بين الامس واليوم

By MSCprincess

1M 10.9K 2.7K

رواية للكاتبة انفاس قطر More

جزء 1
جزء 2
جزء 3
جزء 4 و 5
جزء 6
جزء 7 و 8
جزء 9
جزء 10
جزء 11
جزء 12 و 13
جزء 14
جزء 15 و 16
جزء 17 و 18
جزء 19 و 20
جزء 21
جزء22 و 23
جزء24 و 25
جزء 26
جزء 27
جزء 28
جزء 29
توضيح
جزء 30
جزء 31
جزء 32
جزء 33
جزء 34
جزء 35
جزء 36
37
جزء 38 . 39
جزء 40
جزء 41
جزء 42
جزء 43
جزء 44
جزء 45
جزء 46
جزء 47
جزء48
جزء 49
جزء 50
جزء 51
جزء 52
جزء 53
جزء 54
جزء 55
جزء 57
جزء 58
جزء 59
جزء 60
جزء 61
جزء 62
جزء 63
جزء 64
جزء 65
جزء 66
67
جزء 68. 69
جزء 70
جزء 71
جزء 72
جزء 73
جزء 74
جزء 75
جزء 76
جزء 77
جزء 78
جزء 79
جزء 80
جزء 81
جزء 82 .83
جزء 84
جزء 85
جزء 86
جزء 87.88
جزء 89
جزء 90
جزء 91
جزء 92. 93
جزء 94
جزء 95
جزء 96
جزء 97
جزء 98
جزء 99
جزء 100
جزء 101
جزء 102
جزء 103
جزء 104
جزء 105
جزء 106
جزء 107
جزء 108
ما قبل الاخير
الاخــــــير

جزء 56

9.9K 92 11
By MSCprincess


بين الأمس واليوم/ الجزء السادس والخمسون

" خالتي تعالي معي..

عمي يبيش تحت في مجلس النسوان"

عفراء وقتها كانت تعتدل بإرهاق من تمددها على سريرها لترد على سلام كسّاب الذي دخل للتو..

لتصعق بما قاله وكلماتها تتناثر بصدمة: نعم وش تقول؟؟

كساب ابتسم: خالتي سمعتيني عدل..

عفراء مازالت كلماتها تتبعثر: وعمك وش يبي فيني؟؟

كساب مازال يبتسم: وش يبي فيش؟؟

هو يبيش كلش..

العم العزيز معصب وطالعة شياطينه.. يقول إنه ماكان يدري إنه أنش كنتي تعبانة ذا الشهور اللي فاتت كلها..

عفراء بارتباك ووجل وحلقها يتشقق جفافا: وحدة حامل.. أكيد بأكون تعبانة.. أشلون مايدري..

كساب بذات الابتسامة: حضرة العقيد ماباقي حد ماكان يسأله عنش..

بس تعرفين الذوق.. لازم يقولون طيبة وبخير..

بس عاد أنا بطيتها عنده.. قلت له إنش ممنوعة من الحركة.. وإن الحمل ماكان مستقر..

خليته شوي ويبكي..

يا الله خالتي تلقينه حرق مجلسنا الحين.. خلينا نلحق على الباقي من الكراسي!!

حينها همست عفراء بارتباك: زين وين زايد؟؟

حينها تغيرت معالم كساب من المرح للجدية: ليه خالتي أنا ما أكفي؟!!

كل السالفة يبي يكلمش بس..

عفراء يتزايد ارتباكها.. لم تتخيل مطلقا أنها ستراه: لا بس أخاف زايد يزعل.. وأنا الحين في بيته!!

كساب هتف بغضب حقيقي هذه المرة: وبيتي يا خالتي..

خالتي لا تكونين خايفة من عمي وأنتي معي.. وخايفة أني ما أقدر أرد عنش عشانه عمي.. عشان كذا تبين إبي..

حينها كانت عفراء من هتفت بغضب: عاد في هذي تخسي.. منصور عمره مامد يده علي ولا بأي طريقة..

حينها عاد كسب للابتسام وبخبث أكبر:

دام أنا ولد أختش حبيبش ينقال لي تخسى عشانه وأنتي تدافعين عنه دفاع المستميت... ترانا وصلنا خير..

خلينا ننزل... ولو بغيتيني أطير وما أصير عزول عطيني نظرة.. وأنا بألقطها وأطلع!!

.

.

.

يجلس في الأسفل..

غاضب أو يدعي الغضب !! لا يعلم هو أيهما!!

فهو منذ علم أنها دخلت شهرها التاسع وهو مصاب بحالة جنون..

اسمها "لابد أن تعود لي قبل ولادتها!!"

فربما ما لا تعلمه هي.. أنه كان يحسب شهور حملها بدقة..

وكان كل يوم تدخل فيه شهر جديد.. هو بمثابة فتح لجروحه التي لا تغلق أصلاً..

مطلقا لم يعد لفتح باب عودتها إليه.. كان يقول "سأنتظر حتى تلد كما تريد!! وبعدها نتفاهم!!"

فهو كان مجروح منها لأبعد حد..

مجروح لأنها كانت تعلم اهتمامه البالغ فيها.. اهتمامه بكل موعد لها..

اهتمامه بصحتها.. ولعه بهذا الطفل وهو مازال عمره أسابيع فقط في بطن أمه!!

فكيف هان عليها كل هذا؟؟ وهان هو عليها قبل كل ذلك؟؟

كان يعلم أنها للتو دخلت شهرها التاسع ..

ماعاد حتى يستطيع النوم.. وهو يخشى أن يأتيها الطلق وهو نائم..

ورغم أنه أمنَّ عليا أن يخبره إن حدث ذلك..

ولكن الأمر مختلف لو كانت تنام إلى جواره هو..

ألا يكفي أن أشهر الحمل كلها مرت.. وهو لم يرها حتى..

لم ير حتى شكلها ببطنها المتضخم...

أ يراها بعد ذلك وابنها جوارها؟!!

يستحيل.. يستحيل..

حينها بدأ عقله يعمل.. كيف يعيدها..

والليلة جاءه السبب على طبق من ذهب!!

ولو لم يجد سببا لاخترع..

وربما من أجل ذلك سأل كساب مع أنه تحاشى سؤاله طوال الأشهر الماضية!!

ثم فــجــأة يجد له حجة ليسأله الليلة.. وهو أنه لم يجد سواه..

يعلم أن الحوار سيكون غير تقليدي مع كساب.. أما أن يحتد.. أو يتخابث..

وحينها ربما يكون هذا سببا لتحريك الركود!!

يكره هذا الأسلوب الملتوي الذي لا يشبهه.. ولكنه مضطر له..

تعب من الطرق المستقيمة التي جعلته يبعثر كرامته من أجلها ودون فائدة أيضا..

وهاهو ينتظر قدومها..

يا الله ما أقساها.. !! ستة أشهر لم يرها حتى..

مازال لا يعلم حتى كيف استطاع الصبر!!

شهران فقط هي الأيام التي عاشتها معه..

ويبدو كما أنه لم يعش في حياته كلها سوى هذين الشهرين..!!

لا يعلم كيف مضت الأشهر الماضية من دونها.. وهو يتجلد على بعدها!!

بدا له احتمال كل قسوة العسكرية وتمريناتها القاسية والمستحيلة أحيانا.. بدا أهون بكثير من عذاب فراقها!!

فتح كساب الباب أولا.. وشرعه لخالته.. وهو يسندها..

وقف منصور وهو يفتح عينيه على اتساعهما وكأنه يريد أن يلتقط المشهد بحذافيره.. لا يريد أن يفوت على نفسه لمحة واحدة من لمحاتها..

وهي دخلت بخطوات مترددة وهي تضع جلالها على رأسها وتسدله على وجهها..

وحين دخلت أزالته لتضعه على كتفيها..

وهي عاجزة عن توجيه نظرها إليه لشدة خجلها..

يا الله كم اشتاق لها..

كم اشتاق لكل تفاصيل وجهها العذب!! شعرها المرفوع بفوضوية وخصلاته تتناثر على صفحة وجهها المرهق..

وكم آلمه قلبه وهو يرى كيف تضخمت بطنها بعيدا عنه.. وكيف فاته مراقبة ابنه وهو يكبر في أحشائها الغالية!!

وكم آلمه قلبه لرؤيتها بهذا الإرهاق والهالات السوداء تحيط بعينيها وهي تستند بكل ثقلها على كساب..

تقريبا كان كساب هو من يحملها حتى أجلسها..

كان بود منصور منذ رآه يسندها أن يدفعه بعيد عنها.. فمن المفترض أن تكون هذه مهمته هو!!

كساب هتف بنبرة مقصودة: عشان تدري أنك غالي ياعمي... خالتي ماتنزل كلش من فوق إلا لو كان عندها موعد..

وأنا اللي أنزلها.. لأن البنات مافيهم حيل لها.. وهي مافيها حيل كلش ولا حتى مع المساعدة..

منصور يهتف في داخله " آلمني أكثر أيها الخبيث..

فيبدو أن كل ما أشعر به من ألم مازال لا يكفيك !!"

ولكن منصور هتف بأمر حازم: كساب اطلع برا..

عفراء شدت على يد كساب بعفوية.. وكساب شد على كفها بحنو وهو يجلس جوارها ويهتف بذات نبرته المقصودة:

اعتبرني غير موجود.. ولو تبيني أسكر عيوني سكرتها..

منصور بنبرة أمر أشد حزما: أقول لك كساب اطلع برا عاد النفس عليك طيبة..

رجّال ومرته وبينهم حوار خاص.. وش دخلك أنت؟؟

كساب نظر لخالته متسائلا.. عفراء هزت رأسها بقلق.. وهمست بخفوت: خلاص روح..

تعرف أن منصورا عنيد.. وكساب أكثر عندا.. لم ترد إحداث معركة قبل أن تعرف ماذا يريد..

كساب مال على أذنها وهمس بخبث ظريف: أنا طالع لغرفتي.. إن بغيتيني أرجعش فوق.. اتصلي علي..

أما لو طرا عليش مشوار ثاني.. اتصلي في مزون تجيب عباتش !!

كساب خرج..

ومنصور مازال واقفا.. الصمت لف المكان لدقيقة.. وهي صامتة تدعك كفيها..

بينما كان هو يملأ عينيها من رؤيتها..

التغييرات التي أصابتها بعده.. ابنه الذي كبر كثيرا في بطنها.. الحزن والإرهاق المتبدي في كل تفاصيلها

استمر الصمت لدقيقة أخرى حتى هتف منصور بسكون غريب كما لو أنه مقطوع الأنفاس ويحاول إخفاء ذلك:

مساش الله بالخير يأم زايد..

لم تستطع الرد.. فريقها جاف.. جاف جدا..

أما حين تقدم وجلس جوارها.. شعرت أن حلقها تشقق من الجفاف.. لدرجة أنه كحت كحة جافة..

هتف بعمق دافئ: سلامات..

لم ترد أيضا.. حينها هتف بعمق أكبر: تروحين معي لبيتش؟؟ البيت وراعيه فاقدينش..

وماقصرتي في الغيبة..

لم تستطع الرد أيضا.. حينها هتف بنبرة مقصودة: يقولون السكوت دليل الرضا.. ترا بأشيلش الحين معي للسيارة..

حينها همست بيأس موجوع ودون أن ترفع عينيها: والسبب اللي عشانه صار ذا كله..

هتف منصور بعمق: زمان قالوا " يغلبن الكريم.. ويغلبهن اللئيم"

وأنا ماني بلئيم.. اللي تبينه يصير.. ماراح نختلف..

وماتدرين يمكن أنتي لا ولدتي تقولين ما أبي شغل خلاص..

عفرء حينها أجابت بحزم رقيق وهي تدعك كفيها الساكنتين في حضنها ونظرها مثبت عليها:

ماعليه.. أنا اللي أقرر ذا الشيء باقتناعي..

حينها مد يده لذقنه ليرفعه بخفة وهو يهتف بنبرته الثقيلة الدافئة:

زين كلميني وعينش في عيني.. تدرين أني ما أحب تلدين بعيونش عني!!

يا الله وش تقولين؟؟

أنا مستحيل أطلع من ذا البيت الليلة من غيرش.. ولو عييتي فرشت لي فراش هنا ونمت..

لأني مستحيل أسمح لحد غيري يوديش لا جاش الطلق..

عفراء همست بخجل عميق: كلم أبو كساب وقل له أني بأروح معك!!

ما أقدر أطلع من بيته وهو ما درا ورخص لي بعد..

لم تتوقع مطلقا أنه بعد كل هذا الغياب.. ستُحل القضية بهذه البساطة والسلاسة..

ولكن كلاهما ماعاد به احتمال لفراق الآخر.. كلاهما كان يحتاج لمجرد نقرة بسيطة ليهوي من عناده..

إن كان لايريد أن يكون غيره من يذهب بها للمستشفى..

فهي كانت تعيش في رعب أنها قد تلد وهو ليس جوارها..

أنها لن تشعر ولو لمرة بكفه القوية الحانية تشد على كفها وتؤازرها حين تهاجمها آلام الطلق..

وفي داخلها تمنت أن أن يكون جوارها حين تصل جميلة..

فكل هذا الانفعال هي غير قادرة على مواجهته وحيدة!!

تريده إلى جوارها.. وكم افتقدت قوة مساندته!!

*************************

" عبدالله لو سمحت.. جوالك شوي.. أبي أكلم أم خالد

جوالي فضا شحنه"

عبدالله يمد صالحا بهاتفه وهو يهتف بمرح: وأم خالد لو اتصلت ولقت جوالك مسكر بتسود عيشتك..

صالح تناول الهاتف من عبدالله وهو يشعر بضيق عميق أن حالته وهو نجلاء باتت ملاحظة لهذه الدرجة..

رغم أنه كان يحاول جاهدا ألا يبدو ذلك واضحا للعيان حتى لا يحرج نفسه ويحرج أم أولاده..

ولكن عبدالله لم يرحمه وهو يردف بمرح: أبي أعرف على ويش تغار.. من زين فرة صويلح تغار عليه..

غبّرت وأنت عندها..كن حد بيتفكر وجهك يعني.. شكلها تبي ترفع معنوياتك بس..

حينها هتف صالح بحزم: عبدالله سكر الموضوع خلاص.. وهاك تلفونك ما أبي أكلم.. الله الغني من منتك..

عبدالله تغير وجهه وصوته للجدية: عيب عليك ياصالح.. خذ كلم أم عيالك..

ومن متى وأنا وأنت بيننا حساسيات كذا..

لا تكون صدق متضايق من ذا الموضوع..

حينها انفجر صالح بخفوت مقهور: إيه متضايق.. وليش ما أتضايق.. أم خالد عمرها ماكانت كذا..

طول عمرها رايقة وعاقلة.. وش للي غيرها عليّ ما أدري؟؟

حينها أجابه عبدالله بنبرة مقصودة: المرة ماتتغير إلا لو كان رجالها تغيّر عليها..

شوف أنت وش أنت مغير في معاملتك مع بنت عمك وتعرف..

صالح صمت وهو يشد الهاتف ويتصل بها.. ليجدها بالفعل غاضبة لأنها تتصل وهاتفه مغلق..

حينها هتف صالح بغضب مكتوم: دامش منتي بمصدقة أني في مجلس هلي..

هاش عبدالله كلميه.. دام أبو عيالش ما لكلامه كرت عندش..

نجلاء هتفت بجزع: لا خلاص خلاص مصدقتك..

لكن صالح أعطى الهاتف لعبدالله وهو يُسمع نجلا مايقوله بنبرة مملوءة بالغيظ والقهر:

هاك كلّم بنت عمك اللي ما أدري وين ودتها ظنونها برجالها عقب عشرت عشر سنين..

قل لها أنا وين..

عبدالله شعر بالحرج وهو يتناول الهاتف رغم أنه كان يشير بيديه لا.. حتى لا يحرج نجلاء...

ولكنه ختاما وجد الهاتف في يده فهتف باحترام: مساش الله بالخير يأم خالد..

نجلاء ردت عليه باختناق: مع السلامة يأبو حسن..

ثم أنهت الاتصال..

عبدالله بغضب: ليش تحرجني كذا.. المسكينة شكلها كانت تبكي من الفشيلة..

لا ينكر صالح تضايقه الشديد حين علم أنه أحرجها لدرجة البكاء ومع ذلك هتف لعبدالله بضيق:

دامك لاحظت.. أكيد أبيك وأخوانك لاحظوا بعد.. انتظر كم يوم ويهزئني ابي كني بزر لاني ماني بقادر أسنع مرتي..

عبدالله بغضب: لا مالاحظو.. ولا حد لاحظ.. بس أنت عارف زين إن علاقتي أنا وإياك غير..

يا أخي بينك وبين مرتك مشكلة لا تدخلني بينكم..

أسوأ شيء ممكن يسويه الرجّال إنه يكشف عيوب مرته قدام طرف ثالث وهي تسمع أو تشوف..

جرحتها واجد يا صالح.. هذي بنت عمنا قبل ما تكون مرتك وأنا ما أرضى عليها لو أنت رضيت!!

صالح هتف بضيق عميق وهو يعبث بهاتف عبدالله بين يديه ليفرغ فيه بعض طاقة ضيقه:

عبدالله قل لي وش كنت تبيني أسوي..كلمتها من تلفونك.. وهي تعرف رقمك زين..

ومع كذا مهيب مصدقتني أنا وين؟؟

تخيل !!

حرقت أعصابي على شيء ما يستاهل.. عمري أصلا ماكنت موقع شبهة ولا سويت شيء يخليني كذا..

عبدالله هتف بنبرة جدية: صالح أنا ما أدري أنت وش مسوي بأم عيالك

بس ما أعتقد إنها تتغير كذا بدون سبب..

يمكن صالح لأنكم صرتو في بيت بروحكم هي محتاجة اهتمامك زيادة..

يا أخي اهتم فيها.. تستاهل أم خالد..

كان صالح على وشك الرد لولا أنه وقع في هاتف عبدالله على شيء جعل عيناه تتسعان ذهولا.. هتف بصدمة:

عبدالله من وين جبت ذا الصورة؟؟

عبدالله نظر للصورة المقصودة ثم هتف ببرود موجوع:

يعني ظنك يوم تمسح صور خالد الله يرحمه من تلفوني وكمبيوتري

وتطلب من فيصل يتخلص من كل صوره اللي في البيت..

إني ما راح أقدر أجيب له صورة أحتفظ فيها..أصلا صوره كلها مخزنة على إيميلي..

يعني مستكثرين علي صورة مافيها روح عقب ماراح هو كله!!

صالح حينها همس بحزن: لا عبدالله مهوب القصد وأنت عارف.. بس أنا ماكنت أبي شيء يفتح مواجعك..

عبدالله بحزن عميق: مواجعي أصلا مفتوحة.. ما أحتاج شيء يفتحها..

*******************************

" كاسرة.. كاسرة!! "

كاسرة تجيبه من داخل مكتبه : تعال أنا هنا..

أطل عليها بشبح ابتسامة: غريبة ماتوقعتش هنا..

أجابت بابتسامة عذبة: وأنا ما توقعت أنك بترجع بدري كذا.. قلت بأدور لي كتاب أقراه..

أجابها بثقة: إذا حضر الماء بطل التيمم.. أنا بكبري هنا.. تعالي سولفي معي وبلاها القراية..

حينها أجابته بنبرة مقصودة: زين أنك جيت بدري ونفسك مفتوحة للسوالف..

لأنه فيه سالفة مهمة أبي أقول لك عنها..

كساب جلس على الأريكة في زواية المكتب وهتف بحزم: تعالي جنبي.. وقولي لي.. وش عندش..؟؟

كاسرة تقدمت بثقة وجلست جواره.. ليمد كفيه ويحتضن بها كفها وكأنه يحثها على الكلام..

كاسرة هتفت بثقة هادئة: كساب حن صار لنا سبع شهور متزوجين.........

حينها قاطعها بابتسامة غامضة: تدرين المقدمة هذي تأخرت شوي.. كنت متوقعها قبل فترة...

كاسرة لم تهتم لمقاطعته وهي تكمل بذات ثقتها الهادئة: ولحد الحين الله مارزقني بالحمل..

عشان كذا أنا قررت أسوي فحوص..

قاطعها للمرة الثانية بذات الابتسامة الغامضة: اللي أنتي رحتي تسوينها مع فاطمة

وقلتي لها إن فاطمة اللي بتسويها..

وكنت عارف من أول ماقلتي لي إنه أنتي اللي تبين تسوينها..

ليش ماقلتي لي أنا.. وأنا اللي بأروح معش!!

أجابته كاسرة بثقة: يمكن حسيت إنه وجودك أو حتى معرفتك بيكون فيها ضغط نفسي علي..

حبيت أسويها بدون ماحد يعرف..

حينها أجابها باهتمام غامض : والنتيجة؟؟

كاسرة بثقة: مافيني شيء نهائي..

حينها ابتسم كساب: وأكيد الحين الخطوة الثانية إنش تبيني أسوي أنا الفحوص..

كاسرة بثقة حازمة: حقي أطلب منك ذا الشيء..

كساب بابتسامة واثقة: حقش ليش لا..

أنهى عبارته ووقف ليتجه لمكتبه ويفتح أحد أدراجه.. ويستخرج منه ملفا..

ثم يعود ليجلس جوارها.. ويضع الملف فوق فخذيها.. ويهتف بثقة:

هذا الملف فيه.. أكثر من سبع فحوص شاملة مسويها خلال الثلاث السنين الأخيرة.. وأخرها من أسبوعين..

بتلاقين من ضمنها فحص للخصوبة وللجهاز التناسلي..

أنا بعد مافيني شيء.. ولو تحبين أسوي فحص عشانش سويت.. عشان ماتقولين أني متحجر ولا متزمت..

حينها لا تعلم لِـم شعرت ببرودة لاسعة وفتور في عظامها.. شبكت كفيها فوق الملف وهتفت بسكون:

يعني أنت عارف من قبل ما تتزوجني حتى أنك مافيك شيء.. ومع كذا ماطلبت مني أني أسوي الفحص..

كساب وقف وهو يهتف ببساطة: تو الناس .. ليش العجلة؟؟

ثم أردف بنبرة مقصودة وهو يستند على المكتب:

وما تدرين يمكن هذي رغبة رب العالمين لأنه شايفنا ما نصلح إنه نكون أباء..

ماحد يعترض على المكتوب!!

حينها قفزت كاسرة لتهتف بغضب: تكلم عن نفسك لو أنت شايف أنك ما تصلح أب..

لكن أنا عارفة أني بأكون أم فعلا وبكل معنى الكلمة..

كساب بحزم: هذي وجهة نظرش أنتي.. لكن أنا أشوف شيء ثاني..

كل واحد منا أعند من الثاني.. وما أعتقد إنه هذي صفات أباء لازم يقدمون تنازلات عشان عيالهم..

كاسرة لا تريد أن تتكلم معه.. تشعر بحزن غريب وألم أغرب..

ربما لو علمت أن في أحدهما مشكلة ما.. كانت ستقول إن شاء الله تنحل مع العلاج..

ولكن الآن تشعر بحزن عميق أن الله عز وجل قد يكون غير راضيا عليها لذا لم يستجب لدعواتها أن يرزقها بطفل..

وتشعر بحزن أعمق وأعمق مغمور بالألم أن كسابا يراها لا تصلح أما..

فكيف تستمر الحياة بينهما إن كان لا يرى هذه الحياة مكتملة.. مكللة بوجود الأطفال؟!!

تشعر أن إحساسها الدائم أن الحياة ستنتهي بينها وبين كساب.. يتحول لإحساس بالغ القوة..

هذا الإحساس الذي يعذبها.. بينما هو لا يهتم !!

كاسرة لم تقل شيئا.. وهي تضع الملف على المكتب قريبا منه حيث يستند..

وتستعد للمغادرة.. ليوقفها وهو يشدها.. ويجلسها معه على الأريكة..

هتف بحنو دائما تستغرب نبرته المغمورة فيه حتى الثمالة.. لشدة مايليق به وفي ذات الوقت تذيب قلبها لا تعلم كيف:

لا تروحين وأنتي زعلانة!!

همست بألم تخفيه خلف حزم صوتها: لا تقول إنك مهتم.. لأنه آخر شيء يهمك.. زعلي أو رضاي!!

أجابها بذات النبرة الحانية وهو يسند رأسها لصدره ويشد عليها ليحتضنها بيد واحدة:

تدرين زين إن ذا الكلام مهوب صحيح.. وإني ما أحب أزعلش..

شا اللي يرضيش؟؟ تبين أسوي فحص ثاني.. سويت..

كاسرة بسكون حازم: وليش تسوي.. وعنك ملف مليان فحوص..

حينها ابتسم: أجل زعلانة عشان أنا قلت إنه مانصلح نكون أباء..

خلاص أنا اللي ما أصلح.. وأنتي بتكونين أحلى ماما..

حينها ابتعدت كاسرة عنه وهي تهمس بغضب رقيق: كساب أنا ما ببزر..

ويوم تقول لي كلام يوجع مثل هذا..لا تخلي السالفة كنها مسخرة!!

كساب باستغراب مقصود: يوجع؟؟ ومتى كانت الحقيقة توجع؟؟..

كاسرة وقفت وهي تهمس بغضب حقيقي مكتوم: دام شايفها حقيقة..

وش يلزمنا في ذا الحياة؟؟

دامك تشوف إنه مانصلح نكون أباء على قولتك.. ليش عايشين مع بعض..؟؟

حينها وقف وهو يهتف بغضب: أظني إني ألف مرة قايل لش إذا اختلفنا في النقاش.. لا تجيبين طاري الانفصال..

ومع كذا لازم كل مرة تطربيني فيه!!

كاسرة بذات الغضب: لأنه هذا مهوب اختلاف في النقاش.. هذا اختلاف في الحياة كلها.. أنا يمين وأنت يسار..

كساب شد له نفس عميق وهتف بحزم: تدرين بأروح أشوف خالتي وش سوت أخير لي..

لأنه أنتي أحيانا تستخفين والواحد مايقدر يتفاهم معش..

كساب غادر بينما كاسرة عادت لتجلس على الأريكة وهي تشعر بإرهاق في كل جسدها..

موجوعة تماما.. تماما..

لماذا يُكتب عليها كل هذا الألم..؟؟

ولماذا تحبه كل هذا الحب بينما هو عاجز عن مبادلتها إياه؟؟

ولماذا تكون هي من ستموت رغبة في طفل منه بينما هو يرى أنهما لا يصلحان ليكونا أبوين حتى؟؟

ولماذا؟؟ ولماذا؟؟ ولماذا؟؟

عشرات الأسئلة الموجعة التي تمزق روحها ولا تجد لها جوابا يريحها!!

*************************************

" أنتي مارحتي لعبدالرحمن اليوم؟؟"

جوزاء تلتفت لعبدالله وهي تشير له بعلامة السكوت حتى لا يوقظ حسن الذي نام للتو..

وتشير له أن يذهب لغرفتهما وهي ستحضر له..

عبدالله عاد لغرفته وكان يخلع ثوبه حين دخلت قادمة من غرفة حسن المفتوحة بباب على جناحهما..

همست بإرهاق: تبي شيء عبدالله؟؟

هتف لها بحنو: لا حبيبتي.. بس كنت أسأل أنتي مارحتي لعبدالرحمن اليوم؟؟

جوزاء بذات النبرة المرهقة: اليوم ماقدرت.. كنت تعبانة شوي..

اليوم كانت متعبة حقا.. ولم يتبق أي شيء في معدتها منذ الصباح!!

اقترب منها وهو يضع يده على جبينها ويهتف بقلق: ليه وش فيش ياقلبي؟؟

صمتت لثانية (أتخبره أو لا تخبره؟؟) ثم همست بتعب: شوي إرهاق بس..

هتف بحنان وهو يتجه للحمام: لو قعدتي تعبانة لبكرة بأوديش للمستشفى بدون نقاش..
أنتي واجد ترهقين نفسش.. في البيت ومع حسن وعند عبدالرحمن.. وفي بيت هلش..

صمتت لم تستطع الرد وهي تراقبه بوجع حتى أغلق على نفسه باب الحمام
وهي تشعر بعبرة ضخمة تقف في منتصف حنجرتها وهي تشعر بها تتضخم وتتضخم حتى كادت تمزق أوتار حنجرتها!!

"
لماذا أنت شديد العذوبة هكذا؟؟
لماذا تكون طيبا ورقيقا هكذا كنسمة؟؟
بينما أنا لا أستحق.. لا أستحق!!"




*****************************************





"
سميرة.. لو سمحتي.. جهزي لي الملفات اللي كنت عطيتش قبل يومين..
اللي فيهم مواصفات الكمبيوترات الجديدة!!
أدري بكرة سبت ماعندش دوام.. فجهزيهم لي قبل تنامين.. "

سميرة أزاحت أوراق العمل التي كانت تصححها جانبا.. وطبعت على الحاسوب المقابل لها..
والذي لا يفارق الطاولة الصغيرة في الجلسة..
أدراته ناحيته : " اطبع لي وش تبي؟؟"

حينها قفز بغضب وهو يشير بذات الغضب: أنا ماطلبت منش تأشرين لي.. بس أنتي عارفة وش أبي..
ماتبين تطيعيني.. مهوب مشكلة!!

سميرة عادت وشدت الحاسوب ناحيتها وطبعت: حاضر أجهزهم لك بكرة..
وحتى لو ماعندي دوام.. أنا متى رقدت وأنت رايح الدوام؟؟
شيء ثاني بعد؟؟

أشار لها بنفاذ صبر: لا..

وعاد للجلوس حيث كان يجلس منذ أكثر من ساعة. وهو يراقبها حينا ويتشاغل بأوراق بين يديه حينا..
وبينهما جهاز الحاسوب المحمول الصغير المفتوح على برنامج الطباعة..
الجهاز الذي يتمنى لو يحمله ليلقيه مع النافذة..
يراقب بدقة ونهم وألم حتى أناملها التي تصحح.. انحناءات بيجامتها المشبعة بألوان زاهية..
نحرها وزنديها اللذين يكادان يضياءان لشدة تألق بشرتها وصفائها..

حتى تعب وأرهق من المراقبة.. وإن كان لم يمل من مراقبتها.. فهو مستعد لمراقبتها عمره كله دون أن يمل..
لكن مراقبتها متعبة له.. متعبة لأبعد حد.. وكأنها تختبر صبره وتضغط على رجولته لأقصى الحدود..

حين شعر أنه لن يحتمل هذه المراقبة أكثر.. طرق لها بخفة على الطاولة..
حين رفعت رأسها أشار لها بأول شيء خطر بباله وهو سؤاله عن الملفات..
حينها قفزت بباله هذه الفكرة.. لن يعاود هو الطباعة لها..
سيشير لها.. لن يجبرها أن تشير له.. ولكنها تفهم إشاراته..
حاول إرضاءها طوال الأشهر الماضية بهذه الطباعة الرتيبة الممللة التي تقف حاجزا بغيظا بينهما..
في البداية كان لا بأس بذلك.. فهي مازالت لا تعرف لغة الإشارة.. ولكنها الآن تعرف..
على الأقل يريد أن يشعر أنه على سجيته معها..

هي على الطرف الآخر..
مستغربة منه.. لأول مرة يصر هكذا على أن يشير لها..
ما الذي يهدف له من هذا؟؟

وهي غارقة في أفكارها بين تصحيح أوراقها بعد أن أجابته.. سمعت طرقته الثانية على الطاولة..
رفعت رأسها مستفهمة..
أشار لها بهدوء: طيب أنا أبي أنام ممكن تقومين عن سريري..

حينها قفزت سميرة بخجل.. ودون أن تقول له اطبع لي ماتريد.. فهي كانت تجلس على الأريكة التي تنفتح لتتحول لسرير..
والتي كانت سريره الذي اختاره بنفسه منذ انتقالهما لبيتهما الجديد..وقبلها كان ينام على أريكة أيضا..

فتحت الأريكة بنفسها.. وهي تحضر له مخدته وغطاءه وترتبهما على السرير..
تجاوزها ليجلس على طرف سريره.. وكانت هي ستغادر.. لولا أنه شدها ليمسك بكفها بطريقة تملكية مقصودة..
حينها التفتت بحدة له ولا تنكر أن رعشة حادة اجتاحت جسدها.. فهذه هي المرة الأولى التي يفعلها..

طبعت له وهي مازالت تقف وتنحني على الحاسوب بشكل جانبي بيدها الحرة:
تميم تبي شيء؟؟

حينها طبع لها بيده الحرة لأنه لم يكن يريد افلاتها وهو يذوب من مجرد إحساسه بنعومة يدها المرتعشة في كفه:
تروحين بدون ماتقولين لي تصبح على خير..

طبعت له وتوترها يتزايد: تصبح على خير..

حينها أفلت كفها وهو يشير بتقصد: لا قولي لي تصبح على خير كذا..

لم ترد عليه وهي تتجاوزه وتغادر المكان متجهة لسريرها.. كأنها تريد أن تهرب من الإشارة ومن مرارة ذكراها!!





*************************************




"
ياحيا الله أم زايد.. نورتي بيتش"

خطت عفرا للداخل بخطوات مترددة.. وهي تنظر للمكان حولها.. مازال كما هو لم يتغير به شيء.. عدا لمساتها..
بشكل عفوي لمست طاولة الزينة الضخمة بقرب باب المدخل.. كان مغبرا قليلا..

ابتسم منصور ابتسامته الفخمة المعتادة التي طال افتقادها لها:
أدري البيت حالته حالة.. بس عشان تدرين إنه مايهون علي حتى في غيابش أسوي شيء يضايقش..
كنت ما أخلي الصبيان يدخلون البيت إلا مرة في الأسبوع إذا كنت أنا موجود عندهم عشان ينظفون تنظيفهم اللي كنه وجيههم..

جلست بإرهاق على أقرب مقعد وهي تهمس بتأثر:
ما أدري تقدر تسامحني على تقصيري في حقك وإلا لا..؟؟
بس تدري.. كله منك!!

ابتسم منصور: مني انا؟؟

عفراء بذات التأثر: إيه منك.. مر شهر وشهرين وثلاثة يعني ماكنت تقدر تسوي نفس اللي سويته الليلة..
منصور أنا وش أبي منك إلا أنك تحسسني أني شريكة حياتك صدق..
رأيي محترم ومقدر عندك .. بكرة بيننا عيال ولازم تحترمني قدامهم..

شدها منصور ليحتضنها بخفة لأنها يخشى أن يؤلمها وهو يهتف بشجن عميق:
وأنتي شريكة حياتي وحبيبتي وأم عيالي..
ثم ضحك ضحكة قصيرة: وكرشتش مسوية زحمة.. إحساس غريب وأنا حاضنش بروحش وكرشتش بروحها..

دفعته بخفة في صدره وهي تمسح دمعة فرت من عينها وتبتسم:
وتعلق على كرشتي بعد.. هذا ولدك مهوب كرشتي!!

مد يده ليمسح وجهها وهو يهتف بحنان عميق: تكفين لا تبكين.. أجليها لبكرة..

عفراء باستغراب: وش معنى بكرة؟؟

منصور بفخامة حميمة: فيه ناس غالين واصلين من السفر بكرة..

عفراء شعرت أنها ستفقد توازنها وهي تعود للجلوس وتهتف بذهول: جميلة!!
هي قالت لي بعد يومين..

منصور بابتسامة: تبي تسوي لش مفاجأة بس أنا خفت عليش من الصدمة..
قلت أقول لش قبل..

شدت على كف منصور وهي تضع يدها الأخرى على بطنها حيث شعرت بثقل مفاجئ وهتفت بلهفة موجوعة:
صدق يامنصور؟؟ صدق؟؟ بكرة بكرة؟؟

أجابها وهو يشد على يدها بقوة حانية: صدق بكرة بكرة ياقلب منصور...





************************************





"
جميلة الله يهداج
ليش تبكين جذيه؟؟
حد راد ديرته وهله ويبكي!! "

جميلة تمسح دموعها وتهتف بتأثر: كان ودي إنه فواز وسوسن خلصوا علاجهم ورجعوا قبل ما أرجع..
حرام ماشفت أشلون أمهاتهم كانوا يبكون يوم قلت لهم إن سفرنا صار بكرة..
حتى الممرضات تعودت عليهم.. وش كثر علموني أشياء.. صار بيننا عشرة..
وماينكر العشرة إلا قليل الأصل !!

خليفة مد يده ليمسح خدها .. انتفضت بخجل وهي تبتعد بعفوية..
بينما هو ابتسم رغم أنه كان يزفر في داخله ضيقا من هروبها الدائم حتى من لمساته العفوية
هتف لها بحنان: ادري أنج منتي بجليلة أصل وتكرمين.. بس أخاف الدموع عاللي عندج تخلص..
كفاية بكرة لاشفتي خالتي عفرا..

حينها ابتسمت ابتسامة مبللة بالدموع: ياقلبي يمه.. وش كثر اشتقت لها!!
حاسة من كثر شوقي لها بيغمى علي لا شفتها!!





*************************************





"
كاسرة قومي كلميني.. أدري أنش مابعد نمتي"

كاسرة نهضت واعتدلت جالسة.. وهي تسند ظهرها لظهر السرير..وتهمس بسكون: نعم كساب؟؟

كساب كان يجلس على طرف السرير بقربها وهتف بحزم: ما أدري ليه تسوين كذا؟؟
تدرين ماعادنا عشرت كم يوم..
صار لنا عشرت أسابيع وشهور.. وتدرين زين أنه مهما اختلفنا ما أحبش تنامين على زعل..
يعني مفروض تنتظريني لين أجي ونتفاهم..

كاسرة بذات السكون: وش فرقت يعني؟؟

كساب بذات الحزم: فرقت أني حسيتش تضايقتي واجد ذا المرة!!

كاسرة حينها هتفت بحزم: زين فرضا أني تضايقت.. هل بيغير من الكلام اللي قلته شيء؟؟

كساب هز كتفيه: صراحة أول ماقلته.. ماظنيتش بتزعلين.. لأني كنت أظنها وجهة نظرش بعد..

حينها كتفت كاسرة ذراعيها أمامها وهمست بحزم رقيق:
كساب الناس ليش يتزوجون.. يبون سكن الروح وينشئون أسرة..
إذا كنت تشوف إنه حن مانصلح نشكل أسرة.. كأنه تقول إنه زواجنا ماله داعي يستمر!!

حينها استغربت كاسرة أنه صمت وهو يزيل غترته عن رأسه ثم يميل ليضع رأسه في حضنها..
حيمها لا تعلم لِـمَ آلمها قلبها بشدة " أ مرهق هو؟؟"

همست باهتمام عذب وهي تمد أناملها لتعبث بخصلات شعره: تعبان كساب؟؟

هتف بسكون: لا..

مالت لتقبل صدغه ثم همست قريبا من أذنه: زين هذا هروب من الحوار؟؟

أجابها بسكون أكثر: تدرين أني آخر واحد يهرب من حوار!!
قالها ثم اعتدل جالسا وهو يتناول كفها التي كانت فوق رأسه ويقبلها بتروي
ثم وقف وهو يهتف لها بتلقائية: بأروح أطل على مزون شوي وبأرجع لش!!

همست حينها بسكون غريب: على راحتك.. بس لو طولت علي بأنام..

هز رأسه وهو يغادر.. ويهتف لها بذات التلقائية: نوم العافية..

تعلم أنه قال (شوي) لكنها تعلم أن هذه (الشوي) لن تقل عن ساعة..
مطلقا لا تتضايق من علاقته بأخته.. بالتأكيد تتمنى لو كان بعضا من هذا الوقت لها..
لكن مايحزنها فعلا.. أنها تمنت لو كانت هي ومهاب هكذا..
كم هو مؤلم ومحزن أننا لا نعلم كم هو ثمين ونادر مابين أيدينا حتى نفقده!!
حينها لا يبقى لنا سوى عض أصابع الندم حتى تدمي!!
ربما لو لم تجرب حرقة فراق شقيقها.. كانت ستغار وبشدة مزون..
فهي غيورة على كساب لأبعد حد.. ولكنها لا تغار عليه من مزون..
لأنها تمنت من قلبها أن تكون مثلها الآن..
وتعلم كم عانت مزون من مرارة جفاء كساب..!!

ومايهمها فعلا أن كساب يغادرها.. ويترك حوارا آخر معلقا كعادته الغريبة مؤخرا..

وعلى العموم هي لن تهتم له.. ستسأل الدكتورة إن كان هناك شيئا قد يساعدها على الحمل..
إن كان لايريد هذا الطفل.. هي تريده !!




******************************************





"
هلا.. وش اجتماع القمة المغلق اللي مابغيتوني فيه!!"

علي ومزون الجالسان في الصالة السفلية ينظران لكساب الذي نزل عليهما للتو بعد أن بحث عن مزون ولم يجدها في غرفته..

ابتسم علي: لا اجتماع قمة ولا شيء.. بس فاقدين خالتي.. مع أني ماكنت أشوفها إلا لين أتاكد إن مرتك مهيب فوق..
بس البيت فاقد حلاه الليلة.. حاس كني بزر وأمي خلتني..

ابتسم كساب: ماصدقت أصلا حضرت العقيد يأشر لها إلا هي ناطة لبيتها.. صدق نسوان!!

مزون تضحك: يوم قالت لي جيبي عباتي بأروح لبيتي.. حسبتها تمزح...
نزلت بالعباية لقيت عمي منصور واقف فيها عند الباب..
ماعنده صبر وإلا خايف إنها تغير رأيها..

كساب بحنان: الله لا يحرمنا منها.. ويهون عليها.. والله لولا أني خفت على عمكم ينجلط.. وإلا كان قلت خلها عندنا لين تولد..

علي بمودة جزيلة: أنا والله كنت حاس فيه.. لأنه ماكان يتردد يقول لي وش اللي في خاطره..
واجد واجد كان مهتم فيها..

مزون بنبرة مقصودة: وعقبال ماتلاقي اللي تهتم فيها!!

ضحك علي: ليه عندش حد معين؟؟

مزون بحماس: أنت بس قول مجهزة لك لستة وش طولها..

كساب يضحك: وأنا يعني ليش ماجهزتي لي لستة.. وإلا أنا المحروم..؟؟

مزون تبتسم برقة: عندك اللي تكفيك عن اللستة كلها.. خلنا في علي!!

علي يضحك: خلوكم مني الحين.. لا قررت قلت لش نقي لي!!






**************************************




صحت قبله..
لم ترد إزعاجه.. وهي تُلبس حسن وتنزله لجدته في الأسفل ثم تعود لعبدالله
اليوم سبت.. لذا ستتركه ينام حتى يصحو وحده..
يؤلمها قلبها كثيرا من أجله ... فهو يرهق نفسه كثيرا في العمل.. مهموم بمشاكل أخوته..

وهــي... لا تخفف عنه مطلقا.. تشعر بالألم أنها تزيدها عليه بدلا من ان تكون بلسما لتخفيف جروحه..

ورغم هذا وذاك اعتادت ثم حرصت خلال الأشهر الأخيرة أن تكون هي أول ما يفتح عينيه على رؤيته..
لكي تنعم في بداية الصباح بابتسامته الآسرة التي كان يمنحها له حالما يفتح عينيه
ويقول لها ذات العبارة ( رؤية عينيك حالما أفتح عيني تنبئني أن هذا العالم بخير!!)

وما يؤلمها أكثر أنها لن ترد عليه الابتسامة مثلها.. ولن ترد على عبارته التي تذيب قلبها.. برد يوازي تأثيرها فيها..
فهي أما تقفز لتتشاغل بترتيب ملابسه.. أو تقول له سأنزل لاعد فطورك.. أو سألبس حسن للروضة..
أي شيء حتى لا يلمح الدموع التي تتقافز إلى عينيها رغما عنها..
ودون أن تنتبه كيف انطفأت ابتسامته وهو يزفر (يوم جديد مازالت عاجزة عن مسامحتي فيه!!)

اليوم هي متعبة بالفعل.. جسديا ونفسيا.. تريد إخباره بحملها.. لتسعده إن كان هذا الخير سيسعده..
أو لتحضى بمؤازرته التي تحتاجها فعلا على الأقل!!

حين اقتربت الساعة من العاشرة وهو لم يصحُ بعد.. اقتربت لتجلس جواره..
لا تعلم كيف بادرت بنفسها وهي تميل لتقبل جبينه ثم تهمس من قرب:
عبدالله قوم.. طولت وأنت نايم..

فتح عينيه باستغراب: حد حب رأسي وإلا أنا أتخيل؟؟..

حينها مالت لتقبل جبينه مرة أخرى وهي تهمس بعذوبة قريبا من أذنه: لا شكلك تتخيل..

اعتدل جالسا وابتسامة سعادة حقيقية تضيء عينيه قبل شفتيه:
زين دامش كريمة اليوم.. عطينا بوسة من الخاطر بدل حبة الرأس ذي!!

حينها اقتربت أكثر لتقبل عينيه كل واحدة على حدة وهي تهمس بشجن موجوع:
الله لا يحرمني من عيونك..

حينها لا يعلم لِـم شعر بألم قارص يعتصر قلبه..لكثرة ما اعتاد جفاها.. أقلقه هذا اللطف المتدفق.. شد كفها وهتف بقلق:
جوزا فيش شيء؟؟

همست بذات الشجن الموجوع: مافيني شيء..

لكن الغريب أنها اقتربت لتدفن وجهها في صدره وهي تبكي بصوت خافت..
عبدالله شدها لصدره بقوة وهو يهتف بقلق أشد:
جوزا منتي بطبيعية.. والله العظيم أن قد تقولين لي وش فيش؟؟

حينها ابتعدت عنه قليلا وهي تمسح وجهها وتهمس باختناق:
يعني إذا ماكنت شريرة وقاسية أكون ماني بطبيعية..

ابتسم وهو يعاود شدها ليحتضنها بقوة أكبر ويهمس في أذنها برجولة حانية:
ماقصدت ياقلبي.. تدرين أنا وش كثر متشفق أنش تسامحيني..
لأنه عقبها بيننا كلام طويل.. كلام محتاج أقوله لش فوق ماتتخيلين.. عشان فعلا أحس إنه خلاص مافيه حواجز بيننا..

همست ووجهها مختبئ في صدره: زين قل لي..

زفر بألم: ما أدري لو الوقت صار مناسب أو بعد.. أنتي لحد الحين ماطمنتيني على مكانتي في قلبش عشان أنا أجمد قلبي..

كانت تريد أن تقول شيئا ولكن لسانها ارتبط.. استحثها على الكلام: ها جوزا؟؟

همست باختناق وهي تبتعد عنه قليلا: الحين أبيك توديني للدكتورة أنا تعبانة شوي.. ولا رجعنا تكلمنا..

حينها همس بقلق: يعني عادش تعبانة.. أنا قلبي كان حاسس أنش فيش شيء مهوب طبيعي اليوم..
دقيقة ألبس وأوديش..

همست بابتسامة مرهقة: عبدالله مافيني شيء هو شوية ارهاق..
أنا بأخذ عباتي وأنزل تحت.. وأنت أسبح.. وخذ راحتك..

أجابها باستعجال: هي خمس دقايق.. شاور سريع ونازل..

جوزاء تناولت عباءتها وحقيبتها ونزلت للأسفل..
حين نزلت كانت أم صالح هي من تجلس مقابلا لها..
وهناك شخص آخر يجلس مقابلا لأم صالح ولكنه غير واضح لارتفاع ظهر الكرسي..

كانت جوزا ستتراجع خوفا أن يكون فهد أو هزاع..
لولا أن أم صالح هتفت بصوت عال متضايق:
تعالي ياجوزا يأمش.. شوفي ذا الشهباء اللي ترطن علي..
أرسلت على عالية تجي تشوفها.. ومابعد جات..
الصبيان جابوها من المجلس يقولون إنها تسأل عن عبدالله..
يا الله جرنا من كشف الستر!!

جوزاء حين سمعت اسم عبدالله تكهربت.. وهي تستدير لترى المقصودة بالكلام
كانت..
كانت..
كانت.. قنبلة شقراء فاتنة.. تبدو غير صغيرة في السن.. لأن حسنها بلغ تمام النضوج..
متأنقة في طقم رسمي ثمين من شانيل بتنورة قصيرة تصل أسفل ركبتها بقليل..
وعيناها بلون أزرق مشع لم يسبق أن رأته على الطبيعة..
امرأة تشعر بالخطر أن تمر بجوار أحدهم في الطريق.. وخصوصا لمن لم يعتادوا هذا اللون من الجمال المختلف..
فكيف وهي في بيتها وتسأل عن زوجها؟؟

جوزاء سألتها بعصبية باللغة الانجليزية التي لا تتقنها تمام الاتقان ولكنها تستطيع التفاهم بها:
ماذا تريدين بعبدالله؟؟

همست الشقراء بثقة بالغة متحكمة وهي تلوي شفتيها
وتضع قدما على الأخرى لينكشف جزءا كبيرا من فخذها حين ارتفعت تنورتها قليلا:
أنا راشيل زوجة عبدالله.. وأريد أن أراه حالا..



#
أنفاس_قطر#
.
.
.

Continue Reading

You'll Also Like

108K 133 26
مثيره
9.1M 553K 62
#خيالية الـريــڤانـا عُذراً فـ أنا لستُ أنا أنا تلـک الفتاة التي حصدت ما زرعو اهلها أنا تلـک الفتاة التي واجهت خطأ ارتكبهُ غيرها تجردت من اسمهُا و...
14M 306K 79
هي روح متمرده ،،،تأبي اللين ،،،،تعتذ بكرامتها لابعد الحدود ،،،، وهو لااحد يرد كلمته ،،،الجميع يهابه ،،،،،،بين ليله وضحاها ،،،،انهارت كل احلامها ،،،...
25.7K 2.3K 30
بحكم عاداتـهم وتقاليدهم ضْلمت وردة، هـل سيجبر الله قلبـها بما كُتب لها، سنشاهد ونعـيش مع ابطال قصتي "ورده"و "سلام " قريباً