة أيام أخرى، علّي استحوذ عليكِ كاملاً بمفردي!»
وعلى الرغم من شوقها الشديد للأولاد، إلا أنها لم تستطع مقاومة قبول قضاء المزيد من الوقت معه، بين أحضانه، في عالم لا يجمعه سواهما.
**********
انتهت الثلاثة أيام سريعاً..
ما بال الوقت يمر في غمضة عين وهو معها؟
قاد وحيد سيارته متذمراً، يحذرها بنبرة لا تقبل الجدال: «أقول نشوى تكونين أمامي بلا أعذار، لا لينا تحتاج ولا لمار ستنام»
كتمت ضحكتها بقوة، بينما هو يلقي المزيد من أوامره: «ممنوع ممنوع ممنوع أن يظل تيّم مستيقظاً حتى عودتي من العمل، هذا الولد يستفزني كثيراً بتصرفاته وقربه منكِ»
لم تستطع السيطرة على نفسها أكثر وتعالت ضحكاتها، رمقها بنصف عين، ملامح تشي بعدم رضاه، وقلب يرفرف سعادة وابتسامة يجاهد لكبحها!
«حسناً سافعل كل ما تريده، فقط توقف عند متجر الألعاب لنشتري هدايا للأولاد»
عاد يتذمر بضيق: «واضح أنكِ ستلتزمي بأوامري!»
*********
داخل متجر الألعاب
تتجه كل واحدة منهما إلى الأخرى دون أن تنتبه!
نظراتهما معلقة على الألعاب وخطواتهما تقترب أكثر.
«أوووه آسفة»
هتفت أسيل باعتذار فور ارتطامها بنشوى.
تعلقت نظراتهما للحظة، قبل أن تقول نشوى بابتسامة: «لا عليكِ أسيل، كيف حالكِ؟»
صدح صوت طارق حينها: «أسيل انظري، أعتقد أن هذه ستعجبها»
التقطت عيناه وجود نشوى، حيّاها ببساطة تماثل تحيتها، تعاملا بطريقة عادية جداً تثبت كل يوم لوحيد أن طارق خرج من حياتها نهائياً، وهو الذي لم ينسى رجائها لطارق بالعودة إليه منذ سنوات!
صعدا إلى السيارة بعد شرائهما الكثير من الألعاب للأطفال، تميل عليه نشوى مؤكدة له:
«أحبك»
وهمستها كافية بإزالة أي شك من عقله!
**********
«ماذا بك؟»
سألته أسيل بفضول وهي ترمقه بنصف عين.
دفع طارق حساب اللعبة، وهو يقول ضاحكاً: «مستحيل، ألازلتِ تغارين منها؟»
رمقته أسيل ببرود ماثل نبرتها: «لا أبداً، ممن سأغار وعلى ماذا؟»
واستمر برودها معه حتى عادا إلى المنزل!
أغلق طارق باب المنزل بعنف، يقول بعدم رضى: «لن تفتعلي مشكلة في كل مرة أراها يا أسيل، يكفي!»
تخصّرت في وقفتها أمامه، تقول بغيرة: «حقاً!
يُفترض أن أضمك وأهنيك على حديثك مع زوجتك السابقة!»
سحبها طارق لترتطم في أحضانه..
تلك الغيرة الشديدة التي تداهمها في كل مرة يتصادف فيها
مع نشوى، غافلة عن أن المرأة قد تزوجت وهي من الأساس خارج عقله نهائياً!
«قُلتِها بنفسكِ السابقة، لا زوجة ولا حبيبة لي غيركِ»
وكما توقع تماماً، ببعض اللطف وكلمات العشق ستلين، الأمر فقط يتطلب منه بعض الصبر!
«لقد أسرتِ قلبي منذ رأيتكِ بذلك الفستان الأحمر الذي يلتف على جسدكِ مبيناً كم كنت أعمى حين فكرت فيكِ كطفلة!»
ارتاح كفاها على صدره، بينما تسأله بخفوت: «أنا لست طفلة في نظرك الآن صحيح؟»
تحيط يده خصرها، يرد عليها: «أنتِ أروع طفلة، وأجمل أنثى وقعت عيناي عليها»
استندت برأسها على كتفه، تسأله بدلال: «وأنا الوحيدة التي تمتلك قلبك؟»
استقرت شفتاه على رأسها، يقبل خصلاتها بعشق، يقول من بينها: «لم اعرف الحب إلا على يديكِ، مشاعري نحوكِ تعدت العشق بكثير، ليحفظكِ الله لي يا أجمل ما في حياتي»
**********
ترجّلت نشوى من السيارة راكضة، كلها شوق لرؤية أطفالها، ووحيد خلفها يحمل كل الألعاب التي صممت على شرائها..
دموع فرحة، قبلات كثيرة، أحضان، كلمات غير مفهومة، استقبل بها الأطفال نشوى، كل واحد منهم يحكي في نفس الوقت بصوت مرتفع عمّا حدث خلال غيابها.
«ها قد عدنا للصداع»
هتف وحيد بأسى، قبل أن يتقدم من أطفاله بشوق لا يقل عن شوق زوجته، يسألهم بعتاب:
«وبابا، لم تشتاقوا إليه؟»
ركضت لمار إليه ليحملها فتتعلق بأحضانه، وتيّم يقفز عليه من الخلف معبراً عن سعادته بعودتهما؛ أما لينا الصغيرة فمستقرة في حضن والدتها، تنتظر بدلال والدها ليأتي إليها..
ولم يتأخر وحيد كثيراً، اقترب يحملها بلهفة، يستنشق رائحتها الطفولية بشوق:
«حبيبة بابا، اشتقتِ إليّ؟»
وإجابة المدللة كانت قبلة طُبِعت على وجنته الأولى، ثم الثانية، ثم تحيط بعنقه، وهي تقول:
«أحبك بابا»
والغيرة هذه المرة كانت من نصيب نشوى التي ترمقهما بضيق، لسان حالها يقول: «والأستاذ يشتكي من اهتمامي بالأولاد ويغار منهم، ليرى نفسه أولاً!»
**********
وقفت في المطبخ تحضّر الطعام لأطفالها، يصلها مزاح البنات مع وحيد ولعبهم سوياً فتبتسم بسعادة، تحمد الله على وجودهم.
«أمي نسيت أن أخبركِ»
اقتحم تيّم المطبخ هاتفاً بحماس.
رمقته نشوى بلا مبالاة ظاهرية متجاهلة وجوده.
«أمي»
«نعم تيّم»
هتفت بنبرة شبه صارخة دليل على عدم الاهتمام!
«أمي أنتِ غاضبة منّي؟»
همس والدموع تتجمع في عينيه، فهو لا يقوى أبداً على غضبها!
نبرته الخافتة فقط آلمت قلبها، والدموع التي رأتها في عينيه عندما التفتت له جعلتها تنسى أي عقاب كانت تنويه!
«تعال إلى هنا»
فتحت له يدها ليسارع بإلقاء نفسه في أحضانها.
«تعلم أنني غاضبة منك بسبب ما فعلته آخر مرة؟
لم يكن عليك الاختباء في السيارة، والدك لو عرف لن يمرر الأمر»
«أنا آسف، لكنني لم أتحمل فكرة ابتعادكِ عني، حتى الأيام الماضية كنت انتظر عودتكِ أنتِ وأبي كل يوم بسبب اشتياقي لكما»
مسحت له دموع، وهي تقول بابتسامة: «حسناً لا تبكي، أنا لست غاضبة منك فقط إن وعدتني ألا تكررها مرة أخرى، وأيضاً تعدني ألا تفعل شيئاً إلا بعد أن تخبرني، مهما كان هذا الشيء!»
«أعدكِ»
همس بفرحة لرضائها عنه.
دفعته نشوى إلى الخارج، وهي تقول: «هيا انتظر مع والدك حتى أنهي تحضير الطعام»
**********
في المساء
«حان وقت النوم»
هتف وحيد بأمر، يشير إلى أولاده ليتجهوا إلى غرفهم.
يرفض الثلاثة في نفس الوقت، وتيّم يوضح: «لنسهر معكما أبي، نحن حقاً اشتقنا إليكما كثيراً»
«وهناك أيضاً الكثير الذي لم نخبركم به بعد»
أكدت لمار بلهفة، والصدمة تعلو ملامح وحيد؛ فهم لم يتوقفوا عن الحديث منذ عودتهما!
ولينا المستقرة في أحضانه، تضمه وهي تطلب بطفولية: «بابي نسهر»
وأمام إصرارهم ونظرات نشوى الماكرة لم يستطع الرفض، فمهما ادعى أو تذمّر دقيقة واحدة يقضيها معهم تسوي العالم كله، ونشوى يستطيع الانفراد بها بعد نومهم، فعلى الرغم من قضاء اجازة طويلة معها إلا أنه لم يشبع منها؛ ولن يشبع!
انتهى
وبكده تكون خلصت مشاهد العيد يا حلوين
نزل مشهد لفريد وياسمين
مشهد لعزام ومروة
والنهاردة مشهد لوحيد ونشوى مع ظهور خاص لطارق وأسيل
يا رب تكون المشاهد عجبتكم وتكونوا قضيتوا عيد حلو
واستنوني الأيام الجاية والإعلان عن الأعمال الجديدة، نوفيلا وبعدها مباشرة رواية إن شاء الله
بحبكم جداً ❤️❤️

لست أبي (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن